بعد أن تقطعت سبل المفاوضات في اجتماع «أوبك بلس» الذي انعقد في شهر مارس (آذار) الماضي، والذي على أساسه انسحبت روسيا من التكتل النفطي، كان المقرر وقتها تعميق زيادة إنتاج النفط بنحو 1.5 مليون برميل يوميا، ليكون إجمالي التخفيض في السوق نحو 3.6 مليون برميل يوميا، غير أن ما يحدث الآن أكبر تخفيض في تاريخ أوبك وأسواق النفط.
لم تكن هذه الصفقة تمر دون موافقة السعودية، أو بالأحرى، قيادة السعودية لهذه المفاوضات، فقد أدار الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي المشهد، بطريقة أعجبت المحللين والمتابعين في الأسواق، وحري بالمسؤولين في القطاع باتباع نفس النهج والطريقة، وهو ما زاد الموافقين تكتلا واحدا تمثل في دول الخليج النفطية (السعودية والإمارات والكويت).
وبعد انتهاء اتفاق أوبك أوائل أبريل (نيسان)، انخفضت أسعار النفط المبيعة للدول المستوردة، فزادت المشتريات وقتها وارتفعت المخزونات، في تحركات مشروعة للحفاظ على حصة سوقية، مما أفقد السوق توازنها بعض الشيء، وكي تعود الأمور إلى ما كانت عليه وأفضل، كان لا بد من عودة بعض المنتجين لرشدهم، الذين أبدوا بالفعل تخليهم عن خطط تفكك التكتل.
هذا المشهد وصل بالأمور في أسواق النفط، إلى اتفاق تاريخي بأكبر تخفيض في السوق، زاد شهرا إضافيا أمس بقيادة السعودية، في محاولة لتوازن الأسعار واستقرار السوق.
ودفعت السعودية ثمن محاولاتها استقرار السوق، فقد أظهرت بيانات رسمية أمس الأحد، تراجع قيمة صادرات النفط السعودية 21.9 في المائة على أساس سنوي في الربع الأول من العام إلى 40 مليار دولار، بما يعادل انخفاضا بنحو 11 مليار دولار.
وقالت الهيئة العامة للإحصاء إن انخفاض صادرات النفط هو السبب الرئيسي في تراجع بنسبة 20.7 في المائة في قيمة إجمالي صادرات السلع في الربع الأول. وأضافت أن الصادرات غير النفطية، بما يشمل الكيماويات والمواد البلاستيكية، تقلصت بنسبة 16.5 في المائة.
أمام هذا المشهد، طالبت روسيا على لسان وزيرها للطاقة ألكسندر نوفاك، التزام جميع أعضاء أوبك وغير الأعضاء التزاما كاملا باتفاق تقليص الإنتاج.
وقال: «نلحظ بالفعل بوادر عودة النشاط التجاري... سوق النفط ما زالت هشة وبحاجة للدعم. لذا من المهم اليوم، أكثر من أي وقت مضى حسبما أرى، أن يلتزم جميع المشاركين في الاتفاق التزاما كاملا».
اتفقت «أوبك بلس» السبت، على تمديد تخفيضات غير مسبوقة على إنتاج النفط إلى نهاية يوليو (تموز) بعد أن زادت الأسعار لمثليها في الشهرين الأخيرين بفضل جهودهم لسحب نحو 10 في المائة من الإمدادات العالمية من السوق.
وقال نوفاك، إن روسيا ستخفض إنتاجها من النفط الخام إلى ما بين 510 ملايين و520 مليون طن في 2020 من حوالي 561 مليون طن في 2019. مشيرا إلى أن الولايات المتحدة خفضت إنتاجها من الخام 1.9 مليون برميل يوميا. وأبلغ الصحافيين في موسكو أن روسيا ستلتزم التزاما كاملا بالاتفاق في الشهر الحالي.
موقف المكسيك
رفضت المكسيك تمديد خفض إنتاج النفط حتى نهاية شهر يوليو، وقالت وزيرة الطاقة المكسيكية روسيو نالي خلال زيارة لمحطة بتروكيميائيات في ولاية فيراكروز للصحافيين إن المكسيك لن تلتزم بالاقتطاع.
وأوضحت «مددت بعض الدول الاقتطاع حتى يوليو. نحن قلنا لا، سنواصل الالتزام بالاتفاق الذي وقع في أبريل. لا توجد مشكلة».
وأضافت أن المكسيك «التزمت بشكل تام» بالاتفاق الأساسي، الذي قطعت بموجبه الإنتاج بمائة ألف برميل في اليوم في مايو (أيار) ويونيو (حزيران)، لكنّ دولاً أخرى «لم تحترم الاتفاق»، من دون أن تحدد تلك الدول.
وكانت مجموعة «أوبك بلس»، المؤلفة من أعضاء أوبك وحلفاء بقيادة روسيا، اتفقت في أبريل على خفض المعروض 9.7 مليون برميل يوميا في مايو ويونيو لتدعيم الأسعار، وبموجب الاتفاق تعهدت المكسيك بتقليص إنتاجها 100 ألف برميل يوميا في مايو ويونيو، مقاومة ضغوطا من منتجي النفط الآخرين للقيام بخفض قدره 400 ألف برميل يوميا. وكان من المقرر تقليص التخفيضات إلى 7.7 مليون برميل يوميا من يوليو إلى ديسمبر (كانون الأول)، لكن «أوبك بلس» اتفقت يوم السبت على تمديد تخفيضات الإنتاج حتى نهاية يوليو.
ويوفر النفط ما يساوي خمس إيرادات الصادرات المكسيكية. وتواجه شركة «بيميكس» المكسيكية النفطية المملوكة من الدولة مشاكل كبيرة، حيث ساوى صافي خسائرها في الربع الأول من العام 23.5 مليار دولار.