تصاعد الاقتتال في العاصمة الليبية رغم دعوات وقف الحرب

«الجيش الوطني» ينشر قواته بمناطق سيطرته لمواجهة «كورونا»

جانب من المواجهات التي شهدتها منطقة عين زارة جنوب طرابلس بين الجيش الوطني والميليشيات الموالية لحكومة «الوفاق» (د.ب.أ)
جانب من المواجهات التي شهدتها منطقة عين زارة جنوب طرابلس بين الجيش الوطني والميليشيات الموالية لحكومة «الوفاق» (د.ب.أ)
TT

تصاعد الاقتتال في العاصمة الليبية رغم دعوات وقف الحرب

جانب من المواجهات التي شهدتها منطقة عين زارة جنوب طرابلس بين الجيش الوطني والميليشيات الموالية لحكومة «الوفاق» (د.ب.أ)
جانب من المواجهات التي شهدتها منطقة عين زارة جنوب طرابلس بين الجيش الوطني والميليشيات الموالية لحكومة «الوفاق» (د.ب.أ)

تصاعدت، أمس، حدة الاقتتال في العاصمة الليبية طرابلس، أمس، بين قوات «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، والقوات الموالية لحكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج، بالرغم من معاودة بعثة الأمم المتحدة دعوتها لهدنة إنسانية قصد تمكين السلطات من التعامل مع مخاطر فيروس كورونا.
وقالت مصادر عسكرية وسكان محليون، إن معارك عنيفة بمختلف أنواع الأسلحة، خصوصاً الثقيلة منها، جرت في عدة محاور للقتال داخل العاصمة بين الطرفين. لكن كان لضاحية عين زارة في جنوب المدينة النصيب الأكبر من هذه الاشتباكات، حيث تواصل قوات «الجيش الوطني» محاولة اختراق الدفاعات المستحكمة للميلشيات المسلحة هناك، منذ الرابع من شهر أبريل (نيسان) الماضي.
وقال «الجيش الوطني» على لسان الناطق الرسمي باسمه، اللواء أحمد المسماري، إن المعارك ما زالت مستمرة في طرابلس ومحيطها، موضحاً أن قواته تمكنت أول من أمس من القضاء على أسماء إرهابية مطلوبة لقوات الجيش، بالإضافة إلى القضاء على تجمعات لهذه الميليشيات وأسلحتها.
وقال المسماري في أول ظهور إعلامي عبر فيديو بثته صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، بعد خضوعه للحجر الصحي، مساء أول من أمس، إن «الوضع بشكل عام جيد، وقال لم تظهر علينا أي من الأعراض المعروفة للوباء، ولا تستمعوا للأكاذيب».
في المقابل، أعلن الناطق باسم القوات الموالية لحكومة «الوفاق»، أنها نجحت في إفشال عملية تسلل لـ«الجيش الوطني» بمحور عين زارة، ما أدى إلى مصرع 10 أفراد، فيما ألقي القبض على عدد آخر من «المرتزقة»، موضحاً، في بيان له، في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، أن قواته «أحبطت أكثر من محاولة بائسة للتقدم من قبل قوات (الجيش الوطني) خلال هذا الأسبوع، ما دفعها لاستهداف عشوائي لأحياء متفرقة خلف خطوط القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف العمياء»، على حد تعبيره.
وأضاف الناطق باسم القوات الموالية لحكومة «الوفاق»، أن القصف خلف مقتل أربع نساء مع وقوع عدد من الجرحى، بالإضافة إلى موجة جديدة من النزوح، خصوصاً بمنطقة عين زارة في جنوب العاصمة طرابلس، وطالب قواته بضرورة أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر في التعامل مع الأسرى، وجثثهم، وآلياتهم، تفادياً للإصابة بوباء كورونا المستجد.
ونشرت عملية «بركان الغضب» صوراً قالت إنها «تُظهر بعض جثث من وصفتهم بـ(المرتزقة)، الذين لقوا مصرعهم خلال محاولاتهم البائسة بالتسلل إلى محور عين زارة». فيما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المتحدث باسم وزارة الصحة بحكومة السراج، أن «قصفاً عشوائياً عنيفاً تعرضت له أحياء عديدة في العاصمة طرابلس، أول من أمس، تسبب في مقتل خمسة مدنيين من النساء، وإصابة خمسة آخرين بجروح متفاوتة»، لافتاً إلى أن القذائف العشوائية استهدفت منازل الضحايا في مناطق عين زارة وباب بن غشير، كما سجلت خسائر مادية جراء سقوط قذائف في عدد من المواقع الأخرى.
وتجاهل «الجيش الوطني»، مجدداً، اتهامات حكومة السراج لقواته بقصف منازل المدنيين، والتسبب في سقوط الضحايا، إذ لم يصدر أي تعليق رسمي.
في غضون ذلك، جددت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا دعوتها للوقف فوري للأعمال العدائية، ونددت، في بيان لها، مساء أول من أمس، بمقتل أربع فتيات، وجُرح خمسة مدنيين آخرين، بينهم طفل (11 عاماً)، في قصف عشوائي مروع، مستهدفاً حياً مدنياً في عين زارة بالعاصمة طرابلس، نفذته حسب تقارير قوات «الجيش الوطني الليبي»، على حد قولها.
وأعربت البعثة، التي قدمت تعازيها العميقة لأسر الضحايا، وتمنت الشفاء العاجل للمصابين، عن جزعها الشديد جراء هذا الهجوم الدموي، الذي وقع بعد ساعات من الدعوات الدولية لهدنة إنسانية، وقالت إنها تدين بشدة الهجمات التي تطال المدنيين.
من جهة ثانية، انتشرت الوحدات العسكرية بـ«الجيش الوطني» في كافة أنحاء المدن والمناطق الخاضعة لسيطرته، بما في ذلك مدينة بنغازي بشرق البلاد، حيث تمركزت الوحدات في مداخلها وشوارعها الرئيسية لإنفاذ قرار حفتر بفرض حظر التجوال، كإجراء احترازي لمكافحة انتشار وباء كورونا.
وأعلن بيان لشعبة «الإعلام الحربي» أن هذا الانتشار جاء استجابة لحالة الطوارئ القصوى، والتعليمات بفرض حظر التجوال، وبعد إتمام كافة التجهيزات اللازمة من تدابير احترازية والتزود بأدوات الوقاية، مشيراً إلى أنه تم تجهيز هذه الوحدات وتدريبها بالشكل اللازم قصد تمكينها من أداء هذه المهمة الحيوية والمهمة، وتعزيزها بوحدات صحية لتقديم الدعم اللازم في حالة الحاجة لذلك.
بدوره، اعتبر السراج لدى اجتماعه، مساء أول من أمس، بطرابلس مع رئيس وأعضاء اللجنة العليا لمجابهة جائحة «كورونا»، التي شكلها مؤخراً، أن الاحتواء السريع لهذا الخطر يكمن في تكامل وتكاتف جهود الدولة، والتزام المواطنين الكامل بطرق الوقاية والإجراءات والتعليمات، التي تُعلن عنها السلطات المختصة.
وقال السراج، في بيان، إنه اطلع على آليات التنسيق في الإجراءات بين اللجنة ومختلف قطاعات الدولة، وتفاصيل التدابير والإجراءات الاحترازية العلاجية والوقائية، المتخذة لمواجهة هذه الجائحة.



مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».