مع انطلاق «المرحلة الثانية» من المعركة ضد «كوفيد- 19» في إسبانيا وإيطاليا، بدأت الدول الأوروبية الأخرى تستعد للإعلان عن خططها للعودة التدريجية إلى دورة الحياة العادية التي بات من المؤكد اليوم أنها لن تكون عادية بالمعنى المألوف والمتعارف عليه.
وبعد أن أعلنت فرنسا تمديد فترة الحظر حتى الحادي عشر من الشهر المقبل وعادت السويد عن خطتها الأولى مع ظهور مؤشرات كارثية على الأبواب إذا استمرت في تراخي تدابيرها الوقائية، استأنف الإيطاليون هذه المرحلة الثانية بفتح المكتبات ومشاتل الزهور ومتاجر ملابس الأطفال بعد أن تجاوز عدد الوفيات عتبة العشرين ألفاً، وعاد قطاعا البناء والصناعات الخفيفة في إسبانيا إلى العمل وسط إجراءات وقاية مشددة واستأنف قطاع النقل العام حركته ببطء وسط مخاوف وتحذيرات من موجة ثانية لتفشي الفيروس الذي أوقع حتى الآن أكثر من 18 ألف ضحية.
وفيما تضع المفوضية الأوروبية اللمسات الأخيرة على خطة مشتركة لمرحلة العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية في بلدان الاتحاد، اطلعت «الشرق الأوسط» على مسودة المقترحات التي وضعها خبراء المفوضية لتُرفع كتوصيات إلى الدول الأعضاء استعداداً لاستئناف الحركة في العجلة الاقتصادية، واتضاح الرؤية أكثر حول تطورات تفشي الوباء.
وتشدد المفوضية الأوروبية في خطتها على أن «مرحلة التعايش مع الفيروس ستكون طويلة ولن تنتهي قبل إيجاد لقاح ناجع ومتاح لجميع المواطنين يُستبعد أن يكون جاهزاً قبل منتصف السنة المقبلة»، وأن هذه المرحلة التي قد تدوم حتى نهاية السنة الجارية، يجب ألا تبدأ قبل التأكد من تعزيز المنظومات الصحية لتكون قادرة على مواجهة ذروة جديدة محتملة من الإصابات، وبعد تطوير تطبيق إلكتروني لمتابعة المصابين ورصد تحركاتهم. وتتضمن المقترحات التي يرجَّح أن تعلنها المفوضية في الأيام القليلة المقبلة التوصيات التالية:
- الإسراع في تعميم الاختبارات لتحديد الإصابات الجديدة قدر الإمكان وتصنيف المصابين حسب الفئات العمرية والوضع الصحي العام.
- اعتماد نظام لمتابعة المصابين بواسطة تطبيق إلكتروني لتحديد أماكن وجودهم ومعرفة اتصالاتهم الاجتماعية، لكن من غير أن يفرض عليهم التطبيق احتراماً للحرية الشخصية، على أن يتم تدمير التطبيق ونظام المتابعة بعد انتهاء الجائحة.
- تُرفع تدابير العزل بصورة تدريجية مع الإبقاء على إجراءات التباعد والوقاية الصارمة في أماكن التجمع، لكن يبقى المسنّون والذين يعانون من أمراض مزمنة تحت هذه التدابير حتى منتصف الخريف المقبل.
- تبقى الحدود الخارجية للاتحاد مقفلة خلال هذه المرحلة، وتُفتح وفقاً لأوضاع تطور الوباء في البلدان الأخرى. ولا تُفتح الحدود الداخلية بين دولتين إلا عندما يكون الوضع الوبائي فيهما متشابهاً، لكن تبقى هذه الحدود مفتوحة أمام حركة نقل الأدوية والمواد الصحية والسلع الأساسية.
- يُستحسن أن تكون إعادة فتح المدارس والجامعات تدريجية من حيث عدد الطلاب، وكذلك المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم ووضع حدود قصوى لعدد الذين يرتادونها وخفض ساعات العمل المسموح بها.
- نظراً لتفاوت أوضاع انتشار الوباء في بلدان الاتحاد الأوروبي، يعود لحكومات الدول الأعضاء أن تضع الجدول الزمني لهذه المرحلة الثانية والتدابير اللازمة لتنفيذها، شريطة أن تكون هذه متطابقة في جميع بلدان الاتحاد كي لا تؤدي تدابير البعض إلى الإضرار بتدابير الآخرين والحد من نجاعتها. وفي سياق متصل، وجّه «التحالف الأوروبي الأخضر» رسالة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، جاء فيها أن «مكافحة التغير المناخي يجب أن تكون نواة الاستراتيجية الاقتصادية للاتحاد الأوروبي للنهوض من الأزمة الناجمة عن (كوفيد – 19)، وأن تكون المبادئ البيئية أساس الاستثمارات لتمويل هذه الاستراتيجية وبوصلتها».
وتحمل الرسالة تواقيع أكثر من 200 مسؤول أوروبي بين وزراء وبرلمانيين ورؤساء لشركات كبرى ومنظمات غير حكومية من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا والسويد والبرتغال والنمسا وفنلندا، وتطلب من المفوضية أن تستند في وضع استراتيجية النهوض من الأزمة الاقتصادية إلى «الميثاق الأخضر» الذي كان في مرحلة الإعداد الأخيرة عندما ظهرت جائحة «كوفيد – 19». وتجدر الإشارة إلى أن هذا الميثاق مُعدٌّ ليكون خريطة الطريق الرئيسية للاتحاد الأوروبي في العقد المقبل بعد أن وضعت المفوضية الجديدة مكافحة تغير المناخ في طليعة أولوياتها.