الملاذات الآمنة و«الكاش»... الحل لمواجهة «كورونا»

بعد خسارة الأسهم 6 تريليونات دولار في أسبوع

يعد الذهب والدولار من الملاذات الآمنة وسط الأزمات (رويترز)
يعد الذهب والدولار من الملاذات الآمنة وسط الأزمات (رويترز)
TT

الملاذات الآمنة و«الكاش»... الحل لمواجهة «كورونا»

يعد الذهب والدولار من الملاذات الآمنة وسط الأزمات (رويترز)
يعد الذهب والدولار من الملاذات الآمنة وسط الأزمات (رويترز)

في ظل الهلع من انتشار فيروس «كورونا»، وتراجع جاذبية الأصول ذات المخاطر، وتباطؤ التجارة العالمية نتيجة تراجع الطلب، ما أدى إلى إيقاف مصانع وشركات، وبالتالي اختفاء منتجات بعينها، الأمر الذي يؤثر على أرباح الشركات بالضرورة ليطال اقتصادات الدول، يتساءل الكثيرون: أين تذهب الأموال؟ أو بالأحرى: أين نضع الأموال في ظل تفشي «كورونا»؟
يغيّر المستثمرون اتجاهاتهم الاستثمارية بهلع، مع ركود الاقتصاد العالمي المتوقع، في الوقت الذي يقول فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن «الوقت ليس وقت هلع بل وقت الاستعداد بشكل كامل» لاحتواء تفشي فيروس «كورونا».
غير أن الاستماع إلى أصوات العقل لتهدئة روعة المستثمرين لا يكون له بالكاد موقعاً من الإعراب في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي تتطلب إجراءات وقرارات استثنائية على الصعيد الاقتصادي، وهو ما اتخذه بعض الدول من حيث التحفيز المادي وضخ الأموال، لكن يمكننا القول إن «كورونا» أنهى عليها واحتواها.
وفقدت الأسهم العالمية قرابة ستة تريليونات دولار من قيمتها الأسبوع الماضي فحسب، لتسجل أسوأ خسارة أسبوعية منذ 2008، وتخارج المستثمرون من صناديق الأسهم العالمية بقيمة 20 مليار دولار. وفق «بنك أوف أميركا».
وقال البنك إن مخاطر حدوث ركود عالمي ترتفع، وخفض توقعاته للنمو العالمي لأدنى مستوى منذ الأزمة المالية في عام 2008، في غضون ذلك شهدت السندات مرتفعة المخاطر ثالث أكبر نزوح للتدفقات على الإطلاق بواقع 6.9 مليار دولار في الوقت الذي يتوقع فيه «بنك أوف أميركا»، «ارتفاعاً» في احتمالات التعثر في السداد.
والخسائر التي تكبّدتها الأسهم الأوروبية منذ الأسبوع الماضي، نحو 12 - 13%، هي الأكبر منذ الأزمة المالية في 2008 - 2009 عندما دخل الاقتصاد العالمي مرحلة الركود.
وتراجعت مؤشرات الأسهم في الأسواق الآسيوية والأوروبية، مسجلةً خسائر تراوحت بين 3 و5%. وعرفت بورصة نيويورك أسبوعاً أسود مع انخفاض مؤشر «داو جونز» بنسبة 12% خلال الأيام الخمسة الماضية.
وسجّلت السندات الألمانية لعشر سنوات (بوند) التي تُعد مرجعاً في السوق الأوروبية تراجعاً بنسبة 0,62%، واقتربت بذلك من أدنى مستوياتها التاريخية الصيف الماضي، فيما تراجعت السندات الأميركية للفترة نفسها بنسبة 1,18%.
وعُلقت الرحلات الجوية في الصين، حيث كانت المراكز التجارية مقفرة، وأُغلقت المدارس في اليابان لمدة شهر، وأُلغيت الفعاليات والمعارض الدولية، وبات العالم مشلولاً مع تفشي «كورونا»، ما أثّر على استقرار الاقتصاد العالمي.
وفي جنيف، أُلغي معرض السيارات الذي كان مقرراً من 5 إلى 15 مارس (آذار)، كما المنتدى السنوي للوكالة العالمية لمكافحة المنشطات في لوزان. كذلك أُلغي في برلين المعرض الدولي للسياحة الذي كان مقرراً بين 4 و8 مارس.
ووسط توقعات أن تؤدي اضطرابات في الإمدادات، ناجمة عن «كورونا»، إلى فاقد مبيعات حجمه 3.26 مليار جنيه إسترليني (4.24 مليار دولار) لتجار التجزئة بأوروبا في الأسابيع الستة المنتهية 20 أبريل (نيسان)، لا تزال الصين تكافح لاستئناف الإنتاج بكامل طاقته.
وتشير التقديرات في البحث الذي أجراه وكيل الشحن الرقمي «زنكارجو»، ومقره بريطانيا، إلى أن التأثير التراكمي لفاقد المبيعات بالنسبة إلى تجار التجزئة بين 9 مارس و20 أبريل في ألمانيا قد يتجاوز 728 مليون إسترليني وأكثر من 445 مليون إسترليني في فرنسا و253 مليوناً في بريطانيا، حيث من المتوقع بلوغ إجمالي الخسارة في بريطانيا والاتحاد الأوروبي 3.264 مليار إسترليني.
وقال ريتشارد فاتال، المدير التجاري لـ«زنكارجو»، في تصريحات نقلتها «رويترز»: «العوامل الرئيسية للتراجع حتى الآن هي انخفاض طاقة الإنتاج (في الصين) في الوقت الذي تجد فيه المصانع صعوبة بسبب عجز في العمال وقواعد تنظيمية جديدة. لكن بينما تقترب طاقة الإنتاج من 85% في تلك المناطق، نتوقع الآن أن ينجم الضرر عن اضطرابات النقل». استندت «زنكارجو» في تقديراتها للفاقد المتوقع إلى البضائع التي نفدت بسبب عجز في الإنتاج والنقل.
كل هذه المعطيات وغيرها، تشير إلى الملاذات الآمنة، الذهب والين الياباني والفرنك السويسري، بالإضافة إلى الدولار، غير أن الأخير تراجع إلى أدنى مستوياته في سبعة أسابيع مقابل الين الياباني، بعد أن لمح جيروم بأول، رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي، إلى أن البنك المركزي قد يخفّض أسعار الفائدة في مواجهة فيروس «كورونا».
ويتجه الين الياباني صوب تحقيق أكبر مكاسبه اليومية منذ مايو (أيار) 2017، مع إقبال المستثمرين على العملة التي تعد ملاذاً آمناً. وارتفعت العملة إلى 105.72 ين للدولار وصعدت في أحدث معاملاتها 1.51% إلى 107.92 للدولار.
ونزل مؤشر الدولار 0.324% إلى 98.127. منخفضاً نحو 1% الأسبوع الماضي، بفضل توقعات متنامية لخفض الفائدة.
وتخفيض الفائدة المتوقع من بعض البنوك المركزية يدخل في نطاق الإجراءات الاستثنائية، غير أن المستويات المتدنية لأسعار الفائدة في بعض الدول بالفعل، والتي قد تصل إلى الفائدة السلبية في بعضها، لا تعطي مساحة لها للمناورة أمام «كورونا»، وهو ما يحيل المستثمرين إلى الاحتفاظ بالكاش، انتظاراً لخفة حدة تفشي الفيروس، والتي قد تظهر معها بالكاد فرص استثمارية متعددة.


مقالات ذات صلة

مخاوف متزايدة من الدخول في دورة جديدة من ارتفاع مفرط للأسعار

الاقتصاد متسوقون في سوبر ماركت في كاليفورنيا في 15 مايو 2024 (أ.ف.ب)

مخاوف متزايدة من الدخول في دورة جديدة من ارتفاع مفرط للأسعار

منذ منتصف 2023 وحتى الآن، ظل مؤشر البنك الدولي لأسعار السلع الأولية دون تغيير جوهري، مع تحذيرات من تداعيات التوترات الجيوسياسية في المنطقة وأثرها في الأسعار.

صبري ناجح (القاهرة)
الاقتصاد المركز المالي بالرياض (واس)

المملكة تتصدر «مجموعة العشرين» بوصفها أعلى أداء لمؤشر مديري المشتريات في ديسمبر

كشف تقرير حديث عن تصدر السعودية المركز الأول بين «دول مجموعة العشرين» بوصفها أعلى أداء لمؤشر مديري المشتريات في ديسمبر وجاء ذلك مدعوماً بالأداء الإيجابي للقطاع

«الشرق الأوسط» (الرياض )
الاقتصاد مزارعون أفارقة يزرعون بذوراً في أرض خصبة حيث 64 % من الأراضي الصالحة للزراعة المتوفرة في العالم بأفريقيا (رويترز)

الرياض تستكشف فرص الاستثمار الزراعي في القارة الأفريقية

توقّع خبراء ومحللون أن تكون لدى السعودية قوة تأثير دولية في القطاع الغذائي، خلال الفترة المقبلة، وذلك بوجود مخزون استراتيجي غذائي عالمي نظراً لموقعها الهام.

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد بائعة تعمل في سوق ببكين 11 مايو 2024 (إ.ب.أ)

اقتصاد الصين يعطي إشارات على التعافي

ارتفعت أسعار المستهلكين في الصين للشهر الثالث على التوالي في أبريل (نيسان) الماضي، في حين واصلت أسعار المنتجين انخفاضها، ما يشير إلى تعافي الطلب المحلي.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد فني وعامل ينظفان خلايا الألواح الشمسية في محطة للطاقة (من الموقع الإلكتروني للمنتدى الاقتصادي العالمي)

«أكوا باور» السعودية ترى فرصة استثمارية استراتيجية في الجنوب العالمي

تتطلع شركة أكوا باور السعودية إلى الجنوب العالمي، الذي يمثل 56 في المائة من سكان العالم، لكن قدرته على توليد الطاقة لا تتجاوز 18 في المائة من الإجمالي العالمي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

المستثمرون يتهافتون على طرح «أرامكو»... الطلبات تفوق المعروض في ساعات قليلة 

صورة من داخل شركة «أرامكو السعودية» (أ.ف.ب)
صورة من داخل شركة «أرامكو السعودية» (أ.ف.ب)
TT

المستثمرون يتهافتون على طرح «أرامكو»... الطلبات تفوق المعروض في ساعات قليلة 

صورة من داخل شركة «أرامكو السعودية» (أ.ف.ب)
صورة من داخل شركة «أرامكو السعودية» (أ.ف.ب)

جذبت عملية الطرح الثانوي لأسهم شركة النفط السعودية العملاقة «أرامكو» طلبات تزيد على الأسهم المعروضة للبيع خلال ساعات من بدء تلقي الطلبات، يوم الأحد، ما يدل على الجاذبية الاستثمارية للشركة، وما تتميز به من قوة مالية وثقل في أسواق النفط. وتعدّ الصفقة تاريخية، ويمكن أن تجمع السعودية من خلالها ما يصل إلى 13.1 مليار دولار، كما تمثل اختباراً مهماً للإقبال العالمي على أصول المملكة، وفقاً لوكالة «رويترز». وستستمر فترة تلقّي طلبات شراء الأسهم لكل من المؤسسات المكتتبة والأفراد حتى الخميس.

وطرحت السعودية 1.545 مليار سهم من أسهم الشركة، التي تشكل نحو 0.64 في المائة من أسهم «أرامكو». وهو الطرح الثاني بعد طرح عام أولي في 2019 لنحو 1.5 في المائة من أسهم الشركة التي تعد خامس أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية، وقد جمع 25.6 مليار دولار، ما جعله أكبر طرح عام أولي في العالم.

وسيتم تخصيص نحو 10 في المائة من الطرح الجديد للمستثمرين الأفراد.

فبعد اكتتاب المؤسسات الذي جرى الأحد، من المقرر أن تبدأ فترة اكتتاب الأفراد في أسهم «أرامكو» يوم الاثنين 3 يونيو (حزيران)، وتم تحديد سعر الاكتتاب في نطاق يتراوح ما بين 26.7 و29 ريالاً للسهم الواحد (7.12 و7.73 دولار).

وتمتلك الحكومة السعودية حالياً 82.19 في المائة من الأسهم المُصدرة للشركة. وعند إتمام عملية الطرح، ستكون نسبة ملكية الحكومة نحو 81.55 في المائة من أسهم شركة «أرامكو»، في حال عدم ممارسة خيار التخصيص الإضافي، أو 81.48 في المائة في حال ممارسة خيار التخصيص الإضافي بشكل كامل، وفقاً لبيان صحافي أصدرته «أرامكو»، الأحد. وقالت شركة «أرامكو»، في البيان، إن المستثمرين الأفراد سيكتتبون عند الحد الأعلى من النطاق السعري، كما يتعيّن عليهم تحديد عدد الأسهم التي يرغبون بشرائها بسعر الحد الأعلى.

ومن المقرر أن تتلقى البنوك المشاركة في العملية طلبات المستثمرين من المؤسسات حتى يوم الخميس، وستقوم بتسعير الأسهم في اليوم التالي، ومن المتوقع أن يبدأ التداول يوم الأحد المقبل في السوق المالية السعودية.

وانخفض سهم «أرامكو» 1.9 في المائة يوم الأحد إلى 28.45 ريال (7.5 دولار)، وهو أدنى مستوى منذ مارس (آذار) 2023. وتوقع المستشار المالي محمد الميموني، خلال حديث مع «الشرق الأوسط»، أن يستقر سهم «أرامكو» بعد الطرح عند مستويات تراوح ما بين 29 و30 ريالاً. وذكر أن بيوت الخبرة أعطت نظرة مستقبلية لسهم «أرامكو» بسعر مستهدف عند نطاق 33 ريالاً. وفي ما يخص تغطية الاكتتاب، قال الميموني إن تغطية الاكتتاب بالكامل خلال الساعات الأولى على بدء عملية الاكتتاب الثانوي «تدل على الجاذبية الاستثمارية لشركة أرامكو، بحكم ما تتميز به الشركة من قوة مالية وثقل في أسواق النفط».

وبحسب «رويترز»، أعلن أحد مديري الدفاتر للطرح الثانوي لـ«أرامكو» تغطية الدفاتر بالحجم الكامل للصفقة ضمن النطاق السعري، ما يعني أن الطلب تجاوز المعروض في الطرح. ويمكن للبنوك زيادة العرض بمليار دولار أخرى. وتساعد أكبر البنوك الاستثمارية في العالم في إدارة عملية البيع، وهي «سيتي»، و«غولدمان ساكس»، و«إتش إس بي سي»، و«جيه بي مورغان»، و«بنك أوف أميركا»، و«مورغان ستانلي»، إلى جانب مؤسسات محلية هي البنك «الأهلي السعودي»، و«الراجحي المالية»، و«الرياض المالية»، و«السعودي الفرنسي». وتضطلع كل من «إم كلاين آند كومباني» و«مويليس» بدوري المستشارين الماليين المستقلين للطرح. وأفاد إفصاح للسوق المالية السعودية، الأحد، بأن وحدة «كريدي سويس» السعودية التابعة لمجموعة «يو بي إس» إلى جانب «بي إن بي باريبا»، و«بنك أوف تشاينا»، و«إنترناشونال»، و«تشاينا إنترناشونال كابيتال كوربوريشن»، تساعد في البحث عن مشترين للأسهم.