تواقيع برلمانية لترشيح بديل لعلاوي لرئاسة الحكومة العراقية

مساعٍ لإعادة عبد المهدي

عادل عبد المهدي مترئساً اجتماعاً لمجلس الأمن الوطني أول من أمس (واع)
عادل عبد المهدي مترئساً اجتماعاً لمجلس الأمن الوطني أول من أمس (واع)
TT

تواقيع برلمانية لترشيح بديل لعلاوي لرئاسة الحكومة العراقية

عادل عبد المهدي مترئساً اجتماعاً لمجلس الأمن الوطني أول من أمس (واع)
عادل عبد المهدي مترئساً اجتماعاً لمجلس الأمن الوطني أول من أمس (واع)

كشف سياسي عراقي مطلع عن أن الكتل السياسية تبحث الآن خيارات عدة لترشيح بديل لرئيس الوزراء المكلف المنسحب محمد توفيق علاوي بعد إخفاقه في إقناع البرلمان بتمرير حكومته. وقال السياسي المطلع في حديث إلى «الشرق الأوسط»، طالباً عدم الإشارة إلى اسمه، إن «الحراك السياسي الأخير والمتمثل في الاجتماعات التي عقدها رئيس الجمهورية برهم صالح مع العديد من الزعامات الشيعية، لم يتبلور حتى الآن موقفاً محدداً حيال أزمة تشكيل الحكومة العراقية المقبلة»، مبيناً أن «من بين الخيارات المطروحة الآن ليس أن تتبنى جهة معينة مرشحاً محدداً، إنما يجري التوافق على الشخصية المراد تكليفها من داخل البرلمان عن طريق جمع تواقيع حتى يكون قادراً في حال تكليفه وتشكيله الحكومة، على الوقوف على أرضية صلبة عبر كتلة برلمانية تقف خلفه». ورداً على سؤال بشأن ما إذا كانت قضية جمع التواقيع تكرر تجربة علاوي نفسها لجهة جمع عشرات التواقيع لترشيحه لكنها لم تتمكن من تمريره، أجاب السياسي المطلع: «إن الأمر يختلف هذه المرة، لأنه لن يكون عبر مبادرات فردية، وإنما من خلال توافق مسبق».
وعن المساعي الخاصة بإمكانية إعادة رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي الذي تخلى كلياً عن منصب رئيس الوزراء مع احتفاظه كلياً بمنصب القائد العام للقوات المسلحة، أكد السياسي المطلع أن «هناك محاولات جادة بالفعل لإعادة عبد المهدي، وهناك قوى سياسية مؤثرة تقف مع هذا الخيار؛ سواء كانت قوى شيعية أم سنية أم كردية، لكن الجميع يأخذ في الاعتبار تحفّظ المرجعية الدينية التي طالبت برئيس وزراء جديد».
في غضون ذلك، طرح رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي زعيم «ائتلاف النصر» رؤية لحل الأزمة تقوم على ركائز عدة. وقال العبادي في بيان أمس (الأربعاء): «نطالب كل الأطراف بحلول تضامنية تخرج البلاد من أزمتها، وبضرورة التحلي بالحكمة وروح التسوية بعيداً من المصالح الضيقة والسقوف العالية ومجازفة المغامرات». وأضاف: «لتجاوز أزمة الثقة وفراغ السلطة، وانطلاقاً من مسؤولياتنا الوطنية، نطرح المبادرة التالية: يكلّف رئيس الجمهورية شخصية مستقلة كفوءة وقوية لرئاسة الحكومة خلال 15 يوماً، وتشكل حكومة مصغّرة لإدارة المرحلة الانتقالية، على ألا يتجاوز عمرها سنة واحدة من تاريخ تسنمها المسؤولية». وتابع البيان أن «مهام الحكومة الأساس هي إجراء انتخابات مبكّرة نزيهة بشراكة الـ(يونامي) وبتاريخ أقصاه 2020-12-31. وضبط الأمن، وحصر السلاح بيد الدولة، وتقديم الجناة بحق المتظاهرين وقوات الأمن إلى العدالة، وحياد القرار الوطني». كما دعا البيان إلى «إلزام رئيس الوزراء المكلّف بتشكيل حكومة بعيداً من المحاصصة الحزبية المقيتة مع الحفاظ على تمثيل التنوع المجتمعي الوطني وإشراك الكفاءات المهنية ومن الناشطين بالحكومة وتعيين مستشار لرئيس الوزراء لشؤون مطالب المتظاهرين».
كما تضمنت مبادرة العبادي «تشكيل لجان خاصة ثلاثية الأطراف من الحكومة والـ(يونامي) والمتظاهرين للإشراف على المهام التالية: إجراء الانتخابات، ولجان التحقيق الخاصة بقتل المتظاهرين وقوات الأمن، وإعادة بسط الأمن بالمحافظات العراقية».
من جهته، جدد رئيس «تيار الحكمة» عمار الحكيم مطالبته بأن تدار الحكومة من قبل شخصية مستقلة وغير جدلية وصولاً للانتخابات المبكرة. وقال الحكيم في بيان أمس: «نجدد موقفنا الداعي لحكومة مؤقتة مهمتها التهيئة للانتخابات المبكّرة والعمل على استعادة هيبة الدولة، وأن تدار هذه الحكومة من قبل شخصية مستقلة وغير جدلية قادرة على ترميم الثقة بين الجمهور والواقع السياسي».
إلى ذلك؛ أكد المفكر والسياسي العراقي حسن العلوي، وهو نائب سابق في البرلمان العراقي، لـ«الشرق الأوسط» أنه «من دون توافق أميركي ـ إيراني يصعب تمرير رئيس وزراء عراقي جديد بسبب اختلاف الظروف والمعطيات وطبيعة الصراع بين الطرفين». وأضاف العلوي: «إن محمد توفيق علاوي إيراني الهوى؛ لكنه لم يتمكن من إقناع حتى العديد من القوى المقربة من إيران، لأنه لم يأت عبر التوافق المعروف»، مشيراً إلى أنه «بعدما حصل بين أميركا وإيران، خصوصاً بعد مقتل قاسم سليماني، لم يعد لإيران تأثير كبير (في العراق)، وهو ما انسحب على تأثيرها في العراق، حيث إن حادثة مقتل سليماني غيرت معادلات كثيرة في العراق والمنطقة، وبالتالي أصبحت الأمور أكثر تعقيداً حتى على صعيد تمرير رئيس وزراء». وأوضح أن «تمرير رئيس وزراء عراقي مرتبط بعوامل خارجية؛ وليست داخلية فقط». وعن المساعي الجارية لإعادة عادل عبد المهدي، يقول العلوي إن «عادل عبد المهدي ليس قائداً؛ بل هو جندي يأتمر بأمر القوة التي ينتمي إليها، لكنه ليس عدوانياً ولا انتقامياً وأيضاً ليس جريئاً في اتخاذ القرار، بينما نحن نحتاج إلى رجل جريء في اتخاذ القرارات».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.