بدأت أوروبا في تخفيف قيود الحظر التي فرضها فيروس «كوفيد - 19» بالسماح بفتح المحلات العامة التي كانت تعد غير ضرورية في الماضي مثل البوتيكات ومحلات بيع الملابس والديكورات والمجوهرات وأجهزة الكومبيوتر والهدايا والأحذية وغيرها. وفي مرحلة تالية سوف يتم السماح بفتح المطاعم والمقاهي، وهي مرحلة سوف تصل إليها المدن العربية أيضا عندما تبدأ معدلات الإصابة بالفيروس تتراجع إلى أقل من 1.1 مع تزايد أرقام الشفاء.
المطاعم لن تعود كما كانت. فهناك شروط أمان والتزامات صحية يجب أن تلتزم بها، كما أن توقعات الزبائن من المطاعم تختلف الآن عما كانت من قبل. وفي أكبر إحصاء من نوعه جرى بين زبائن المطاعم من موقع «في إي بي إنسايدر» في أميركا وشمل 8511 زبونا طلبت نسبة 62 في المائة أن يرتدي العاملون في المطاعم القفازات وأقنعة الوجه لدى عودتهم للمطابخ أو خدمة الزبائن. وتراوحت التوقعات بين ضرورة ارتداء الأقنعة والقفازات لمدة أسابيع أو لفترات زمنية أطول في المستقبل.
وهناك أيضا توقعات من المطاعم للزبائن يجري اختبارها حاليا بحيث تحافظ المطاعم على معدلات الأمان العالية من العدوى من دون نفور الزبائن من الإجراءات المطلوبة.
وتفضل نسبة 58.7 في المائة استخدام أقنعة الوجه ذات الاستخدام الواحد للعاملين في المطاعم، وليس الأنواع التي يعاد غسلها واستخدامها. وما زالت نسبة مماثلة تبدي بعض الحذر من نظافة الأطباق وأدوات المائدة التي توفرها المطاعم، ولذلك فإن تفضيل الوجبات السريعة التي يستهلكها الزبائن في المنازل سوف يستمر لبعض الوقت. ويفضل الزبائن أيضا تسلم الوجبات بأنفسهم بدلا من أطراف ثالثة مثل خدمات توصيل الطعام للمنازل، وذلك لتقليل فرص العدوى.
وينقسم رأي زبائن المطاعم حول ضرورة قياس حرارة العاملين في المطاعم والزبائن يوميا للتأكد من سلامتهم. ولا تمانع نسبة 61 في المائة من الزبائن قياس درجات حرارتهم قبل دخول المطاعم. وتزيد النسبة إلى 81 في المائة لهؤلاء الذين لا يمانعون في تعقيم أياديهم قبل الجلوس في المطاعم.
ولا يرغب زبائن المطاعم في قوائم الطعام الورقية التي يتناولها زبون بعد الآخر لدى الجلوس على الموائد، وعلى المطاعم أن توفر بدائل إلكترونية أو قوائم ورقية تستخدم لمرة واحدة. كما تتوقع نسبة 69 في المائة أن يكون الحضور إلى المطاعم بالحجز المسبق فقط. وإذا كانت هناك طوابير انتظار فعليها الانتظار خارج المطعم وليس داخله.
وتعتقد المطاعم أن المعادلة الناجحة سوف تكون الموازنة بين قواعد الصحة العامة وعدم التدخل في رفاهية الزبائن الذين يريدون نسيان متاعب «كوفيد - 19» عند تناول وجبة في مطعم. ولكن الأمور تختلف فيما يتعلق بالعاملين في المطاعم حيث تجري مطاعم أميركية الآن اختبارات سلامة صارمة وإجبارية على العاملين بالتعاون مع عيادات طبية. وتؤكد المطاعم الأوروبية أنها تستعد للعودة إلى نشاطها المعتاد بترك مساحات كافية بين الموائد وطبع قوائم طعام ورقية تستخدم لمرة واحدة وتوابل وصلصات خاصة للموائد لا يعاد استخدامها أيضا. وهي أيضا تستخدم القفازات وأقنعة الوجه للعاملين فيها وتقوم بقياس حرارة طاقم الخدمة يوميا.
وعلى الرغم من كل هذه الاحتياطات، فإن المطاعم لا تتوقع نسبة إقبال مماثلة لما كان عليه الوضع قبل الوباء. وكانت نسبة 38 في المائة تقبل على تناول وجبات في المطاعم مرة أو مرتين أسبوعيا. الآن الإقبال لمرة أو مرتين شهريا، وفقا لنسبة 46 في المائة من زبائن المطاعم مقابل 51 في المائة يعتقدون أن الإقبال على المطاعم في المستقبل سوف يكون مثلما كان في الماضي.
وحول عودة الإقبال على المطاعم كما كان سابقا تنقسم الآراء حول الفترة الزمنية اللازمة لذلك بين عدة أسابيع وعدة أشهر وبين نهاية العام الحالي أو فترات أطول. والأرجح أن يكون الإقبال تدريجيا وأن يعتمد على الأحوال الاقتصادية السائدة وعلى سهولة إجراءات السلامة في المطاعم.
وتنقسم المطاعم في إعدادها لمرحلة عودة الزبائن، حيث البعض يفترض أن الأسعار يجب أن ترتفع لكي تغطي المطاعم تكاليفها وبعضا من خسائر فترة الإغلاق، بينما يرى البعض الآخر أن الزبائن تعاني أيضا من أزمات مالية وأن الأسلوب الأمثل لإعادتها إلى المطاعم هو بتخفيض الأسعار ولو مرحليا. وقد يؤدي ذلك التوجه إلى انقسام السوق إلى فئتين، واحدة تعود إلى المطاعم بأي ثمن وأخرى تتوجه إلى القيمة والوجبات السريعة من «ماكدونالدز» و«برغر كنغ». وفي حالة وجود كساد اقتصادي لبقية هذا العام، وهو المتوقع، فإن الفئة الكبرى سوف تهجر المطاعم.
أفكار جديدة
وربما كان هذا هو السبب الذي أدى ببعض المطاعم إلى التفكير «خارج الصندوق» بتقديم خدمات غير مسبوقة مثل إعداد وجبات كاملة في سلال يأخذها الزبائن لتناولها في مناطق مفتوحة مثل الحدائق العامة. كما تقوم المطاعم حاليا بإعداد الوجبات وتوصيلها إلى المنازل بحيث يتم تناول وجبة مفضلة في المنزل من إعداد شيف متخصص. وبلغت نسبة نمو هذا الجانب من المطاعم المشهورة ثلاثة أضعاف في الشهرين الماضيين.
من الأفكار الأخرى، توفير برامج ترفيهية في المطاعم تشجع الزبائن على الحضور مثل عرض الأفلام الجديدة أو مباريات رياضية حية يتابعها الزبائن أثناء تناول وجباتهم. والبعض يفكر في تنظيم ألعاب ومسابقات لها جوائز؛ مثل مسابقات المعلومات العامة التي يتبارى فيها الزبائن بحيث يقضون وقتا مسليا أثناء الوجبات.
وإذا نجحت المطاعم في استعادة نسبة كبيرة من الزبائن، فماذا سيكون مصير خدمات توصيل الوجبات إلى المنازل التي أصبحت أمرا واقعا في الوقت الحاضر. تقول نسبة 66 من الزبائن إنها سوف تستمر في استخدام هذه الخدمات مقابل 15.5 في المائة سوف تستغني عنها تماما. ويعني هذا أن خدمات توصيل الوجبات سوف تفقد نسبة من زبائنها ولكنها بالتأكيد مستمرة في الأسواق.
وتستغل المطاعم مرحلة التوقف عن النشاط من أجل التفكير في المسائل البيئية بحيث يمكنها التخلص من البلاستيك والورق. وتناقش المطاعم هذه القواعد الجديدة مع الموردين للوصول إلى حلول جديدة ربما عن طريق الاعتماد على لوحات إلكترونية ضمن الموائد لطلب الوجبات والحد من استخدام الأكواب والأطباق البلاستيكية.
ورغم كل الاحتياطات والشكوك والمخاوف، هناك أيضا جوانب إيجابية سوف تجذب الزبائن مرة أخرى للعودة إلى تناول الوجبات في المطاعم. وقبل الأزمة الحالية كان الزبائن يربطون بين تناول وجبة في مطعم ومناسبة سعيدة. وبعد نهاية الوباء سوف ترتبط العودة إلى المطاعم بشعور جيد هو العودة إلى الحياة الطبيعية مرة أخرى. فالبقاء في المنزل فترات طويلة أفقد الوجبات المنزلية خصوصيتها وتناول وجبة في مناخ جديد سوف تكون لها قيمة أكبر. والعودة إلى المطاعم تعني أيضا استئناف الاختلاط الاجتماعي كما يشعر كل زائر للمطعم بأنه يؤدي دوره في تشجيع الدورة الاقتصادية لاستعادة زخمها وأيضا دعم المطاعم المحلية للبقاء على قيد الحياة.
وكما هو الحال في منافذ البيع الأخرى سوف يفضل زبائن المطاعم عند عودتهم ملامح جديدة تعزز من ثقتهم في النظافة وعدم الاختلاط. وتشمل هذه الملامح وجود معدات لتعقيم اليدين عند المدخل وأجهزة للدفع الإلكتروني من دون الحاجة إلى اللمس وتركيب أبواب أتوماتيكية أو وجود أحد العمال يفتح الأبواب للزبائن. من المظاهر المطلوبة الأخرى استمرار جهود التنظيف والتطهير للأسطح المختلفة داخل المطاعم حتى ولو كانت هذه الأسطح نظيفة بالفعل.