غزة تودع ضحايا الحريق... والضفة الغربية تستكين

القوات الإسرائيلية قمعت مسيرة بالرصاص المطاطي

جانب من تشييع ضحايا الحادث أمس (د.ب.أ)
جانب من تشييع ضحايا الحادث أمس (د.ب.أ)
TT

غزة تودع ضحايا الحريق... والضفة الغربية تستكين

جانب من تشييع ضحايا الحادث أمس (د.ب.أ)
جانب من تشييع ضحايا الحادث أمس (د.ب.أ)

في الوقت الذي استكانت فيه الأوضاع في الضفة الغربية والتزم المواطنون بيوتهم خوفاً من فيروس الكورونا، وامتنعوا عن التجمعات الكبيرة والمظاهرات والمسيرات، باستثناء مكان واحد، شارك آلاف المواطنين الفلسطينيين أمس الجمعة في تشييع جثامين 10مواطنين ممن وقعوا ضحايا الحريق الضخم الذي كان قد اندلع في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة. وفي الوقت ذاته، أصيب أربعة مواطنين بجراحٍ، أمس، إثر انفجار عرضي وقع وسط قطاع غزة.
وكان الفلسطينيون في كل مكان صعقوا من الحريق الهائل الذي شب في مخبز داخل المخيم الذي يعتبر واحدا من أكثر الأحياء السكنية ازدحاما في العالم، فامتد لهيب النيران إلى ثلاثة منازل و22 مركبة و4 معامل طوب، ومطعمين، ومنجرة ومخزن أخشاب، و50 بسطة، ومؤسسة لتأهيل المعاقين، فتسبب في مقتل 10 مواطنين، بينهم 4 أطفال و3 نساء، وأُصيب أكثر من 58 آخرين، بينهم 22 جراحهم حرجة. وتبين في التحقيق أن الإصابات وقعت بين العاملين في المخبز، ومواطنين ونساء كانوا مارين قرب المكان، وفي محلات مجاورة.
وقالت مصادر في التحقيق إن الحريق نجم عن انفجار ضخم وقع على إثر حريق أحد صهاريج الوقود في المخبز في سوق المخيم. وأعلنت وزارة الصحة في حكومة «حماس» في غزة أن القتلى، هم: زياد زكريا إبراهيم حسين (22 عاماً)، وليان حسن محمود حسين (5 أعوام)، ومنال حسن محمود حسين (4 أعوام)، ولينا إياد مدحت حمدان (16 عاماً)، وإيمان حسن محمد حسين (أبو محروق (23 عاماً)، وسلوى عبد الوهاب محمد حمدان (47 عاماً)، وريتال أحمد محفوظ عيد (3 أعوام)، وسالي أحمد محفوظ عيد (16عاماً)، وفراس ماجد محمد عوض الله (12 عاماً)، وعدي ماجد عامر أبو يوسف (19 عاماً).
وخلال تشييع الجثمان، نشر خبر مفاده أن أربعة مواطنين أصيبوا بجراحٍ إثر انفجار عرضي وقع في أحد المنازل وسط قطاع غزة. وخيم هذا الحدث الجلل على المشهد الفلسطيني، أمس، في كل المناطق. وبالإضافة إلى الخوف من انتشار فيروس الكورونا، بقي المواطنون الفلسطينيون في بيوتهم ولم يشاركوا في المسيرات والمظاهرات الأسبوعية، باستثناء مسيرة كفر قدوم، التي تحولت إلى صدامات دامية. فقد أصيب شابان بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، والعشرات بالاختناق، خلال قمع جيش الاحتلال الإسرائيلي مسيرة كفر قدوم الأسبوعية المناهضة للاستيطان، والمطالبة بفتح مدخل القرية الرئيسي المغلق منذ نحو 16 عاما.
وأفاد منسق المقاومة الشعبية في كفر قدوم مراد شتيوي بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي قمعت المسيرة باستخدام قنابل الغاز والأعيرة المعدنية المغلفة بالمطاط، مما أدى إلى إصابة شاب بعيار معدني في وجهه، وآخر في يده، جرى علاجهما ميدانيا، فيما أصيب العشرات بالاختناق بالغاز المسيل للدموع. وانخفض عدد المصلين في المسجد الأقصى أمس إلى أقل من النصف، إذ وصل إليه نحو 20 ألفاً، علماً بأن العدد تجاوز 50 ألفاً في الأسابيع الأخيرة. وقال مدير المسجد الأقصى المبارك، الشيخ عمر الكسواني، إن هذه المشاركة تعتبر ضخمة، إذا أخذنا في الاعتبار أن شرطة الاحتلال الخاصة رابطت على بواباته وأخذت تدقق في هويات المواطنين.
من جهته، قرر جيش الاحتلال الإسرائيلي أمس إغلاق الضفة الغربية ومعابر قطاع غزة بمناسبة عيد «البوريم» (المساخر) اليهودي. وأفاد الناطق بلسان الجيش، أبيحاي أدرعي، بأنه «بناء على تقييم الوضع الأمني وتوجيهات المستوى السياسي تقرر فرض إغلاق كامل على الضفة الغربية وإغلاق المعابر مع قطاع غزة ابتداءً من منتصف ليلة السبت - الأحد وحتى منتصف ليل الأربعاء - والخميس». وأضاف أنه «سيتم إغلاق معبر كرم أبو سالم يوم الثلاثاء فقط، من منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء وحتى منتصف الليلة التالية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.