«الصحة العالمية» ترجّح تحول «كوفيد ـ 19» إلى فيروس مستوطن

«سانوفي» تفجّر جدلاً حول اللقاح... وتحذير أممي من التداعيات العقلية للوباء

باحث يتفقد نتيجة لقاح تجريبي على خلايا قرد ببكين قبل أسبوعين (أ.ف.ب)
باحث يتفقد نتيجة لقاح تجريبي على خلايا قرد ببكين قبل أسبوعين (أ.ف.ب)
TT

«الصحة العالمية» ترجّح تحول «كوفيد ـ 19» إلى فيروس مستوطن

باحث يتفقد نتيجة لقاح تجريبي على خلايا قرد ببكين قبل أسبوعين (أ.ف.ب)
باحث يتفقد نتيجة لقاح تجريبي على خلايا قرد ببكين قبل أسبوعين (أ.ف.ب)

يرى خبراء أوروبيون أن لقاحاً ضد فيروس «كورونا» المستجدّ قد يكون جاهزاً خلال سنة، في سيناريو يقدّمونه على أنه متفائل ولن يقضي بالضرورة على المرض الذي أودى بحياة قرابة 300 ألف شخص في العالم.
وحذّرت منظمة الصحة العالمية من أن «هذا الفيروس قد يصبح مستوطنا» في مجتمعاتنا مثل فيروس (إتش آي في) المسبب لمرض الإيدز، وقد لا يختفي أبدا حتى بعد اكتشاف لقاح له، محذرة من أي محاولة للتنبؤ بالوقت الذي سيستمر فيه انتشاره، ودعت إلى بذل «جهود هائلة» لمكافحته.
وقال مايك ريان المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ بالمنظمة في إفادة صحافية عبر الإنترنت مساء الأربعاء: «من المهم أن نطرح هذا الكلام: هذا الفيروس قد يصبح مجرد فيروس آخر متوطن في مجتمعاتنا، قد لا يختفي هذا الفيروس أبدا». وأضاف «أرى أنه من الضروري أن نكون واقعيين، ولا أتصور أن بوسع أي شخص التنبؤ بموعد اختفاء هذا المرض. أرى أنه لا وعود بهذا الشأن وليست هناك تواريخ. هذا المرض قد يستقر ليصبح مشكلة طويلة الأمد، وقد لا يكون كذلك». ومع ذلك، قال راين إن العالم حقق بعض السيطرة بشأن كيفية تعامله مع المرض، لكن الأمر سيتطلب «جهودا هائلة» حتى لو تم التوصل إلى لقاح، وهو احتمال وصفه بأنه سيكون «إنجازا كبيرا»، كما نقلت وكالة «رويترز».
وهناك حالياً أكثر من مائة مشروع في العالم، وأكثر من عشر تجارب سريرية للقاح أو علاج لمحاولة إيجاد علاج ضد المرض الذي ظهر في مدينة ووهان الصينية في ديسمبر (كانون الأول)، وأودى بحياة 297259 شخصاً في العالم، وأصاب 4362090 شخصاً، وفق تعداد وكالة الصحافة الفرنسية.
ولا يخلو هذا السباق الطبي من التوترات. فقد اتّهم مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» الأربعاء قراصنة إلكترونيين، بالإضافة إلى باحثين وطلاب مقربين من الصين، بسرقة معلومات لمعاهد جامعية ومختبرات عامة. وردّت الصين أمس، فاتّهمت الولايات المتحدة بـ«التشهير بها».
من ناحية أخرى، أثارت تصريحات لمجموعة سانوفي للصناعات الدوائية عن إعطاء الأولوية في توزيع اللقاحات للولايات المتحدة استياء الأوساط السياسية الفرنسية بما فيها الحكومة، لأن هذا البلد استثمر ماليا لدعم أبحاث الشركة. وقال المدير العام لـ«سانوفي» بول هادسن إن التوزيع المبكر سيكون قبل بضعة أيام أو أسابيع. كما دعت سانوفي الاتحاد الأوروبي إلى «تحمّل مسؤولياته»، عبر مطالبته بأن يكون «فعّالاً» بقدر فاعلية الولايات المتحدة. وأكدت سكرتيرة الدولة للاقتصاد أنييس بانييه روناشير في تصريح إذاعي أن إعطاء الأولوية للولايات المتحدة سيكون «غير مقبول».
وبعد ذلك بساعات، اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنّ اللقاح المحتمل لوباء «كوفيد - 19» لا يجب أن يخضع «لقوانين السوق». وقال قصر الإليزيه إنّ تصريحات مجموعة «سانوفي» أثارت «صدمة كل الذين يعملون (على مكافحة الفيروس) من بينهم الرئيس»، الذي سيلتقي مسؤولين من سانوفي مطلع الأسبوع المقبل. وأضاف أن «الجهود المبذولة في الأشهر الأخيرة تبيّن أنه من الضروري أن يكون هذا اللقاح سلعة عامة عالمية، وألا يخضع لقوانين السوق»، مشدداً على أهمية الحفاظ على «الجهود الكبيرة والمتعددة، للتوصل إلى بناء مع جهات فاعلة متعددة الأطراف، استجابةً مشتركة ومنسقة» للوباء. وأشار الإليزيه إلى أن ماكرون سيتحدث مطلع الأسبوع المقبل مع مسؤولين في المجموعة العملاقة، مضيفاً أنه «من المهم مواصلة التقدّم مع سانوفي».
من جهته، أكّد رئيس الوزراء إدوار فيليب الذي تواصل، أمس، مع رئيس مجلس إدارة سانوفي سيرج وينبرغ، أن «الوصول العادل للجميع إلى اللقاح أمر غير قابل للتفاوض». فيما شددت المفوضية الأوروبية على أن «اللقاح ضد (كوفيد - 19) يجب أن يكون للفائدة العامة والحصول عليه يجب أن يكون عادلا وشاملا». أما منظمة «أوكسفام» غير الحكومية، فقلت إن هذه معلومات «فاضحة ببساطة»، وانتقدت «الدوافع المالية والسعي وراء الأرباح».
وفي الوقت الذي يسابق العالم للتوصل إلى لقاح ويتعايش مع الوباء قدر الإمكان، أطلقت الأمم المتحدة تحذيرا من أن «كوفيد - 19» قد يثير أزمة عالمية كبرى في مجال الصحة العقلية. وكان التركيز الأكبر على حماية الصحة الجسدية خلال الأشهر الأولى من الأزمة، إلا أنها تضع أيضا ضغوطا ذهنية هائلة على عدد كبير من سكان العالم. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال رسالة عبر الفيديو «بعد عقود من الإهمال وقلة الاستثمار في خدمات الصحة العقلية، فإن وباء (كوفيد - 19) يثقل الآن كاهل العائلات والمجتمعات بضغوط نفسية إضافية». وأضاف «حتى عندما تتم السيطرة على الوباء، سيواصل الحزن والقلق والاكتئاب التأثير على الأشخاص والمجتمعات». وسلّط تقرير الأمم المتحدة الضوء على الضغوط النفسية التي يعاني منها الأشخاص الذين يخشون من أنهم أو أحباءهم سيصابون أو يموتون بالفيروس.
وأشار أيضا إلى التأثير النفسي على أعداد كبيرة من الأشخاص الذين فقدوا عملهم أو أنهم معرضون لفقدانه، وانفصلوا عن أحبائهم أو عانوا من تدابير الإغلاق الصارمة، كم نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقالت ديفورا كيستيل رئيسة قسم الصحة العقلية وتعاطي المخدرات في منظمة الصحة العالمية خلال مؤتمر صحافي عبر الإنترنت: «نحن نعلم أن الأوضاع الحالية والخوف وحالة عدم اليقين والاضطراب الاقتصادي، قد تسبب ضائقة نفسية». وتابعت كيستيل أن العاملين في مجال الرعاية الصحية والمستجيبين الأوائل الذين يعملون تحت «ضغوط هائلة»، معرضون أكثر من غيرهم للخطر. وتواجه مجموعات أخرى تحديات نفسية سببتها الأزمة أيضا، مثل التلاميذ المتوقفين عن الدراسة والذين يواجهون حالة من عدم اليقين والقلق إضافة إلى النساء اللواتي يواجهن خطرا متزايدا من التعرض للعنف المنزلي. كذلك، يواجه المسنون والأشخاص الذين يعانون من مشكلات نفسية والذين يعتبرون معرضين بشكل خاص لخطر الإصابة بالفيروس، ضغطا متزايدا من خطر العدوى.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.