السودان خارج القائمة الأميركية لـ«الدول غير المتعاونة» في مكافحة الإرهاب

السودان خارج القائمة الأميركية لـ«الدول غير المتعاونة» في مكافحة الإرهاب
TT

السودان خارج القائمة الأميركية لـ«الدول غير المتعاونة» في مكافحة الإرهاب

السودان خارج القائمة الأميركية لـ«الدول غير المتعاونة» في مكافحة الإرهاب

خلت قائمة الدول غير المتعاونة مع الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب التي أصدرتها الخارجية الأميركية، مساء الأربعاء، من اسم السودان لأول مرة، منذ عام 1993، تاريخ إدراج هذا البلد في القائمة، في تطور لافت اعتبره محللون وخبراء خطوة مهمة لإخراج السودان من قائمة الإرهاب بشكل كامل، وتأكيد على إمكانية عودة الخرطوم مرة أخرى إلى الأسرة الدولية، مما سيكون له الأثر البالغ في تحسين الاقتصاد، ونهوض البلاد من كبوتها السياسية والاقتصادية الطويلة.
وكان السودان قد تضرر من إدراجه على هذا القائمة، واعتباره من الدول الراعية للإرهاب، إلا أن العلاقات تحسنت من خلال المحادثات التي أجراها رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك مع المسؤولين الأميركيين خلال العام الماضي. وحصل حمدوك على وعود من مسؤولي الخارجية والخزانة والدفاع، وقيادات الكونغرس الأميركي، برفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
يقول علي فيرجي، الباحث بمعهد الولايات المتحدة للسلام، والمتخصص في سياسات شرق أفريقيا، إن حكومة حمدوك وشريحة عريضة من المجتمع المدني السوداني تسعى منذ فترة إلى إقناع الحكومة الأميركية برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، باعتباره الحل لعلاج الانهيار الاقتصادي في السودان، والمضي قدماً نحو إرساء الديمقراطية. وهناك تفاؤل كبير بإمكانية حدوث ذلك في وقت قريب.
وأوضح الباحث أن هناك كثيراً من الخطوات المنهجية المتعددة الواجب القيام بها، من كل من السودان والولايات المتحدة، لرفع السودان من القائمة، ومنها الحاجة إلى تسوية تفاوضية مع أسر ضحايا الهجمات الإرهابية. وقد أشار عبد الله حمدوك في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إلى أن حكومته تقبل المسؤولية عن تصرفات الحكومة السابقة، وتعمل على إبرام اتفاقيات مع أسر القتلى في تفجيرات السفارة الأميركية في كينيا وتنزانيا عام 1998، وكذلك تفجير المدمرة «يو إس إس كول» عام 2000، «ومن هنا يمكن أن تبدأ عملية رفع اسم السودان من القائمة».
وأضاف: «يتطلب الأمر من حكومة الولايات المتحدة إجراء تقييم متعمق حول ما إذا كان السودان أنهى كل علاقاته بدعم الإرهاب، وتقديم هذا التقييم إلى الكونغرس، مع توصية برفع اسم السودان من القائمة، ويبقي أمام الكونغرس 45 يوماً لإقرار ذلك».
ويؤكد الباحث أن رفع السودان من قائمة الدول غير المتعاونة مع الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب، إضافة إلى خطوات أخرى، كلها تمضي قدماً في مجال الرفع الكامل من قائمة الإرهاب، وتظهر علامات على ذوبان الجليد بين واشنطن والخرطوم. وتابع: «لقد تحسنت العلاقات الاقتصادية بالفعل بين الجانبين، بتوقيع اتفاقية في ديسمبر 2019 تمنح بنك (النيلين) ومقره الخرطوم إمكانية الوصول إلى أنظمة الخدمات المصرفية... كما تحسنت العلاقات الدبلوماسية باتفاق البلدين على تبادل السفراء لأول مرة منذ 23 عاماً».
ويوضح الباحث أن وزارة الخزانة الأميركية أزالت القيود على الاستثمار والتعاملات المصرفية، عندما رفعت الولايات المتحدة عقوباتها الشاملة ضد السودان عام 2017، ولذا ليس هناك قيود على الحصول على المساعدات الخارجية الأميركية للسودان.
ويعترض فيرجي على اعتبار رفع السودان من قائمة الإرهاب هو العائق الوحيد لتخفيف عبء الديون على السودان، ويقول: «إدراج اسم السودان على قائمة الإرهاب يمنع الولايات المتحدة من التصويت لصالح حصول السودان على حزم مساعدات وقروض وتمويل متعدد الأطراف من صندوق النقد الدولي؛ لكنه لا يمنع أي دولة أو مجموعة دول من تقديم المساعدة، ويجب الأخذ في الاعتبار أنه حينما ترفع الولايات المتحدة اسم السودان من تصنيف الإرهاب، فإن سياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بشأن المتأخرات ستحول دون إقراض السودان».
ويحذر الباحث من الاندفاع وراء فكرة أن رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب سيؤدي إلى تحسن اقتصادي بشكل فوري، ويقول: «لكي تحدث زيادة في الاستثمار الأجنبي يحتاج السودان إلى تنفيذ إصلاحات حاسمة؛ خصوصاً داخل القطاع المصرفي، ومكافحة غسل الأموال، ووقف تضارب المصالح داخل المصارف التي لا تزال مملوكة لشركات تسيطر عليها قوات الأمن وأعضاء سابقون في الدائرة الداخلية للرئيس السابق عمر البشير، وكبار أعضاء القوات العسكرية والأمنية». ويؤكد أن تنفيذ قوانين مكافحة غسل الأموال، وإصلاحات الرقابة المصرفية ستشجع الاستثمار الأجنبي.
وتقول آشلي كواركو، الباحثة في «مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي» التي قادت الاستراتيجية الأميركية لعمليات السلام التابعة للأمم المتحدة في السودان، إن كل الخطوات الإصلاحية في الداخل، وتحسن العلاقات مع الولايات المتحدة والغرب بصفة عامة، تمهد الطريق إلى نهضة اقتصادية وسياسية في السودان، لذا فهي أحد أسباب التقارب الأميركي مع السودان وتبادل السفراء.
وتضيف: «من شأن خطوة رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، أن تخلص الخرطوم من القيود والعزلة الدولية. وتسمح لها بالحصول على القروض والاستثمارات الأجنبية التي تشتد الحاجة إليها. وستسمح للشركات الأميركية بالقيام بالاستثمار مع نظيراتها من الشركات السودانية، وبالتالي تعزيز الاقتصاد، وهذا أيضاً من شأنه أن يؤكد للشعب السوداني فوائد الانتقال إلى الحكم الديمقراطي».
وقد ضمت القائمة كلاً من إيران وكوريا الشمالية وسوريا وفنزويلا وكوبا، باعتبارهم دولاً لا تتعاون بشكل كامل مع جهود الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب. وضمت القائمة كوبا لأول مرة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».