ثاني وفد كردي في بغداد خلال أقل من أسبوع

ملفا الرواتب والنفط يتصدران المباحثات

TT

ثاني وفد كردي في بغداد خلال أقل من أسبوع

بعد يومين من زيارة قام بها إلى بغداد رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني؛ بدأ، أمس الثلاثاء، وفد حكومي برئاسة نائب رئيس الوزراء في حكومة كردستان قوباد طالباني، مباحثات مع المسؤولين في بغداد بهدف حل القضايا العالقة.
ومع أن البيانات الصادرة عن زيارة بارزاني ولقاءاته طوال يومين مع الرئاسات الثلاث بدت عادية لجهة التأكيد على استمرار المفاوضات بين الجانبين واتخاذ مواقف موحدة حيال التحديات المشتركة، مثل وباء فيروس «كورونا»، والأزمة الاقتصادية، والتهديدات التركية - الإيرانية، فإن زيارة قوباد طالباني إلى بغداد تأتي في ظل تصاعد الخلافات داخل الإقليم بين الحزبين الرئيسيين؛ «الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، و«الاتحاد الوطني الكردستاني» برئاسة مشتركة من عائلة طالباني؛ الأمر الذي يجعل الموقف الكردي، مثلما يرى المراقبون في العاصمة بغداد؛ لصالح الأخيرة، خصوصاً مع بدء المظاهرات في مدن الإقليم نتيجة عدم توزيع رواتب الموظفين.
أزمة الرواتب بين بغداد وأربيل ليست جديدة بسبب ارتباطها منذ عام 2015 بقضية تصدير حكومة كردستان النفط من داخل الإقليم دون المرور بحكومة المركز. وعقدت اتفاقيات عدة بين الطرفين منذ ذلك العام، لكنها انهارت أكثر من مرة بسبب عدم التوصل إلى اتفاق بشأن مطالبة بغداد بتسليم الكرد 250 ألف برميل من النفط المصدر يومياً مقابل تسديد الرواتب، بينما تربط حكومة الإقليم مسألة تسليم بغداد مبالغ الكمية المطلوبة بالاعتراف بالنسبة التي يطالب بها الكرد من الموازنة السنوية فضلاً عن تسديد مبالغ شركات النفط الأجنبية التي تتولى استخراج النفط من الإقليم.
وكان وزير شؤون المناطق خارج الإقليم خالد شواني أعلن عن أن «الوفد سيبحث قضايا تتعلق بالموازنة الاتحادية واستحقاقات الإقليم المالية وكذلك الملف النفطي ومشاركة إقليم كردستان في التزام العراق بتخفيض إنتاج النفط الخام، والتزام الإقليم بتسليم النفط لدعم الموازنة الاتحادية للعام الحالي، إضافة إلى تأمين مستحقات وموازنة الإقليم ورواتب الموظفين». وأشار شواني إلى أن «هناك إرادة حقيقية من قبل الحكومتين الاتحادية والإقليم، للتوصل إلى اتفاقات وإيجاد معالجات جذرية لجميع الإشكالات العالقة وفق الدستور وبما يصب بمصلحة الشعب العراقي».
وبشأن طبيعة المباحثات التي أجراها رئيس الإقليم إلى بغداد والوفد الكردي الحالي، تقول الدكتورة فيان صبري، رئيسة كتلة «الحزب الديمقراطي الكردستاني» في البرلمان العراقي، لـ«الشرق الأوسط» إن «زيارة الرئيس نيجيرفان بارزاني إلى بغداد كانت رسالة إيجابية، كما هي تعبير عن النية الصادقة لإقليم كردستان لحل كل المشكلات والملفات العالقة مع الحكومة الاتحادية»، مبينة أن «الهدف من هذه الزيارات هو التوصل إلى فهم مشترك وحل المشكلات بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية وبصورة نهائية، من خلال اتفاق شامل ومُرض للطرفین، ويوفر الأمان والاستقرار والعدالة الاجتماعية، ويحفظ حقوق المواطنة، ووفق الدستور». وأوضحت أن «التحديات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والأمنية التي يواجهها العراق، والإقليم جزء منه، تحتم العمل على التوصل إلى فهم مشترك لطريقة إدارة أفضل للبلد وخدمة المواطنين». وأكدت أن «اللقاء الذي كان عقده رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي كان جيداً لجهة دعم الإقليم حكومة الكاظمي، الذي كان قبل التكليف وأثناء التكليف، والتوافق مع الشركاء لدعم الحكومة ومنحها الثقة، والبرنامج الحكومي، وهو ما أدى إلى توفير أجواء مناسبة لأي حوار بين الطرفين، وذلك لجهة بحث ومناقشة العلاقات بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية، والجهود المبذولة من قبلهم لدعم الحوار المتبادل لحل المشكلات بين الجانبين».
إلى ذلك؛ أعلن الرئيس المشترك لـ«الاتحاد الوطني الكردستاني» لاهور شيخ جنكي، أن «تعليق المشاركة في الحكومة والبرلمان أحد الخيارات لـ(الاتحاد الوطني) بعد قطع الرواتب» من قبل حكومة الإقليم. وقال جنكي في تغريدة له على «تويتر» إنه «في حال عدم توصل حكومة الإقليم إلى اتفاق مع الحكومة الاتحادية، ولم تكن هناك اتفاقية شفافة في الإيرادات والمصروفات؛ فإن (الاتحاد الوطني) لن يقبل بقطع الرواتب، وبالتالي، فإن الحل هو تعليق المشاركة والذهاب إلى انتخابات مبكرة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.