يكشف عاملون صحيون في الخطوط الأمامية لمحاربة فيروس «كورونا» في مدينة غواياكيل الإكوادورية التي تعاني من انهيار في نظامها الصحي، عن الأهوال اليومية التي يواجهونها، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
في أحد مستشفيات غواياكيل المثقلة بمرضى «كوفيد 19»، اضطر الموظفون لتكديس الجثث في الحمامات؛ لأن المشارح امتلأت بها، كما يقول العاملون في مجال الصحة.
وفي مستشفى آخر، قال ممرض لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الأطباء أجبروا على لف الجثث وتخزينها، حتى يتمكنوا من إعادة استخدام الأسرَّة.
وسجلت الإكوادور ما يقرب من 23 ألف إصابة بفيروس «كورونا» وحوالى 600 وفاة، وكانت غواياكيل أكثر مدنها تضرراً.
وقال ممرض يبلغ من العمر 35 عاماً في المستشفى الأول متحدثاً بشرط عدم الكشف عن هويته، إن ما رآه أثَّر عليه بشكل مهني وشخصي. وأضاف أنه عندما بدأت حالة الطوارئ الصحية في مارس (آذار)، انتقل كل ممرض من رعاية 15 مريضاً إلى 30 في غضون 24 ساعة فقط. وتابع: «وصل كثير من الناس... كانوا يموتون بين أيدينا». وصرح بأن المرضى الآخرين أخرجوا من المستشفى أو نقلوا إلى منشآت أخرى «لتحرير كل هذه الأسرَّة» لمرضى فيروس «كورونا»، مضيفاً: «أخرجوا آلات التخدير من غرف العمليات لاستبدالها أجهزة التنفس الصناعي بها». وقال: «المصابون يكونون بمفردهم ويشعرون بالحزن، بينما يتسبب العلاج في تلف في الجهاز الهضمي وبعضهم يتغوطون... يشعرون بالسوء ويعتقدون أنهم سيبقون على هذه الحال، ويرون الشخص المجاور لهم يبدأ يختنق، ويبدأون في الصراخ ليعلموا الممرضين بأنهم في حاجة إلى الأكسجين».
وليست المستشفيات فقط التي أُثقل كاهلها؛ بل المشارح أيضاً.
وروى الممرض: «لم يكن باستطاعة الموظفين في المشرحة تلقي مزيد من الجثث، لذلك كان علينا في كثير من الأحيان لفها وتخزينها في الحمامات».
وأكدت ممرضة أخرى زميلة له تبلغ من العمر 26 عاماً، تلك المشاهد الفوضوية، قائلة: «ألقي كثير من الجثث في الحمامات، وكثير منها ألقي على الأرض، ووضع بعضها على الكراسي».
وانهار نظام غواياكيل الصحي تحت ضغط فيروس «كورونا»، ويبدو أن له آثاراً كارثية.
في النصف الأول من أبريل (نيسان)، سجلت مقاطعة غواياس وعاصمتها غواياكيل 6700 حالة وفاة، أي أكثر من ثلاث أضعاف المتوسط الشهري.
ويشير التفاوت إلى أن عدد الوفيات الحقيقي من «كوفيد 19» أكبر بكثير من العدد الرسمي على الصعيد الوطني الذي يقل عن 600 حالة وفاة.
وأقر الرئيس لينين مورينو بأن المحصلة الرسمية لفيروس «كورونا» في الإكوادور «أقل» من الأرقام الحقيقية.
ورسم طبيب يبلغ من العمر 28 عاماً في مستشفى ثانٍ في غواياكيل، وأصر أيضاً على عدم الكشف عن اسمه، صورة قاتمة مماثلة للخدمات الصحية في خضم هذه الأزمة.
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الجثث كانت في أروقة جناح الطوارئ؛ لأن المشرحة كانت ممتلئة. تُرك الأمر لنا لأخذ الجثة ولفها وتخزينها، حتى نتمكن من تطهير السرير للمريض التالي».
في المستشفى الأول، تم جلب حاويات مبردة لتخزين الجثث، بقي بعضها لمدة تصل إلى 10 أيام. وتابع الممرض البالغ من العمر 35 عاماً بأن بعض أفراد الأسرة كانوا «يحطمون الأغطية... وتخرج السوائل. إنها كارثة صحية».
وانخفض عدد الوفيات اليومية الأسبوع الماضي؛ لكن ذلك كان تعزية ضئيلة لهذا الممرض الذي يقول إنه يتعذب بسبب ما مر به.
وعندما يعود إلى المنزل، بعد مناوبة 24 ساعة، يشعر بألم في قدميه ويحاول الحصول على بعض الراحة؛ لكن معاناته تبدأ مع «الكوابيس». يحلم بأنه يركض حتى يسقط أرضاً «ثم يُفتح باب الحمام وأشاهد الجثث... لا يمكنني بعدها النوم». تغيرت حياته في المنزل أيضاً. فهو يتبع عزلة صارمة، لذلك لا يستطيع رؤية والديه أو شقيقه. عندما يعود إلى المنزل يطهر سيارته وحذاءه، ويطهر نفسه بخرطوم في الفناء قبل غسل ملابسه بالمياه الساخنة. وقال: «أتناول الطعام على طاولة بلاستيك بعيداً عن الجميع. أخرج من المنزل واضعاً القناع، لا أستطيع أن أعانق أي شخص ولا حتى الحيوانات الأليفة». بين الحين والآخر، يفكر في الأثر النفسي الذي خلَّفه اضطراره لربط المرضى بأنابيب، عندما يكون ما يحتاجون إليه هو جهاز تنفس صناعي. وتابع: «يقولون لك: لا بأس زودهم بالأكسجين والمصل واتركهم. لكن ماذا لو كانت أمي؟ ماذا لو كان والدي؟ هذا الأمر يقتلك. يقتلك نفسياً».
وحاولت وكالة الصحافة الفرنسية الحصول على تعليق من السلطات الصحية في غواياكيل؛ لكنها لم تحصل على رد.
وقال مسؤول في هيئة الصحة الوطنية العامة، إنه كان في وحدة طوارئ في غواياكيل؛ حيث كانت تتراكم الجثث. وأضاف: «مشرحة تتسع لثمانية أشخاص متوفين، وعليك أن تتعامل مع 150 جثة، ماذا يمكنك أن تفعل؟ عليك أن تضعها في أي مكان قريب؛ حيث تتوفر لديك بعض المساحة».
جثث ضحايا «كورونا» مكدسة في حمامات مستشفيات بالإكوادور
جثث ضحايا «كورونا» مكدسة في حمامات مستشفيات بالإكوادور
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة