كشف أسرار التعديلات الجينية لإنتاج الأرز الذهبي

تتداوله 5 دول ويخضع للاختبار

كشف أسرار التعديلات الجينية لإنتاج الأرز الذهبي
TT

كشف أسرار التعديلات الجينية لإنتاج الأرز الذهبي

كشف أسرار التعديلات الجينية لإنتاج الأرز الذهبي

كشف علماء في جامعة كاليفورنيا أسرار إنتاج الأرز المهندَس وراثياً بمستويات عالية من «البيتا كاروتين» (المسمى الأرز الذهبي)، وذلك في دراسة نُشرت في العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن» مطلع مارس (آذار) 2020.
والأرز محصول غذائي رئيسي لأكثر من نصف سكان العالم. وتمت الموافقة على النوع المصمم وراثياً بمستويات عالية من «البيتا كاروتين» للاستهلاك في أكثر من 5 دول، بما في ذلك الفلبين، حيث ينتشر نقص فيتامين «A» بين الأطفال.
ولا تعد «البيتا كاروتين» مادة غذائية مهمة في حد ذاتها، بل تكمن أهميتها في علاقتها بـ(فيتامين إيه)، حيث يعمل الجسم على تحويلها إلى هذا الفيتامين المهم جداً لصحة البشرة وجهاز المناعة والأغشية الخلوية، بالإضافة إلى صحة العيون.
ووفق الدراسة، المنشورة في 4 مارس، استخدم الباحثون تقنية «كريسبر»، للقص الجيني التي لها العديد من المزايا تفوق الهندسة الوراثية النباتية التقليدية، والتي تستخدم ما يعرف بـ«المدفع الجيني» لنقل السمات المرغوب فيها إلى جينوم النبات.
ويعيب الطريقة التقليدية أنها قد تؤدي إلى تكامل عشوائي مع الجينوم، يؤدي إلى انخفاض كمية المحصول، حيث يكون تحقيق الفائدة الصحية على حساب البعد الاقتصادي، ويتم خلالها إكساء جسيمات من عنصر كيميائي، خصوصاً من الفلزات الثقيلة مثل جسيمات الذهب، بجزيئات الحمض النووي التي تحمل جينات مرغوباً فيها، ثم يتم قذفها على الخلايا المستهدفة.
يقول أوليفر دونغ، الباحث بمرحلة ما بعد الدكتوراه بمركز أمراض النبات والجينوم بجامعة كاليفورنيا، في تقرير نشره موقع الجامعة بالتزامن مع الدراسة: «بدلاً من هذه الطريقة استخدمنا تقنية (كريسبر) لنقل الجينات بدقة إلى المناطق الكروموسومية التي نعرف أنها لن تسبب أي آثار ضارة على الكائن الحي المضيف». و«كريسبر» هي تقنية للتعديل الجيني تتيح تعديل الحمض النووي للكائن الحي، من خلالها يمكن رصد التشوهات الجينية واستبدال عناصر أخرى في الحمض النووي بها، وتعتمد هذه التقنية على إنزيم (كاس 9)، والذي يكون بمثابة جزيء إرشادي في الحمض النووي الريبي، بغرض استهداف الجزء المطلوب من الحمض النووي.
ويضيف دونغ: «باستخدام هذه الطريقة أخذ الفريق البحثي جينات بيتا كاروتين من أحد أنواع البكتريا، وتم نقلها إلى جينوم الأرز، وهو ما يفتح إمكانية استخدام هذه الطريقة بتوسع للتحكم في العديد من السمات المرغوب فيها». وإضافة إلى إنتاج أرز يحتوي على مستويات عالية من (البيتا كاروتين)، يمكن إنتاج أنواع تحتوي إلى جانب هذه الميزة على صفات مقاومة للأمراض أو تتحمل الجفاف، ويمكن تجميعها في موضع واحد داخل الجينوم.
مثل هذا المنتج، وغيره من المنتجات التي لها قيمة غذائية عالية تفوق نظيرتها الموجودة بالأسواق، غير مرشحة للتداول عربياً حتى الآن، فلا تزال الدول العربية تتخوف من مأمونية مثل هذه المحاصيل المهندسة وراثياً على الجنس البشري.
وتقول الدكتورة هالة عيسى، الباحثة بمعهد بحوث الهندسة الوراثية الزراعية بمصر لـ«الشرق الأوسط»: «لا يزال أغلب الدول بحاجة إلى وضع إطار تشريعي يضبط وينظم إنتاج هذه المحاصيل المهندسة وراثياً، لأن الخوف من مأمونيتها يطغى على ما تحققه في مجال الأمن الغذائي».
وتضيف: «إذا كان الباحثون الأميركيون قد نجحوا في إنتاج أرز عالٍ في محتواه من (البيتا كاروتين)، فإن لدينا العديد من الأبحاث التي يعوق تطبيقها وجود قانون يسمح بتحويلها إلى منتج».
وأحد الأبحاث التي تشير إليها د. هالة تتعلق بإنتاج سلالات من القمح مقاومة للحشرات التي تصيب المحصول عند تخزينه، وهي إحدى المشكلات التي تواجه منتجي ومصدري القمح.



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً