إيران تسحب «تكتيكياً» ميليشياتها من سوريا... من دون تغيير إستراتيجي

سلمت مواقعها لتنظيمات محلية بإشراف روسي

دورية عسكرية روسية تمر قرب عربة أميركية شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
دورية عسكرية روسية تمر قرب عربة أميركية شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
TT

إيران تسحب «تكتيكياً» ميليشياتها من سوريا... من دون تغيير إستراتيجي

دورية عسكرية روسية تمر قرب عربة أميركية شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
دورية عسكرية روسية تمر قرب عربة أميركية شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

كثفت إيران في الأيام الأخيرة عمليات إعادة تموضع ميليشياتها في مناطق مختلفة من الأراضي السورية من دمشق جنوباً إلى دير الزور شرقا، بما في ذلك عبور بعضها إلى غرب العراق، وسط اعتقاد مسؤولين غربيين أن هذه «التحركات تكتيكية ولا تدل على تغير الموقف الاستراتيجي لإيران في سوريا».
وقال مسؤول غربي لـ«الشرق الأوسط»، إن الانسحاب التكتيكي يعود إلى جملة أسباب، هي: «الأزمة الاقتصادية الإيرانية، والقواعد التي فرضها وباء (كورونا)، وتطورات وضع العراق لجهة التوتر مع أميركا أو ظهور (داعش) غربا، والغارات الإسرائيلية التي تكثفت في الفترة الأخيرة، وتراجع حدة القتال في بعض المناطق السورية، والضغوط الروسية»، لافتا إلى أنه في بعض الحالات تقوم ميليشيات إيران الأجنبية بتسليم مواقعها إلى ميليشيات سورية تابعة لطهران «بحيث إن الوضع يشبه ما حصل في جنوب سوريا بعد الاتفاق الأميركي - الروسي الذي قضى بخروج القوات غير السورية بعمق وصل إلى 80 كلم من حدود الأردن وخط فك الاشتباك في الجولان» السوري المحتل مع إسرائيل.

- إعادة انتشار
أفادت شبكة «دير الزور 24» المحلية أمس، بأن عناصر من تنظيمي «فاطميون» و«313» نقلوا السبت الماضي من جنوب دير الزور والميادين، حيث عاد «فاطميون» إلى المقر الرئيسي في مدينة تدمر، بينما نُقل الآخرون إلى مركزهم الرئيسي في «السيدة زينب» جنوب دمشق. وقالت الشبكة: «تم نقلهم في حافلات مدنية من دون أسلحة، وكان معظمهم من الجنسية الأفغانية وتم استبدالهم من خلال عناصر محليين».
وشهدت الأيام الأخيرة منطقة «السيدة زينب» توترا بين القوات السورية وتنظيمات إيرانية جنوب العاصمة على خلفية قرار الحكومة عزل المنطقة، معقل الموالين لطهران، تحسبا لانتشار الوباء. وتنتشر قوات إيرانية وأخرى عراقية داعمة لدمشق في منطقة واسعة في ريف دير الزور الشرقي خصوصاً بين مدينتي البوكمال الحدودية والميادين، كما تسيطر على معبر البوكمال الحدودي مع العراق.
من جهته، قال موقع «جسر» السوري، إن عمليات التسليم والتسلم في المواقع والحواجز الإيرانية في دير الزور تمت بإشراف الشرطة العسكرية الروسية، حيث «تسلمت الحواجز والمقرات الإيرانية كل من ميليشيات القاطرجي (التابعة لمجموعة القاطرجي السورية) في دير الزور، التي يديرها فواز البشير، أحد قادة قبيلة البكارة، ومفارز من لواء القدس، الذي تشرف عليه شركة فاغنر الأمنية الروسية».
وأضاف «جسر» أن عمليات الانسحاب «تمت على الشريط المأهول المحاذي لنهر الفرات، وبدأت من دير الزور، واتجهت شرقاً باتجاه الحدود العراقية، حيث تم استلام مقرات على مسافة 70 كلم من دير الزور باتجاه الشرق، ليتبقى نحو 70 كلم أخرى تحت سيطرة الميليشيات الإيرانية، خصوصاً في البوكمال، ولا تزال عمليات الاستبدال جارية».
وكان قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني، الذي اغتالته واشنطن بداية العام، أشرف على فتح معبر البوكمال ليكون المعبر البري البديل من إيران عبر العراق إلى سوريا والبحر المتوسط، بعدما قطع الجيش الأميركي الطريق القديم بعد سيطرته على قاعدة التنف في زاوية الحدود السورية - الأردنية - العراقية.
في المقابل، جاءت من دمشق مجموعات وتوقف عناصرها في «معسكر طلائع البعث» غرب دير الزور، حيث يعتقد أن وجهتهم هي معبر البوكمال الحدودي ومنه إلى العراق، حسب مصادر محلية. وأشارت إلى أن العناصر السورية في تنظيمات أخرى تابعة لإيران في حلب، بدأت بالانتقال إلى فصائل عسكرية تابعة لروسيا ملحقة بـ«الفيلق الخامس»، حيث يتم تجنيد وإعادة تأهيل هؤلاء المقاتلين في مركز التدريب الروسي الخاص في بلدة جبرين قرب مطار النيرب في حلب شمال سوريا.

- الموقف الإسرائيلي
في 5 مايو (أيار)، أعلن مسؤولون إسرائيليون أن إيران بدأت بـ«سحب قواتها» من سوريا بسبب القصف الإسرائيلي. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بينيت، الذي خسر منصبه في الحكومة الجديدة: «إيران لا شأن لها في سوريا، ولن نتوقّف قبل أن يغادروا (الإيرانيون) سوريا». وأضاف أن إيران «دخلت» سوريا في إطار الحرب الدائرة في هذا البلد منذ 2011 وتسعى إلى «ترسيخ» مكان لها على الحدود الإسرائيلية من أجل «تهديد» مدن مثل «تلّ أبيب والقدس وحيفا». وتابع: «لقد أصبحت إيران عبئاً. في السابق كان (الإيرانيون) مصدر قوة للسوريين، فقد ساعدوا (الرئيس بشار) الأسد ضدّ (داعش)، لكنّهم أصبحوا عبئاً».
جاء كلامه بعد مقتل 14 مقاتلاً من القوات الإيرانية والمجموعات العراقية الموالية في غارات استهدفت مواقع في محافظة دير الزور، بالتزامن مع قصف إسرائيلي استهدف مستودعات عسكرية في منطقة السفيرة في محافظة حلب شمالاً.
وفي نهاية الشهر الماضي، قتل ثلاثة مدنيين جراء غارات إسرائيلية قرب دمشق، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي السوري. وقبل أسبوع من تلك الغارات، قتل تسعة عناصر من مجموعات موالية لقوات النظام وإيران جراء قصف إسرائيلي أيضاً استهدف منطقة تدمر في وسط البلاد.
وفي السنوات الأخيرة، وضعت إسرائيل «خطوطا حمراء» في سوريا، هي: منع نقل صواريخ إلى «حزب الله»، ومنع إقامة طهران قواعد عسكرية ثابتة في سوريا، وعدم إقامة مصانع لتطوير صواريخ طويلة المدى، ومنع تشكيل «خلايا» في الجولان. وشنت مئات الغارات من دون أن تعترضها منظومات الصواريخ الروسية، «إس 400» و«إس 300» و«إس 300 المعدل»، الموجودة في سوريا.

- الموقف الأميركي
قال المبعوث الأميركي إلى سوريا جيمس جيفري في حديث إلى «الشرق الأوسط» الأسبوع الماضي إن بلاده «تقدم كل الدعم الممكن» لإسرائيل في غاراتها في سوريا. وهناك اعتقاد واسع أن قاعدة التنف الأميركية تقدم دعما استخباراتيا ولوجيستيا لإسرائيل. كما قال جيفري إن على جميع القوات الأجنبية بما فيها الإيرانية الخروج من سوريا، لافتا إلى أن روسيا مستثناة من ذلك لأنها موجودة قبل 2011.
وأكد مسؤولون غربيون لـ«الشرق الأوسط» أمس، وجود تغيير في التحركات الإيرانية في سوريا. وقال جيفري: «شهدنا نوعا من النزوح التكتيكي للقوات الإيرانية داخل سوريا، ويرجع جزء من ذلك إلى أنهم لا يحتاجون إلى أعداد كبيرة من القوات البرية على الأرض هناك، فضلا عن التكاليف المالية الباهظة لاستمرار انتشار القوات في ظل العقوبات الاقتصادية المستمرة من الولايات المتحدة، ناهيك عن الضغوط المالية الهائلة التي فرضها انتشار وباء (كورونا) على الحكومة الإيرانية. غير أن هذه قد تكون مجرد إجراءات ذات طبيعة تكتيكية فحسب».
ويجري مسؤولون أميركيون وإقليميون في دول مجاورة لسوريا، مشاورات لتقييم التحولات الجارية في الموقف الإيراني في سوريا، وإن كان الاعتقاد الأولي أنها «ذات طبيعة تكتيكية استجابة لضغوط داخلية وخارجية، لم تصل بعد إلى التغيير الاستراتيجي».



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.