السراج يدعو لإنهاء انقسام «المركزي» ويحذّر من انهيار الاقتصاد

مدير «سياساته» يطالب بوقف دعم البلديات المنحازة لحفتر

TT

السراج يدعو لإنهاء انقسام «المركزي» ويحذّر من انهيار الاقتصاد

حذر فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» الوطني الليبي، من «أوضاع خطيرة» و«انهيار الاقتصاد الوطني»، إذا لم يتم توحيد المؤسسات المالية المنقسمة بالبلاد بسرعة، داعياً إدارة مصرف ليبيا المركزي إلى اجتماع عاجل عبر دوائر تلفزيونية مغلقة «لممارسة صلاحياته القانونية، وتولي مباشرة السلطات المتعلقة بتحقيق أهدافه وأغراضه، ووضع السياسات النقدية والائتمانية والمصرفية وتنفيذها».
وتأتي دعوة السراج في ظل تشاحن جانبي بين الأفرقاء السياسيين بالبلاد، على خلفية مطالبة مسؤول السياسات في مكتبه بحرمان البلديات المنحازة للمشير خلفية حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، من دعم الطوارئ المخصص لمكافحة فيروس «كورونا».
وقال السراج في بيان نشره مكتبه الإعلامي أمس: «في هذه الأوقات الحرجة نؤكد على قيام مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي بأعماله، وتحمل مسؤوليته الجماعية أمام الوطن والشعب، وإصدار القرارات، واتخاذ الخطوات اللازمة، التي من شأنها الشروع في خطوات وإجراءات توحيد مصرف ليبيا المركزي، ونحن على استعداد لاتخاذ كل ما من شأنه لانعقاد الاجتماع، ومتابعة ما يصدر عنه من قرارات في مصلحة ليبيا وشعبها».
ويعاني المصرف المركزي من انقسام بين مصرفين منذ عام 2014، الأول في طرابلس برئاسة الصديق الكبير، وآخر فرعي بشرق البلاد، برئاسة علي الحبري، ما تسبب في تأخر ضخ مرتبات العاملين بالدولة على مدار الشهرين الماضيين.
وفيما أعرب عن أمله في أن «يؤدي هذا العمل الوطني إلى المزيد من الخطوات، التي من شأنها حماية الاقتصاد الوطني من الانهيار»، دعا السراج البعثة الأممية في ليبيا إلى تقديم المساندة الفنية اللازمة لتيسير هذا الاجتماع ودعم مخرجاته.
وقال بهذا الخصوص: «في ظل ما تفرضه خطورة الحالة نحن مطالبون بالارتفاع فوق الخلافات والنزاعات، وأن يستعيد مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي مجتمعاً مهامه، وإنهاء حالة الانفراد بالقرار والسيطرة الأحادية على السياسة النقدية، وفرض وجهة نظر شخص واحد، أو وقف دون سابق إنذار، ولا إخطار منظومات المقاصة والتحويلات، وتأخّر عن تنفيذ أذونات صرف المرتبات الشهرية المحالة إليه شهراً بشهر من وزارة المالية، مما ألحق ضرراً فادحاً بدخول المواطنين في بلد يعتمد معظم مواطنيه على المرتبات والمعاشات».
وزاد السراج من تحذيراته قائلاً: «ما لم نتحرك سريعا وفق ما تفرضه القوانين، وما تقتضيه الظروف فإننا قد نجد الوطن وشعبه أمام أوضاع خطيرة جداً، صحياً واقتصادياً ومعيشياً، وفي هذا الشأن لن يصبح ثمة معنى لأي تحرك، وعمل بعد فوات الأوان».
وعمت حالة من الغضب غالبية المدن بشرق وجنوب ليبيا، بعد مطالبة محمد الضراط، مدير السياسات العامة لرئيس المجلس الرئاسي، بشكل رسمي، فائز السراج بوقف الميزانية المخصصة لبلديات المنطقة الشرقية والجنوبية، وبعض بلديات المنطقة الغربية، من دعم الطوارئ، المخصص لمكافحة فيروس «كورونا»، معتبرا أنها «مرتع للمرتزقة من القادمين لمساندة (المعتدي) على العاصمة طرابلس». في إشارة إلى المشير خليفة حفتر.
ومضى الضراط يقول في بيانه، الذي أثار موجة من الاستغراب: «هذه البلديات، وخاصة في المنطقتين الشرقية والجنوبية، تعاني من عدم الشفافية والتكتم في إصدار البيانات والإحصاءات بخصوص وباء (كورونا)، الأمر الذي يزيد من غموض الوضع، ويجعل الشكوك تحوم حول الغرض من طلب الميزانيتين والادعاء بأنها لمواجهة الفيروس».
وقال الضراط إن «هذه الأموال ستستخدم حتماً في دعم واستمرار الحرب وإطالة أمدها، وكأننا أعطينا (المعتدي) طوق نجاة لإنقاذ نفسه وتقوية موقعه بدعم مجهوده الحربي والإنفاق على المرتزقة، وهذا يعني الاستمرار في معاناة العاصمة والشعب الليبي، والمزيد من القتلى من كلا الطرفين».
وتابع الضراط مستدركا: «نحن لا نرضى أن تعاني البلديات من ضائقة مالية ومن تهديد (كورونا). لكن الوضع الحالي يؤكد أن الضائقة المالية للبلديات لن تحل، وأن الوباء لن تتم مواجهته بهذه الميزانيات، بل ستذهب للمزيد من تسعير الحرب والدمار».
ورد المحلل السياسي الليبي عيسى عبد القيوم على تصريحات مدير دعم سياسات السراج، ووصفها بـ«الصلف والغرور»، وقال: «هذه التصرفات هي التي تجعلنا نؤكد بأنهم يدفعون البلد إلى هاوية التقسيم لإلحاق نصفها بالترك والباب العالي، ويؤكدون لنا بأنه لا أمل في شفائهم إلا بالكي».
وانتهى عبد القيوم موجهاً حديثه للضراط بأن الأموال التي يطالب بحجبها عن البلديات، الداعمة لـ(الجيش الوطني) في حرب طرابلس، «هي من عائدات النفط».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».