المغرب يطلق منصة تفاعلية لـ«حرية الرأي والتعبير»

بهدف بحث آليات تقنين مواقع التواصل الاجتماعي

TT

المغرب يطلق منصة تفاعلية لـ«حرية الرأي والتعبير»

أطلق المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب، أول من أمس، منصة تفاعلية مع المختصين والمعنيين وعموم الرأي العام بشأن الحق في حرية الرأي والتعبير في الفضاء الرقمي، ستشكل الخلاصات الرئيسية للآراء والأفكار التي سيتم التعبير عنها من خلالها، إلى جانب مخرجات جلسات الحوار والتفكير التي سينظمها المجلس، كما ستشكل عناصر توجيهية خلال صياغة رأيه بخصوص تقنين منصات التواصل الاجتماعي.
وقالت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن إطلاق هذه المنصة «يأتي اعتباراً للدور الأساسي والمحوري لحرية الرأي والتعبير، وأهمية هذه الحرية في المجتمع الديمقراطي».
ويطمح المجلس من وراء هذه المنصة، التي تأتي تفعيلاً لتوصية تقريره السنوي عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2019 بـ«فتح نقاش عمومي ينخرط فيه جميع الفاعلين المعنيين، ويأخذ بعين الاعتبار التحولات المرتبطة بهذا الموضوع»، إلى جانب «المساهمة في نقاش عمومي حول كيفية مواجهة التحديات المرتبطة بضمان ممارسة الأشكال الجديدة لحرية الرأي والتعبير، والتفكير الجماعي في الأبعاد المتعلقة بأخلاقيات استعمال التكنولوجيا الرقمية، ووسائل التواصل الاجتماعي كأدوات لممارسة الحريات».
وشددت أرضية «المنصة التفاعلية بشأن حرية الرأي والتعبير في الفضاء الرقمي» على أنه بناءً على الاجتهادات الدولية بما فيها آليات الأمم المتحدة أو الإقليمية والاجتهادات القضائية، فإن كل تقييد للحريات يجب أن يتم على أساس «الشرعية»، و«التناسب»، وأن يظل مبدأ افتراض الحرية هو القاعدة، وأن يظل تقييد الحق هو الاستثناء، مع الإشارة إلى أن «المجتمع الذي يتمتع بحرياته لا يعني أنه لا يقيد ممارستها، بل يتعلق الأمر بالأحرى بوضع تجري فيه مناقشة حدود الحرية علانية، ويحسم الأمر بطريقة ديمقراطية في إطار دولة الحق والقانون».
كما تحدثت الأرضية أيضاً عن «عناصر لنموذج ناشئ للحريات»، مشيرةً إلى أنه مع تسارع وتيرة تطور شبكات التواصل الاجتماعي وتوسعها «أصبحت تشكل الفضاء الحاضن لحرية الرأي، والتعبير والتعابير العمومية الأخرى، التي تتبلور من خلالها مطالب أفراد أو مجموعات، حيث تبتدئ بالتداول الافتراضي لتصبح مطالب قائمة الذات، ثم تتطور إلى تعابير عمومية تخرج إلى الواقع لتسائل السياسة العمومية»، مع ملاحظة أنه رغم إيجابيات التكنولوجيات الحديثة، فإنها خلقت بالمقابل إشكاليات كبيرة، تطرح مواجهتها «تحديات غير مسبوقة»، تتمثل في «نشر الأخبار الزائفة، والتضليل والتحريض على الكراهية، والتمييز والعنف واستغلال الأطفال، وتجنيد الإرهابيين والدعاية لهم»، وذلك في ظل تسجيل ضعف ثقافة التحقق من الأخبار، وتراجع الثقة في وسائل الإعلام التقليدية وفي المؤسسات، بشكل «يزيد من صعوبة إقرار نوع من التوازن في تدبير مختلف أشكال التعبير العمومي، بما يضمن التمتع بالحقوق، وممارسة الحريات العامة المكفولة ويقي من كل انزلاق أو تجاوز، سواء من جانب السلطات أو من جانب مستعملي هذه الأشكال»، وهو ما قد يهدد المكتسبات ويمس بالحقوق أو الحريات. وأوضحت الأرضية أن إطلاق هذه المنصة، الذي يستند إلى أسس دستورية ومعايير دولية تحمي الحق في حرية الرأي والتعبير، بشكل عام، وفي الفضاء الرقمي بشكل خاص، يستحضر تقارير مقرر الأمم المتحدة الخاص، المعنيّ بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والإعلانات المشتركة لآلية المقررين الخاصين، وأصحاب الولايات المعنيين بالحق في حرية التعبير، واجتهادات الآليات الإقليمية، التي تكرس حماية الحق في حرية التعبير على الإنترنت.
وختمت الأرضية بالتشديد على أنه «لكي تحقق هذه المنصة أهدافها... فإن المجلس يقترح تأطير النقاش انطلاقاً من جملة أسئلة غير حصرية، من قبيل: هل هناك حاجة إلى تدخل المشرع لتقييد ممارسة حرية التعبير في الفضاء الرقمي في الوقت الراهن؟»، و«كيف يمكن تحقيق التوازن المطلوب بين حماية حرية التعبير في الفضاء الرقمي من جهة، وبين حماية الحق في الحياة الخاصة ومحاربة الأخبار الزائفة والتضليل، وغيرها من ضروب الاستعمال السيئ لوسائل التواصل الاجتماعي؟»، و«هل يجب أن تستهدف عملية التقييد مقدمي الخدمات، أم مستعملي وسائط التواصل في الفضاء الرقمي؟»، و«كيف يمكن التوفيق بين الحاجة إلى تقييد الحرية لدواعي مرتبطة بالأمن القومي، أو النظام العام، أو الصحة العامة أو الآداب العامة، وبين متطلبات بناء دولة الحقوق والحريات في نظام ديمقراطي ناشئ؟»، و«ما عناصر تجريم التحريض على الكراهية والعنف والعنصرية والتمييز؟».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».