قلق إسرائيلي من قرار متوقع في البرلمان الأوروبي للاعتراف بفلسطين

استبقته باستنفار دبلوماسي ودعوات لإفشاله واعتبرته تطرفا

قلق إسرائيلي من قرار متوقع في البرلمان الأوروبي للاعتراف بفلسطين
TT

قلق إسرائيلي من قرار متوقع في البرلمان الأوروبي للاعتراف بفلسطين

قلق إسرائيلي من قرار متوقع في البرلمان الأوروبي للاعتراف بفلسطين

أعربت مصادر في الخارجية الإسرائيلية عن قلقها من اتخاذ قرار محتمل في البرلمان الأوروبي الموحد للاعتراف بفلسطين دولة. وقد بادرت إلى حملة محمومة مع «الدول الصديقة في أوروبا» لتمنع صدور قرار كهذا، في جلسة البرلمان التي تعقد الخميس المقبل، وتم توجيه تعليمات لسفراء إسرائيل في القارة البيضاء أن يبذلوا كل جهد ممكن لوقف هذا المد.
وقالت المصادر إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير خارجيته أفيغدور ليبرمان، قاما باتصالات عاجلة مع الدول الأوروبية المركزية لكي تجهض القرار.
وأوضح مصدر في الخارجية أن تجمع كتل اليسار في البرلمان الأوروبي، هو الذي يطرح المبادرة، وأن اقتراح التجمع «يتضمن صياغة متطرفة ترمي إلى الاعتراف بفلسطين دولة في حدود 1967 وعاصمتها القدس». وتحاول إسرائيل إقناع الكتل الأخرى في البرلمان بأن تفشل الاقتراح، «مستغلة هذا النص المتطرف»، ولكنها غير مطمئنة إلى ردود الفعل الباردة في أوروبا.
وقد عقب رئيس حزب العمل المعارض، النائب يتسحاق هرتسوغ، على النبأ بالقول إن «الرياح الباردة تهب على إسرائيل من كل جهة في العالم، ولكن رئيس الحكومة ووزير الخارجية يرفضان مواجهة الحقائق. لو كنت مكان نتنياهو لتبنيت مبادرات السلام التي يطرحها العرب بكلتا يدي». وهاجم رئيس كتلة «يوجد مستقبل»، النائب عوفر شيلح، رئيس الحكومة نتنياهو، وقال: «حتى حماس تحقق إنجازات دولية بسبب غياب المبادرة السياسية الإسرائيلية». وأوضح أن التصويت البريطاني وما سبقه القرار السويدي والاتجاه في آيرلندا وفرنسا وبلجيكا وإيطاليا، يوضح أن العالم يشمئز من الجمود السياسي، ويسعى كي يفرض على إسرائيل ما لا تجيد عمله بنفسها.
المعروف أن اللجنة المركزية لحركة فتح كانت قد قررت في اجتماعها قبل يومين، الإصرار على التوجه إلى الأمم المتحدة في نهاية الشهر الحالي، ونفت أن تكون قررت التأجيل. وتقرر إرسال نبيل شعث، مفوض الشؤون الدولية، إلى كل من بريطانيا وفنلندا وإسبانيا والنمسا لدعم الحملة الدولية للاعتراف بفلسطين وللمعركة المقبلة في مجلس الأمن، والالتحاق بمحكمة الجنايات الدولية.
وأكد تحديد موعد لاجتماع للجامعة العربية نهاية الشهر الحالي، وأن الرئيس الفلسطيني أبو مازن سيصل إلى القاهرة في 28 الحالي «لحشد جميع أشكال الدعم لهذه القضية الوطنية»، كما قال شعث في تصريحات صحافية لدى عودته من الهند في نهاية الأسبوع.
وقال أيضا: «إن السلطة الفلسطينية تتبع الآن سياسة التوجه الشعبي والفلسطيني الرسمي والعربي والدولي». وأشار شعث إلى أن اعترافات البرلمانات الأوروبية هي خطوة أولى في الحراك الذي تقوم به حركة فتح مع الأحزاب الاشتراكية واليسارية التي تقف مع الفلسطينيين.
وحول نسبة النجاح أو الفشل في حصد عدد الأصوات اللازمة لدعم دولة فلسطين في مجلس الأمن، قال شعث: «هناك دول تقف إلى جانبنا ولكنها لا ترغب في قول ذلك حتى لا تتعرض لضغط أميركي كبير»، رافضا تسمية هذه الدول، ولكنه قال: «أنا مطمئن، سنستطيع الوصول إلى القرار إذا لم تستخدم أميركا الفيتو».
إلا أن المصادر الإسرائيلية تبني معارضتها على تأييد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وغيرها من قادة الدول الأوروبية، التي ترفض الاعتراف بفلسطين، وذلك بدعوى صد بوابات دخول الإرهاب.
يذكر أن السويد كانت أول عضو من غرب أوروبا في الاتحاد الأوروبي يعترف بفلسطين دولة نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ولأن الدول الأعضاء الـ28 في الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى اتخاذ قرار بالإجماع للاعتراف بدولة فلسطين، فإن اعتراض ميركل يرقى إلى حد اعتباره «فيتو» على هذه الخطوة، بيد أن الوضع مختلف في البرلمان الأوروبي، فهناك تؤخذ القرارات بالأكثرية.



بايرو يحقق نصف حلمه بتسميته رئيساً للحكومة الفرنسية

رئيس الحكومة الجديد فرنسوا بايرو (يمين) ورئيس الحكومة المغادر ميشال بارنييه بعد عملية التسلم والتسليم مساء الجمعة (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة الجديد فرنسوا بايرو (يمين) ورئيس الحكومة المغادر ميشال بارنييه بعد عملية التسلم والتسليم مساء الجمعة (أ.ف.ب)
TT

بايرو يحقق نصف حلمه بتسميته رئيساً للحكومة الفرنسية

رئيس الحكومة الجديد فرنسوا بايرو (يمين) ورئيس الحكومة المغادر ميشال بارنييه بعد عملية التسلم والتسليم مساء الجمعة (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة الجديد فرنسوا بايرو (يمين) ورئيس الحكومة المغادر ميشال بارنييه بعد عملية التسلم والتسليم مساء الجمعة (أ.ف.ب)

يدين إيمانويل ماكرون بالكثير لفرنسوا بايرو، السياسي المخضرم البالغ من العمر 73 عاماً، الذي اختاره أخيراً وبعد تردد شغل الإعلام والمعلقين طوال الأسبوع الماضي، لتشكيل الحكومة الجديدة. فمن دون بايرو ما كان ماكرون ليصبح في عام 2017 رئيساً للجمهورية. فقط دعم بايرو المتمترس دوماً وسط الخريطة السياسية؛ أي قريباً من تموضع ماكرون صاحب نظرية تخطي الأحزاب والعمل مع اليمين واليسار في وقت واحد؛ سمح للرئيس الحالي بأن يحقق قفزة من سبع نقاط في استطلاعات الرأي، وأن يتأهل للجولة الثانية (الحاسمة) ويفوز بها بفارق كبير عن منافسته مارين لوبن، زعيمة اليمين المتطرف.

ومنذ سبع سنوات، وقف بايرو، دوماً وبقوة، إلى جانب ماكرون في المحن. وبعد الانتخابات التشريعية الأخيرة، عندما انطلقت من اليسار المتشدد المطالبة باستقالة ماكرون من رئاسة الجمهورية، وجد الأخير في شخص بايرو السد المنيع والشخصية البارزة التي ساندته ودافعت عنه. كذلك، فإن بايرو، النائب والوزير السابق والرئيس الحالي لمدينة «بو» الواقعة غرب سلسلة جبال البيرينيه، سخّر حزبه «الحركة الديمقراطية» (اختصاره «موديم» بالفرنسية)، في خدمة ماكرون، وهو أحد الأحزاب الثلاثة الداعمة للرئيس. ولحزب بايرو بـ36 نائباً في البرلمان، حيث لا أكثرية مطلقة؛ ما يفسر سقوط حكومة سابقه ميشال بارنييه الأسبوع الماضي بعد ثلاثة أشهر فقط على رئاسته للحكومة، وهي أقصر مدة في تاريخ الجمهورية الخامسة.

ماكرون يوفّي ديناً قديماً لبايرو

ثمة قناعة جامعة وعابرة للأحزاب قوامها أن ماكرون أخطأ مرتين: الأولى، عندما حل البرلمان لأسباب لم يفهمها أحد حتى اليوم. والمرة الثانية عندما كلف بارنييه، القادم من مفوضية الاتحاد الأوروبي، بتشكيل الحكومة المستقيلة يمينية الهوى، في حين أن تحالف اليسار والخُضر حلّ في المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية؛ لذا اتُّهم ماكرون بـ«احتقار الديمقراطية»؛ لأنه لا يحترم نتائج الانتخابات، ولأنه يفضل التعامل مع اليمين التقليدي (حزب اليمين الجمهورية، وسابقاً الجمهوريون)، واليمين المتطرف (حزب التجمع الوطني بزعامة لوبن)، على الانفتاح على اليسار، لا بل إنه وضع حكومة بارنييه تحت رحمة لوبن التي ضمّت أصواتها إلى أصوات اليسار والخُضر لإسقاطه.

الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف فرنسوا بايرو في صورة تعود لشهر مارس 2022 خلال الحملة الرئاسية الأخيرة (أ.ف.ب)

وفهم ماكرون الدرس؛ لذا سعى إلى العثور على شخصية قادرة على اجتذاب الحزب الاشتراكي ونوابه، وربما الخُضر، وحتى الشيوعيين. وطيلة سبعة أيام، تواصلت مسرحية البحث عن «العصفور» النادر. طُرحت أسماء كثيرة قبل أن يقع الخيار على بايرو؛ منها برنار كازنوف آخر رئيس حكومة في العهد الاشتراكي، وسيباستيان لو كورنو وزير الدفاع، والوزير السابق جان إيف لودريان الذي اعتذر بسبب السن (73 عاماً)، ورولان ليسكور، وحتى احتمال المجيء بحكومة من التكنوقراط. وللوصول إلى نتيجة، أكثر ماكرون من المشاورات الفردية والجماعية.

والمسرحية المتأرجحة بين الهزلية والدرامية، كانت زيارته الخميس إلى بولندا وعودته سريعاً إلى باريس للوفاء بوعد إعلان اسم رئيس الحكومة العتيدة مساء الخميس. لكن الإعلان لم يأتِ، وظل المرشحون يتقلبون على نار القلق، حتى أعلن القصر الرئاسي أن الاسم سيصدر صباح الجمعة. ومنذ الصباح الباكر، تجمهرت وسائل الإعلام قبالة قصر الإليزيه، وامتدت الساعات ولم يخرج الدخان الأبيض إلا بعد ثلاث ساعات من خروج بايرو من الإليزيه عقب اجتماع مع ماكرون قارب الساعتين.

وذهبت وسائل إعلامية، ومنها صحيفة «لو موند» الرصينة، إلى إعلان أن ماكرون «لن يسمي بايرو». كذلك فعلت القناة الإخبارية «إل سي إي»؛ والسبب في ذلك معارضة رئيس الجمهورية اليميني الأسبق نيكولا ساركوزي هذه التسمية. ولهذه المعارضة قصة طويلة لا مجال لعرضها اليوم. واختصارها أن ساركوزي وبعض اليمين «حاقد» على بايرو الذي «خان» ساركوزي؛ لأنه دعا للتصويت لمنافسه الاشتراكي فرنسوا هولاند في عام 2012. وهذا يبين أن الحقد السياسي لا يُمحى بسهولة. ومن الروايات التي سارت في الساعات الأخيرة، أن ماكرون اتصل ببايرو لإخباره بأنه لن يسميه لتشكيل الحكومة، لكنه عدل عن ذلك لاحقاً، مخافة إغضابه والتوقف عن دعمه.

بايرو ترشح ثلاث مرات للرئاسة

بتكليفه تشكيل الحكومة، يكون بايرو قد حقق نصف حلمه الكبير، وهو أن يصبح يوماً رئيساً للجمهورية. فهذا السياسي الذي ولج الحياة السياسية في ثمانينات القرن الماضي، وكان نائباً في البرلمانين الفرنسي والأوروبي، ورئيساً لمدينة متوسطة (بو) ولمنطقتها، ووزيراً في عدة حكومات... ترشح للرئاسة ثلاث مرات وكاد يتأهل مرتين للجولة النهائية في عامي 2007 و2012، حيث حصل على أكثر من 18 في المائة من الأصوات، وانسحب في ترشحه الرابع. وتسلم، في أولى حكومات ماكرون في عام 2017، وزارة العدل. بيد أنه اضطر للاستقالة منها بعد أشهر قليلة بعد أن انطلقت فضيحة استخدام نواب حزبه في البرلمان الأوروبي الأموال الأوروبية لأغراض محض حزبية؛ ما حرمه من أي منصب حقيقي في السنوات السبع الماضية، إلا أن قضاء الدرجة الأولى سحب الدعوى لعدم توفر الأدلة. لكن المسألة نُقلت إلى محكمة الاستئناف. واللافت أن الاتهامات نفسها وُجّهت لمارين لوبن ولحزبها. وإذا تمت إدانتها، فإنها ستُحرم من الترشح لأي منصب انتخابي، ومن رئاسة الجمهورية تحديداً لمدة خمس سنوات.

مهمة مستحيلة؟

بارنييه وزوجته إيزابيل بعد عملية التسلم والتسليم في ماتينيون مساء الجمعة (إ.ب.أ)

وبعيداً عن الجوانب الشخصية، تعود تسمية بايرو لقدرته، على الأرجح، على التعامل مع اليمين واليسار معاً. ومهمته الأولى أن ينجح في تشكيل حكومة لا تسقط خلال أشهر قليلة، وأن تبقى على الأقل حتى الصيف القادم، وربما حتى نهاية ولاية ماكرون في عام 2027. وقالت رئيسة البرلمان يائيل براون ـ بيفيه، إن بايرو هو «رجل المرحلة السياسية التي نعيشها، ونحن بحاجة إلى رصّ الصفوف السياسية حول مشروع موحد».

من جانبه، ربط اليمين التقليدي مشاركته في الحكومة بطبيعة «المشروع» الذي يحمله بايرو، والمهم بالنسبة إليه «خريطة الطريق». بالمقابل، فإن حزب «معاً من أجل الجمهورية» (حزب ماكرون) أعرب عن تأييده لبايرو ووقوفه إلى جانبه، في حين قال بوريس بوالو، رئيس الكتلة البرلمانية للاشتراكيين: «لن ندخل الحكومة، وسنبقى في المعارضة». بيد أن الاشتراكيين تعهّدوا بعدم التصويت على سقوط الحكومة إذا امتنعت عن اللجوء إلى تمرير مشاريع قوانين، وعلى رأسها موازنة عام 2025، من غير تصويت. أما الخُضر، فربطوا سحب الثقة بتجاهل بايرو لمخاوفهم بشأن الضرائب والمعاشات، وهو ما عبّر عنه رئيس «التجمع الوطني» جوردان بارديلا الذي وعد بأنه «لن يحصل حجب ثقة مبدئياً»، لكن الظروف يمكن أن تتغير.

يبقى أن الرفض المطلق جاء من حزب «فرنسا الأبية» اليساري المتشدد الذي يقوده جان لوك ميلونشون، والذي أعلن كبار مسؤوليه أنهم سيسعون إلى إقالة بايرو في البرلمان، في أقرب فرصة.

وفي تصريح صحافي له، قال بايرو إن «هناك طريقاً يجب أن نجده يوحّد الناس بدلاً من أن يفرقهم. أعتقد أن المصالحة ضرورية». إنه طموح كبير بمواجهة تحديات أكبر، والأصعب أن ينجح في دفع أحزاب ذات توجهات ومطالب متناقضة إلى العمل معاً. صحيح أن العجائب غير موجودة في السياسة، ولكن من يدري؟!