نتنياهو ينجح في شق حزب الجنرالات

تطورات درامية نحو تشكيل حكومة وحدة في إسرائيل

TT

نتنياهو ينجح في شق حزب الجنرالات

في تطور درامي جديد، تمكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من تفكيك حزب الجنرالات «كحول لفان» وضم الجناح الأكبر فيه «حوسن ليسرائيل» (حصانة لإسرائيل) بقيادة بيني غانتس إلى ائتلافه الحكومي وبقاء حلفائه الآخرين في المعارضة، جنبا إلى جنب مع «القائمة المشتركة». وكانت الخطوة الأولى في ذلك المسار انتخاب غانتس رئيسا للكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، بأصوات تكتل اليمين.
وقد أثارت هذه الخطوة انتقادات واسعة ضد غانتس، فاتهمه رفاقه السابقون، بـ«السذاجة»، وحذروه من أن التحالف مع نتنياهو هو انتحار. وكما قالت النائبة ميراف ميخائيلي من حزب العمل: «غانتس انضم اليوم إلى سلسلة طويلة من السياسيين الذين وثقوا بنتنياهو ووجدوا أنفسهم وراء السياج، وإلى سلسلة طويلة من السياسيين الذين حسبوا أنهم يوقعون اتفاقا مع نتنياهو ووجدوا أنفسهم مع ورقة لا تساوي قيمة الحبر الذي كتبت فيها، وانضم إلى سلسلة طويلة من السياسيين الذين وعدوا الجمهور بشيء ثم خلفوا وعودهم، وانضم إلى أولئك الذين أقنعوا الجمهور بأن هناك سياسيين مستقيمين يحاربون الفساد فعلا، ولكنهم في أول امتحان سقطوا وقبلوا بأن يخدموا تحت رئيس حكومة يواجه لائحة اتهام قوية باتهامات فساد خطيرة. هذا يوم أسود للسياسة الإسرائيلية».
ولكن مقربين من غانتس اعتبروا خطوته «موقفا وطنيا مسؤولا يلائم أوضاع الطوارئ التي تعيشها إسرائيل في ظل انتشار كورونا». وقالوا إن غانتس يضحي بنفسه وبمكانته السياسية الشخصية ويعطي فرصة لنتنياهو لكي ينهي حياته السياسية بعد عدة شهور. فإن خدعه نتنياهو، نخوض الانتخابات القادمة والجمهور يعرف كيف يعاقبه. وأكد هؤلاء أن نتنياهو، كان ينوي خوص انتخابات رابعة وهو قوي جماهيريا، مظهرا «كحول لفان» حزبا غير مسؤول متمسكا بالتحالف مع القائمة المشتركة للأحزاب العربية وليس بخدمة الجمهور، وهذه هي الطريقة الوحيدة لسد الطريق على نتنياهو حتى لا يفوز بدورة قادمة أخرى لليمين المغامر.
وكانت هذه التطورات قد نضجت، في الأيام الأخيرة، بعد تدخل رئيس الدولة، رؤوبين رفلين، الذي طلب من غانتس التوجه إلى الوحدة لمواجهة وضع الطوارئ. وتكلم معه نتنياهو عارضا الوحدة ومؤكدا أنه صادق في توجهه. وعرض عليه من جديد: تعال لحكومة وحدة معي واحصل على نصف منصب رئاسة الحكومة، بالتناوب معي، واحصل على نصف عدد الوزراء، حتى لو انقسم «كحول لفان» وجئت مع 15 نائبا فقط من مجموع 33 نائبا في كتلتك اليوم. ولكن نتنياهو وضع شرطا، وهو أن يكون غانتس رئيسا مؤقتا للكنيست، لا مرشح حزبه مئير كوهن، الذي لا يؤيد الوحدة. وبدأت الفكرة تتدحرج، فرشح غانتس، نفسه لرئاسة الكنيست، خلافا لرغبة الرجلين الثاني والثالث في القائمة، يائير لبيد، رئيس حزب «يوجد مستقبل» وموشيه يعلون، رئيس حزب «تيلم». وقد دعا غانتس رفاقه في الرباعية القيادية للاجتماع طالبا تأييده في مساعيه مع نتنياهو. لكن لبيد ويعلون رفضا وحذرا من خطورة تصرفه على مستقبل إسرائيل برمتها، «فنحن في عز معركة تاريخية لإنقاذ إسرائيل من سياسيي الفساد» واقترحا عليه أن يكمل المخطط الذي وضعوه معا قبل أيام ويقضي بالسيطرة على مؤسسات الكنيست تمهيدا للفوز بالحكم. لكنه قال إن هذه معركة محكومة بالفشل. وأيده النائب جابي اشكنازي في ذلك. وانفض الاجتماع من دون التوصل إلى نتيجة.
فتوجه غانتس إلى الكنيست لممارسة إجراءات انتخابه، وليكمل مفوضاته مع نتنياهو. وتوجه لبيد إلى نواب حزبه «يوجد مستقبل» داخل كحول لفان، وقال إن هذه نهاية «كحول لفان». وتم انتخاب غانتس بأصوات الليكود وبقية كتل اليمين، إضافة إلى نواب حزبه «حوسن ليسرائيل».
وقال غانتس إن الحكومة الجديدة التي يعمل على تشكيلها مع وبرئاسة نتنياهو، سوف تركز عملها بشكل أساسي على تحويل ميزانيات ومواجهة انتشار فيروس كورونا، وبعد نصف سنة تجري مفاوضات بين الجانبين حول خطوط عريضة آيديولوجية. وعندها، سيجري التناوب على رئاسة الحكومة بين نتنياهو وغانتس، وبحيث تُحسب فترة نصف السنة الحالية من فترة ولاية نتنياهو في التناوب، أي يكون نتنياهو رئيس حكومة لسنة ونصف السنة ثم يليه غانتس في رئاسة الحكومة.
ومع انقسام «كحول لفان»، يكون غانتس رئيسا لكتلة من 15 نائبا، بينما يستمر لبيد ويعلون في حمل اسم «كحول لفان» ولهما 18 نائبا. وبهذا سيكون لبيد رئيسا للمعارضة، التي ستضم أيضا القائمة المشتركة وتحالف اليسار.
وقد هاجمت القائمة المشتركة غانتس على تصرفه واعتبرته «غير أخلاقي» وقال رئيسها، النائب أيمن عودة، إنه كان قد تكلم مع غانتس وقال له: «أمامك طريقان. ننتصر معا وننظف الحياة السياسية من الفساد والعنصرية أو تستسلم لوحدك وتقوي طريق الفساد والعنصرية. فلا تضيع الفرصة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».