إسرائيل تقتحم بيت لحم «المغلقة» وتعتقل فلسطينيين

الجنود حطموا الحواجز وأخضعوا المعتقلين لإجراءات وقائية

الأجهزة الأمنية الفلسطينية أغلقت مداخل بيت ساحور الأربعاء الماضي (وفا)
الأجهزة الأمنية الفلسطينية أغلقت مداخل بيت ساحور الأربعاء الماضي (وفا)
TT

إسرائيل تقتحم بيت لحم «المغلقة» وتعتقل فلسطينيين

الأجهزة الأمنية الفلسطينية أغلقت مداخل بيت ساحور الأربعاء الماضي (وفا)
الأجهزة الأمنية الفلسطينية أغلقت مداخل بيت ساحور الأربعاء الماضي (وفا)

اقتحمت إسرائيل مدينة بيت لحم في الضفة الغربية، على الرغم من إغلاقها من قبل السلطة الفلسطينية بسبب تفشي فيروس كورونا، واعتقلت شباناً من مخيم الدهيشة.
وفوجئ سكان المخيم بقوات إسرائيلية تقتحمه مع الفجر بعد أن دمرت جرافات إسرائيلية حواجز حديدية وإسمنتية كانت وضعتها السلطة لمنع الفلسطينيين من مغادرة المدينة أو زيارتها. واعتقلت القوات الإسرائيلية، يزن يوسف البلعاوي (19 عاماً)، ورامز اللحام (22 عاماً)، ومصطفى عطية الحسنات (22 عاماً)، بعد أن داهمت منازل ذويهم وفتشتها.
وأجبر الجنود المعتقلين على ارتداء اللباس الواقي من فيروس كورونا، وكان جنود يرتدونه كذلك. وأثناء العملية، دمر الجنود محتويات منزل الناطق باسم الحكومة الفلسطينية إبراهيم ملحم، الذي يعمل من رام الله في هذا الوقت. وفوراً اندلعت مواجهات في مخيم الدهيشة، بين شبان غاضبين وقوات الاحتلال التي أطلقت قنابل الغاز والصوت باتجاه الشبان، دون أن يبلغ عن إصابات.
والاعتقالات شملت أيضاً مناطق أخرى في الضفة، مثل قلقيلية وجنين والقدس.
واقتحام بيت لحم المغلقة، هو الأول من نوعه منذ أغلقت السلطة المدينة بشكل كامل قبل أسبوعين، في إطار الجهود لمحاربة الفيروس المستجد. واقتحمت إسرائيل المدينة في وقت تخضع فيه لحظر التجول بقرار من الحكومة الفلسطينية. وكانت السلطة منعت التجول في مدن محافظة بيت لحم الرئيسية الثلاث؛ بيت لحم وبيت ساحور وبيت جالا، بعد ظهور حالات جديدة في المدينة.
وطالب محافظ بيت لحم، كامل حميد، المجتمع الدولي ومنظمة الصحة العالمية، بإدانة اقتحام قوات الاحتلال لمخيم الدهيشة، جنوب بيت لحم، أمس (الخميس)، واعتقال 3 شبان، خاصة أنه يأتي في أوج معركة الشعب الفلسطيني في مواجهته فيروس كورونا.
وقال حميد للوكالة الرسمية: «هذا التصرف (الاقتحام) يصبّ في كسر حاجز طوق النجاة الذي تفرضه السلطة الوطنية، وأفراد الأمن، لحماية أبناء شعبنا في هذه الظروف الصعبة». وأضاف أن استمرار الاقتحامات هو مساهمة واضحة ومشاركة في ضرب النظام الصحي الفلسطيني. وأردف أن القيادة الفلسطينية متواصلة معنا حول ما جرى من اقتحام غاشم، لأن ما حدث يضعف كل الإمكانات، ويضعف دورنا، لأننا لا نستطيع نشر قوات الأمن على كل الحواجز، هناك العشرات، بعضها مغلق بالسواتر الترابية، وبالتالي المحافظة مغلقة والمدن، ولا أحد يخرج ولا يدخل، في وقت نعمل فيه من أجل بث الطمأنينة في ظل المعركة التي نخوضها، يأتي فيروس آخر ويتسلل، وهذا غير مقبول.
وأكد حميد أن الاحتلال كان يهدف من وراء اقتحامه إلى ضرب ثقة المواطن بالمؤسسة الأمنية، التي تعرضت إلى تشكيك على مدار سنوات من جهات عدة.
كما استنكرت حركة «فتح» على لسان المتحدث باسمها حسين حمايل، دخول قوات الاحتلال إلى محافظة بيت لحم، خاصة أن هذا السلوك جاء بعد إعلان حظر التجول من قبل قوات الأمن في المحافظة حفاظاً على سلامة المواطنين من انتشار فيروس كورونا.
وأفاد حمايل بأن تكاملية العمل بين قطاعات شعبنا الفلسطيني لم يرق للاحتلال، في ظل الرضا الشعبي الواسع عن أداء الحكومة والأجهزة الأمنية، خاصة أن الشارع الإسرائيلي أصبح يقارن الأداء المتميز للفلسطينيين بالأداء الإسرائيلي، في ظل التفاوت في الإمكانات بين الجانبين، ما قاد جيش الاحتلال إلى التفكير الفاشي المعتاد، من أجل ضرب أداء الأجهزة الأمنية في بيت لحم.
واستهجن حمايل بشدة، خروج بعض الصفحات المشبوهة التي تساوقت مع الاحتلال، وتطالب بإقالة قائد الأمن الوطني في بيت لحم ومدير الارتباط العسكري، مطالباً الكل الفلسطيني بضرورة الالتزام بقرارات القيادة في مستوياتها المختلفة، دون الالتفات لبعض المشبوهين هنا أو هناك، وحذّر بشدة من التعامل مع أي معلومة من غير المصادر الرسمية.
وأشار حمايل إلى أن سلوك الاحتلال وأعوانه في محاولتهم للتغطية على الإنجازات الفلسطينية التي أشادت فيها المؤسسات الدولية وشعوب العالم، لن تمر على أبناء شعبنا.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.