ضغوط شديدة على «الصحة» العراقية ومطالبات بإقالة وزيرها

مظاهرة غاضبة بعد رحيل أحمد راضي وتحذير من «ذروة تفشي الوباء»

متطوعان يشاركان في تجهيز مستشفى ميداني لمرضى «كورونا» على أرض معرض بغداد الدولي (أ.ف.ب)
متطوعان يشاركان في تجهيز مستشفى ميداني لمرضى «كورونا» على أرض معرض بغداد الدولي (أ.ف.ب)
TT

ضغوط شديدة على «الصحة» العراقية ومطالبات بإقالة وزيرها

متطوعان يشاركان في تجهيز مستشفى ميداني لمرضى «كورونا» على أرض معرض بغداد الدولي (أ.ف.ب)
متطوعان يشاركان في تجهيز مستشفى ميداني لمرضى «كورونا» على أرض معرض بغداد الدولي (أ.ف.ب)

تواجه وزارة الصحة العراقية ضغوطاً شديدة نتيجة تصاعد أعداد الإصابات والوفيات نتيجة فيروس «كورونا»، وصلت إلى قيام ناشطين بإطلاق حملة مطالبات لإقالة الوزير حسن التميمي الذي يترأس فريق خلية الأزمة ويعتقد أنه «أخفق» حتى الآن ولم يفعل ما يكفي لمواجهة وكبح جماح انتشار الفيروس، وثمة مطالبات واسعة باستبدال التميمي بواسطة الوزير السابق جعفر علاوي. وإلى جانب ارتفاع أعداد المصابين والمتوفين وما ينجم عنها من مشاعر قلق ومخاوف شعبية، جاء رحيل نجم كرة القدم الدولي السابق أحمد راضي ووفاته بعد إصابته بفيروس «كورونا»، ليزيد من النقمة الشعبية على وزارة الصحة ويصعد المطالبات بإقالة وزيرها لاتهامها بعدم الاهتمام بالمرضى المصابين، وتقصيرها بتوفير الحد الأدنى من الرعاية الصحية اللازمة لهم.
وتظاهر العشرات من محبي ومشجعي نادي الزوراء الذي كان أحمد راضي أحد نجومه، أمس، في ساحة التحرير وسط بغداد وأمام مبنى وزارة الصحة في منطقة باب المعظم، وطالبوا بإقالة وزير الصحة وتحميله مسؤولية وفاة اللاعب أحمد راضي. وأثار رحيل أحمد راضي جدلاً واسعاً حول أزمة النظام الصحي في العراق الذي يعاني من اختلالات عديدة منذ سنوات نتيجة الفساد وسوء الإدارة، ثم جاء فيروس «كورونا» ليزيد الأمور تعقيدا على أوضاع المؤسسات الصحية المتهالكة.
من جانبه، تحدث وزير الصحة حسن التميمي، أمس، عن آخر مستجدات الموقف الوبائي في البلاد والمنشورات والانتقادات الموجهة للوازرة عبر شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة، معتبرا أنها «تشوش الرأي العام، وتبعدنا جميعا عن هدفنا المشترك». وذكر التميمي أن «الأيام الماضية شهدت تصاعدا غير مسبوق في أعداد الاصابات مما يشير إلى قرب دخول الوضع الوبائي في مرحلة الذروة للتفشي، وما تشكله من خطر كبير على المواطنين وضغط على المنظومة الصحية». وأشار التميمي إلى أن المنظومة الصحية «لم تأخذ من الاهتمام الكثير خلال الحقب الماضية، وأن مستوى التزام بعض المواطنين بالتعليمات الصحية ما زال دون المستوى الذي يوازي الموقف الوبائي الخطير الذي يمر بنا»، محذرا من «الآثار الكارثية التي يمكن أن تنشأ عن الاستمرار بالاستهانة أو الاستخفاف بتلك التعليمات».
وتحدث الوزير التميمي عن «تعرض أعداد متزايدة من الملاكات الطبية والصحية والإدارية التي تبذل أرواحها لخدمة المرضى من أهلنا إلى خطر الإصابة بالمرض مع نزيف مستمر بالأرواح الطاهرة، مما يهدد تماسك واستمرارية جهود خط الصد الأمامي». واشتكى الوزير من عدم إضافة «أي مبالغ اضافية (للصحة) بسبب عدم إقرار الموازنة العامة للدولة لحد الآن».
ورغم ما أشيع في الأيام الأخيرة عن قرب دخول اللقاح الروسي «أفيفايفر» إلى العراق وما أشيع حوله من لغط كبير، قال وزير الصحة حسن التميمي: «يؤسفنا القول بشكل صريح إن فيروس (كورونا) لا يوجد له علاج أو لقاح لحد الآن في كافة دول العالم، وما يتداول من أخبار عن أدوية ولقاحات، إنما هي تجارب علاجية ذات نتائج جزئية»، مشددا على أن «الخيار الوحيد لنا للسيطرة على الوباء هو التزام الجميع بالتباعد الاجتماعي، ولبس الكمامات والاهتمام بالنظافة الشخصية وخاصة غسل اليدين باستمرار، وعدم الخروج من المنازل إلا للضرورة القصوى».
ونفت قيادة عمليات بغداد أمس، ما تردد عن عزم السلطات العراقية فرض حظر شامل للتجوال وإلغاء الاستثناءات الممنوحة للكوادر الطبية والعاملين في المؤسسات الإعلامية، لكنها شددت على حظر التجول الجزئي وضرورة تطبيق التعليمات الطبية بحذافيرها وفرض عقوبات مشددة على المخالفين.
من جهتها، أعلنت فرقة الإمام علي القتالية، أحد ألوية هيئة «الحشد الشعبي»، التي أخذت على عاتقها دفن المتوفين جراء الإصابة بـ«كورونا»، أمس، عن دفن 71 متوفياً، في مقبرة «وادي السلام الجديدة»، المخصصة لضحايا «كورونا» بمحافظة النجف خلال الـ24 ساعة الماضية. وذكرت الفرقة في بيان، أنها «قامت بدفن (71) جثمانا جديدا خلال (24) ساعة الماضية، ليرتفع عدد المدفونين حتى (أمس الاثنين) إلى (1100) متوفى من كافة محافظات البلد بينهم ثلاثة من الديانة المسيحية». وتجاوز إجمالي الإصابات في عموم البلاد 31 ألف إصابة، تماثل للشفاء منها أكثر من 14 ألف حالة.


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.