الإرهاب في أوروبا لا يعرف الحجر أو العزل

الإرهاب في أوروبا لا يعرف الحجر أو العزل
TT

الإرهاب في أوروبا لا يعرف الحجر أو العزل

الإرهاب في أوروبا لا يعرف الحجر أو العزل

تتخوف الأجهزة الأمنية الغربية من عودة «داعش» إلى الواجهة مجدداً في سوريا والعراق، ومن استفاقة الخلايا النائمة، خصوصاً امتداداتها داخل الدول الأوروبية التي عانت في السنوات الأخيرة كثيراً من الإرهاب المرتبط بتنظيمات خارج الحدود. وما زالت غالبية البلدان الأوروبية تعد أن التهديد الإرهابي قائم، على الرغم من تراجعه في العامين الأخيرين، علماً بأن ثمة عمليات إرهابية حصلت بالفعل، ومخططات نجحت الأجهزة الأمنية في تعطيلها قبل أن تنفذ، وهي تعد بالعشرات.
ومع وباء «كورونا»، أو من دونه، ما زال «داعش» جزءاً من المشهد الأمني الأوروبي، وخطره يطل برأسه بين الحين والآخر. وآخر ما خبرته ألمانيا وفرنسا، في الأسابيع القليلة الماضية، أبلغ دليل على ذلك.
منتصف أبريل (نيسان) الماضي، نفذت الشرطة الألمانية عمليات دهم مكثفة في عدة مدن من مقاطعة رينانيا - وستفاليا الشمالية الواقعة غرب البلاد، وعلى رأسها مدينة أيسين. ونتيجتها كانت القبض على أربعة مواطنين من طاجيكستان. والشبكة تضم خامساً من الجنسية نفسها تم القبض عليه قبل عام، ووضع في السجن الاحترازي. والمجموعة كانت تخطط لضرب مصالح عسكرية أميركية على الأراضي الألمانية، ولكن أيضاً استهداف أصوات مسلمة مناهضة للأصولية والتطرف.
وأكدت المصادر الأمنية الألمانية أن المجموعة كانت على تواصل مع مسؤولين مهمين من تنظيم «داعش» في سوريا وأفغانستان كانا يصدران إليها الأوامر. وبحسب المصادر نفسها، فإن المجموعة شكلت خلية تابعة لـ«داعش» بداية عام 2019، وهدفها الأساسي كان التوجه الى طاجيكستان للمشاركة في الحرب ضد القوات الحكومية. لكن فشل المشروع دفعها للتركيز على المصالح الأميركية في ألمانيا. ولهذا الغرض نجحت في الحصول على «أسلحة»، وعلى المكونات الضرورية لتحضير متفجرات، كما عمدت إلى جمع الأموال في ألمانيا، وإرسالها إلى التنظيم عبر تركيا. وفي السنوات الأخيرة، تبنى «داعش» ما لا يقل عن 5 عمليات أو محاولات إرهابية انغمس فيها أجانب من تونس وسوريا وأفغانستان وصلوا الى ألمانيا مع موجة اللجوء الكبرى في عام 2015.
وتعد الأجهزة الألمانية أن الخطر الإرهابي محلي المصدر، وأن بيئته تضم ما لا يقل عن 11 ألف راديكالي، بينهم 680 شخصاً بالغي الخطورة، ولا يستبعد لجوؤهم إلى العنف. ومن بين هؤلاء لاجئون وصلوا حديثاً الى ألمانيا. وفي الأشهر الماضية، أكد المكتب الفيدرالي للشرطة الجنائية أن ما لا يقل عن 9 خطط إرهابية خطيرة تم تعطيلها منذ أواخر عام 2016 الذي شهد أخطر عملية إرهابية مرتبطة بـ«داعش» في ألمانيا، وهي عملية الدهس في برلين (أوقعت 12 قتيلاً وعشرات الجرحى).
وتكمن أهمية ما حصل في ألمانيا في وجود رابط موثوق على قدرة «داعش» على الاستمرار في تنظيم عمليات إرهابية على التراب الأوروبي، لكن هذا الرابط ليس واضحاً في ما عرفته فرنسا منذ وصول وباء «كوفيد-19» إلى أراضيها، وتمثل بعمليتين إرهابيتين، آخرهما تلك التي حصلت في مدينة كولومب الواقعة على مدخل باريس الشمالي، في 27 أبريل (نيسان) الماضي. فقد أقدم المدعو يوسف طحلة، المولود في فرنسا، على مهاجمة مجموعة من رجال الشرطة كانت تراقب السير في إطار الحجر الذي كان مفروضاً على البلاد، موقعاً جريحين، أحدهما أصيب إصابة خطيرة بالرأس. وعند تفتيش السيارة، عثر المحققون على سكين ورسالة مكتوبة بخط اليد يعلن فيها الجاني تبعيته لتنظيم «داعش». وجاء هذا الهجوم بعد الذي عرفته مدينة رومان سور إيزير (جنوب شرقي فرنسا) في 4 أبريل (نيسان)، وقام به مواطن سوداني اسمه عبدالله أحمد عثمان، وصل لاجئاً إلى فرنسا في عام 2016. وصبيحة ذاك اليوم، نزل إلى الشارع الذي يقيم فيه حاملاً سكيناً، فقتل شخصين، وأوقع 5 جرحى، وسمع يصيح «الله أكبر» خلال جريمته، وعثر في مكان إقامته على كتابات وصفها المحققون بـ«الدينية».
وفي الحالتين، لم يضع المحققون اليد على أدلة تثبت وجود علاقة مباشرة بين هذين الشخصين وأي تنظيم إرهابي خارجي. وفي أي حال، فقد عمد القضاء المتخصص بشؤون الإرهاب إلى توجيه اتهامات للشخصين بارتكاب عمليات قتل أو محاولات قتل ذات علاقة بتنظيم إرهابي. لكن غياب العلاقة المباشرة في زمن ضمور «داعش» لا يعني أن تأثير التنظيم الآيديولوجي قد تلاشى، كما لا يعني زوال ما يسمى «الخلايا النائمة» أو «الذئاب المنفردة». ولأنها كذلك، فإن تعطيلها بالغ الصعوبة. ومنذ عام 2015، أوقع الإرهاب 258 قتيلاً ومئات الجرحى في فرنسا. وتبين الوثائق الرسمية وجود ما لا يقل 10500 اسم على اللوائح الأمنية التي يشكل أصحابها خطراً على أمن البلاد.


مقالات ذات صلة

إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

العالم إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

قضت محكمة إسبانية، الجمعة، بالسجن 10 سنوات على زعيم خلية «إرهابية» نشطت في برشلونة، و8 سنوات على 3 آخرين بتهمة التخطيط لهجمات ضد أهداف روسية في المدينة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وذكرت «المحكمة الوطنية» في مدريد، في بيان، أنها أدانت «4 أعضاء في خلية إرهابية متطرفة مقرُّها برشلونة، حدّدوا أهدافاً روسية لتنفيذ هجمات ضدَّها في عاصمة كاتالونيا بشمال شرقي إسبانيا. وأضافت المحكمة، المسؤولة خصيصاً عن قضايا «الإرهاب»، أنها برّأت شخصين آخرين. وجاء، في البيان، أن زعيم الخلية «بدأ تحديد الأهداف المحتملة، ولا سيما المصالح الروسية في عاصمة كاتالونيا، وأنه كان في انتظار الحصول على موادّ حربية». وأوض

«الشرق الأوسط» (مدريد)
العالم اعتقال سوري بتهمة التخطيط لهجمات في ألمانيا

اعتقال سوري بتهمة التخطيط لهجمات في ألمانيا

أعلنت السلطات الألمانية، الثلاثاء، القبض على سوري، 28 عاماً، في هامبورغ للاشتباه في تخطيطه شن هجوم ارهابي. وأعلن المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية، والمكتب الإقليمي للشرطة الجنائية في ولاية هامبورغ، ومكتب المدعي العام في الولاية أنه يُشتبه أيضاً في أن شقيق المتهم الذي يصغره بأربع سنوات، ويعيش في مدينة كمبتن ساعده في التخطيط. ووفق البيانات، فقد خطط الشقيقان لشن هجوم على أهداف مدنية بحزام ناسف قاما بصنعه.

«الشرق الأوسط» (هامبورغ)
العالم هولندا تُدين أربع نساء أعادتهن من سوريا بتهمة الإرهاب

هولندا تُدين أربع نساء أعادتهن من سوريا بتهمة الإرهاب

حكمت محكمة هولندية، اليوم (الخميس)، على أربع نساء، أعادتهنّ الحكومة العام الماضي من مخيّم للاجئين في سوريا، بالسجن لفترات تصل إلى ثلاث سنوات بعد إدانتهنّ بتهم تتعلق بالإرهاب. وفي فبراير (شباط) 2022 وصلت خمس نساء و11 طفلاً إلى هولندا، بعدما أعادتهنّ الحكومة من مخيّم «الروج» في شمال شرقي سوريا حيث تُحتجز عائلات مقاتلين. وبُعيد عودتهنّ، مثلت النساء الخمس أمام محكمة في روتردام، وفقاً لما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية، حيث وجّهت إليهن تهمة الانضمام إلى مقاتلين في تنظيم «داعش» في ذروة الحرب في سوريا، والتخطيط لأعمال إرهابية. وقالت محكمة روتردام، في بيان اليوم (الخميس)، إنّ النساء الخمس «قصدن ساحات ل

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
العالم قتيلان بإطلاق نار في هامبورغ

قتيلان بإطلاق نار في هامبورغ

أفادت صحيفة «بيلد» الألمانية بسقوط قتيلين عقب إطلاق نار بمدينة هامبورغ اليوم (الأحد). وأوضحت الصحيفة أنه تم استدعاء الشرطة قبيل منتصف الليل، وهرعت سياراتها إلى موقع الحادث. ولم ترد مزيد من التفاصيل عن هوية مطلق النار ودوافعه.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم الادعاء الألماني يحرّك دعوى ضد شابين بتهمة التخطيط لشن هجوم باسم «داعش»

الادعاء الألماني يحرّك دعوى ضد شابين بتهمة التخطيط لشن هجوم باسم «داعش»

أعلن الادعاء العام الألماني في مدينة كارلسروه، اليوم (الخميس)، تحريك دعوى قضائية ضد شابين إسلاميين بتهمة الإعداد لشن هجوم في ألمانيا باسم تنظيم «داعش». وأوضح الادعاء أنه من المنتظر أن تجري وقائع المحاكمة في المحكمة العليا في هامبورغ وفقاً لقانون الأحداث. وتم القبض على المتهمَين بشكل منفصل في سبتمبر (أيلول) الماضي وأودعا منذ ذلك الحين الحبس الاحتياطي. ويُعْتَقَد أن أحد المتهمين، وهو كوسوفي - ألماني، كان ينوي القيام بهجوم بنفسه، وسأل لهذا الغرض عن سبل صنع عبوة ناسفة عن طريق عضو في فرع التنظيم بأفغانستان. وحسب المحققين، فإن المتهم تخوف بعد ذلك من احتمال إفشال خططه ومن ثم عزم بدلاً من ذلك على مهاج

«الشرق الأوسط» (كارلسروه)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».