لماذا تعد الإحصائيات الرسمية لـ«كورونا» مضللة وخطيرة؟

عمال صحيون يجرون اختبار «كورونا» لمواطنة بكوريا الجنوبية (إ.ب.أ)
عمال صحيون يجرون اختبار «كورونا» لمواطنة بكوريا الجنوبية (إ.ب.أ)
TT

لماذا تعد الإحصائيات الرسمية لـ«كورونا» مضللة وخطيرة؟

عمال صحيون يجرون اختبار «كورونا» لمواطنة بكوريا الجنوبية (إ.ب.أ)
عمال صحيون يجرون اختبار «كورونا» لمواطنة بكوريا الجنوبية (إ.ب.أ)

تقول الإحصائيات الرسمية إن وباء كورونا المستجد أودى بحياة ما لا يقل عن 24663 شخصاً في العالم منذ ظهوره في ديسمبر (كانون الأول)، في الصين، وأصاب نحو 539360 شخصاً في 183 دولة ومنطقة.
وبحسب شبكة «سي إن إن» الأميركية، فقد طور علماء متخصصون في مركز العلوم والهندسة، بجامعة «جونز هوبكنز» بالولايات المتحدة، خريطة تفاعلية تتضمن الإحصاءات الرسمية حول عدد المصابين والوفيات بفيروس كورونا حول العالم. وقالت الجامعة إن هناك أكثر من مليار شخص يشاهد هذه الخريطة يومياً.
وقد حذر الخبراء من قيام الأشخاص بمقارنة البيانات الرسمية الخاصة بالدول المختلفة، كمحاولة منهم لتحديد طريقة تصدى البلدان المختلفة لهذا الوباء، ومدى فاعلية هذه الطريقة وتأثيرها في عدد الإصابات والوفيات.
وأوضح الخبراء أن هذه البيانات والإحصائيات الرسمية قد تكون مضللة لعدة أسباب، منها أن الدول لديها معايير إبلاغ مختلفة لعدد الحالات، ولديها نهج مختلف لاختبار كورونا، ونهج مختلف لتتبع الحالات المصابة به.
وتقول شيلا بيرد، عالمة الإحصاء الحيوي البريطانية الأستاذة بجامعة كامبريدج، إن «كيفية إجراء الاختبارات، والحالات التي يجب إجراء الاختبارات لها، كانت مجال اختلاف داخل البلد الواحد، وليس فقط على المستوى الدولي».
وأضافت: «تقوم بعض الدول بشكل مستمر بتغيير المعايير التي يتم على أساسها إجراء اختبارات للمواطنين، ما يعني أن عدد الإصابات المعلن عنه سابقاً من المحتمل أن يكون غير صحيح».
وبيرد هي أحد العلماء البارزين الذين طالبوا حكومة المملكة المتحدة بضرورة إجراء مزيد من اختبارات كورونا، وتقديم مزيد من البيانات الدقيقة.
وتقول حكومة المملكة المتحدة إن النظام الصحي لا يملك حالياً القدرة على اختبار كل شخص يعاني من أعراض «كوفيد-19».
ووفقاً للحكومة، يتم إجراء اختبار فقط لأولئك المرضى الذين يعانون من أعراض شديدة، ويحتاجون لتلقي علاج في المستشفى.
وحسب الإحصائيات الرسمية، سجلت بريطانيا 578 حالة وفاة بفيروس كورونا حتى الآن، فيما زاد عدد الإصابات المؤكدة إلى 11658 حالة.
أما في ألمانيا، فيتم اختبار أي شخص تظهر عليه أعراض تشبه أعراض الإنفلونزا، وأي شخص كان على تواصل مع حالة إصابة مؤكدة قبل 14 يوماً من تأكيد الإصابة، بالإضافة إلى الأشخاص الذين سافروا إلى منطقة عالية الخطورة.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن عدد الوفيات بفيروس كورونا وصل إلى أكثر من 270 حالة في جميع أرجاء ألمانيا، في حين وصل عدد الإصابات إلى أكثر من 43700 إصابة.
وفي كوريا الجنوبية، هناك وصول مجاني وسهل للاختبار لأي شخص يراه الطبيب بحاجة إليه، وقد قامت السلطات باستخدام بيانات تحديد المواقع التي تتيحها الهواتف الذكية في تتبع المخالطين للمرضى المصابين بالفيروس.
وتقول الإحصائيات الرسمية إن عدد الإصابات بكورونا في كوريا الجنوبية وصل إلى 9332 حالة، في حين بلغ عدد الوفيات 131 حالة.
ويقول الخبراء إن العدد المنخفض نسبياً من الاختبارات التي أجريت في المملكة المتحدة يفسر سبب قلة عدد حالات الإصابة التي أعلن عنها رسمياً، مقارنة بعدد الحالات التي تعلنها الدول الأوروبية الأخرى، والتي يتم فيها إجراء الاختبارات على نطاق أوسع.
وقال مايك تيلديسلي، الأستاذ المساعد في جامعة ووريك البريطانية: «من الخطر الاعتماد على الأرقام الرسمية، وافتراض أنها تعطينا إحصاءً دقيقاً لإجمالي عدد المصابين».
ونصح تيلديسلي، بدلاً من ذلك، بالتركيز على الرسوم البيانية التي تظهر التطور اليومي للوباء في مختلف الدول، قائلاً إنها ستكون أكثر دقة في تقدير حجم الكارثة بكل بلد، في ظل ثبات المعايير التي تقاس بها الحالات في هذه الدول.
ومن جهته، قال مارتن هيبرد، أستاذ الأمراض المعدية في كلية لندن للصحة العامة والطب المداري، إن البيانات الرسمية قد تتسبب في مشكلات خطيرة، خاصة مع إظهار هذه الأرقام قلة عدد حالات الإصابة في بلد ما.
وأوضح: «قد تجعل هذه الأرقام الرسمية المضللة بعض الناس يعتقدون أنه لا توجد حالات كثيرة بالبلاد، وأن الوضع ليس خطيراً، ما يدفعهم إلى تجاهل الإرشادات الصحية المهمة لمنع تفشي الفيروس، الأمر الذي قد يؤدي إلى كارثة في المستقبل».
ويضع العلماء كثيراً من الأمل على الاختبار «المنزلي» الذي قالت الحكومة البريطانية إنه سيكون جاهزاً خلال أيام، وسيتمكن من تحديد ما إذا كان الشخص مصاباً بكورونا أم لا، حيث يعتمد على الكشف عن الأجسام المضادة للفيروس في الدم. وسيساهم هذا الاختبار بشكل كبير في اكتشاف عدد أكبر من المصابين، وتحديد مدى انتشار الفيروس في البلاد.


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.