ذهب الطالب السعودي في كلية الطب من الجامعة الهاشمية في الأردن الدكتور محمد النفيسي إلى مساحات واسعة من الانخراط في العمل التطوعي مع فرق الكوادر الطبية خلال أيام أزمة انتشار فيروس «كورونا» التي ما زالت تتعرض لها البلاد.
واستثمر الطبيب السعودي الذي اقترب موعد تخرجه مع إنهائه لمتطلبات السنة السادسة، أيامه الأخيرة في اندماجه مع فرق طبية أردنية بادرت لتشكيل مجموعات من المتطوعين من الأطباء الأردنيين والعرب لتنتشر في البلاد مكرسةً جهودها الفردية لدعم القطاع الطبي وتلبية حاجات المواطنين.
وتوزعت المبادرات التطوعية للأطباء، التي تعد مبادرة «أطباء وطن» محور ارتكازها، لتخفيف أزمة أيام الحظر التي عاشتها البلاد وانقطعت خلالها مسيرة المواطنين نحو المستشفيات والمراكز الطبية للعلاج أو التزود بالدواء للعلاجات الطارئة والمزمنة.
ومبادرة «أطباء وطن» مبادرة أطلقها الطبيب الأردني الشاب محمد محمود الدعامسة الذي يعمل مقيم جراحة عامة في مستشفى الأمير حمزة الحكومي، التي ضمت أكثر من 1600 متطوع من الكوادر الطبية المدربة وأكثر من 20 ضابط ارتباط ميدانياً، توزعوا ضمن خطة بين فرق التقصي الوبائي، وحافلات الدفاع المدني، كما استطاعوا توزيع عشرات الآلاف من طرود دوائية عبر استخدام مركباتهم الخاصة.
يؤكد الطبيب الدعامسة أنه ومن خلال التنسيق مع وزارة الصحة الأردنية وفرق التقصي الوبائي، فقد تمكنت المبادرة من وضع خطط تنفيذية مكّنتها ومنذ يومها الأول، من المساعدة في فحص وأخذ السيرة المرضية لأكثر من 2500 نزيل قَدِموا من دول العالم كافة بعد قرار إغلاق المنافذ البرية والجوية والبحرية منتصف مارس (آذار) المقبل، ليتم حجرهم صحياً في الفنادق التي خصصتها الحكومة لتكون مركزاً للحجر والفحص والمراقبة. كما قامت المبادرة بالتعامل مع الحالات المرضية بين النزلاء.
ويقول الدعامسة إن مبادرة الأطباء وبطريقة عفوية تمكنت من تطوير عملها لتجاوز المشاركة في فرق التقصي الوبائي، والانخراط في العمل من أجل تصميم برامج عملية لمساعدة الحالات الصحية التي لا تتعلق بفيروس «كورونا» وحسب، ليتم -وفق الدعامسة- تشكيل لجان طبية توزعت على مستوى المحافظات، وعكفت تلك الفرق على نشر «الفريق الجراحي الدوار» الذي بدء عمله في زيارة المرضى الذين يحتاجون لتدخلات جراحية بسيطة، تشمل تغيير الجروح ومعالجة التقرحات، وتقديم الكثير من الخدمات الطبية المساندة لكبار السن والأطفال.
ويكشف الدعامسة عن قيام مبادرة «أطباء وطن» بتوزيع ما يزيد على ربع مليون وصفة طبية، على أصحاب الأمراض المزمنة، الذين انقطعوا عن صرف وصفاتهم الطبية بفعل الحظر الشامل الذي شهدته المملكة، وبسبب وقف عمل عيادات الاختصاص في المستشفيات الحكومة خلال فترة زمنية طويلة، خصوصاً تلك المستشفيات والمراكز الصحية الرئيسيّة المعنية في تقديم العلاجات للأمراض المزمنة، مثل مستشفى الجامعة الأردنية والمركز الوطني للغدد الصماء والسكري، ومستشفى البشير وجميع المراكز الصحية المنتشرة في العاصمة عمان، وهي مراكز أساسية لتقديم علاجات وأدوية التصلب اللويحي، والمركز الوطني للطب النفسي وجمعية السكري لمرضى الأطفال، مؤكداً نجاح خطة المبادرة في توصيل الأدوية ضمن بروتوكول طبي معتمد على يد طلبة من السنتين السادسة والخامسة وأطباء الامتياز، ليقوموا بإيصال الأدوية إلى البيوت المنتشرة من شمال المملكة حتى جنوبها. وبواقع نحو 300 ألف علبة دواء، موزعة على 70 ألف وصفة طبية مخصصة ومعتمدة من الصيدليات الحكومية.
ويقول الدعامسة إن المبادرة التي شارك في تنفيذها أطباء عرب قامت بتخفيف العبء على مراكز الدفاع المدني، بعد توزيع أطباء على تلك المراكز في العاصمة عمان وعددهم 44 مركزاً، وقام أطباء متطوعون بالخروج مع سيارات الدفاع المدني.
ويشدد الدعامسة على أن هذه الخطوة أسهمت في التخفيف من أعباء نقل المرضى للمستشفيات، من خلال تنفيذ 30 ألف طلعة ميدانية، أسهمت في علاج 25 ألف مواطن في منازلهم، دون الحاجة لنقل المرضى وتحملهم أي أخطار، وهي الخطوة التي كان لها الدور الأبرز في تخفيف الاكتظاظ على المؤسسات الصحية ومنع التجمعات في الأماكن الموبوءة.
وبالعودة إلى الطالب النفيسي، يتابع حديثه لـ«الشرق الأوسط» بتقديم تجربته، أنه مع أول أيام الحظر الشامل الذي عاشته البلاد تواصل مع زملاء له، وأساتذة من كلية الطب، عارضاً عليهم التطوع لينضم لجهود مكافحة تفشي وباء «كورونا».
ويضيف أنه مباشرةً بعدها تواصل مع مبادرة «أطباء وطن» التابعة للجنة طوارئ نقابة الأطباء الأردنيين، ليتنقل في مهمة إسناد زملائه من خلال مشاركتهم جميع مراحل العمل التطوعي ضمن جهود مكافحة انتشار فيروس «كورونا».
ويتحدث الطبيب السعودي عن مشاركته في المبادرة، من خلال توزيع الأدوية على المرضى، خصوصاً المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، كما نفّذ طلعات مع سيارات الدفاع المدني، التي استطاعت المبادرة أن تجعلها عيادات متنقلة لتقديم خدمة الرعاية الصحية، حسبه.
وبعد ذلك يقول الطبيب النفيسي إنه بادر للانضمام لفرق التقصي الوبائي التابع لوزارة الصحة الأردنية، وهي فرق قامت بأخذ مسحات عشوائية لآلاف المواطنين الأردنيين ضمن جهود الحد من انتشار عدوى المرض.
ويروي النفيسي عن أيامه مع تجربته التطوعية على الخطوط الأمامية مع المرض، ويؤكد مواجهته المخاطرة، بسبب اتصاله المباشر بالمرضى، واحتمالات تعرضه للإصابة، لكن يكشف أيضاً في أثناء ذلك عن رغبته في أداء عمل إنساني، يُكسبه خبرة واسعة في مواجهة أي ظروف مشابهة، كما رغبته أن يعكس صورة بلاده السعودية، ويسهم في تقديم دعم لأشقائه في الأردن.
وكشفت إحصاءات وزارة الصحة الأردنية عن إصابة ثلاثة 3 أطباء، وخمسة من كوادر التمريض، في حين أُصيبت حالتان من عمال نظافة في أقسام المستشفيات، وإدارية واحدة. في حين توزعت فرق التقصي الوبائي على 60 فريقاً، تضم في صفوفها 120 طبيباً ومتطوعاً، ونفّذت أكثر من 300 ألف فحص طبي موجه وعشوائي.
تزاحم المتطوعين يعظّم جهود مكافحة «كوفيد ـ 19» في الأردن
من بينهم طبيب سعودي انضم إلى الكوادر الطبية
تزاحم المتطوعين يعظّم جهود مكافحة «كوفيد ـ 19» في الأردن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة