أبحاث لتحويل الأشجار إلى مولدات كهرباء

مشروعات دولية لإنتاج طاقة الاحتكاك

أبحاث «كهرباء الاحتكاك» جارية على شجرة الدردار
أبحاث «كهرباء الاحتكاك» جارية على شجرة الدردار
TT

أبحاث لتحويل الأشجار إلى مولدات كهرباء

أبحاث «كهرباء الاحتكاك» جارية على شجرة الدردار
أبحاث «كهرباء الاحتكاك» جارية على شجرة الدردار

ما الذي سيحصل إذا أصبحت الأشجار قادرة على توليد الكهرباء في المدن؟ ببساطة، سيختفي تشابك خطوط الطاقة، والألواح الشمسية المتقادمة، والتوربينات الهوائية القاتلة للطيور، لتحل محلها أشجار جميلة وبساتين خضراء، تعمل أيضاً كمولدات للطاقة النظيفة.

«كهرباء الاحتكاك»
لم تعد هذه الفكرة السوريالية الرائعة بعيدة عن التحقيق، بحسب فريق يضم باحثين من اليابان، والصين، وإيطاليا يعملون اليوم على حصاد طاقة كهربائية قابلة للاستخدام من النباتات، من خلال اختبار تأثير «كهرباء الاحتكاك» على أوراق الأشجار. وتحدث هذه الظاهرة عند انفصال مواد معينة كانت تحتك بعضها ببعض، على غرار طريقة توليد الكهرباء المستقرة. وقد تبدو هذه الظاهرة مثيرة للاهتمام، ولكن طلاب جامعة «كيئو» في طوكيو ما زالوا يدرسون الآثار الأخلاقية المترتبة على تقنية بهذه القوة.
قدمت المصممة الكولومبية الأميركية كاتالينا لوتيرو المشاركة في هذا الفريق، شرحاً لهذا العمل في مؤتمر «ديزاين إندابا 2020» (Design Indaba 2020)، الذي أقيم أخيراً في مدينة كيب تاون. وتقول لوتيرو إن أوراق الأشجار ذات الشحنة الموجبة تنتج كميات قليلة من الكهرباء عندما تحتك بجذع الشجرة أو أي مادة أخرى سالبة الشحنة. واليوم، يعمل الفريق البحثي على استخدام هذه الطاقة في «شبكة حيوية دقيقة» سماها الباحثون «رايكي» (Raiki). ويتخيل الباحثون أن تستخدم هذه التقنية في المستقبل بديلاً لإنتاج الطاقة في المجتمعات المحرومة التي لا تزال تعتمد على الشبكات التقليدية.
ولتحويل الأشجار إلى مولدات كهرباء فعالة، طبقت لوتيرو وزملاؤها تقنيات علم الأحياء التركيبي، أو ما يُعرف بالهندسة الجينية، على شجرة الدردار. وعمل الباحثون على تعديل تركيبة الفرع، وزيادة سماكة وكثافة الأوراق، وأضافوا جينية طاردة للأمراض، وسرَّعوا وتيرة نمو الشجرة. وتعتمد خطتهم نظرياً على جمع الطاقة من الأوراق، وتوصيلها بواسطة الجذع نحو أنبوب وبطارية تحت الأرض، لتخزين ما يقارب 103 كيلوواطات في الساعة. وفي مرحلة ما من مشروعهم، فكر الباحثون في تجربة وضع تصميم جديد لعدة أنواع من الأشجار لزيادة فعاليتها. وتقول لوتيرو إنهم لم يفهموا حقاً طريقة عمل الهندسة البيولوجية، لذا كانت فكرتهم الأولى تعتمد على صناعة شجرة كتلك التي تظهر في فيلم «أفاتار» (في إشارة منها إلى الأشجار العالية ذات الجذوع الدائرية الظاهرة في أعمال المخرج جيمس كاميرون). كما عمدوا إلى التفكير في تطوير أشكال أشجار غريبة، وجدوها في موسوعة المصمم الإيطالي لويجي سيرافيني، بالإضافة إلى شجرة الصفصاف الشهيرة في لعبة «أدفانتشر تايم» الإلكترونية. وأخيراً، لاحظ الباحثون أن أفضل أشكال الأشجار لتخزين وتوليد الطاقة موجودة أصلاً في الطبيعة. لا يزال هذا المشروع الذي يتلقى دعمه المالي من شركة «طوكيو غاز»، في مراحله الأولى، إلا أن فكرته الأساسية مذهلة. إذ تقدم إمكانية تسخير الطاقة الناتجة عن أوراق الأشجار بديلاً للوقود الأحفوري، وحلاً للخراب الناتج عن ضعف هندسة البنى التحتية المخصصة للتقنيات الخضراء.
تزعم لوتيرو أن «الشجرة المكتملة النمو قادرة على تأمين طاقة تكفي سبعة منازل أميركية، مع العلم بأن الأميركيين يستهلكون كثيراً من الطاقة».

الطاقة والأخلاقيات
تدفع الفرق البحثية وبقوة نحو تحويل الأشجار المكهربة إلى حقيقة، ولكن توفير تقنية تجارية فعالة كهذه سيحتاج إلى عقود، لا سيما أن التطبيق الفعلي لهذه التقنية يعتمد على دورة النمو الطبيعي لأشجار الدردار التي تتطلب 40 عاماً.
من جهة أخرى، تعكف لوتيرو وزملاؤها على دراسة الآثار الأخلاقية لطموحاتهم، حتى أنهم بدأوا في وضع تصور للتأثير السلبي لـ«رايكي» على التنوع الزراعي إذا نجحت التقنية. هذه المخاوف دفعت لوتيرو إلى طرح عدد من الأسئلة: «ماذا سيحصل إذا تحمس الناس للتقنية، وبدأوا بإزالة المحاصيل، وأشجار الفاكهة، وغيرها من الأنواع الخضراء؟ ماذا سيحل بالحياة البرية؟ وهل تعتبر فكرة التعديل الجيني لكائن حي وكأنه منتج جامد أخلاقية؟». ويبدو أن لوتيرو وزملاءها سيخصصون حيزاً ضمن مشروعهم لوضع خطة مستقبلية تراعي هذه الأسئلة.
بشكل عام، نادراً ما يدخل العلماء زراً لوقف العمل في مشروعاتهم، ولكن هذا الزر ضروري جداً إذا كان المصممون ينوون السيطرة على النتائج غير المشكورة لعملهم.
شكَّلت فكرة مواجهة الجانب غير الواضح من التصاميم العلمية، الموضوع الأساسي لمبادرة أطلقها متحف الفن الحديث (نيويورك) عام 2015، تحت عنوان «التصميم والعنف» تحت إشراف باولا أنتونيلِّي التي كتبت ما يلي: «يحتاج التصميم إلى مراجعة دقيقة للحقيقة. يجمع المطورون والمصممون في جميع الصناعات من المباني والملابس إلى آلات التحميص والملصقات والمدن، على الاحتفال بسذاجة بالتأثير الإيجابي لأعمالهم الفنية على تجاربنا اليومية. ولكن التصاميم تخفي تاريخاً من العنف أيضاً لا تتم ملاحظته عادة، إلا في حال كان مرتبطاً بالقمع السياسي والاجتماعي أو بالثورات».
تلجأ شركات التقنية اليوم وبشكل متزايد إلى العلماء والجهات المتخصصة في الجوانب الأخلاقية، لدراسة آثار منتجاتهم المدعومة بالذكاء الصناعي قبل أن يطلقوها. يُعد مختبر «النتائج غير المقصودة للتقنية» (Unintended Consequences of Technology lab) في سان فرنسيسكو منصة من المنصات القليلة جداً التي يمكن للشركات الناشئة الاستعانة بها لحل الصراع المرتبط بآثار أفكارها في المراحل المبكرة قبل إطلاق منتجاتها.
في مقابلة لها مع موقع «كوارتز»، اعتبرت لوتيرو أن من المفيد العمل مع ممول تجاري يتقبل النجاحات والإخفاقات التي قد يمر بها أي ابتكار، وأنها وفريقها لم يشعروا بأي ضغوط من شركة «طوكيو غاز» لجهة تسريع تطوير «رايكي»؛ بل على العكس، أُتيح لهم تقديم التقارير وورش العمل حول المشروع.
وتضيف: «أعتقد أننا كمصممين، وباحثين، ومهندسي عمارة، وعلماء يعملون اليوم في صناعة المستقبل، علينا أن نخصص وقتاً لدراسة أسوأ السيناريوهات التي قد تحصل في كل مشروع»؛ مشيرة إلى أن دراسة كافة تأثيرات علم الأحياء التركيبي، تشكل جزءاً مهماً من هدفهم.
وأخيراً، تختم لوتيرو قائلة إن «هذه الدراسة مهمة جداً، لا سيما اليوم ونحن بحاجة ماسة لحلول تنقذ الكوكب».
- «كوارتز» - خدمات «تريبيون ميديا»



هل تجد البشرية نفسها في «مسار تصادمي» مع الذكاء الاصطناعي؟

سواريس أثناء فعاليات «قمة الأفكار التي تُغير العالم»
سواريس أثناء فعاليات «قمة الأفكار التي تُغير العالم»
TT

هل تجد البشرية نفسها في «مسار تصادمي» مع الذكاء الاصطناعي؟

سواريس أثناء فعاليات «قمة الأفكار التي تُغير العالم»
سواريس أثناء فعاليات «قمة الأفكار التي تُغير العالم»

أعرب باحثون في طليعة أبحاث الذكاء الاصطناعي، وقادة العديد من المنصات الرئيسية - من جيفري هينتون إلى يوشوا بنجيو، وديميس هاسابيس، وسام ألتمان، وداريو أمودي، وإيلون ماسك - عن مخاوفهم من أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى فناء البشرية، كما كتبت آنا لويز جاكسون (*).

كتاب «إذا بناه أحد، سيموت الجميع»

كتاب جديد عن احتمالات نهاية العالم

غير أن هذه الاحتمالات التي ذكرها بعض خبراء الذكاء الاصطناعي هؤلاء، والتي تصل فيها احتمالية وقوع نهاية العالم إلى نسبة 25 في المائة، لا تزال «متفائلة بشكل مفرط»، كما يقول نايت سواريس، رئيس معهد أبحاث الذكاء الآلي، (MIRI)، المؤلف المشارك لكتاب «إذا بناه أحد، سيموت الجميع» If Anyone Builds It, Everyone Dies الذي حقق أعلى المبيعات أخيراً.

ويجادل سواريس بأن المسار الذي نسلكه مع الذكاء الاصطناعي يتجه نحو كارثة، ما لم يتغير شيء جذرياً.

تصرفات وسلوكيات غير متوقعة

يستكشف الكتاب، الذي شارك في تأليفه الباحث إيليزر يودكوفسكي، التهديدات المحتملة التي يشكلها «الذكاء الخارق»، أو أنظمة الذكاء الاصطناعي النظرية التي تفوق ذكاء البشر.

وصرح سواريس في فعاليات «قمة الأفكار التي تُغير العالم»، التي استضافتها مجلة «فاست كومباني» وجامعة جونز هوبكنز في واشنطن العاصمة الشهر الماضي: «نحن نُنمّي نوعاً ما أنظمة ذكاء اصطناعي تتصرف بطرق لم يطلبها أحد، ولديها دوافع وسلوكيات ناشئة لم يتوقعها أحد».

وأضاف: «إذا حصلنا على أنظمة ذكاء اصطناعي فائقة الذكاء تسعى لتحقيق غايات لم يرغب بها أحد، فأعتقد أن النتيجة الحتمية هي هلاك جميع سكان الأرض».

أهمية التأمل في النتائج السلبية

شبَّه سواريس عمل بعض رواد الذكاء الاصطناعي ببناء طائرة أثناء تحليقها من دون عجلات هبوط، وقال إنه لا يتم إيلاء الاهتمام الكافي للنتائج السلبية المحتملة لهذه التقنية. مؤكداً أن حجم الاستثمارات العالمية التي تُضخ في الذكاء الاصطناعي يُظهر أن الناس يراهنون على أنه لن يكون «فشلاً ذريعاً».

خياران مجنونان

لكن هناك خياران «مجنونان» آخران: إما أن يُؤتْمِت الذكاء الاصطناعي العمل البشري بالكامل بشكل جذري، مما يؤدي إلى سيطرة فئة قليلة جداً على الاقتصاد، أو أن يصبح فائق الذكاء ويقضي على الجميع.

وأضاف سواريس: «لم يستوعب العالم بعد مدى خطورة هذا الذكاء الاصطناعي».

التعبير عن المخاوف يعزز التفاؤل

لكن هناك بعض الأسباب للتفاؤل، كما قال سواريس، إذ ما إن يشعر الكثيرون بالقلق حيال مستقبل الذكاء الاصطناعي ويعبرون عن مخاوفهم، فإن هذا يُنذر بوضع «هش» (في مجالات تطويره).

«ربما إذا تساءل عدد كافٍ من الناس: لحظة، ماذا نفعل الآن؟ ما هذا بحق الجحيم؟»، كما يشير سواريس. ويضيف: «ربما يُزلزل ذلك العالم بأسره ويجعله يقول: يا إلهي، لنغير مسارنا».

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


من هارفارد إلى منهاتن… خريطة طريق جديدة لعكس المرض ومكافحة الشيخوخة

دراسة ترابط الدماغ والقلب والميتوكوندريا... لفهم الشيخوخة
دراسة ترابط الدماغ والقلب والميتوكوندريا... لفهم الشيخوخة
TT

من هارفارد إلى منهاتن… خريطة طريق جديدة لعكس المرض ومكافحة الشيخوخة

دراسة ترابط الدماغ والقلب والميتوكوندريا... لفهم الشيخوخة
دراسة ترابط الدماغ والقلب والميتوكوندريا... لفهم الشيخوخة

في قلب منهاتن، التقت «الشرق الأوسط» حصرياً، مع أحد أبرز العقول التي تعيد رسم مستقبل الطب: الدكتور صلاح الدين هلسة البروفسور في جامعة هارفارد، الذي جاء إلى نيويورك ليكشف لنا ملامح كتابٍ أثار اهتمام العالم الطبي، كتاب لا يكتفي بطرح أفكار جديدة، بل يقدّم ما يشبه «خريطة طريق» لإعادة كتابة علاقة الإنسان بمرضه وزمنه وعمره البيولوجي.

البروفسور صلاح الدين هلسة داخل مختبره أثناء شرحه آليات تحليل العمر البيولوجي

قراءة إيقاع العمر

هذا العمل الذي شارك في تأليفه أربعة من كبار الأطباء العالميين - لا يَعِد بمعجزة، ولا يبيع وهماً؛ بل يقدّم منهجاً علمياً متماسكاً، قائماً على فهمٍ أعمق للأيض الخلوي، وتجديد الأنسجة، وقراءة إيقاع العمر في داخل الجسم. وهو كتاب يستعين بالذكاء الاصطناعي لا بوصفه تقنية مساعدة، بل كنافذة جديدة يرى من خلالها الطبيب ما كان يختبئ خلف أعراض صامتة، وما كان يبدأ قبل سنوات من لحظة التشخيص.

الأمراض المزمنة ليست ألغازاً... إنها تبدأ من نقطة واحدة

وفي حديثه بدأ البروفسور صلاح الدين هلسة بقوله: «الأمراض المزمنة ليست ألغازاً معقدة. إنها تبدأ من نقطة واحدة: خلل مبكر في طريقة تواصل خلايا الجسم. وإذا أمكن قراءة هذا الخلل في الزمن المناسب... يمكن إيقاف المرض، بل وعكس مساره».

لم تكن هذه الكلمات مجرد افتتاح، بل كانت المفتاح الفكري الذي يقوم عليه الكتاب كله. فعالم الطب، كما يوضح هلسة، ظلّ لعقود طويلة يتعامل مع المرض عندما يصبح صارخاً وواضحاً: السكري بعد أن يرتفع السكر، ارتفاع ضغط الدم بعد أن يتصاعد الضغط، هشاشة بعد أن يحدث الكسر. لكن ما يكشفه العلم الحديث اليوم هو أن البدايات الفعلية للمرض تتشكّل قبل سنوات من لحظة التشخيص، وأن الخلايا ترسل إشارات خافتة لا يسمعها الطبيب إلا إذا امتلك الأدوات التي تكشف ما تحت السطح وما وراء الأعراض.

البداية من الخلية... لا من العَرَض

يوضّح البروفسور هلسة أن الطريق إلى فهم المرض لا يبدأ من الأعراض التي يراها الطبيب، بل من الخلية نفسها؛ تلك الوحدة الصغيرة التي تحمل داخلها سرّ الصحة وسرّ الانهيار في آنٍ واحد. ويشير إلى أن نحو 80 في المائة من الأمراض المزمنة - من السكري إلى أمراض القلب والسرطان - تشترك في خيط بيولوجي واحد يبدأ بالضغط الخلوي (Cell Stress)، واضطراب عمل الميتوكوندريا المسؤولة عن إنتاج الطاقة، ثم يتطور بصمت عبر تراكم الالتهابات الخفية التي تعمل لسنوات دون أن يشعر بها المريض.

وفي لقائه، يلخّص البروفسور هذه الرؤية بكلمات لافتة: «الخلية هي وحدتنا الأولى. فإذا فُهمت جيداً، فُهم كل شيء بعدها».

هذه العبارة - كما يصفها - ليست مجازاً علمياً، بل قاعدة ذهبية لفهم كيف ينشأ المرض وكيف يمكن إيقافه قبل أن يتحوّل إلى معاناة واضحة تُجبر الطبيب على التدخل.

غلاف الكتاب الجديد

الذكاء الاصطناعي... الطبيب الذي يرى ما لا نراه

لم تعد التقنيات الحديثة تقتصر على تحليل صور الأشعة أو قراءة السجلات الطبية؛ فقد بات الذكاء الاصطناعي قادراً على:

- بناء عمر بيولوجي لكل عضو على حدة.

- اكتشاف الأمراض قبل 5 إلى 10 سنوات من ظهورها.

- التنبؤ بأنماط الشيخوخة وتسارعها.

- تصميم بروتوكولات علاجية شخصية لكل مريض.

ويقول هلسة في حديثه: «الذكاء الاصطناعي لا يستبدل الطبيب، بل يعطيه عيوناً جديدة».

من الوقاية... إلى الوقاية الاستباقية

يشرح البروفسور هلسة أن الوقاية لم تعد فحوصاً سنوية روتينية، بل منظومة متكاملة تشمل: تحليل الدم المتقدم، وقياس المؤشرات الالتهابية الخفية، وقراءة الميكروبيوم، وتقييم الأداء الخلوي، وتتبع النوم والإجهاد، ثم دمج كل هذه البيانات في خوارزميات ذكاء اصطناعي قادرة على التنبؤ بخطر المرض قبل ظهوره.

هل يمكن إبطاء الشيخوخة؟

يُوضّح البروفسور هلسة أن الحديث عن الشيخوخة لم يعد خيالاً علمياً، قائلاً: «نحن لا نتحدث عن إيقاف الزمن، بل عن تحسينه. فهناك اليوم أدلة واضحة على أن بعض المسارات البيوكيميائية يمكن إعادة ضبطها. نحن لا نطيل العمر فقط... بل نعيد جودة الحياة إلى مركزه». وهذه الرؤية، كما يشرح: تُحوّل الشيخوخة من قدر محتوم إلى عملية يمكن توجيهها وتعديل سرعتها.

«المريض الكامل»... رؤية جديدة

يقدّم الكتاب الذي نشر بعنوان The Metabolic Codex (المدوّنة الأيضية)، نموذج «المريض الكامل» الذي يرى الإنسان كمنظومة مترابطة؛ فكل عضو يؤثر في الآخر: القلب بالنوم، والدماغ بالغذاء، والمناعة بالحالة النفسية، والشيخوخة بإيقاع الميتوكوندريا.

ويوجز البروفسور هلسة هذه الفكرة بعبارة لافتة: «لا يوجد مرض منفصل. يوجد إنسان واحد».

من هارفارد إلى العالم العربي

وفي تصريحه الخاص بـ«الشرق الأوسط»، يشيد البروفسور هلسة بالدور المتنامي للمنطقة في تبنّي الطب المستقبلي، قائلاً: «الشرق الأوسط يمتلك طاقة بشرية وصحية هائلة، وما تقوم به السعودية في مجال الذكاء الاصطناعي والطب الوقائي قد يجعلها في مقدمة الدول القادرة على تطبيق هذا النموذج الجديد. وهذه المنطقة - بخططها الطموحة واستثماراتها في التقنيات الطبية - قادرة على أن تتحول إلى منصة عالمية لإعادة تعريف مفهوم الصحة».

ويضيف أن البيئة البحثية في المملكة، وما تشهده من مبادرات في البيانات الصحية، والطب الدقيق، والتوأم الرقمي، تؤهلها لتكون من أوائل الدول التي تنقل هذا العلم من المختبرات إلى الحياة اليومية للمرضى

تطلعات المستقبل

هذا الكتاب ليس مجرد تأليف أكاديمي، بل إعلان بداية مرحلة جديدة من الطب: طبّ ذكي، وشفاف، واستباقي، وشخصي... طبّ لا ينتظر المرض ليظهر، بل يعترضه قبل أن يولد. رؤيةٌ تعيد تعريف العلاقة بين الإنسان وعمره البيولوجي، وتفتح باباً كان مغلقاً لعقود أمام فكرة «عكس المرض» بدل الاكتفاء بإدارته.

وفي ختام اللقاء، عبَّر البروفسور هلسة عن تطلّعه - مع فريق مؤلفي الكتاب - لزيارة الشرق الأوسط، ولا سيما السعودية، لبحث فرص التعاون في تحويل هذه المفاهيم العلمية إلى برامج عملية؛ من الطب الوقائي إلى الذكاء الاصطناعي الصحي، ومن العيادات الذكية إلى منصات العمر البيولوجي. وأضاف: «نحن مستعدون للعمل مع المنطقة لخلق نموذج صحي جديد... يبدأ من هنا، ويصل أثره إلى العالم».


«ناسا» تفقد الاتصال بالمركبة «مافن» التي تدور حول المريخ منذ عقد

المركبة «مافن» (أ.ب)
المركبة «مافن» (أ.ب)
TT

«ناسا» تفقد الاتصال بالمركبة «مافن» التي تدور حول المريخ منذ عقد

المركبة «مافن» (أ.ب)
المركبة «مافن» (أ.ب)

فقدت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) الاتصال بمركبة فضائية كانت تدور حول المريخ منذ أكثر من عقد.

ووفقاً لوكالة الأنباء الألمانية، توقفت المركبة «مافن» فجأة عن التواصل مع المحطات الأرضية خلال مطلع الأسبوع. وقالت وكالة ناسا، هذا الأسبوع، إن المركبة كانت تعمل بشكل طبيعي قبل أن تختفي خلف الكوكب الأحمر، وعندما عادت للظهور، لم يكن هناك سوى الصمت.

وبعد إطلاقها في 2013، بدأت المركبة «مافن» دراسة الغلاف الجوي العلوي للمريخ، وتفاعله مع الرياح الشمسية، وذلك بمجرد وصولها إلى الكوكب الأحمر في العام التالي.

وتوصل العلماء في نهاية الأمر إلى تحميل الشمس مسؤولية فقدان المريخ لمعظم غلافه الجوي في الفضاء عبر العصور، ما حوّله من كوكب رطب ودافئ إلى الكوكب الجاف والبارد الذي هو عليه الآن.

وعملت مركبة «مافن» أيضاً كحلقة وصل للاتصالات لعربتي «ناسا» الاستكشافيتين على المريخ؛ «كيوريوسيتي» و«بيرسيفيرانس». وقالت وكالة ناسا إن تحقيقات هندسية تجري حالياً.