مدن الأردن «مغلقة» والفنادق مقرات للحجر الصحي

تعطيل أحكام وإلغاء غرامات دعماً للقطاع الخاص

الجيش الأردني يضبط حركة السير في الطرق السريعة إلى عمان أمس (إ.ب.أ)
الجيش الأردني يضبط حركة السير في الطرق السريعة إلى عمان أمس (إ.ب.أ)
TT

مدن الأردن «مغلقة» والفنادق مقرات للحجر الصحي

الجيش الأردني يضبط حركة السير في الطرق السريعة إلى عمان أمس (إ.ب.أ)
الجيش الأردني يضبط حركة السير في الطرق السريعة إلى عمان أمس (إ.ب.أ)

اختراق لحركة التنقل بين المحافظات ومخاوف من قرار حظر التجول نفذت القوات المسلحة الأردنية (الجيش العربي) خطتها في إغلاق العاصمة عمان وباقي محافظات المملكة ابتداء من صباح أمس، في وقت رصدت كاميرات نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي ازدحامات مرورية على مدخل العاصمة الشمالي في محاولة لاختراق القرار العسكري.
وفي الوقت الذي يراوح عدد الحالات المصابة في البلاد عند حاجز الـ56 شخصا، منهم 48 أردنياً، بما في ذلك المواطن الذي شفي منه. فقد استقرت أرقام القاطنين في الفنادق بغرض الحجر الصحي، عند 4892 شخصا؛ منهم 3055 شخصا في العاصمة عمّان، و1837 شخصا في منطقة البحر الميت. وفق وزير الإعلام الأردني أمجد العضايلة.
في السياق، توقع وزير الصحة الأردني سعد جابر انحسار أرقام المصابين بفيروس الكورونا المستجد، في ظل صرامة إجراءات الحجر الصحي الإجباري للعائدين من الخارج، وتقيد المواطنين بالحركة للضرورة القصوى، وهو ما يساعد في تضييق نطاق نقل العدوى، جاء ذلك في وقت قال فيه المتحدث باسم ملف الكورونا في وزارة الصحة نذير عبيدات، إنه لا إصابات بالفيروس حتى الآن بين المحجور عليهم صحيا في الفنادق. وفي تطور لاحق أصدر رئيس الوزراء وزير الدفاع عمر الرزاز قرار الدفاع رقم (١)، المتعلق بتعطيل أحكام بعض بنود قانون الضمان الاجتماعي النافذ، وإلغاء عقوبات وغرامات وفوائد تسديد الاشتراكات على المنشآت، وصرف معونات طارئة، في إطار التخفيف من خسائر القطاع الخاص. وأكد الرزاز في إيجاز صحافي بأن المملكة اتخذت 130 قرارا وإجراء منذ نهاية شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، وكلها في سياق سلامة صحة المواطنين، مشدداً على أن قرارات مرتقبة ستكون في إطار حماية المزارعين والتخفيف عنهم، لافتاً إلى أنّ المرحلة المقبلة قد تكون أصعب، ولكن الحكومة ستبذل قصارى جهدها.
إلى ذلك، قال وزير الإعلام الأردني أمجد العضايلة، إنه لا حظر تجول داخل المحافظات لليوم الجمعة. وأضاف مساء الخميس، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء الرسمية (بترا)، أن الإجراءات ستبقى كما هي مغلقة للعاصمة عمَّان ومنع التنقل بين المحافظات. وأكد أنَّ حركة الانتقال والتنقل والدخول إلى العاصمة وبين المحافظات ستبقى فقط للجهات المصرَّح لها مسبقاً، والتي تنطبق عليها الشروط التي أعلنت من قبل الجهات المعنية.
من جهته، علق وزير الداخلية سلامة حماد على أحداث شغب وقعت في مركز إصلاح وتأهيل الرميمين، بأنها تشتت الجهود الوطنية التي تبذلها الدولة بمؤسساتها كافة، ويعيق جهودها الرامية إلى احتواء انتشار فيروس كورونا. وأضاف أنه لن يتم التهاون مع مسببي هذه الأحداث، أو أي أحداث أخرى تخالف القانون والتي من شأنها تشتيت الجهود الوطنية الهادفة إلى حماية المواطنين وسلامتهم والحفاظ على صحتهم، وسيتم اتخاذ أشد الإجراءات القانونية بحقهم.
وتسببت أحداث شغب وقعت الأسبوع الماضي في مركز إصلاح وتأهيل أربد (80 كلم) شمال البلاد، بمقتل نزيلين، نتيجة احتجاجات وأعمال شغب واسعة اندلعت على خلفية قرار منع الزيارة لمدة أسبوعين، عشية القرار الحكومي بإلغاء الزيارات بسبب الإجراءات الوقائية للمرض.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».