تلفزيونك.. يعرف ما تود مشاهدته

باحثون يابانيون يطورون برامج لرصد خياراتك المفضلة

تلفزيونك.. يعرف ما تود مشاهدته
TT

تلفزيونك.. يعرف ما تود مشاهدته

تلفزيونك.. يعرف ما تود مشاهدته

مع وجود تلفزيونات الكابلات، والأقمار الصناعية، والأرضية التي يبلغ عددها المئات، إضافة إلى شركات المواد المسلية التي تعمل عبر الإنترنت، التي هي أيضا تتنافس على المشاهدين، فإن العثور على شيء يستحق المشاهدة هو من التحديات المتزايدة. وللمساعدة في تسهيل الأمور، قام الباحثون في «نيبون هوسو كايوكاي» (الإذاعة والتلفزيون الياباني العام)، المعروفون أكثر بـ«إن إتش كيه»، بالتخطيط لتجربة تقنية اختبارية للتقييم أوتوماتيكيا في الزمن الحقيقي، لاهتمام المشاهدين في البرنامج التلفزيوني أو الفيديو، ومن ثم اقتراح برامج تلفزيونية أخرى لمشاهدتها اعتمادا على النتائج.

* «قياس الرغبات»
ولقياس ما يهم المشاهد، استخدم نظام «إن إتش كيه» جهاز «مايكروسوفت كينيكت» للتلقيم وتحسس العمق والحركة. ويقوم «كينيكت» الذي يضم طاقم تطوير لبرنامج تعقب الوجوه (Microsoft’s face tracking software development kit) إس دي كيه، بتغذية معايير برمجية كثيرة في جهاز «بي سي»، بصور من المشهد.
والإشارة الأولى إلى أن المشاهد مهتم بما يشاهده، هو وجوده قبالة التلفزيون. إذن أحد المعايير المستخدمة هي لقياس ما إذا كان المشاهد حاضرا، إذ تقوم مسارات «في نقاط مهمة» بقياس نقاط من حركات الشخص من تسلسل صور، أو إطارات فيديو. ويمكن حتى استخلاص نحو 200 من هذه المسارات من كل صورة. ويجري تحويل سمات هذه المسارات إلى كلمات رمزية، وبالتالي توظيفها لتدريب برنامج تلقين إلى تمييز وجود المشاهد.
وثمة معياران آخران يعملان بالتوازي والتوالي، لتقدير وضعيات رأس المشاهد بالبعدين والـ3 أبعاد، وفقا للون الصورة، أو عمقها الملتقطة من قبل «كينيكت». ويجري بعد ذلك جمع نتائج المعايير الـ3 هذه لتقدير ما إذا كان المشاهد يحدق في الشاشة أم لا.
«إن تحديق المشاهد في الشاشة مهم للغاية لتقدير محتويات البرنامج»، كما يقول ماساكي تكاهاشي رئيس مهندسي الأبحاث في قسم أبحاث نظم البث المتكامل بالنطاق العريض في «إن إتش كيه»: «وبينما تخفق أحيانا النظم الأخرى للتحري عن الأشخاص التي أساسها تعقب الوجوه عندما يقوم الشخص بتحويل نظره عن الكاميرا. فتقنية مسارات النقاط المهمة مناسبة أكثر، نظرا لأنها تضم مؤقتا تاريخا طويل الأمد عن هذه النقاط».

* تعبيرات الوجوه
وجرى أخيرا إضافة معيارين جديدين للتعرف على تعبيرات الوجوه، فأحدهما يقوم بتقدير شدة التعبيرات الأساسية الـ6، والابتسام والتعجب بينها هما الأكثر تأثيرا. أما المعايير الأخرى، فتقيس وجود أو غياب تعبيرات الوجه، عن طريق مقارنة العوامل المتغيرة في حركة الجلد، مع قاعدة بيانات صور تعبيرات الوجوه المعروفة.
وعلى أساس تقدير مستوى اهتمام المشاهد لدى مشاهدته أحد البرامج، يجري استخلاص كلمات أساسية مهمة (مفتاح) من نصوص البرنامج وإدراجها على الكومبيوتر اللوحي، مع الرموز الانفعالية، التي تمثل أيا من تعابير الوجه التي يمكن تحريها في ذلك الوقت.
ويجري استخلاص هذه الكلمات من كلمات الصور والمشاهد عن طريق استخدام ما يسمى بالتحليل الصرفي (اللغوي). «فأسماء العلم، كأسماء الأشخاص، والمحلات، والأماكن، هي ترشيحات جيدة تدل على اهتمام المشاهد»، وفقا إلى سيمون كليبنغدايل كبير مهندسي الأبحاث في «إن إتش كيه».. ويضيق: «ونقوم بربطها بقاعدة بيانات (ويكيبيديا)، وصفحة مدخل البرنامج لغرض البحث اللاحق. فنحن نقوم أيضا بتطوير نظام تصفح للبرامج التلفزيونية يعتمد على اهتمام المشاهد»، كما نقلت مجلة المهندسين الكهربائيين الأميركية.
ويستخدم النظام خريطة برامج تلفزيونية يجري إنتاجها تلقائيا، التي تربط أحجاما كبيرة من البرامج التلفزيونية، والمفردات اللغوية اليابانية معا، وذلك باستخدام أنواع متعددة من الدلالات اللفظية والعلاقة بينها. وهذا ما يمكن المشاهد المهتم بالكلمة الرئيسية (المفتاح) المدرجة، ككلمة «تيمبورا» مثلا، مشاهدة كثير من الكلمات التي لها علاقة بها على الجهاز اللوحي، كالمطاعم، وأصناف مكونات الطعام، وغيرها. وهذه بدورها قد تفضي إلى روابط للبرامج لها علاقة لفظية بها.
وخلال الخريف الحالي، شرعت مجموعة الأبحاث باختبار اهتمام المشاهدين عبر المرحلة الأولى من النظام، عن طريق تقديم كلمات رئيسية بروابط إلى «ويكيبيديا» وصفحة مدخل البرنامج: «فقد أردنا معرفة مدى جودة عمل البرنامج في المنازل العادية، ونوع الاهتمامات الذي يبدونه، ثم نأمل في الشروع باختبار نظام تصفح البرنامج»، استنادا إلى تكاهاشي.
ويبقى كثير من التحديات الفنية الرئيسية قبل أن يقوم التلفزيون بمعرفة ما يرغب فيه المشاهد، والسبب أن النظام قد جرى تطويره لمستخدم واحد فقط، ولا حاجة إلى توسيعه ليشمل العائلة برمتها. وتبقى هنالك أيضا مشكلة معلقة، وهي التمييز بين استمتاع المشاهد بالبرنامج التلفزيوني، أو الضحك والقهقهة من نكتة سردها صديق جالس بقربه. بيد أن تكاهاشي واثق من تذليل هذه العقبات: «والتقنية ستكون جاهزة خلال سنتين إلى 3 سنوات»، كما يؤكد.



الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».