طائرات تركيا ومدافع إيران «تنسّق» على أراضي العراق

وزير الدفاع التركي يعاين خريطة العمليات في أنقرة أمس (أ.ف.ب)
وزير الدفاع التركي يعاين خريطة العمليات في أنقرة أمس (أ.ف.ب)
TT

طائرات تركيا ومدافع إيران «تنسّق» على أراضي العراق

وزير الدفاع التركي يعاين خريطة العمليات في أنقرة أمس (أ.ف.ب)
وزير الدفاع التركي يعاين خريطة العمليات في أنقرة أمس (أ.ف.ب)

بالتزامن مع تصعيد تركيا حملتها العسكرية في شمال العراق، قصفت المدفعية الإيرانية منطقة حاج عمران داخل الأراضي العراقية، بذريعة ملاحقتهما لجماعات وفصائل مسلحة كردية معارضة، فيما نفت مصادر كردية تقارير عن تنسيق بين حكومة إقليم كردستان وأنقرة في شأن العملية الجديدة.
ورغم استدعاء وزارة الخارجية العراقية السفير التركي في بغداد، أول من أمس، وبيان الاستنكار الذي صدر عن قيادة العمليات المشتركة العراقية ضد الاختراق التركي، صعّدت القوات التركية نشاطاتها العسكرية عبر توغل بري لقواتها بعد أن كانت تقتصر على الضربات الجوية.
وكان سفير تركيا في العراق فاتح يلدز قال أول من أمس، إن استدعاءه من قبل وزارة الخارجية العراقية ولقاءه مع وكيل الوزارة السفير عبد الكريم هاشم، «مثّل فرصة جديدة للتأكيد على أننا سنستمر في مقاتلة مسلحي الحزب أينما كانوا إلى أن يتخذ العراق خطوات لإنهاء وجود الحزب في البلاد».
وبينما رفض النائب عن «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بشار الكيكي التعليق على التوغل الكردي، معتبرا أنه «شأن سيادي اتحادي»، أبلغ مصدر كردي مطلع «الشرق الأوسط» أن «قوات الكوماندوز التركية توغلت بعمق 4 كيلومترات في ناحية باطوفة التي تقع إلى الشمال من محافظة دهوك وتبعد نحو 30 كيلومتراً عن الحدود التركية».
وأضاف المصدر الذي فضل عدم نشر اسمه أن «نحو 75 قرية تتبع ناحية باطوفة نصفها تقريباً غير مأهول منذ نحو 3 عقود، وغالباً ما تقوم القوات التركية بالتوغل في هذه القرى في موسم الصيف لملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني الموجودة في منطقة تسمى حفتانين، ثم تعود لتنسحب في فصل الشتاء نتيجة الظروف المناخية الصعبة في المنطقة».وأوضح أن «عناصر حزب العمال الكردستاني ومقرات قيادته توجد غالباً في منطقة حفتانين قرب الحدود التركية، وغالباً ما تشهد مواجهات وقصفاً تركياً، ويبدو أن القوات التركية تسعى خلال عمليتها الحالية إلى السيطرة على هذه المنطقة، لكنها تواجه مقاومة شرسة من عناصر حزب العمال، وما زالت المواجهات بين الجانبين متواصلة» حتى مساء أمس.
وعما تردد عن التنسيق بين أنقرة وحكومة إقليم كردستان العراق بشأن الضربات والتوغل التركي، نفى المصدر ذلك، مؤكداً أن «وزير شؤون البيشمركة جبار ياور يؤكد دائماً أن تركيا لا تأخذ بعين الاعتبار رأي الإقليم أو حكومة بغداد في جميع العمليات التي تقوم بها داخل الحدود العراقية، ويشدد دائماً على أن القصف التركي يمس بسيادة العراق، والسلطات الاتحادية هي المعنية بوقف تلك الانتهاكات وليس الإقليم وحده».
ويرى المصدر أن «المؤشرات تؤكد أن تركيا وإيران تنسقان هذه الأيام مواقفهما لاستهداف الأراضي العراقية في كردستان بدليل أن الطيران التركي استهدف قبل يومين، للمرة الأولى، الجبال البعيدة في منطقة حاج عمران المحاذية للحدود مع إيران».
ولفت إلى أن «طهران تتهم حزب بيجاك، وهو فرع العمال الكردستاني في إيران، بشن هجمات ضد قواتها من داخل الحدود العراقية، لذلك نرى أن الجانبين الإيراني والتركي نشطا مؤخراً في استهداف مواقع عناصر بيجاك داخل الأراضي الجبلية الوعرة في العراق».
وواصلت إيران، أمس، ولليوم الثاني على التوالي، قصفها لقرية آلانة التابعة لمنطقة حاج عمران. ونقلت شبكة «روداو» الإعلامية الكردية عن مختار القرية أن «القصف الإيراني تزامن مع تحليق للطائرات التركية في سماء القرية، وطال القصف نحو 10 مرات المرتفعات القريبة من القرية من دون حدوث أضرار».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.