مدن ليبية نائية «خائفة» من عجز حكومي عن فحص «كورونا»

الإصابات تتركز غرب البلاد... ومخاوف من تزايد الانتشار

 مدينة غات
مدينة غات
TT

مدن ليبية نائية «خائفة» من عجز حكومي عن فحص «كورونا»

 مدينة غات
مدينة غات

اشتكت مدن ليبية نائية في أقصى الصحراء الغربية من «الإهمال الحكومي» وتركها تواجه الآثار الوخيمة لفيروس «كورونا» وحيدة من دون دعم مالي يمكنها من توفير الأدوات اللازمة لفحص مواطنيها، فيما تسود حالة من «الخوف والتشكك، من انتشار الفيروس لعدم إخضاع باقي المواطنين في غالبية البلاد لذات الإجراء».
وسجلت ليبيا 10 حالات مؤكدة بالفيروس منتصف الأسبوع، بعدما أعلن المركز الوطني لمكافحة الأمراض تسجيل إصابتين جديدتين؛ وقال مدير المركز الدكتور بدر الدين النجار، أمس، إن حالة أول إصابة تم تسجيلها لشخص يبلغ من العمر 73 عاماً، في تحسن مستمر ويتماثل للشفاء بصور مُرضية. وأضاف النجار في بيان نشره المركز أمس «بانتظار نتيجة التحليل السالبة (لمرتين متتاليتين) حتى يتأكد خلوه من الفيروس لإعطاء الإذن بالخروج من المستشفى في وقت قريب».
وقال القائمون على مدينة غات إنهم «سيواجهون كارثة إذا تسلل الفيروس إلى منطقتهم الفقيرة، لعدم توفر سبل المقاومة اللازمة، بجانب افتقار الوحدات الصحية إلى ملابس العزل الخاصة بالطواقم الطبية».
وغات مدينة تقع في صحراء ليبيا الغربية على مشارف الحدود الليبية الجزائرية، وسبق أن ضربتها السيول مرات عدة، وأطاحت بكثير من المنازل وشردت مئات من الأسر. وقال حسن الناني مدير إدارة الخدمات الصحية بمستشفى غات، في تصريحات صحافية أمس، إنهم بدأوا في تجهيز غرف الحجز الطبي من خلال التنسيق بين المؤسسات، «لكن المستشفى ليس به ملابس واقية للأطقم الطبية».
ونقلت «قناة 2018» الإخبارية الليبية، أمس أن «الأطقم الطبية ترفض التعامل مع الحالات المشتبه بها لعدم توفر الملابس العازلة». وقال مسؤول محلي بالمدينة لـ«الشرق الأوسط» رفض ذكر اسمه لأنه غير مخول له التحدث للإعلام، إن «الحكومات المتعاقبة أهملتنا، والآن لم نجد الأموال اللازمة لشراء الأجهزة والملابس الواقية للأطقم الطبية بسبب تأخر الدعم».
وخصص المجلس الرئاسي 75 مليون دينار، (الدولار يساوي 4.95 دينار) من نفقات الطوارئ لدعم جميع البلديات والمجالس المحلية واللجان التسييرية في عموم البلاد، لكن بلديات رفضتها، متعللة «بأنها قليلة ولا تكفي لتوفير مستلزمات لمواجهة (كورونا)».
وسبق أن أعلنت بلدية «زوارة» (غرب البلاد) رفضها للاعتماد الذي أقره المجلس الرئاسي؛ وقالت إنها ستنشئ صندوق تبرعات، كما اتخذت بلدية «نالوت» نفس الإجراء، ورأى المجلس البلدي في بيان أمس، أن «الرئاسي» رصد لهم 367 ألف دينار، وهذا المبلغ «لا يكفي لتسيير مستشفى المركزي لمدة شهر». وقال المركز البلدي لـ«نالوت»: «نحن منطقة حدودية، ونعتبر من خطوط الدفاع الأولى عن الأمن القومي الصحي لليبيا»، محملا الجهات المعنية «المسؤولية في حال انتشار الوباء في البلدية».
وتسري بين بعض الليبيين حالة من «الشماتة» لكون جميع الإصابات بالفيروس تتركز في مدن المنطقة الغربية الخاضعة لسلطة حكومة «الوفاق» المدعومة أممياً، في حين لم يُعلن عن إصابات مشابهة في المدن الواقعة تحت سيطرة «الجيش الوطني» بشرق البلاد، ويعزز هذا الحالة، التي أعلنت رفضها غالبية الأطراف، الانقسام السياسي الحاد في البلاد، منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي 2011. ودعا رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، إلى إعادة فتح الموانئ والمنشآت النفطية، مشيراً إلى أن الحاجة ماسة إلى العائدات النفطية لمجابهة فيروس «كورونا»، قبل أن يلفت إلى أن «دول العالم خصصت مبالغ طائلة لمواجهة هذا الوباء»، و«نحن الآن بحاجة ماسة إلى الأموال من أجل مجابهة هذا المرض».
وأضاف في تسجيل مصور، بثته الصفحة الرسمية للمؤسسة بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أمس، أن «توقف إنتاج النفط الذي يعد مصدر الدخل الوحيد لليبيا سوف يعيق التصدي لفيروس (كورونا)».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».