«الفيدرالي» يضخ 1.5 تريليون دولار في الأسواق لمواجهة الوباء

التدخل الأول من نوعه منذ الأزمة المالية وسط تحركات عالمية

وزير الخزانة الأميركي متحدثاً للصحافيين عن تأثيرات كورونا على الاقتصاد بحديقة البيت الأبيض أمس (رويترز)
وزير الخزانة الأميركي متحدثاً للصحافيين عن تأثيرات كورونا على الاقتصاد بحديقة البيت الأبيض أمس (رويترز)
TT

«الفيدرالي» يضخ 1.5 تريليون دولار في الأسواق لمواجهة الوباء

وزير الخزانة الأميركي متحدثاً للصحافيين عن تأثيرات كورونا على الاقتصاد بحديقة البيت الأبيض أمس (رويترز)
وزير الخزانة الأميركي متحدثاً للصحافيين عن تأثيرات كورونا على الاقتصاد بحديقة البيت الأبيض أمس (رويترز)

أعلن «بنك الاحتياطي الفيدرالي» (المركزي الأميركي)، في نيويورك، أنه سيضخ 1.5 تريليون دولار في الأسواق، لتعزيز نسب السيولة في سوق المال، وسط الذعر الذي أصاب المستثمرين بسبب وباء «كورونا».
وأوضح البنك، في بيان، مساء أول من أمس (الخميس)، أنه سيقوم بشراء سندات الخزانة والأوراق المالية الأخرى من البنوك والمستثمرين، وإعادة بيع هذه الأوراق مرة أخرى بفائدة أقل، في اليوم التالي أو خلال أيام.
وأشار إلى أن قراره بضخ السيولة جاء «بناء على تعليمات» من رئيس «مجلس الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول. ويسعي «البنك المركزي الأميركي» إلى معالجة الاختلالات غير العادية التي حدثت في أسواق المال خلال الأيام القليلة الماضية بسبب فيروس «كورونا».
وسيضخ الاحتياطي الفيدرالي السيولة في السوق عبر ما يُسمى «اتفاقيات إعادة الشراء»، أي التبادل المؤقت للنقد مقابل أوراق مالية، وهو مصدر حاسم للتمويل لليلة واحدة لشركات السمسرة، وصناديق التحوط، والمؤسسات المالية الأخرى. وتسمى هذه العملية بـ«سوق الريبو»، وتستهدف أولاً، ضخ السيولة في السوق، ثانياً، تخفيف مقدار الفائدة التي يدفعها المستثمرون الذي يشترون الديون الحكومة الفيدرالية، فضلاً عن تخفيف أسعار الفائدة التي يدفعها المستهلكون على القروض العقارية والقروض الأخرى. وتُعد هذه هي المرة الأولى التي يتدخل فيها الاحتياطي الفيدرالي في سوق المال، بشكل مباشر، منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008. وسيمثل ضخ هذا المبلغ الضخم من السيولة تحولاً كبيراً ومفاجئاً في مسار «البنك المركزي»، الذي كان يستهدف خفض الديون الفيدرالية الناجمة عن أزمة 2008.
فخلال العامين الماضيين، بدأ الاحتياطي الفيدرالي، في بيع ما يقرب من 4 تريليونات دولار من الأصول التي تم شراؤها لتحفيز الاقتصاد وإعادة الائتمان إلى الأسواق المالية خلال فترة الركود عام 2008. وستمثل عودته مرة أخرى لضخ السيولة مؤشراً على دخول الاقتصاد الأميركي في أزمة مالية لا يعلم أحد نطاقها حتى الآن.
وكانت مؤشرات الأسهم الأميركية الرئيسية تراجعت بنسبة 8 في المائة تقريباً، فور إعلان الرئيس ترمب عن حظر السفر من دول الاتحاد الأوروبي.
وخلال الفترة الماضية، تعددت المحاولات الحكومية العالمية لطرح حلول في مواجهة وباء فيروس «كورونا». وأول من أمس (الخميس) انضم «البنك المركزي الأوروبي» إلى مساعي تقوية الاقتصاد العالمي بإعلانه عن خطوات إضافية لتشجيع البنوك على تقديم القروض إلى الشركات المتعثرة... إلا أن البنك أحدث مفاجئة بتركه معدلات الفائدة الرئيسية دون تغيير، على عكس ما فعل البنكان المركزيان الأميركي والبريطاني وغيرهما من البنوك المركزية. وعلى أي حال، فإن خفض أسعار الفائدة الطارئ خلال الأسبوعين الماضيين لم يساعد في وقف حالة الفزع في الأسواق المالية. ولم تساعد كذلك وعود الحكومات بزياد الإنفاق.
وقال خبراء اقتصاديون في شركة «آي إن جي» في مذكرة: «بصراحة، لا يوجد تيسير مالي أو نقدي يمكن أن يكون له تأثير مساوٍ لتأثير العثور على لقاح ضد (كوفيد - 19)».
كما أقر «الكونغرس» الأميركي، الأسبوع الماضي، قانون إنفاق بقيمة 8.3 مليار دولار لمكافحة فيروس «كورونا»، إلا أن طلبات الرئيس دونالد ترمب في عامه الانتخابي للقيام بخطوات معينة، مثل خفض الضرائب على الدخل، لم تلقَ قبولاً لدى «الكونغرس»، بحسب تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وخفض الفيدرالي سعر الفائدة الرئيسية بمقدار نصف نقطة إلى نطاق 1.0 - 1، 25 في المائة. أما «بنك كندا المركزي»، فقد خفض سعر فائدة الإقراض الرئيسية بـ50 نقطة أساسية.
كما وفر «صندوق النقد الدولي» 50 مليار دولار مساعدات للدول الأفقر، محذراً من أن النمو العالمي يمكن أن ينخفض الآن إلى أقل من نسبته العام الماضي، التي وصلت إلى 2.9 في المائة. وقالت رئيسة «صندوق النقد الدولي» كريستالينا غورغييفا، الأسبوع الماضي، إن الوباء «لم يعد قضية إقليمية، بل مشكلة عالمية تتطلب استجابة عالمية».
ولكن على عكس عام 2008، تنتظر الشركات عبثاً استجابة منسقة من قبل الحكومات، وقد أثار ترمب غضباً في أوروبا من خلال حظر استقبال المسافرين من منطقة «شنغن» في القارة.
وبينما ترك «البنك المركزي الأوروبي» أسعار الفائدة دون تغيير، إلا أنه وافق على جولة جديدة من القروض الميسرة لبنوك منطقة اليورو، وسيطرح 120 مليار يورو إضافية (135 مليار دولار) من مشتريات الأصول في إطار «التيسير الكمي» هذا العام. وجاء ذلك بعد تبني الاتحاد الأوروبي لصندوق استثماري بقيمة تصل إلى 25 مليار يورو لدعم الرعاية الصحية والوظائف والشركات الصغيرة.
وتُعتبر إيطاليا الدولة الأكثر تضرراً في الاتحاد الأوروبي، بفيروس «كورونا»، وقد فرضت السلطات إغلاقاً على البلاد. وتعهّدت روما بإنفاق ما يصل إلى 25 مليار يورو بمفردها لمحاربة الوباء، وهو ما يعرضها لخطر تجاوز الحدود التي يعتمدها الاتحاد الأوروبي بشأن الديون والعجز في الميزانية بدرجة أكبر مما هي عليه.
وتريد فرنسا ودول أخرى أن تخفف بروكسل من قيودها. وتقول ألمانيا المتشددة مالياً إنها مستعدة لمزيد من الإنفاق. والأربعاء حددت بريطانيا، التي أصبحت الآن خارج الاتحاد الأوروبي، التحفيز المالي بقيمة 30 مليار جنيه إسترليني (39 مليار دولار) في حين خفض «بنك إنجلترا» (البنك المركزي البريطاني) أسعار الفائدة إلى مستوى قياسي منخفض هو 0.25 في المائة.
وخفضت الصين، مصدر تفشي المرض الذي أسفر عن وفاة أكثر من 3000 شخص فيها، أسعار الفائدة وتعهّدت بمجموعة من الإجراءات بما في ذلك تخفيضات ضريبية والمزيد من التحويلات المالية من بكين إلى المناطق المتضررة من الفيروس.
وكشفت أستراليا، أول من أمس (الخميس)، عن خطة إنفاق ضخمة بقيمة 11 مليار دولار أميركي، أي ما يعادل أقل من واحد في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، للمساعدة على تجنب أول ركود لها في 29 عاماً.
وتمنح حكومة هونغ كونغ مبلغ 10.000 دولار هونع كونغ (1280 دولاراً أميركياً) لكل مقيم دائم، في جهودها للتغلب على الركود الناجم عن أشهر من الاحتجاجات الشعبية، التي تفاقمت الآن بسبب تفشي فيروس «كورونا».
والثلاثاء، أعلنت اليابان عن حزمة طوارئ ثانية لتخفيف تأثير الفيروس، بما في ذلك 15 مليار دولار في برامج القروض لدعم الشركات الصغيرة. وأكد «بنك اليابان»، الذي سيجتمع الأسبوع المقبل، للمستثمرين أنه «سوف يسعى جاهداً لتوفير سيولة وفيرة وضمان الاستقرار في الأسواق المالية».
وتتطلع إندونيسيا وسنغافورة وكوريا الجنوبية وتايلاند أيضاً إلى تخصيص مليارات الدولارات كمحفزات إضافية في اقتصاداتها المدفوعة بالصادرات. ووفقاً لوكالة «ستاندرد آند بورز»، للتصنيف الائتماني، يمكن أن يمحو الوباء أكثر من 200 مليار دولار من اقتصادات آسيا والمحيط الهادي هذا العام.


مقالات ذات صلة

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

الاقتصاد يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)

حاكم تكساس الأميركية يأمر أجهزة الولاية بوقف الاستثمار في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري غريغ أبوت، الأجهزة المعنية بوقف استثمار أموال الولاية في الصين، وبيع هذه الاستثمارات في أقرب فرصة.

«الشرق الأوسط» (أوستن (تكساس))
الاقتصاد إعلان توظيف على نافذة مطعم «شيبوتل» في نيويورك (رويترز)

الطلبات الأسبوعية لإعانات البطالة الأميركية تنخفض على غير المتوقع

انخفض، الأسبوع الماضي، على غير المتوقع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات بطالة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

مقترحات ترمب الاقتصادية تعيد تشكيل سياسة «الفيدرالي» بشأن الفائدة

قبل بضعة أسابيع، كان المسار المتوقع لبنك الاحتياطي الفيدرالي واضحاً. فمع تباطؤ التضخم وإضعاف سوق العمل، بدا أن البنك المركزي على المسار الصحيح لخفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

مبنى اتحاد الغرف السعودية في الرياض (الموقع الإلكتروني لاتحاد الغرف السعودية)
مبنى اتحاد الغرف السعودية في الرياض (الموقع الإلكتروني لاتحاد الغرف السعودية)
TT

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

مبنى اتحاد الغرف السعودية في الرياض (الموقع الإلكتروني لاتحاد الغرف السعودية)
مبنى اتحاد الغرف السعودية في الرياض (الموقع الإلكتروني لاتحاد الغرف السعودية)

أعلن اتحاد الغرف السعودية تشكيل أول لجنة وطنية من نوعها للطاقة والبتروكيماويات تحت مظلة القطاع الخاص، لتعزيز مشاركته في صناعة سياسات هذا القطاع الحيوي وتنمية استثماراته.

ووفق بيان للاتحاد، تم انتخاب الدكتور جابر الفهاد رئيساً، وسعد العجلان نائباً للرئيس، وستعمل اللجنة بالتكامل مع الوزرات والهيئات ذات الصلة، والشركات الكبرى لتحقيق مستهدفات القطاع وتمكين المستثمرين السعوديين والأجانب من الفرص المتاحة.

يأتي ذلك في ظل التوقعات بأن تصل استثمارات قطاع البتروكيماويات إلى 600 مليار دولار بحلول عام 2030، وخطط الوصول إلى 50 في المائة من الطاقة المتجددة ومشاريعها الضخمة، إلى جانب فرص الاستثمار ببرامج توطين المحتوى بالطاقة التي تستهدف توطين 75 في المائة من القطاع.

ويمثل قطاع الطاقة السعودي المصدر الأساسي للطاقة عالمياً، ويُقدَّر أثره الاقتصادي بنسبة 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، كما يُعدّ محركاً رئيسياً لقطاعات حيوية كالصناعة والنقل والخدمات اللوجستية والتعدين وغيرها، وعاملاً أساسياً في دعم النمو الاقتصادي بالمملكة.

وبحسب البيان، يأتي تشكيل اللجنة متسقاً مع التوجهات الجديدة لاتحاد الغرف الرامية لمواكبة القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية في «رؤية 2030»، ومن ضمنها قطاع الطاقة، لفتح آفاق استثمارية جديدة بالقطاع.