نواب عراقيون يتجهون إلى تشكيل كتلة برلمانية عابرة لدعم الكاظمي

50 منهم انخرطوا حتى الآن وهدفهم الأساسي «دعم الدولة»

عنصر أمن عند نقطة تفتيش في بغداد مع فرض حظر التجول في العراق أمس بسبب «كورونا» (أ.ف.ب)
عنصر أمن عند نقطة تفتيش في بغداد مع فرض حظر التجول في العراق أمس بسبب «كورونا» (أ.ف.ب)
TT

نواب عراقيون يتجهون إلى تشكيل كتلة برلمانية عابرة لدعم الكاظمي

عنصر أمن عند نقطة تفتيش في بغداد مع فرض حظر التجول في العراق أمس بسبب «كورونا» (أ.ف.ب)
عنصر أمن عند نقطة تفتيش في بغداد مع فرض حظر التجول في العراق أمس بسبب «كورونا» (أ.ف.ب)

تخطط مجموعة من نواب البرلمان العراقي من كتل مختلفة لتشكيل كتلة برلمانية عابرة لدعم خطط وتوجهات رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي. ويكشف هذا الحراك عبر النواب الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» عن رغبة أكيدة لدى عدد كبير من النواب باتجاه إحداث تغيير جاد عابر للكتل التي قامت على أسس طائفية أو عرقية ولا تستطيع التخلي عن هذا الانتماء برغم محاولاتها تشكيل تحالفات عابرة خلال انتخابات عام 2018 حين تشكل كل من تحالفي الإصلاح الذي يضم كتلا شيعية وسنية وكردية، والبناء الذي يضم هو الآخر كتلا شيعية وسنية وكردية.
وكان هذان التحالفان فشلا في أول تجربة على أرض الواقع عند تشكيل حكومة عادل عبد المهدي التي جاءت بإرادة كتلتين شيعيتين من كلا التحالفين وهما «سائرون» المدعومة من زعيم التيار الصدري التي كانت جزءا من تحالف الإصلاح و«الفتح» بزعامة هادي العامري التي كانت جزءا من تحالف البناء. وبينما اضطرت حكومة عبد المهدي إلى الاستقالة بعد الاحتجاجات الواسعة التي اندلعت في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2019 فإن البلاد دخلت في أزمة سياسية حادة حتى تكليف رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي الذي لم تعلن كتلة معينة تبنيه بشكل رسمي بقدر ما جاء وفق معادلة بدت وطنية عابرة طبقا لمراسم تكليفه كما ظهرت في الصور بحضور رئيس الجمهورية برهم صالح وكل قادة الخط الأول من القيادات السياسية في البلاد.
استمرار سلسلة الأزمات التي يمر بها العراق السياسية والأمنية والاقتصادية والصحية دفعت نوابا، بلغ عددهم حتى لحظة كتابة هذا التقرير 50 نائبا، مثلما يقول رئيس حركة إرادة في البرلمان العراقي حسين عرب، إلى التفكير بتشكيل الكتلة الجديدة. ويقول عرب لـ«الشرق الأوسط» إن «هؤلاء النواب الذين يمثلون كتلا مختلفة يريدون دعم الدولة والحكومة بمعنى أن ما يسعون إليه تحالفا سياسيا يقف وراء رئيس الوزراء حيال الكتل الأخرى بقدر ما يعني هذا التحالف اتخاذ مواقف باتجاهين وهما دعم الدولة والحكومة وتقويم عمل البرلمان والحكومة معا بحيث يكون هذا الدعم بالاتجاه الصحيح الهادف في النهاية إلى تقويم عمل الدولة التي تمددت عليها خلال السنوات السابقة الحكومات بينما الحاجة ماسة اليوم لأن تكون لدينا دولة قادرة على مواجهة الأزمات والتحديات معا».
ويرى عرب أن «هذا التحالف الذي بدأت ملامحه الأولى تتضح من خلال رغبة عدد كبير من النواب الانخراط فيه يعتمد على دراسة القوانين المهمة والوقوف مع الحكومة في مواجهة الأزمة المالية والأزمة الصحية التي عصفت في البلاد، فضلاً عن السعي لمعالجة الأخطاء الكارثية التي ارتكبتها الحكومة السابقة والتحالفات السابقة». ويأمل عرب أن « يكون التحالف المرتقب تحالفاً مؤثراً نحو توجهات الإصلاح الحقيقي من أجل الارتقاء بعمل الدولة بالدرجة الأساسية». وحول ما إذا كان هذا التجمع سياسيا أم لا يقول عرب إن «هذا التكتل ليس سياسيا وإنما هو برلماني لأن أي تحالف سياسي يمكن أن تكون له توجهات مختلفة نحن نريد أن نبتعد عنها؛ لأن ما نريده هو تخطي الأخطاء والسلبيات السابقة التي كانت سياسية في الغالب».
في السياق نفسه، ترى عضوة البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون عالية نصيف في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أن «الكتلة الداعمة لرئيس الوزراء تهدف إلى المساعدة في تخطي الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد وهو ما عزمت عليه مجموعة من النواب الذين يمثلون توجهات مختلفة لكن تجمعهم الرغبة في أن تكون هناك دولة قادرة على مواجهة التحديات». وفيما عبرت نصيف عن خشيتها مما سمته «محاولات خطف هذا التكتل البرلماني الجديد من قبل جهة سياسية لم تسمها»، فإنها ترى أن «هذه الكتلة في حال تمكنت من ترسيخ قدمها على أرض الواقع سوف تكون مؤثرة بصورة إيجابية».
ومع أن النائب عرب يقلل من المخاوف التي عبرت عنها النائبة عالية نصيف فإنه يرى أن «جهودنا ما زالت مستمرة باتجاه تكوين هذه الكتلة، وأننا متفائلون بوجود رغبة ممتازة لدى عدد كبير من النواب بهذا الاتجاه».
من جهته، يقول عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف النصر رياض التميمي لـ«الشرق الأوسط» إن «تشكيل كتلة داعمة لرئيس الوزراء خطوة بالاتجاه الصحيح حتى يتمكن من العمل بقوة ودون تأثير». وأضاف التميمي أن «هذه الكتلة نأمل أن تمثل الجميع، حيث هناك تحرك لعدد كبير من النواب من أجل بلورة رؤية حقيقية هذه المرة من أجل دعم الخطوات الصحيحة لرئيس الوزراء من منطلق شعورهم بالمسؤولية في ظل الظروف الحالية التي تمر بها البلاد وهي ظروف مثلما يعرف الجميع في غاية الصعوبة».
إلى ذلك، أكد عضو البرلمان العراقي عن محافظة بغداد آراس حبيب كريم، زعيم المؤتمر الوطني العراقي، لـ«الشرق الأوسط» أن «دعم إجراءات الحكومة لمواجهة الأزمة الراهنة بات أمرا ضروريا للعبور الى بر الأمان»، مبينا أن «الكاظمي جاء بأغلبية واضحة وهو ما يعني أن هناك إدراكا لأهمية تجاوز الظروف الصعبة الحالية»، مؤكدا أن «هذا الدعم لا بد أن يترجم على أرض الواقع لأن ليس لدينا بديل آخر سوى اتخاذ قرارات وإجراءات صارمة على كل المستويات».



«قسد»: تأجيل زيارة عبدي إلى دمشق «لأسباب تقنية»

الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
TT

«قسد»: تأجيل زيارة عبدي إلى دمشق «لأسباب تقنية»

الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)

قال فرهاد شامي، مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، اليوم الاثنين، إنه كان من المقرر أن يقوم قائد «قسد» مظلوم عبدي والوفد المفاوض لشمال وشرق سوريا، بزيارة لدمشق، اليوم، إلا أن الزيارة تأجلت «لأسباب تقنية».

وأضاف، عبر حسابه على منصة «إكس»، أنه سيجري تحديد موعد جديد لزيارة قائد «قسد» مظلوم عبدي لدمشق، في وقت لاحق يجري الاتفاق عليه بالتوافق بين الأطراف المعنية.

وأكد أن تأجيل زيارة عبدي لدمشق في إطار ترتيبات لوجستية وفنية، ولم يطرأ أي تغيير على مسار التواصل أو الأهداف المطروحة.

كان التلفزيون السوري قد أفاد، الجمعة، بإصابة جندي من قوات الأمن الداخلي برصاص قناصة من قوات سوريا الديمقراطية «قسد» على حاجز أمني في مدينة حلب، في حين ذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» أن الجيش أسقط مُسيّرات أطلقتها «قسد» باتجاه مواقع تابعة له في سد تشرين، بريف حلب الشرقي.

وأوضح التلفزيون أن عناصر «قسد» المتمركزين في حي الأشرفية بحلب يطلقون النار على عناصر الأمن الداخلي الموجودين عند حاجز دوار شيحان.

لكن «قسد»، من جهتها، أكدت أن فصائل تابعة لحكومة دمشق أطلقت قذيفتين صاروخيتين على قواتها، ما أجبرها على الرد.

وفي وقت لاحق، قالت «قسد» إن الفصائل التابعة للحكومة السورية شنّت «هجوماً عنيفاً باستخدام الرشاشات الثقيلة والمدفعية» على أحياء الشيخ مقصود والأشرفية بحلب، ووصفت الهجوم بأنه «اعتداء سافر يهدد أمن المدنيين ويُنذر بتداعيات خطيرة».


الحوثي: أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال يُعتبر «هدفاً عسكرياً»

عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)
TT

الحوثي: أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال يُعتبر «هدفاً عسكرياً»

عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)

حذّر زعيم جماعة «الحوثي» عبد الملك الحوثي، يوم الأحد، من أن أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال سيكون «هدفاً عسكرياً»، في آخر إدانة للتحرّك الإسرائيلي للاعتراف بالإقليم الانفصالي.

وقال الحوثي، في بيان، إن جماعته تعتبر «أي وجود إسرائيلي في إقليم أرض الصومال هدفا عسكرياً لقواتنا المسلحة، باعتباره عدواناً على الصومال وعلى اليمن، وتهديداً لأمن المنطقة»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

واعترفت إسرائيل، الجمعة، رسمياً، بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة، في قرار لم يسبقها إليه أحد منذ إعلان الأخيرة انفصالها عن الصومال عام 1991.

وتقع أرض الصومال التي تبلغ مساحتها 175 ألف كيلومتر مربع، في الطرف الشمالي الغربي من الصومال. وأعلنت استقلالها من جانب واحد، في عام 1991، بينما كانت جمهورية الصومال تتخبّط في الفوضى عقب سقوط النظام العسكري للحاكم سياد بري. ولأرض الصومال عملتها الخاصة وجيشها وجهاز شرطة تابع لها.


«الانتقالي» على حافة الاختبار... هل يحفظ مكاسبه أو يتهيأ للاصطدام الكبير؟

مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
TT

«الانتقالي» على حافة الاختبار... هل يحفظ مكاسبه أو يتهيأ للاصطدام الكبير؟

مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)

تشهد المناطق الشرقية من اليمن، وتحديداً في حضرموت، مرحلة حساسة من إعادة ضبط التوازنات داخل معسكر «الشرعية»، على وقع التصعيد العسكري الأحادي الذي نفذه المجلس الانتقالي الجنوبي، وما يقابله من رفض إقليمي ودولي؛ إذ قال مراقبون إنه لا يمكن السماح بفرض أمر واقع عن طريق القوة المسلحة مهما كانت المزاعم أو المبررات.

وبحسب المراقبين، فإن ما يجري ليس تفصيلاً محلياً عابراً، يمكن التغاضي عنه سواء من قبل «الشرعية» اليمنية أو من قبل الداعمين لها، بل اختبار سياسي وأمني متعدد الأبعاد، تتقاطع فيه حسابات الداخل الجنوبي نفسه، ومسار الحرب مع الحوثيين، وخيارات السلام الإقليمي.

وحتى الآن، يظهر سلوك المجلس الانتقالي أقرب إلى المناورة تحت الضغط منه إلى التحدي المباشر. فاللغة المستخدمة في بياناته الأخيرة - التي تمزج بين التبرير السياسي والتحركات العسكرية، وبين الحديث عن «التنسيق» و«تفهّم الهواجس» - تعكس إدراكاً متزايداً بأن مساحة المناورة تضيق بسرعة. لكن لا بد من التقاط القرار الصائب.

كما يشار إلى أن تحذيرات السعودية التي تقود «تحالف دعم الشرعية» في اليمن لم تكن عابرة أو قابلة للتأويل، بل جاءت متزامنة ومتدرجة، وانتقلت من مستوى التنبيه السياسي إلى الردع التحذيري الميداني من خلال ضربة جوية في حضرموت.

عناصر من المجلس الانتقالي الجنوبي يرفعون صورة زعيمهم عيدروس الزبيدي (إ.ب.أ)

هذا التحول في اللهجة يعني عملياً أن هناك قراراً واضحاً بمنع انتقال حضرموت والمهرة إلى مسرح صراع داخلي، أو إلى ساحة لفرض مشاريع جزئية بالقوة.

وربما يدرك المجلس الانتقالي وناصحوه معاً، أن تجاهل هذه الرسائل يضعه في مواجهة مباشرة مع الطرف الإقليمي الأثقل وزناً في الملف اليمني، وهو السعودية قائدة «تحالف دعم الشرعية»، وهو صدام لا يملك المجلس أدوات تحمّله، لا سياسياً ولا عسكرياً.

لذلك، يُنصح «الانتقالي» من قبل مراقبين للشأن اليمني بأن يتعامل مع التحذيرات بجدية، وعدم الركون إلى تكتيك الإبطاء، هذا إذا كان يبحث عن مخارج تحفظ له الحد الأدنى من المكاسب التي راكمها خلال السنوات الماضية، وإلا فلن يكون أمامه سوى الانصياع المتوقع بالقوة، وهو إن حدث سيعني لأنصاره هزيمة مدوية لا يمكن استيعابها.

ورطة غير محسوبة

وفق مراقبين للشأن اليمني، فقد أوقع «الانتقالي» نفسه في ورطة غير محسوبة؛ إذ جرى تسويق التحركات الأخيرة بوصفها «حماية للقضية الجنوبية» و«استجابة لمطالب شعبية»، ولقطع طرق التهريب وإمدادات الحوثيين ومحاربة التنظيمات الإرهابية، وفق زعمه، إلا أن الأوان لم يفت كما بينته الرسالة السعودية بوضوح عبر وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان؛ إذ بالإمكان الخروج من الورطة بأقل الخسائر، من خلال مغادرة قواته الوافدة إلى حضرموت والمهرة بشكل عاجل.

من ناحية ثانية، تشير المعطيات إلى أن المجلس الانتقالي لا يملك القدرة على تثبيت وجوده في حضرموت والمهرة، في ظل مجموعة عوامل ضاغطة، أبرزها وجود رفض محلي واسع، بخاصة في حضرموت، حيث تتمتع المكونات الاجتماعية والقبلية بحساسية عالية تجاه أي وجود مسلح وافد.

عناصر من قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن (إ.ب.أ)

إلى جانب ذلك، يفتقد المجلس - الذي يهيمن على قراره قيادات من مناطق بعينها - غياب الغطاء الإقليمي الذي يشكل شرطاً أساسياً لأي تغيير أمني في مناطق حساسة، وكذا في ظل موقف دولي واضح يرفض أي تغيير للواقع بالقوة، ويؤكد دعم وحدة المؤسسات الرسمية.

لذلك، يبدو السيناريو الأفضل والأسهل - كما يقترحه محللون - هو انسحاب منظم، تحت أسماء فنية مثل «إعادة انتشار»، أو «ترتيبات أمنية»، أو بأي طريقة تسمح للمجلس بالخروج من المأزق بأقل الخسائر السياسية الممكنة.

أما إذا قرر المجلس الانتقالي تجاهل الإشارات والاستمرار في التصعيد، فإن تكلفة ذلك - طبقاً للمراقبين - ستكون مرتفعة ومتعددة المستويات؛ فعلى المستوى السياسي سيخسر المجلس ما تبقى من صورة الشراكة في السلطة الشرعية، وسيتحول تدريجياً - في الخطاب الإقليمي والدولي - من فاعل سياسي ضمن «مجلس القيادة الرئاسي» والحكومة اليمنية إلى عنصر مُعطِّل للاستقرار، وقد يصل الأمر إلى فرض عقوبات دولية على قادته.

أما عسكرياً، فالرسالة السعودية واضحة بعد بيان «تحالف دعم الشرعية»؛ إذ لن يُسمح بفرض أمر واقع بالقوة في شرق اليمن، وأي تصعيد إضافي قد يُقابل بردع مباشر، ما يعني خسائر ميدانية مؤسفة لا يملك المجلس القدرة على تعويضها أو تبريرها.

وعلى المستوى الشعبي، فإن حضرموت والمهرة ليستا بيئة حاضنة للمجلس الانتقالي، واستمرار التصعيد سيُعمّق الهوة بينه وبين قطاعات واسعة من الجنوبيين، ويحوّل القضية الجنوبية من مظلة جامعة إلى مشروع انقسامي، بل إن أخطر الخسائر - كما يقرأها المحللون - تكمن في تشويه جوهر القضية الجنوبية، عبر ربطها بالعسكرة والانتهاكات وفرض الوقائع بالقوة، بدل ترسيخها كقضية سياسية عادلة قابلة للحل ضمن مسار تفاوضي، كما هو الأمر في الطرح الذي تتبناه القوى اليمنية المنضوية تحت «الشرعية»، والذي تدعمه السعودية.

عبء الانتهاكات

من جانب آخر، تمثل الانتهاكات الموثقة في حضرموت نقطة تحوّل خطرة في مسار التصعيد. فعمليات المداهمة، والاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، وفرض الحصار على مناطق مأهولة... لا تُقرأ فقط كإجراءات أمنية، بل كنمط قمعي ممنهج، يضع المجلس الانتقالي في مواجهة مباشرة مع القانون الدولي الإنساني.

وبحسب تقارير حقوقية موثوقة، شملت الانتهاكات في الأيام الأخيرة اقتحام منازل مدنيين، واحتجازاً تعسفياً، وإخفاء قسرياً، وحصاراً عسكرياً لمناطق قبائل «الحموم»، ومنع تنقل المرضى، ونهب ممتلكات عامة وخاصة... وهذه الممارسات لا تُضعف موقف المجلس أخلاقياً فحسب، بل تُحوّل ملفه إلى عبء قانوني وسياسي قابل للاستخدام دولياً، وتفتح الباب أمام مساءلة مستقبلية قد لا تسقط بالتقادم.

المجلس الانتقالي الجنوبي صعّد عسكرياً في حضرموت والمهرة بشكل أحادي (إ.ب.أ)

من كل ذلك، يمكن القول إن ما يجري اليوم هو اختبار نضج سياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي، فإما أن يلتقط الرسالة الواضحة محلياً وسعودياً ودولياً، ويعود إلى المسار السياسي، ويحدّ من الخسائر، وإما أن يواصل التصعيد، ويدفع أثماناً سياسية وعسكرية وقانونية قد يصعب تعويضها، وفق تقديرات المراقبين.

وطبقاً لتقديرات المرحلة وما يراه المشفقون على مستقبل المجلس الانتقالي الجنوبي، فإن اللحظة الراهنة لا تحتمل المغامرة، ومن يخطئ قراءتها سيدفع الثمن وحده.