إردوغان يبلغ بوتين بتوسع استهداف النظام السوري وينتظر أفعالاً من واشنطن

أنقرة طالبت بحظر جوي في ادلب بعد مقتل 33 من جنودها

مقاتلون سوريون معارضون تدعمهم تركيا في ريف ادلب أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون سوريون معارضون تدعمهم تركيا في ريف ادلب أمس (أ.ف.ب)
TT

إردوغان يبلغ بوتين بتوسع استهداف النظام السوري وينتظر أفعالاً من واشنطن

مقاتلون سوريون معارضون تدعمهم تركيا في ريف ادلب أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون سوريون معارضون تدعمهم تركيا في ريف ادلب أمس (أ.ف.ب)

أبلغ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان نظيره الروسي فلاديمير بوتين بأن كل عناصر النظام السوري أصبحت أهدافاً مشروعة للقوات التركية، وسيتم ضربها رداً على مقتل 33 جندياً تركياً في قصف جوي سوري على نقطة مراقبة تركية في جنوب إدلب الليلة قبل الماضية، أسفر أيضاً عن إصابة 32 جندياً آخرين.
وقال رئيس دائرة الاتصالات في الرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، في تصريحات، إن إردوغان دعا بوتين، خلال اتصال هاتفي بينهما أمس، إلى أن تفي روسيا، التي تدعم دمشق بالضربات الجوية، بمسؤولياتها في إدلب، وتوقف هجمات جيش النظام السوري.
وأضاف ألطون أن الرئيسين التركي والروسي اتفقا على عقد لقاء بينهما في أقرب وقت ممكن، مشيراً إلى أن إردوغان أبلغ بوتين بأن وضع اللاجئين الحالي على طول الحدود التركية كان بسبب إهمال النظام السوري وأعماله المتعمدة، وأكد بوضوح أن دماء الجنود الأتراك لن تضيع سدى.
وأضاف أن إردوغان أبلغ بوتين أيضاً بأن تركيا تتوقع أن تعمل روسيا على جعل النظام يمتثل لتفاهم سوتشي الموقع بين تركيا وروسيا في 17 سبتمبر (أيلول) 2018، بشأن إقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح للفصل بين قوات النظام والمعارضة في إدلب، مشيراً إلى أن الهجمات التي يشنها النظام على الجنود الأتراك لا يمكن أن تغير موقف تركيا من إدلب، وذكر روسيا بالوفاء بمسؤوليتها عن طريق إيقاف نظام الأسد على أساس المادة 3 من مذكرة التفاهم في سوتشي.
وتابع ألطون أن إردوغان سيبلغ نظيره الأميركي دونالد ترمب، في اتصال هاتفي، بأن الدعم الشفهي فيما يتعلق بمنطقة إدلب السورية لا يكفي، وأن أنقرة تتوقع دعماً «فعلياً»، مشيراً إلى أن إردوغان سيجري اتصالات أيضاً مع قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا حول التطورات في إدلب.
وفي السياق ذاته، قال الكرملين إن بوتين وإردوغان اتفقا، خلال الاتصال الهاتفي، على ضرورة اتخاذ إجراءات جديدة لتخفيف التوتر، وإعادة الوضع لطبيعته في شمال غربي سوريا. وذكر الكرملين، في بيان، أن بوتين وإردوغان اتفقا على ترتيب اجتماع رفيع المستوى لبحث الوضع في إدلب السورية الذي قال الرئيسان إنه مبعث «قلق بالغ».
وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن الرئيسين الروسي والتركي بحثا، عبر مكالمة هاتفية، مستجدات الوضع الراهن في إدلب، في اتصال تم بناء على طلب من الجانب التركي، مشيراً إلى أن المحادثات بين تركيا وروسيا مستمرة.
وواصل الوفدان التركي والروسي، أمس، اجتماعاتهم حول إدلب، لليوم الثالث على التوالي، في مقر وزارة الخارجية التركية في أنقرة، في محاولة للتوصل إلى اتفاق حول التهدئة.
وكانت تركيا قد رفضت الرواية الروسية حول مقتل جنودها في سوريا، حيث أعلنت موسكو أن الجنود كانوا برفقة عناصر مسلحة أخرى (في إشارة إلى مسلحين من الفصائل السورية) عندما تم استهدافهم.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن الضربات الجوية على منطقة إدلب السورية، التي أسفرت عن مقتل 33 من الجنود الأتراك، حدثت رغم التنسيق مع المسؤولين الروس على الأرض، وإن الهجمات استمرت بعد تحذير صدر عقب الضربات الأولى.
وأضاف أكار، في تصريحات أمس من غرفة عمليات الجيش التركي في ولاية هطاي الحدودية مع سوريا، أن تركيا ردت على الضربة السورية، وأن 309 من جنود الجيش السوري المدعومين من موسكو قتلوا في إطار الرد التركي، وتم أيضاً تدمير كثير من المروحيات والدبابات والآليات التابعة للنظام.
وأمضى أكار وقائد القوات البرية التركية الساعات الأولى من صباح أمس في مركز العمليات، حيث أدار أكار بنفسه عملية الرد على الضربة السورية، وقال: «استهداف جنودنا وقع رغم التنسيق الميداني مع المسؤولين الروس حول إحداثيات مواقع قواتنا. ورغم تحذيراتنا عقب القصف الأول، استمرت الغارات الجوية، وطالت حتى سيارات الإسعاف... نؤكد أنه لم تكن هناك أي مجموعة مسلحة في محيط وحداتنا خلال الهجوم الأخير على قواتنا في إدلب».
كانت وزارة الدفاع الروسية قد ذكرت، في بيان أمس، أن جنوداً أتراكاً كانوا وسط المسلحين السوريين، وأن تركيا لم تبلغ الجيش الروسي بوجود جنودها هناك، وما كان ينبغي أن يكون الجنود الأتراك في المنطقة، وفقاً للمعلومات التي قدمتها تركيا.
وأضافت أن الطائرات الروسية لم تنفذ ضربات على منطقة في إدلب كانت الوحدات التركية موجودة بها، مشددة على أن روسيا فعلت كل شيء لفرض وقف كامل لإطلاق النار من جانب الجيش السوري، بعدما علمت بمقتل جنود أتراك.
وأشارت إلى أن مسلحين سوريين في منطقة خفض التصعيد بإدلب حاولوا شن هجوم كبير على القوات الحكومية أول من أمس.
وقال وزير الدفاع التركي إنه جرى قصف أكثر من 200 هدف للنظام السوري بعد الهجوم «الغادر» على جنود تركيا، بشكل مكثف، عبر مقاتلات وطائرات مسيرة مسلحة، ووسائط الإسناد الناري البرية، وتم تحييد 309 من عناصر قوات النظام السوري، وتدمير 5 مروحيات، و23 دبابة، و23 مدفعية، ومنظومتين للدفاع الجوي من طراز (إس إيه 17) و(إس إيه 22). كما تم تدمير 10 مدرعات، و5 شاحنات لنقل الذخيرة، و3 مستودعات للذخيرة، ومستودعين لمستلزمات عسكرية، وأحد المقرات التابعة لقوات النظام.
وأكد أكار أن القصف في إطار الرد على هجوم النظام «ما زال مستمراً»، مضيفاً: «ستتواصل عملياتنا لحين كسر الأيادي الملطخة بالدماء التي تتطاول على جنودنا والمظلومين في المنطقة».
وفي مقابل تصريحات أكار حول مقتل 309 من قوات النظام السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بمقتل 16 عنصراً من قوات النظام في قصف مدفعي وبالطائرات المسيرة نفذه الجيش التركي في إدلب، غداة مقتل 33 جندياً تركياً في غارات جوية نسبتها أنقرة إلى دمشق.
وكان الرئيس إردوغان قد ترأس، في وقت متأخر ليل أول من أمس، اجتماعاً أمنياً استمر 6 ساعات. وأعلنت الرئاسة التركية، فجر أمس، أنه تقرر خلال الاجتماع الرد بالمثل على النظام السوري «غير الشرعي» الذي يوجه سلاحه صوب جنودنا الذين يدافعون عن حقوق الجمهورية التركية ومصالحها.
وقال رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، عقب الاجتماع الأمني، إن بلاده «استهدفت جميع أهداف النظام السوري المحددة بنيران عناصرنا المدعومة جواً وبراً، وسنواصل الاستهداف».
وطالبت تركيا القوى العالمية بفرض منطقة حظر طيران في سوريا لحماية مئات الآلاف من النازحين بسبب الاشتباكات، بعد مقتل 33 من جنودها في ضربات جوية سورية في إدلب.
وكتب فخر الدين ألطون، على «تويتر»، أن روسيا وإيران اللتين تدعمان الرئيس السوري بشار الأسد ستفقدان كل مصداقيتهما إذا لم يوقفا القتال في إدلب، وأن نظام الأسد مثل شبكة إجرامية يمارس أعمالاً إرهابية بحق شعبه، ويشكل تهديداً على الأمن القومي التركي وأمن أوروبا.
ودعا ألطون أطراف اتفاق آستانة، والمجتمع الدولي عموماً، للالتزام بالمهام الواقعة على عاتقهم إزاء تنفيذ الاتفاق، قائلاً: «لا يمكن السماح بوقوع مجازر في إدلب مشابهة لتلك التي وقعت في رواندا والبوسنة والهرسك، لن تذهب دماء جنودنا الأبطال سدى، وستستمر أنشطتنا العسكرية بالأراضي السورية حتى كسر جميع السواعد التي تطاولت على العلم التركي».
وذكر أن «نظام الأسد يجري تطهيراً عرقياً بحق شعبه، ويسعى لإجبار ملايين السوريين في إدلب على ترك ديارهم. وسيحاول هؤلاء الأشخاص اللجوء إلى تركيا والقارة الأوروبية، حيث يوجد في الوقت الحالي نحو 4 ملايين سوري على الأراضي التركية، وبالتالي ليست لدينا القدرة على استيعاب مليون سوري إضافي».
ومن جانبه، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن الأزمة في إدلب «تجاوزت جميع الحدود»، داعياً المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات ملموسة تجاه الأزمة الإنسانية في إدلب، وسوريا عموماً.
وأضاف كالين، في تصريح أمس، أنه تم الرد بشكل قوي على الهجوم على الجنود الأتراك اعتباراً من منتصف ليل أول من أمس، وأن دماء الجنود الأتراك «لن تذهب سدى»، وستتم محاسبة النظام السوري «الملطخة يديه بالدماء».
وداخلياً، دعا حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، البرلمان لبحث تداعيات مقتل عشرات الجنود الأتراك في قصف بمحافظة إدلب في جلسة مغلقة، وأيدت رئيسة حزب «الجيد»، ميرال أكشنار، الدعوة.
وتقدم حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى البرلمان أمس بطلب لعقد هذه الجلسة يوم الثلاثاء المقبل، بعد ضغوط المعارضة ومطالبتها بتوضيح ما يجري في إدلب.
وحجبت سلطات تركيا عدداً من وسائل التواصل الاجتماعي، منها «فيسبوك» و«تويتر» و«إنستغرام»، عقب الهجوم الذي استهدف قواتها في إدلب، وجعلت الوصول إلى تطبيقات أخرى، مثل «واتساب» و«يوتيوب»، مقيداً بشكل جزئي.



انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
TT

انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)

تراجعت القدرة الشرائية لغالبية اليمنيين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، بعد موجة غلاء شديدة ضربت الأسواق، وارتفعت معها أسعار المواد والسلع الأساسية والغذائية، على الرغم من تراجعها عالمياً للشهر الثالث على التوالي.

وارتفعت الأسعار في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وجميع المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية؛ ما اضطر كثيراً من العائلات إلى خفض استهلاكها من بعض السلع، أو الاستغناء عن بعض الأصناف، مثل الخضراوات والفواكه، في حين رفعت المطاعم أسعار الوجبات التي تقدمها، رغم تراجع الإقبال عليها.

وتقول مصادر تجارية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن أسعار بعض السلع الغذائية زادت، خلال الأسابيع الماضية، بشكل كبير ومفاجئ، في حين حدثت زيادات تدريجية لسلع أخرى، دون أن يصدر حول ذلك أي بيانات أو توضيح من الجماعة الحوثية التي تسيطر على القطاع التجاري، أو إجراءات للحد من ذلك.

وزاد سعر كيس الدقيق زنة 50 كيلوغراماً نحو 3 دولارات؛ حيث ارتفع أحد أنواعه من 12400 ريال يمني إلى نحو 14 ألف ريال، وتفاوتت الزيادة في أسعار كيس الأرز بين 3 و6 دولارات، حسب النوع، بينما ارتفع سعر زجاجة الزيت (5 لترات) بمقدار دولارين لغالبية أنواعه، وتجاوز سعر كرتونة البيض 4 دولارات، بعد أن وصل إلى 2200 ريال. (تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار يساوي 535 ريالاً يمنياً).

اتهامات للحوثيين بفرض جبايات لتعويض خسائرهم من العقوبات الأميركية والغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتقول أروى سلام، وهي معلمة وربَّة منزل، لـ«الشرق الأوسط»، إنها اضطرت منذ نحو شهر للتخلي عن شراء الخضراوات تماماً، ما عدا الضروري منها لإعداد الوجبات، في محاولة منها لتوفير ثمن الدقيق والسكر والأرز.

وشملت الزيادات أسعار الخضراوات والفواكه محلية الإنتاج، والمعلبات التي تدخل ضمن أساسيات التغذية في اليمن، مثل التونة واللبن المجفف والأجبان، التي اضطرت غالبية العائلات للتوقف عن شرائها.

خنق الأسواق

بدأت موجة الغلاء الجديدة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بقفزة كبيرة في أسعار السكر، أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ إذ ارتفع سعر الكيس الذي يزن 50 كيلوغراماً من 20 ألف ريال، إلى 26 ألف ريال لأكثر أنواعه انتشاراً في الأسواق، وهي زيادة تعادل نحو 12 دولاراً.

يمنيان يبيعان الحبوب المنتجة محلياً في سوق بوسط صنعاء (إ.ب.أ)

ومع موجة الغلاء الأخيرة، عاود السكر ارتفاع أسعاره خلال الأسابيع الماضية، وتفاوتت الزيادة الجديدة بين دولارين وأربعة دولارات، إلا أن غالبية الباعة استمروا ببيعه وفقاً للزيادة الأولى، التي تسببت بارتفاع أسعار المشروبات في المقاهي، وعدد من الأصناف التي يدخل في تكوينها.

وواجهت المطاعم صعوبات في التعامل مع الزيادات السعرية الجديدة، بعد أن اضطرت لرفع أسعار الوجبات التي تقدمها، وهو ما أدى إلى تراجع الإقبال عليها.

وتحدث عمار محمد، وهو مدير صالة في أحد المطاعم لـ«الشرق الأوسط» عن قلة عدد رواد المطعم الذي يعمل فيه منذ ارتفاع أسعار الوجبات، مع عزوف من تبقى منهم عن تناول الوجبات المرتفعة الثمن، وتقليل الكميات التي يتناولونها، وهو ما تسبب في تراجع دخل المطعم.

الجماعة الحوثية فرضت المزيد من الجبايات على نقل البضائع متسببة في موجات غلاء متتالية (غيتي)

وأبدى خشيتَه من أن يُضطَر مُلاك المطاعم إلى تسريح بعض العمال بسبب هذا التراجع، رغم توقُّعه تكيُّف معظم الزبائن مع الوضع الجديد، ورجوعهم إلى عاداتهم في تناول الوجبات خارج منازلهم بعد مضي بعض الوقت.

إلا أن باحثاً اقتصادياً نفى إمكانية حدوث التكيف مع الأوضاع الجديدة؛ فبعد كل هذه السنين من الأزمات المعيشية، والإفقار المتعمد للسكان، حسب وصفه، أصبح التكيف أمراً غاية في الصعوبة، خصوصاً مع توقف رواتب موظفي الدولة، واتساع رقعة البطالة، وتراجع المساعدات الإغاثية.

ولفت الباحث الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم الإفصاح عن هويته لإقامته في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، إلى أن التكيف يحدث في أوضاع يمكن أن تتوفر فيها فرص للسكان لزيادة مداخيلهم، وابتكار طرق جديدة لتحسين معيشتهم.

الأسواق في مناطق سيطرة الحوثيين تعاني من ركود كبير بعد موجات الغلاء (أ.ف.ب)

وأوضح أن الجماعة لا تهتم إلا بزيادة عائداتها، وتتبع جميع الوسائل التي ترهق السكان؛ من فرض المزيد من الضرائب والجمارك ومضاعفتها بشكل غير قانوني، والعبث بالقطاع التجاري والاستثماري، وجميعها إجراءات تعمّق الركود وتعيق الحركة المالية ونشوء الأسواق وتوسع البطالة.

غلاء عكس المتوقع

امتنعت كبريات الشركات التجارية عن إبداء تفسيرات لهذه الزيادات السعرية، بالتوازي مع عدم اتخاذ الجماعة الحوثية أي إجراءات لمنعها أو تفسيرها، رغم ادعاءاتها باستمرار إجراءاتها للرقابة السعرية، وحماية المستهلكين من الاستغلال.

تأتي هذه الزيادات في الوقت الذي أظهرت فيه مؤشرات «منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)»، تراجعاً عالمياً في أسعار السلع الغذائية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، للشهر الثالث على التوالي.

وبيَّنت المؤشرات، التي أعلنت عنها «فاو»، والتي ترصد أسعار سلَّة من السلع الغذائية المتداولة حول العالم، ظهور انخفاض من متوسط 126.6 نقطة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 125.1 نقطة، الشهر الماضي، بما يساوي 1.2 في المائة.

وطبقاً لذلك، هبطت أسعار أغلب فئات السلع الأساسية، مثل الألبان ومنتجاتها واللحوم والزيوت النباتية والسكر، رغم ارتفاع مؤشر أسعار الحبوب.

وأرجعت المنظمة الأممية هذا التراجع السعري إلى وفرة المعروض العالمي من السلع، وزيادة الإمدادات في أسواق التصدير، ما زاد المنافسة وخفّض الضغوط السعرية.

ومنذ أيام، حذَّرت المنظمة ذاتها من أن نصف الأسر في اليمن تعاني من نقص الغذاء والحرمان الشديد في أربع محافظات.


«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
TT

«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)

حذَّرت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم (الأحد)، من النقص الشديد في الأدوية والمستهلكات الطبية الذي وصفته بأنه عند «مستويات كارثية».

وأوضحت الوزارة، في بيان، أن 52 في المائة من الأدوية الأساسية و71 في المائة من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً»، كما أن 70 في المائة من المستهلكات اللازمة لتشغيل المختبرات بات رصيدها «صفراً» أيضاً.

وقالت الوزارة التي تديرها حركة «حماس»، في بيان، إن أقسام جراحة العظام، والغسل الكلوي، والعيون، والجراحة العامة، والعمليات، والعناية الفائقة، تواجه تحديات كارثية مع نقص المستهلكات الطبية، كما أن هناك نقصاً شديداً في الأدوية اللازمة للرعاية الأولية والسرطان وأمراض الدم.

وحذَّرت الوزارة من تصاعد الأزمة في ظل زيادة الحاجة إلى مزيد من التدخلات العلاجية للمرضى والجرحى، وطالبت بتعزيز الإمدادات الطبية العاجلة لتمكين الأطقم الطبية من أداء عملها.


الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
TT

الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)

وسط تصاعد الغضب الشعبي من تدهور الأوضاع المعيشية واتساع رقعة الفقر، بدأت الجماعة الحوثية تنفيذ حملة تجنيد قسرية في مناطق سيطرتها بمحافظتي الحديدة وذمار، بعد فشل محاولاتها السابقة في استقطاب الفقراء للالتحاق بمعسكرات التدريب مقابل وعود برواتب شهرية.

ولجأت الجماعة المتحالفة مع إيران -حسبما ذكرته مصادر حكومية- إلى اعتقال عدد من وجهاء تلك المناطق بتهمة «التخاذل» في مسعى لإجبار السكان على إرسال أبنائهم للقتال.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين اعتقلوا عدداً من وجهاء مديرية «جبل راس» في الحديدة، بعد رفضهم إجبار الأهالي على إرسال أبنائهم إلى معسكرات التدريب، ضمن حملات التعبئة التي تزعم الجماعة أنها مخصصة لـ«تحرير فلسطين».

وقالت المصادر إن سكان المديريات الخاضعة للجماعة يواجهون حملة تضييق وعقوبات غير مسبوقة، بسبب رفضهم الانخراط في القتال، وإن الوجهاء لا يزالون رهن الاعتقال منذ أيام.

الحوثيون يرغمون الدعاة على قيادة حملات التجنيد (إعلام محلي)

وأوضحت السلطات المحلية الموالية للحكومة الشرعية، أن السكان -رغم الفقر المدقع الذي يعيشونه- رفضوا الانضمام لمعسكرات التدريب. وأشارت إلى أن القيادي الحوثي أحمد البشري، مسؤول ما تسمَّى «التعبئة العامة»، وعبد الله عطيف الذي عيَّنته الجماعة محافظاً للحديدة، أجبرا عدداً من الدعاة على مرافقتهم إلى تجمع أقيم في مدينة زبيد ضمن حملة التجنيد هناك. واعتبرت أن لجوء الجماعة إلى مثل هذا السلوك يعكس «حالة الإفلاس والتخبط» بعد فشلها في استقطاب أبناء تهامة.

وقالت السلطات إن مسؤول التعبئة الحوثي أبلغ الدعاة خلال الاجتماع أن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أبدى استياءه الشديد من المجتمع التهامي، بسبب رفض أبنائه الالتحاق بالتجنيد، وعدم التجاوب مع دعوات التعبئة، رغم أن الحديدة تعد من أكثر المحافظات معاناة من انعدام الأمن الغذائي والفقر.

ضغوط على الدعاة

وطبقاً لما نقلته السلطات المحلية، وجَّه القيادي الحوثي أحمد البشري تهديداً مباشراً للدعاة، وأمرهم باستخدام نفوذهم ومنابر المساجد للضغط على الأهالي لإرسال أبنائهم إلى معسكرات التجنيد والجبهات، وإصدار فتاوى بوجوب حمل السلاح. كما هدد بإلحاق الدعاة وأُسرهم قسراً بالدورات الطائفية والعسكرية في حال رفضهم تنفيذ التعليمات.

وحذَّرت السلطات المحلية من أن الجماعة الحوثية تعمل على تحويل الدعاة وزعماء القبائل إلى أدوات لشرعنة التجنيد القسري، وتهدد كل من يتأخر أو يرفض بالاتهام بالولاء للحكومة الشرعية.

بينما يعاني اليمنيون من انعدام الغذاء يستمر الحوثيون في الإنفاق على التجنيد (إعلام محلي)

واستغلت الجماعة حالة الفقر الشديد، وانقطاع المرتبات، وانعدام الوظائف، لإغراء الأهالي برواتب شهرية، ووعدت بإدراج أبنائهم في قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية عند استئناف توزيعها. وفق المصادر ذاتها.

إلى ذلك، واصلت الجماعة الحوثية التضييق على سكان محافظة ذمار (مائة كيلومتر جنوب صنعاء) إذ أجبرت الأهالي في عدد من المديريات على الخروج في وقفات تحت شعار «النفير والتعبئة العامة»، وألزمت المشاركين برفع شعاراتها، في حين قام عناصرها بتصوير الحشود لتقديمها كدليل على وجود «حاضنة شعبية».

وقالت مصادر محلية إن مشرفي الحوثيين أبلغوا مسؤولي القرى والعزل بضرورة الحضور الإجباري لهذه الفعاليات، والاستعداد لـ«النفير العام» تحت غطاء دعم فلسطين، رغم توقف الحرب في غزة منذ مدة. كما ألزمت نساءً وفتيات بتسجيل أسمائهن كمتطوعات، ولوَّحت بعقوبات لمن يرفض، في خطوة تهدف إلى حشد أكبر عدد ممكن للفعالية التي دعت إليها الجماعة في صنعاء.

أزمة هي الأشد عالمياً

تأتي هذه الممارسات الحوثية -وفق مراقبين- في وقت تؤكد فيه الأمم المتحدة أن اليمن لا يزال يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم؛ إذ يحتاج أكثر من 19.5 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية هذا العام، بسبب النزاع المستمر، والانهيار الاقتصادي، وتداعيات تغير المناخ.

يمنيون نازحون في صنعاء يدفئون أنفسهم تحت أشعة الشمس في مخيم مؤقت وسط طقس بارد (إ.ب.أ)

ووفق مفوضية شؤون اللاجئين، فإن نحو 4.8 مليون يمني ما زالوا نازحين داخلياً، بينما استقبلت البلاد أكثر من 62 ألف لاجئ وطالب لجوء، معظمهم من الصومال وإثيوبيا. وتوضح المفوضية أنها تعمل في معظم محافظات البلاد بالتنسيق مع السلطات والشركاء المحليين، لتوفير الحماية والمساعدات للفئات الأكثر تضرراً.

وعلى الرغم من هذه المعاناة الواسعة، تواصل الجماعة الحوثية إنفاق الموارد على التجنيد وحملات الحشد الطائفي والعسكري، بدلاً من توجيهها لتخفيف الكارثة الإنسانية، حسبما تؤكده مصادر حكومية ومنظمات محلية.