الذعر ينتاب سجناء في إيران قابعين تحت رحمة تفشي «كورونا»

رجل ينظر إلى زنازين سجن في إيران (رويترز)
رجل ينظر إلى زنازين سجن في إيران (رويترز)
TT

الذعر ينتاب سجناء في إيران قابعين تحت رحمة تفشي «كورونا»

رجل ينظر إلى زنازين سجن في إيران (رويترز)
رجل ينظر إلى زنازين سجن في إيران (رويترز)

داخل سجون مكتظة في ظل نظافة صحية هشة يهددها فيروس كورونا المستجد، تجري أعمال شغب وعمليات فرار تقمعها السلطات بعنف، في حين تحذر منظمات حقوقية من أن وضع المعتقلين في إيران وبينهم سجناء سياسيون، «مقلق للغاية».
في وقت يدور جدلٌ حول عدد الوفيات الدقيق جراء كورونا المستجد في إيران الدولة الأكثر تضرراً في الشرق الأوسط، يحذر مدافعون عن حقوق الإنسان وداعمون للمساجين السياسيين من واقع أن الوباء العالمي وصل فعلياً إلى السجون الإيرانية.
وتؤكد كاتيا رو، من مكتب منظمة العفو الدولية في فرنسا، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «الوضع بالنسبة لسجناء الرأي في إيران مقلق للغاية». وقدرت أن عدد سجناء الرأي في السجون الإيرانية يصل إلى «المئات».
وتواجه إيران صعوبات في احتواء الفيروس وتعد رسمياً 5297 وفاة و84802 إصابة. وتعتبر السلطات الصحية وخبراء في إيران وفي الخارج، أن هذه الأعداد أقل بكثير مما هي فعلياً، متحدثة عن عدد وفيات أكبر بأربع أو خمس مرات.
من جهته، يقدر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (معارضة في المنفى) عدد الوفيات في إيران جراء الفيروس بـ«28 ألفاً».
وتقول كاتيا رو، إن المعتقلين السياسيين «مسجونون أصلاً بشكل غير عادل: فوسط هذا الوباء، من المهم جداً أن يتم الإفراج عنهم من دون شروط»، منددة بسجون «حيث ظروف الاعتقال سيئة من ناحية الصحة والنظافة الصحية» و«من دون تهوئة ولا وصول إلى نقاط توزيع المياه».
وتضيف «لا تسمح السلطات بالوصول إلى خدمات الرعاية المناسبة: ليس هناك فحوص ولا وضع في الحجر الصحي للأشخاص المحتمل أن يكونوا مصابين».
بالنسبة لطهران، فإن السجون الإيرانية لا تضم أي «سجين سياسي». وتتهم إيران الدول الغربية بالخلط بين هذه التسمية وحالة الأشخاص المُدانين بجرائم ضد الأمن القومي.
ومنذ مارس، استفاد نحو مائة ألف سجين في إيران من إذن بالخروج تم تمديده حتى العشرين من مايو (أيار) بهدف الحد من تفشي المرض.
وأُفرج مؤقتاً عن معتقلين يحملون جوازات سفر أجنبية على غرار الإيرانية - البريطانية نازانين زغاري راتكليف التي أوقفت عام 2016 وحُكم عليها بالسجن خمس سنوات للتحريض على «الفتنة». وتم تمديد إذنها بالخروج حتى العشرين من مايو، لكن لا يزال قيد الاعتقال حملة جنسيتين آخرون تعتبرهم الأسرة الدولية معتقلين سياسيين.
ويرى هادي قائمي، المدير التنفيذي لمركز حقوق الإنسان في إيران ومقره نيويورك، أنه «لن تتم السيطرة على الوباء في وقت قريب في إيران». ويقول «الأماكن مثل السجون - وهي أصلاً منافية للتباعد الاجتماعي - ستكون معرّضة جداً» للتفشي، واصفاً السجون الإيرانية بأنها «مكتظة للغاية».
ويشير متحدث باسم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، شاهين جوبادي، في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، إلى أن «وضع هؤلاء المساجين هو قنبلة إنسانية موقوتة».
بعد أن انتابهم الذعر، هرب عشرات المعتقلين أثناء عمليات فرار جماعية في الأسابيع الأخيرة.
ويعتبر جوبادي، أن «المساجين ليسوا في حاجة إلى أن نشرح لهم الوضع المأسوي الذي يواجهونه: معتقلون توفوا جراء كورونا المستجد، وآخرون نقلوا إلى المستشفى. هؤلاء المساجين يدركون أنه عندما سيدخل الفيروس إلى سجنهم سيصبحون من دون وسائل دفاع؛ لذلك لجأوا إلى هذه الخطوات اليائسة» من أعمال شغب وعمليات فرار.
في تقرير نُشر في التاسع من أبريل (نيسان)، تعتبر منظمة العفو أن «عشرات آلاف المعتقلين فيما لا يقل عن ثمانية سجون» قاموا بتحركات احتجاجية. وتضيف «في سجون عدة، أطلقت قوات الأمن رصاصاً حياً واستخدمت الغاز المسيل للدموع» لقمعهم «ما أدى إلى مقتل 36 سجيناً وجرح المئات، وفق مصادر جديرة بالثقة».
وتؤكد كاتيا رو، من المنظمة، أن هذا «التحرك الاحتجاجي في السجون هو أحد أكبر (التحركات) في السنوات الأخيرة، وهذا يعكس القلق الكبير لدى المعتقلين».
ويوضح هادي قائمي أنه «لم يرَ أبداً قبل اليوم مساجين تجرأوا على الفرار أو التمرد بهذا الشكل». ويتهم السلطات باستخدام هذا الوباء أداة «تعذيب»، السجناء السياسيون: «يبقونهم في وضع خطر وفي ظل معاناة نفسية». ويتابع، «إنهم أهداف سهلة».
وأعلن القضاء الإيراني الثلاثاء، أنه أفرج بشكل مؤقت عن أكثر من ألف معتقل أجنبي.
وقال المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية، غلام حسين إسماعيلي «ما فعلته إيران عبر ضمان صحة السجناء ومنحهم أذون خروج هو خطوة مهمة» مقارنة بما فعلته دول أخرى.
والأسبوع الماضي، دعت مجموعة خبراء في حقوق الإنسان إيران إلى توسيع لائحة المعتقلين الذين سيستفيدون من إذن خروج لتشمل «سجناء الرأي وحاملي جنسيتين والأجانب».
وتقول هذه المجموعة، إن مئات المساجين يواجهون «خطراً كبيراً بالتقاط عدوى (كوفيد – 19) بسبب كبر سنهم ومشاكل صحية».
ولا تعترف الجمهورية الإسلامية بازدواجية الجنسية، وتتهم حكومات أجنبية بالتدخل فيما تعتبره ملفات متعلقة بقضاياها الداخلية.
وبين مزدوجي الجنسية الذين لا يزالون قيد الاعتقال الباحثة الفرنسية - الإيرانية فاريبا عادلخاه التي أوقفت في يونيو (حزيران) 2019 في طهران. ولطالما أكدت براءتها هي المتهمة بـ«التواطؤ للمساس بالأمن القومي». وقد أضعفها إضراب عن الطعام دام 49 يوماً.
رغم تفشي الوباء، مثلت الأحد أمام القضاء الإيراني في جلسة جديدة من محاكمتها في طهران.
ويوضح جان فرنسوا بايار، الأستاذ في معهد الدراسات العليا الدولية والتنمية في جنيف والعضو في لجنة دعم عادلخاه، أن «المخاوف لدى اللجنة (بشأن صحة عادلخاه) فعلية نظراً إلى خطورة الوضع الصحي. فاريبا موجودة في زنزانة مع أشخاص آخرين عدة».
غير أنه يشير إلى أن عدد السجينات «انخفض: يبدو أن عددهن في سجن النساء تراجع من 42 إلى 18». ويتابع «بقدر ما نعلم، فإن الحارسات يحمين السجينات، فهناك أقنعة واقية ومواد معقمة».
لم يغير الوباء العالمي سمعة إيران لناحية أنها إحدى الدول التي تعدم أكبر عدد من سجنائها في العالم. إذ إن أحد المعتقلين الأكراد مصطفى سالمي الذي فر أثناء تمرد في مارس، أُوقف مجدداً وأُعدم بعد بضعة أيام في سجن سقز (شمال)، وفق ما أفادت وسائل إعلام محلية نقلاً عن مصادر قضائية.


مقالات ذات صلة

صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )

باراغواي ستعيد فتح سفارتها في القدس الأسبوع المقبل

الرئيس الباراغواياني سانتياغو بينيا يتحدث خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في أسونسيون - باراغواي 21 أغسطس 2024 (رويترز)
الرئيس الباراغواياني سانتياغو بينيا يتحدث خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في أسونسيون - باراغواي 21 أغسطس 2024 (رويترز)
TT

باراغواي ستعيد فتح سفارتها في القدس الأسبوع المقبل

الرئيس الباراغواياني سانتياغو بينيا يتحدث خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في أسونسيون - باراغواي 21 أغسطس 2024 (رويترز)
الرئيس الباراغواياني سانتياغو بينيا يتحدث خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في أسونسيون - باراغواي 21 أغسطس 2024 (رويترز)

أعلن رئيس الكنيست، أمير أوهانا، أن رئيس باراغواي، سانتياغو بينيا، سيفي بوعد انتخابي الأسبوع المقبل وسيعيد فتح سفارة بلاده في القدس.

سيلقي بينيا كلمة أمام الكنيست صباح الأربعاء من الأسبوع المقبل، يليها احتفال خاص بالكنيست مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ورئيس الكنيست أوهانا وزعيم المعارضة يائير لابيد، حسبما أفادت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

سيتم الافتتاح الرسمي للسفارة يوم الخميس التالي في هار هوتزفيم في القدس.

لا تعترف معظم الدول بالقدس عاصمة لإسرائيل وتقيم سفاراتها في تل أبيب، وغالباً ما تفتح قنصليات أصغر في القدس. حالياً، خمس دول: الولايات المتحدة، وغواتيمالا، وهندوراس، وكوسوفو وبابوا غينيا الجديدة، لديها سفارات في القدس.

في عام 2018، أعلن الرئيس الباراغواياني المنتهية ولايته هوراسيو كارتيس أن بلاده ستفتح سفارة في القدس، في أعقاب خطوات مماثلة من جانب الولايات المتحدة وغواتيمالا. لكن السفارة نُقلت إلى تل أبيب بعد خمسة أشهر فقط من قِبل خليفة كارتيس أبدو بينيتيز، الذي قال إنه لم يُستشار في القرار الأصلي، وأشار إلى أنه أضر بالجهود الرامية إلى الحفاظ على نهج أكثر حيادية تجاه الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. غضب نتنياهو من القرار وتحرك لإغلاق سفارة إسرائيل في أسونسيون انتقاماً. في سبتمبر (أيلول)، أعادت إسرائيل فتح سفارتها في باراغواي.