متاجر البقالة... طوق النجاة أمام المعزولين للاختلاط

إيطاليون يصطفون في صف أمام «سوبرماركت» شمال إيطاليا (رويترز)
إيطاليون يصطفون في صف أمام «سوبرماركت» شمال إيطاليا (رويترز)
TT

متاجر البقالة... طوق النجاة أمام المعزولين للاختلاط

إيطاليون يصطفون في صف أمام «سوبرماركت» شمال إيطاليا (رويترز)
إيطاليون يصطفون في صف أمام «سوبرماركت» شمال إيطاليا (رويترز)

عادة، لا يعتبر التسوق من بين الأمور الممتعة للقيام بها؛ لكن مع إغلاق المقاهي والمطاعم والنوادي الليلية في معظم أنحاء العالم، اكتسب الخروج لشراء البقالة أهمية كبيرة بالنسبة إلى كثير من الناس.
وحالياً، أصبح متجر «السوبرماركت» المحلي شريان حياة شخص واحد على الأقل من سكان روما، وهو ماسيمو موي، البالغ من العمر 56 عاماً، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
As coronavirus slams Italy, paralysis and anxiety spread - Reuters
وقال موي الذي يخطط للتسوق مرتين في الأسبوع في حي مونتي في روما، منذ أن فرض إغلاق في البلاد في وقت سابق من هذا الشهر للحد من تفشي فيروس «كورونا»: «إنه المكان الوحيد الذي أرى فيه الناس في الحياة الواقعية».
ويرتب هو وثلاثة أو أربعة من أصدقائه رحلاتهم مسبقاً، ويلتقون في المتجر.
وأضاف موي لوكالة الصحافة الفرنسية: «نقف في طابور، ونحافظ على مسافة آمنة بيننا بالطبع ونتحادث».
Italy battles 'explosion' of coronavirus cases as third patient ...
بمجرد دخولهم، يسير الأصدقاء في خط مستقيم بفارق متر واحد بعضهم عن بعض، ويعودون للالتقاء عند الخروج ليودع بعضهم بعضاً.
وتابع موي: «ثم أعود إلى منزلي؛ حيث تعيش معي قطتان، هما (أوديت) و(أنيتا). أنا أحبهما كثيراً؛ لكنهما لا تجيدان التحادث».
وقال فيما يتعلق بمكالمات الفيديو، إنها «لا يمكنها أن تحل مكان اللقاءات الحقيقية».
Italy GDP contracts in third-quarter for first time in four years ...
وقد لاحظ المسؤولون المحليون أن المحلات التي تبيع المواد الغذائية تعد الآن من بين آخر مواقع التجمع المتبقية في المدن المقفرة التي طُبقت فيها تدابير الاحتواء، وهم حريصون على منع تشكل بؤر جديدة للعدوى.
وأعلنت رئيسة بلدية روما، فرجينيا راجي، عن إطلاق عمليات تطهير وتعقيم في المناطق التي لا تزال تشهد حضوراً كبيراً للأشخاص، بما فيها الصيدليات ومحلات «السوبرماركت» والمستشفيات.
France to impose Italian-style coronavirus lockdown | Daily Sabah
وعند دخول المتاجر، يطلب عديد من التجار من الزبائن وضع القفازات التي يرتديها الموظفون أيضاً إلى جانب الأقنعة.
وقال موي: «الأمر أشبه بكونك في المستشفى».
في إسبانيا؛ حيث أودى الوباء بحياة أكثر من 3400 شخص، يُطلب من الزبائن أحياناً تطهير أيديهم، ووضع القفازات، وترك ممتلكاتهم الشخصية عند المدخل قبل بدء التسوق.
وفي مدريد، قال القصَّاب سيليستينو لوبيز من خلف المنضدة، إن «المحادثات مع الزبائن أصبحت الآن أقصر بكثير».
أما في إيطاليا، فقامت بعض متاجر البقالة بتثبيت ألواح «بليكسيغلاس» عند نقطة الدفع، لمنع الاتصال بين محاسبي الصناديق والزبائن.
وأشار موي إلى أنه رغم ذلك، عندما يكاد الزبون يقف وجهاً لوجه مع أمين الصندوق، يصبح الوقت مؤاتياً لسرقة القليل من الاختلاط الاجتماعي.
ولاحظ موي أن «الموظفين أصبحوا لطيفين وأكثر ترحيباً من المعتاد؛ خصوصاً الأصغر سناً».
وتابع: «أصبح إلقاء نكتة أو الابتسام في هذه اللحظات الصعبة ثميناً فعلاً. أنا أقدره كثيراً».
في لومباردي في شمال إيطاليا، المنطقة الأكثر تضرراً في إيطاليا مع أكثر من أربعة آلاف وفاة بسبب فيروس «كورونا»، بدأت بعض سلاسل المتاجر الكبرى في قياس درجات حرارة الزبائن، باستخدام الماسحات الحرارية عند المدخل.


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.