التدابير والسياسات التحفيزية تعضد ميزانية السعودية للربع الأول في ظل أزمة «كورونا»

اقتصاديون لـ: برامج الدعم المنفّذة تعزز تماسك النتائج المالية في الأرباع المقبلة

السياسات التحفيزية للقطاع غير النفطي ستعزز تماسك الميزانية للأرباع المقبلة من العام (الشرق الأوسط)
السياسات التحفيزية للقطاع غير النفطي ستعزز تماسك الميزانية للأرباع المقبلة من العام (الشرق الأوسط)
TT

التدابير والسياسات التحفيزية تعضد ميزانية السعودية للربع الأول في ظل أزمة «كورونا»

السياسات التحفيزية للقطاع غير النفطي ستعزز تماسك الميزانية للأرباع المقبلة من العام (الشرق الأوسط)
السياسات التحفيزية للقطاع غير النفطي ستعزز تماسك الميزانية للأرباع المقبلة من العام (الشرق الأوسط)

يرى اقتصاديون سعوديون أن التدابير والسياسات التحفيزية التي ضختها الحكومة تضمنت حزما وبرامج دعم ضخمة لتقوية القطاع غير النفطي وتعزيز القطاع الخاص ومنعه من الوصول إلى حالة الركود مؤخرا، كلها إجراءات أثمرت عن تعضيد النتائج المالية للربع الأول من العام الجاري في ظل آثار جائحة كورونا، متوقعين أن تسهم في تماسك نتائج ميزانية الأرباع المقبلة وخفض حجم العجز 30 في المائة في الربع الثاني من العام 2020 عن المسجل في الثلاثة الأشهر الأولى.
وقال الدكتور محمد القحطاني، أستاذ الإدارة الدولية بجامعة الملك فيصل لـ«الشرق الأوسط»: «نتائج مالية الدولة للربع الأول كانت متوقعة في ظل جائحة كورونا والعجز غير مخيف لدولة كالسعودية التي عاشت حالات أشد من هذه الجائحة ويمكنها تقليل حجم هذا العجز في الربع الثاني بنسبة لا تقل عن 30 في المائة بالنظر إلى سماح الدولة مؤخرا للقطاع الخاص ببدء العودة إلى النشاط الاقتصادي».
وأضاف القحطاني «أظهرت النتائج مؤشرات مشجعة للقطاع غير النفطي الذي لم يتأثر كثيرا كما نظيره النفطي الذي انخفضت إيراداته 24 في المائة مقارنة في نفس الفترة من عام 2019. بينما القطاع غير النفطي وصل انخفاضه إلى 17 في المائة، وهو ما يقود إلى حرص الحكومة السعودية في دعم القطاع الخاص ومنعه من الوصول إلى حالة الركود من خلال الحزم التحفيزية التي ضختها الحكومة لهذا القطاع».
وتابع القحطاني: «المملكة تملك مفاتيح الحلول للتعامل مع كافة سيناريوهات الميزانية كما أنها ستحرص على تنشيط قطاعات غير نفطية تمتلك حركة تنموية سريعة تنعكس على الناتج المحلي الإجمالي بشكل لافت مثل قطاع الصناعة، الزراعة والتجزئة».
من جهته، أكد الدكتور عبد الرحمن باعشن رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية أن التدابير التي اتخذتها السعودية بجانب الإصلاحات الحكومية بشكل عام والإصلاحات المالية والاقتصادية بشكل خاص، ودعم وزارة المالية وصندوق النقد العربي السعودي «ساما»، المباشر للقطاع الخاص خفف وطأة الجائحة على الأداء الاقتصادي والإنتاجي والتجاري، حيث آتت أكلها في شكل الميزانية المعلنة التي تؤكد فن الممكن في ظروف قاهرة أفرزها وباء كورونا.
وأشار باعشن إلى أن النتيجة التي أظهرها تقرير المالية بعجز يعتبر منخفضا إذا ما قورنت بالآثار المترتبة على تفشي فيروس كورونا على مستوى العالم تعطي دلالة على أن الإجراءات الاحترازية التي اتخذت الحكومة السعودية لمواجهة الجائحة كانت فعالة وناجحة بكل المقاييس.
ولفت إلى أن زيادة الإنفاق على القطاع الصحي، إضافة إلى عدد من مبادرات دعم القطاع الخاص والشركات الصغيرة والمتوسطة، ستؤول لا محالة إلى تعزيز الميزانية في الأرباع المقبلة مؤكدا أن هذا العجز الذي أظهر الفارق بين إجمالي الدخل وإجمالي الإنفاق يعتبر في أضيق مساحاته مقارنة بالظروف التي عطلت الاقتصاد العالمي وأوقفت التجارة البينية وأضعفت سلاسل الإمداد للسلع الضرورية.
وفي هذا السياق، أوضح الدكتور عبد الرحمن الزامل رئيس مجلس الغرف السعودية السابق لـ«الشرق الأوسط» أن إعلان ميزانية الدولة للربع الأول عجز بمبلغ 34 مليار ريال فقط، يعطي مؤشر ثقه بالاقتصاد الوطني وأن الخطط ماضية على ما هي موضوعة له باعتماد المصاريف للمشاريع سواء للبنية التحتية أو للخدمات.
ويرى الزامل أن العجز الذي أظهره تقرير وزارة المالية أول من أمس، ناتج عن المصاريف الإضافية لمواجهه الأزمة الموقتة في فترة الأشهر الثلاثة الماضية لضمان سلامة وصحة المواطنين وحتى المقيمين من بينهم غير قانونيين، إلى جانب النفقات التي اعتمدتها حكومة المملكة لإعادة الآلاف من السعوديين من الخارج وإقامتهم بالفنادق 14 يوما علي حساب الدولة وعلاجهم عند الضرورة، ما يشير إلى أن العجز ليس هيكلي وإنما مؤقت.
وأضاف الزامل أن الدولة خلال الربع الأول دفعت ما يفوق مبلغ العجز لحقوق المقاولين والموردين للمشاريع والشركات، وهو ما يضيف نظرة ثقة أخرى لميزانية الدولة لكامل العام خاصة أنها سنة استثنائية نظرا لطبيعة الظروف والأزمات العالمية، لافتا إلى أن المملكة نجحت في تعزيز وتقوية القطاع الخاص وحدت من انتشار البطالة خاصة بين المواطنين.
من جانبه، أكد المستشار الاقتصادي يحيى الحجيري لـ«الشرق الأوسط» أن وكالات التصنيف العالمية أشادت في تقاريرها الأخيرة بقوة ومرونة الاقتصاد السعودي، واليوم تترجم وزارة المالية هذه القوة بالأرقام المعلنة، حيث أشارت الوزارة إلى صرف ما يقارب 22 في المائة أي قيمة 226.18 مليار ريال خلال الربع الأول من العام الجاري، ولوحظ أن الوزارة مولت العجز في الميزانية بعيداً عن الاحتياطيات خلال الربع الأول الأمر الذي ساهم في ارتفاع الدين العام.
ووفق الحجيري تعد هذه النسبة متوازنة مقارنة بالإعلانات السابقة للميزانيات حيث بلغ ارتفاع الدين العام خلال الربع الأول 45.5 مليار ريال من ديون محلية وخارجية، مشيرا إلى أن وزارة المالية تسير وفق استراتيجية تمويل متنوعة بين السحب من الاحتياطي مؤخرا وإصدارات الدين وسط متانة الاقتصاد الوطني.


مقالات ذات صلة

ماكرون: السعودية «حجر زاوية» للوصول إلى الأسواق الخليجية والعربية والأفريقية

الاقتصاد إيمانويل ماكرون يتحدث إلى الحضور خلال منتدى الاستثمار السعودي - الفرنسي بالرياض (الشرق الأوسط)

ماكرون: السعودية «حجر زاوية» للوصول إلى الأسواق الخليجية والعربية والأفريقية

وجّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، دعوة تشجيع إلى رجال وسيدات الأعمال الفرنسيين للاستثمار في المملكة كونها «حجر الزاوية»، بحسب وصفه.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يقف مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورؤساء الدول الأخرى المشاركين بقمة «مياه واحدة» في الرياض لالتقاط صورة جماعية (أ.ف.ب) play-circle 01:27

ولي العهد: السعودية قدمت 6 مليارات دولار لدعم 200 مشروع إنمائي في 60 دولة

أكد ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، أن السعودية أدرجت موضوعات المياه «للمرة الأولى» ضمن خريطة عمل «مجموعة العشرين» خلال رئاستها في 2020.

الاقتصاد لوران جيرمان متحدثاً للحضور في المنتدى الاستثماري السعودي - الفرنسي (الشرق الأوسط)

جيرمان: 3 عوامل رئيسية جاذبة للاستثمارات في الرياض

قال رئيس الجانب الفرنسي في مجلس الأعمال السعودي - الفرنسي، ورئيس أرباب العمل الفرنسيين «ميديف» لوران جيرمان، إن شركات بلاده تنظر إلى المملكة شريكاً حقيقياً.

زينب علي (الرياض)
خاص شتاينر: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يناقش شراكة جديدة مع السعودية play-circle 03:05

خاص شتاينر: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يناقش شراكة جديدة مع السعودية

أكد مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أخيم شتاينر، أن هناك سنوات كثيرة من التعاون مع السعودية، كاشفاً أن الطرفين يناقشان حالياً مرحلة جديدة من الشراكة.

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد ميناء الملك عبد الله الواقع غرب السعودية (الشرق الأوسط)

السعودية تفرض رسوم مكافحة إغراق على واردات من الصين وروسيا

أصدر رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتجارة الخارجية، الدكتور ماجد القصبي، قراراً بفرض رسوم مكافحة إغراق نهائية على واردات صينية وروسية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

السعودية تدعو لشراكات دولية فاعلة لمعالجة التحديات البيئية

وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي خلال القائه الكلمة ضمن فعاليات «يوم التمويل» (كوب 16)
وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي خلال القائه الكلمة ضمن فعاليات «يوم التمويل» (كوب 16)
TT

السعودية تدعو لشراكات دولية فاعلة لمعالجة التحديات البيئية

وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي خلال القائه الكلمة ضمن فعاليات «يوم التمويل» (كوب 16)
وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي خلال القائه الكلمة ضمن فعاليات «يوم التمويل» (كوب 16)

دعت السعودية إلى تعزيز الشراكات الفاعلة لخلق فرص تمويل جديدة؛ لدعم مبادرات ومشاريع إعادة تأهيل الأراضي، وتعزيز قدرتها على الصمود في مواجهة الجفاف، مؤكدة أن التمويل يُمثّل جزءاً أساسياً لمعالجة التحديات البيئية، ودعم جهود الحفاظ على البيئة.

هذه الدعوة أطلقها المهندس عبد الرحمن الفضلي، وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي رئيس الدورة الـ16 لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، ضمن فعاليات «يوم التمويل» من أعمال اليوم الثاني لمؤتمر «كوب 16». وأشار إلى أن تمويل برامج ومشاريع إعادة تأهيل الأراضي يتطلب التعاون بين الحكومات، والمنظمات والهيئات الدولية، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، والعمل على ابتداع أساليب مبتكرة لفتح مصادر جديدة لرأس المال؛ لدعم الممارسات المستدامة للحد من تدهور الأراضي والجفاف.

ويأتي مؤتمر «كوب 16» في الرياض فرصةً لتوعية المجتمع الدولي حول علاقة الترابط القوية بين الأراضي والمحيطات والمناخ، والتحذير من أن 75 في المائة من المياه العذبة تنشأ من الأراضي المزروعة، فيما تسهم النباتات في حماية 80 في المائة من التربة العالمية.

وأوضح رئيس مؤتمر «كوب 16» أن السعودية تبذل جهوداً متواصلة لمواجهة التحديات البيئية المختلفة، على المستوى الوطني، والإقليمي، والدولي، تماشياً مع «رؤية السعودية 2030»، مبيناً أن المملكة أولت مكافحة تدهور الأراضي ومواجهة الجفاف أولوية في استراتيجيتها الوطنية للبيئة، بالإضافة إلى سعيها لتحقيق الاستدامة المالية لقطاع البيئة، من خلال إنشاء صندوقٍ للبيئة، كما عملت على توفير الممكنات اللازمة للوصول إلى الاستثمار الأمثل لرأس المال، ودعم البرامج والدراسات والمبادرات البيئية، إلى جانب تحفيز التقنيات الصديقة للبيئة، والارتقاء بالأداء البيئي وبرامج إعادة تأهيل الأراضي.

وترأس المهندس الفضلي جلسة حوارية شارك فيها إبراهيم ثياو، الأمين العام التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، حيث ناقشت سبل تسخير حلول مبتكرة لتمويل المبادرات الإيجابية للأراضي والمناخ، بما في ذلك الصندوق السعودي للبيئة.

إبراهيم ثياو الأمين العام التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر خلال الجلسة الحوارية في الرياض (كوب 16)

وتضمنت فعاليات «يوم التمويل» جلسات حوارية، شارك فيها عددٌ من الوزراء والمسؤولين والخبراء، وسلّطت الضوء على الاحتياجات والفجوات والفرص لتمويل إعادة تأهيل الأراضي، ومواجهة الجفاف، وتعزيز الشراكات الفاعلة، لخلق فرص تمويل جديدة للمشاريع الرائدة، إضافةً إلى مناقشة الآليات والأدوات المالية المبتكرة التي تدعم مبادرات إعادة تأهيل الأراضي، وتعزيز القدرة على الصمود في مواجهة الجفاف.

وخلال المؤتمر، أعلنت السعودية ثلاث مبادرات دولية رئيسية في اليوم الأول فقط، وهي: «شراكة الرياض العالمية» لمكافحة الجفاف باستثمارات تتجاوز 150 مليون دولار، التي ستحشد العمل الدولي بشأن الارتقاء بمستوى الاستعداد لمواجهة الجفاف.

وفي الوقت نفسه، أُطلق المرصد الدولي لمواجهة الجفاف وأطلس الجفاف العالمي، وهما مبادرتان تهدفان إلى زيادة أعمال الرصد والتتبع، واتخاذ التدابير الوقائية، ونشر التوعية بين مختلف الشرائح والفئات المهتمة والمعنية حول الجفاف في جميع أنحاء العالم.

وكانت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر قد أصدرت عشية انطلاق المحادثات المتعددة الأطراف في الرياض، تقريراً جديداً يسلط الضوء على حالة الطوارئ العالمية المتزايدة الناجمة عن تدهور الأراضي.

يُذكر أن مؤتمر الأطراف «كوب 16» في الرياض الذي يُعقد من 2 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يعد أكبر دورة لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر حتى الآن، حيث يضم لأول مرة منطقة خضراء، وهو المفهوم المبتكر الذي استحدثته السعودية، لحشد العمل المتعدد الأطراف، والمساعدة في توفير التمويل اللازم لمبادرات إعادة تأهيل الأراضي المتدهورة.

وتسعى الرياض من خلال «كوب 16» إلى أن تتحد الدول معاً لتغيير المسار ومعالجة كيفية استخدام الأراضي، والمساهمة في تحقيق أهداف المناخ، وسد فجوة الغذاء، وحماية البيئات الطبيعية؛ إذ يمكن للأراضي الصحية أن تساعد على تسريع وتيرة تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر.