ساد هدوء حذر أمس (الأحد) مدينة طرابلس، عاصمة شمال لبنان، بعد ليلة طويلة من المواجهات بين الجيش اللبناني والمتظاهرين، كانت قد بدأت على خلفية اعتراض أبناء محلة باب التبانة على مرور شاحنات محملة بالمواد الغذائية إلى سوريا، أعلنت الأمم المتحدة في وقت لاحق أنها تابعة لها وتمر عبر لبنان إلى سوريا.
وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام»، أن المدينة شهدت صباح أمس حالة هدوء تام، بعد مواجهات عنيفة ليلاً، بين الجيش وعدد كبير من الشبان، تخللها إلقاء المحتجين قنابل مولوتوف وحجارة على العناصر العسكرية التي ردت بإطلاق القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي لإبعاد المتظاهرين.
وكان أبرز مسارح هذه الاشتباكات ساحة النور وشارع سوريا في التبانة، على خلفية توقيف الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والمتوجهة إلى سوريا، وعمد المحتجون إلى تحطيم العديد من المحال التجارية والمؤسسات العامة والخاصة، وأضرموا النيران في بعضها وفي حاويات النفايات، وكذلك في فرع لمصرف «لبنان والمهجر»، وقطعوا العديد من الطرق الرئيسية والفرعية بالإطارات المشتعلة، وألقى أحد الشبان قنبلة مولوتوف على آلية عسكرية فاشتعلت فيها النيران. وأسفرت المواجهات، بحسب الوكالة، عن سقوط أكثر من 80 جريحاً، بينهم عدد من العسكريين تجاوز العشرين.
وعند ساعات الصباح الأولى، تمكنت عناصر من الجيش من استعادة السيطرة على الوضع الميداني وإلزام المحتجين التراجع إلى عمق الشوارع الداخلية، في حين عمدت العناصر بعد ذلك إلى فتح الطرق التي قطعها المحتجون.
وعلى إثر هذه الحوادث، أصدر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بياناً أكد فيه أن الشاحنات تابعة له، موضحاً أن «قافلة مكونة من 39 شاحنة تحمل مساعدات غذائية قد انطلقت من مرفأ بيروت باتجاه الأراضي السورية. تم توقيف شاحنتين في مدينة طرابلس في طريقهما إلى مخازن منظمة التابعة للأمم المتحدة في سوريا»، ومؤكداً أن هذه الشاحنات كانت تنقل أكياس سكر تحمل شعار برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة. وأنه تم استيراد كل المواد الغذائية الموجودة في الشاحنات من الأسواق الدولية عبر مرفأ بيروت الذي يعتبر من أهم ممرات الإمداد لإيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا.
وبعد هذا التوضيح، رأى رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أن «من حق أي مواطن يعاني الغلاء الفاحش وفقدان المواد الغذائية أن يرى في رتل الشاحنات المحملة بالمساعدات والمتوجهة إلى سوريا حلقة في مسلسل التهريب اليومي في ظل الحدود السائبة وغياب الثقة بإجراءات الدولة»، معتبراً في الوقت عينه أن «هذا الحق يتوقف عند حدود المسؤولية الوطنية والأخوية تجاه المساعدات التي تنقلها الأمم المتحدة إلى الداخل السوري عبر مرفأ بيروت، وليس بين أهل طرابلس والبداوي والمنية وغيرها من يمكن أن يمنع وصول المساعدات إلى الأشقاء السوريين الذين يعانون مرارات النظام».
وكتب الحريري على حسابه على «تويتر» قائلاً إن الأمور باتت واضحة بعد بيان برنامج الأغذية العالمي فقطع الطريق على مساعدة الأشقاء ليس من شيم أهلنا في الشمال. لكن خوفنا وخوفهم أن يأخذنا عباقرة العهد والحكومة إلى يوم ينتظر فيه اللبنانيون وصول شاحنات برنامج الأغذية العالمي»، وأكد أن «الجيش يبقى ملاذ اللبنانيين إلى سلامتهم وحقهم في التعبير السلمي».
من جهته، قال النائب السابق والقيادي في «تيار المستقبل»، مصطفى علوش لـ«الشرق الأوسط» أن ما حصل في طرابلس هو وجه من وجوه الفوضى التي قد تشهدها المدينة نتيجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب الذي تعيشه عاصمة الشمال على غرار مختلف المناطق اللبنانية، وهو ما قد تستفيد منه أو تستغله أطراف معينة، لجر المنطقة إلى نتائج خطرة.
وفيما يلفت علوش إلى أن أبناء المنطقة قد يكونوا وقعوا في الخطأ عند رؤيتهم الشاحنات يؤكد أن هذا الخطأ تتحمله الأمم المتحدة التي يفترض أن يكون اسمها موجوداً على الشاحنات وهو ما لم يره الطرابلسيون، فكانت أن صدرت عنهم ردة الفعل هذه في ظل معاناتهم كما كل اللبنانيين من التهريب المستمر إلى سوريا.
وبعد الاعتداءات التي طالت ممتلكات خاصة وعامة في ليلة المواجهات الطويلة، استنكر رئيس بلدية طرابلس رياض يمق ما قال إنها اعتداءات متكررة على مبنى بلدية طرابلس وآلياتها وسياراتها وعمالها وشرطتها، معتبراً أن «من يعبث بأمن طرابلس ليس من بيئتها».
واستغرب بعد جولة له في المدينة أمس، الاعتداءات على البلدية وعمالها، وسأل: «هل تكافأ بلدية طرابلس وعمالها وشرطتها بالهجوم عليهم والتخريب في الأملاك العامة البلدية وغيرها؟ وهي التي دعمت كل المواقف والتحركات الشعبية المحقة، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، وما الفائدة المرجوة من تكسير المبنى البلدي وتخريب الممتلكات العامة وحتى الخاصة»؟.
وأضاف: «إن الذين يعبثون بأمن واستقرار طرابلس ليسوا من بيئتها ولا يمثلون ناسها وقيمها ولا حاضرها ولا ماضيها».
هدوء حذر شمال لبنان بعد مواجهات ليلية «دامية»
89 جريحاً بسبب مساعدات أممية متجهة إلى سوريا
هدوء حذر شمال لبنان بعد مواجهات ليلية «دامية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة