«كوفيد-19» يلقي بثقله المأساوي على مستشفيات العاصمة الاقتصادية للهند

TT

«كوفيد-19» يلقي بثقله المأساوي على مستشفيات العاصمة الاقتصادية للهند

تمتلئ المشارح بالجثث إلى درجة أن بعضها ألقي في غرف المستشفى، فيما يضطر بعض المرضى لتَشارُك الأسرّة، ويشعر مقدمو الرعاية الصحية بالإنهاك، فيما يغرق نظام الرعاية الصحية في بومباي (مومباي)، العاصمة الاقتصادية للهند، تحت ثقل وباء «كوفيد-19».
ومع تسجيل نحو 17 ألف إصابة مؤكدة بفيروس كورونا المستجد، ما يمثل أكثر من ضعفَي عدد الإصابات في العاصمة نيودلهي، صارت بومباي التي تضم 18 مليون نسمة أكثر مدن الهند تضرراً من الوباء. ومع تسجيل 621 وفاة، يُخشى من تفاقم الوضع الحرج فيها.
يقول ديباك بايد، طبيب العناية المركزة الذي تطوع لتقديم المساعدة في مستشفى عام، إن «النظام يتعرض لضغوط هائلة، إنه يكاد ينفجر».
ويُظهر شريط فيديو مروِّع، راج كثيراً على الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام الهندية، حجم الأزمة التي تواجه المدينة الكبيرة حيث يتعايش المليارديرات ونجوم الكريكيت ونجوم بوليوود وسكان الأحياء الفقيرة. وتبدو في الشريط الذي صُوّر بهاتف خلوي في أحد المستشفيات العامة الرئيسية في بومباي، جثث أشخاص توفوا بـ«كوفيد-19» داخل أكياس بلاستيكية سوداء وقد تُركت في قاعة يعالَج فيها مرضى آخرون مصابون بالفيروس.
وبسبب امتلاء مشرحة المستشفى وخوف العائلات من استعادة جثامين أبنائها، أو استحالة القيام بذلك إذا كانت العائلات نفسها في الحجر الصحي، يقول الأطباء إن إفراغ المستشفى من جثث ضحايا الفيروس أصبح أمراً صعباً.
ونظراً لانشغال طاقم التمريض في مستشفى «لوكمانيا تيلاك» العام الكبير والنقص الهائل في عدد الممرضين، اضطر رافي إلى تغيير حفاضات والدته المحتضرة بنفسه.
وقال رافي البالغ من العمر 26 سنة وطلب استخدام اسم مستعار إن موظفي المستشفى «مرهقون ومتعبون»، ولديهم أحياناً ثلاثة مرضى في سرير واحد للعلاج. وأضاف: «إنهم يعطوننا الأدوية ويغادرون».
وبعد أن أصيب هو نفسه بالفيروس نجح في العثور على مستشفى يقبل به بعد أن رفضته أربع مؤسسات أخرى. وقال: «نحن نفتقر للبنية التحتية للتعامل مع هذا المرض».
وفي مارس (آذار)، استقبل مستشفى «لوكمانيا تيلاك» القريب من حي دارافي الفقير حالة واحدة أو حالتين مشتبه بهما في اليوم. وقال أديتيا بوري الطبيب المتدرب في المستشفى لوكالة الصحافة الفرنسية: «بدا أن كل شيء تحت السيطرة. ولكن بعد ذلك تغيّر الوضع تماماً».
ففي نهاية أبريل (نيسان) كان عليه وزملاءَه التعامل مع أعداد كبيرة من المرضى المتدفقين على المستشفى. وقال أديتيا، الذي لم يتقاض راتبه الشهري منذ بدء الحجر الوطني في نهاية مارس: «كنا نعاين 50 إلى 100 مريض يومياً. 80 في المائة منهم كانوا إيجابيين وكثيرون بحاجة للأوكسجين». وبعد أن أصيب العديد من زملائه بالفيروس، أقر بأنه يشعر حقاً بالخوف من الذهاب إلى العمل: «إذا حدث شيء لي، فمن سيهتم بي؟».
وقالت الطبيبة نيليما فايديا باماري إن نقص معدات الحماية يعني أن مقدمي الرعاية الصحية قد يحجمون عن القيام بمهمات قد تكون بسيطة في بعض الأحيان مثل تغيير الملاءات التي يستخدمها مصاب بكورونا.
وفي بومباي حالياً 4500 سرير مخصصة لمرضى «كوفيد-19» وتعمل المدينة على زيادتها. ويجري العمل على إنشاء مستشفى ميداني يحتوي على ألف سرير في منطقة تجارية، فيما أقيمت وحدات للعناية المركزة في بعض المدارس.
وقالت نيليما فايديا-باماري إن أزمة الوباء تسلط الضوء على المشكلات المزمنة التي يعانيها نظام الصحة العامة الهندي بسبب نقص التمويل، بدءاً من الطاقم الطبي المرهق تحت أعباء العمل الثقيلة إلى نقص منتجات أساسية مثل الصابون. والحال أن الحكومة الهندية تخصص أقل من 2 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي للإنفاق الصحي، وهو مستوى أقل بكثير من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأخرى.
وفي العام 2017، كان لدى الهند 0.7 طبيب لكل ألف نسمة، مقارنة بـ 1.8 في الصين و2.6 في الولايات المتحدة. وقالت فايديا-باماري: «تخرجت عام 1994 وكانت المستشفيات العامة مهملة تماما في ذلك الوقت. لماذا تطلب الأمر تفشي وباء لإيقاظ الناس؟».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».