أثاث آلي يحوّل الغرفة إلى شقة كاملة

يزيد الاهتمام بشقق الحجرة الواحدة

أثاث آلي يحوّل الغرفة إلى شقة كاملة
TT

أثاث آلي يحوّل الغرفة إلى شقة كاملة

أثاث آلي يحوّل الغرفة إلى شقة كاملة

إنّ امتلاك منصّة قادرة على تحويل غرفة المعيشية إلى غرفة نوم بكبسة زرّ لم يعد مجرّد فكرة مبتكرة فحسب، بل أصبح بمثابة العنصر الدافع لاتجاه جديد ومتنامٍ يُعرف بشقق الغرفة الواحدة.
أو على الأقلّ، هذا ما تأمله شركة «أوري» لمؤسسها هاسيير لارّيا، الذي يعمل في تطوير أثاث المستقبل منذ تسع سنوات استهلّها بالتعاون مع فريق علمي متخصص من معهد ماساتشوستس للتقنية. في عام 2011 بدأت الشركة بدراسة اتجاهات التحوّل نحو تقنية المنزل الذكي وتراجع مساحة الشقق السكنية في مدن بارزة كنيويورك وطوكيو وهونغ كونغ.
وبعد سنوات من اختبار الفكرة في برامج تجريبية، ولاحقاً في وحدة «إير بي إن بي». في مدينة بوسطن، بدأت شركة «أوري» (اختصار Origami- أوريغامي: فنّ طي الورق المشهور في اليابان) مشروعها الأكبر حتّى اليوم «استوديو سويتس» في شيكاغو، والذي نُفّذ في 45 شقّة استوديو (شقة من غرفة واحدة) في «أفنير»، وفي شروع بناء مرتفع مؤلّف من 196 وحدة سكنية في منطقة «ريفر ويست».
تبلغ مساحة شقّة الاستوديو الواحدة نحو 137 مترا ويتراوح إيجارها بين 1700 و1800 دولار في الشهر.
وتتحكّم بهذه الشقّة منصّة «أوري»، وتضمّ مساحة للتلفاز وأثاث غرفة المعيشة في إحدى جهاتها، مع سرير كبير الحجم ورفوف للتخزين في الجهة الأخرى. وفي جهة التلفاز، توجد طاولة قابلة للسحب بينما ينزلق السرير من داخل الوحدة عند الطلب. يتحكّم السكّان بالمنصة بوسائط كثيرة كلوحة للتحكّم، وتطبيق إلكتروني، ومكبّر صوت ذكي، فيأمرونها مثلا بسحب جهة السرير إمّا لتوسيع غرفة المعيشة وإما لمنح الساكن مساحة أكبر للنوم.
وفي حال انقطعت الطاقة لأي سبب من الأسباب، يتيح تصميم الشقّة للقاطنين تحريك الأثاث يدوياً بسهولة تامّة. علاوة على ذلك، تضمّ الشقّة ميزة للسلامة وظيفتها تعطيل الحركة الآلية عند وجود شخص أو جسم ما يقف في الطريق.
تساهم مجموعة «استوديو سويتس» من «أوري» في حلّ ثلاث مشاكل أساسية يعاني منها سكّان الشقق الصغيرة وهي: نقص المساحات المتباعدة، وعدم امتلاك مساحة للمعيشة مع أثاث لاستقبال الضيوف، والحاجة إلى مساحة إضافية للتخزين.
تأمل الشركة بتوقيع شراكات أخرى شبيهة بـ«أفنير» هذا العام بالتزامن مع تطويرها لمزيد من الأثاث الآلي. في الوقت الحالي، تضمّ مجموعتها من الأثاث ما يُعرف بـ«بوكيت كلوزت» (خزانة الجيب) ذات الرفوف المتحركة التي تشكّل غرفة صغيرة لتخزين وتبديل الملابس عند الحاجة، بالإضافة إلى «كلاود بيد» (السرير السحابي، لا يزال قيد التطوير) والذي يرفع الفراش والإطار إلى السقف، تاركاً كنبة للجلوس على الأرض.
وكانت «أوري» قد بدأت محادثات لا تزال مستمرّة مع شركة «إيكيا» حول توفير وعرض أثاثها الذكي للبيع في الأسواق. ومن المقرّر أن تطرح الشركة مجموعة «روغنان» للأثاث خلال العام الجاري، ولكنّ لارّيا كشف أنّ المشروع لا يزال في آخر مراحل تطويره.
وقال لارّيا إنّه على الناس توقّع ظهور أثاث «أوري» في عدد أكبر من الشقق. وأضاف «الآن، وقد أصبح بإمكان المطوّرين رؤية الوحدات السكنية في شيكاغو وإدراك أنّ الأمر لم يعد مجرّد نموذج تجريبي، يمكن القول إنّ منتجات الأثاث الآلي أصبحت جاهزة للدخول إلى الأسواق وبقوّة».

- «شيكاغو تريبيون» خدمات «تريبيون ميديا»



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً