المعارضة السنية والمسيحية في لبنان تقاطع «لقاء بعبدا» اليوم

جعجع يدعو إلى تنحي السلطة الحاكمة... ونديم الجميل يتهم «حلفاء العهد» بتهديد السلم الأهلي

TT

المعارضة السنية والمسيحية في لبنان تقاطع «لقاء بعبدا» اليوم

يُعقد «اللقاء الوطني» في القصر الجمهوري، في بعبدا، اليوم، بغياب رؤساء الحكومات السابقين، وأركان المعارضة السياسية المسيحية، بعد أن حسم الفرقاء موقفهم من المشاركة، وكان آخرهم رئيس «حزب القوات اللبنانية»، سمير جعجع، الذي قال: «لن نشارك في اجتماع الهدف منه ذرّ الرماد في العيون»، معتبراً أن «الحل الوحيد تنحي المجموعة الحاكمة».
ويرأس الرئيس ميشال عون، اليوم (الخميس)، «اللقاء الوطني» في حضور رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة حسان دياب، وعدد من القيادات ورؤساء الأحزاب والكتل النيابية الممثلة في مجلس النواب، ويقاطعه رؤساء الأحزاب المسيحية المعارضة للعهد، ورؤساء الحكومات السابقون وكتلة «المستقبل» النيابية، وهي ثاني أكبر كتلة نيابية في البرلمان اللبناني، وأكبر الكتل النيابية السنية.
ويشارك في اللقاء رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، ونائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ورئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل، ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان، ورئيس كتلة نواب الطاشناق النائب أغوب بقرادونيان، والنائب فيصل كرامي ممثلاً «كتلة اللقاء التشاوري»، والنائب أسعد حردان ممثلاً كتلة «الحزب السوري القومي الاجتماعي».
ويتوقع أن يعرض اللقاء الوضع العام في البلاد، في ضوء التطورات الأمنية التي حصلت قبل أسبوعين في بيروت وطرابلس ولامست الممارسات التي سجلت خلالها التعرض للوحدة الوطنية والسلامة العامة والسلم الأهلي. ومن المقرر أن يناقش اللقاء كذلك عدداً من المواضيع المطروحة لتحديد وجهة نظر المشاركين حيالها، على أن يصدر بيان يؤكد النقاط التي سيتم الاتفاق عليها».
وقال رئيس مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا إن «لقاء القيادات وتأكيد الثوابت الوطنية وحماية السلم الأهلي، إنجاز بحد ذاته، في هذه الظروف الصعبة التي نعيشها، وهذا اللقاء ليس لاتخاذ القرارات المنوطة بالسلطة التنفيذية».
ولفت في حديث إذاعي إلى أن «لحوار مفتوح وللمشاركين الحرية في طرح المواضيع، ولكل منهم الحق في إبداء رأيه».
وبموازاة الإعلان عن إنجاز دوائر رئاسة الجمهورية الترتيبات اللوجستية والبروتوكولية والإعلامية الخاصة باللقاء، أعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع مقاطعة اللقاء، معتبراً أن الحل الوحيد تنحي المجموعة الحاكمة وترك الفرصة للآخرين لإنقاذ البلد وإلا سيذهب باتجاه أسوأ وأسوأ.
وشدد جعجع على أن «المطلوب قرارات لا اجتماعات، ولتتجه الحكومة إلى أوّل قرار إصلاحي؛ فالكلام والاستعراضات لا يفيدان»، مؤكداً أنه «لا ينقذ الوضع إلا الإصلاحات». وتوجه إلى عون بالقول: «يا فخامة الرئيس بدلاً من اجتماع الغد (اليوم) اجمع الحكومة وابدأ باتخاذ القرارات».
ورأى جعجع أن «المشكلة ليست بالحكومة، إنما بالمجموعة الحاكمة التي تفرض على الحكومة ما عليها فعله»، وأشار إلى أن «من يتحمّل مسؤولية الفتنة في البلد هو من أوصل البلد إلى الفتنة ويتحمّل المسؤولية من هو في السلطة، ونحن في موقع المعارضة ونحن أحرار بقرارنا نحضر اجتماعاً أم لا». واعتبر رئيس «القوات» أن «ما دام هذا الواقع قائماً، فلا دولة في لبنان، والمجموعة الحاكمة إن لم تتنحّ بشكل كامل فلا نستفيد، وذلك انطلاقاً من المكان الذي وصلنا إليه».
وبإعلان جعجع، يكون قد انضم إلى 8 أطراف وشخصيات أخرى تقاطع اللقاء، وهم الرئيسان السابقان إميل لحود وأمين الجميل، ورؤساء الحكومات السابقون فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام وسعد الحريري، ورئيس تيار «المردة»، سليمان فرنجية، ورئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل.
وأثار توجيه الدعوات أزمة مع طائفة الكاثوليك، إذ عبر نائب رئيس المجلس الأعلى للطائفة الوزير السابق ميشال فرعون عن «استغراب واستياء عدد كبير من أبناء الطائفة لعدم توجيه أي دعوة إلى أي شخصية من الطائفة إلى اجتماع تحصين الوحدة الوطنية في بعبدا».
واعتبر فرعون أنه «لا يليق برئاسة الجمهورية، كما لا يليق بطائفة الروم الكاثوليك التي لعبت دوراً أساسياً في تحصين الوحدة الوطنية منذ قبل الاستقلال وحتى اليوم، من بيروت والبقاع والجنوب والجبل إلى كل لبنان، ألا تصدر دعوة إلى أي شخصية من الطائفة للمشاركة في جلسة حوار وطني في بعبدا، تحت عنوان ميثاقي ووطني وليس اقتصادياً».
وقال عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي»، النائب بلال عبد الله إن «المشاركة في لقاء بعبدا، تقررت منذ البداية، بغض النظر عمّن سيمثل الحزب (التقدمي الاشتراكي) في الحوار، ومن سيشارك يعود لقيادة الحزب». وقال في تصريح إن «المشاركة في حوار بعبدا، عنوان المرحلة المقبلة، التي يجب أن تحكم تصرفات كل القوى السياسية في هذا الظرف».
وعلى ضفة المقاطعين، قال عضو كتلة الكتائب النائب نديم الجميل: «إذا غضضنا النظر عن اتهام العهد وصهره (رئيس تكتل لبنان القوى جبران باسيل) الجميع بالفساد والسرقة والتآمر، ثم دعوتهما إلى الحوار، فإن هدف اللقاء في حد ذاته هزيل؛ خصوصاً أن من يهدد السلم الأهلي هي قوى الأمر الواقع حلفاء العهد».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.