«وول ستريت» تكسر «وحيدة» حلقة فزع كورونا رغم التحذير الأميركي

بورصات العالم فقدت 3 تريليونات دولار في 4 أيام

«وول ستريت» تكسر «وحيدة» حلقة فزع كورونا رغم التحذير الأميركي
TT

«وول ستريت» تكسر «وحيدة» حلقة فزع كورونا رغم التحذير الأميركي

«وول ستريت» تكسر «وحيدة» حلقة فزع كورونا رغم التحذير الأميركي

رغم تحذير هو الأعنف من نوعه، أشارت فيه الولايات المتحدة إلى «حتمية حدوث وباء»، فتحت مؤشرات الأسهم الأميركية الرئيسية مرتفعة الأربعاء بعد أن تكبدت أشد خسائرها فيما يربو على عام بالنسبة المئوية لأربع جلسات بفعل المخاوف من الأضرار الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا في أنحاء العالم.
وارتفع المؤشر داو جونز الصناعي 78.10 نقطة بما يعادل 0.29 في المائة، ليصل إلى 27159.46 نقطة. وزاد المؤشر ستاندرد اند بورز 500 بمقدار 11.69 نقطة أو 0.37 في المائة مسجلا 3139.90 نقطة. وتقدم المؤشر ناسداك المجمع 45.94 نقطة أو 0.51 في المائة إلى 9011.55 نقطة.
لكن أسواق وول ستريت التي كسرت حلقة الفزع من كورونا حلقت وحدها خارج دائرة الهبوط، إذ استمرت نظيرتها الكبرى في آسيا وأوروبا في مراحل التراجع خلال أغلب تعاملات أمس.
ونزلت الأسهم الأوروبية للجلسة الخامسة على التوالي الأربعاء فيما يخشى مستثمرون الأثر المتنامي لفيروس كورونا سريع الانتشار مما دفع شركات حول العالم للتحذير بشأن النتائج.
وتراجع المؤشر ستوكس 600 للأسهم الأوروبية 0.8 في المائة بحلول الساعة 081:3 بتوقيت غرينتش، ليسجل أول خسائر لخمسة أيام متتالية منذ يوليو (تموز) 2019.
ويأتي ذلك بعد تعاملات غير مبشرة في آسيا وول ستريت خلال الليل، بعدما حذر مسؤولو الصحة في الولايات المتحدة المواطنين وطالبوهم بالتأهب لاحتمال انتشار الفيروس بعدما وصل لإسبانيا وعشرات الدول من كوريا الجنوبية إلى إيطاليا.
وفي الجلسات الأربع السابقة، فقدت الأسهم العالمية ثلاثة تريليونات دولار من قيمتها مع خفض اقتصاديين توقعات النمو وتحذير شركات من تراجع الأرباح بسبب الفيروس.
ونزل سهم دياجو البريطانية لصناعة المشروبات الروحية واحدا في المائة بعدما أشارت لتقديرات بأن يقلص الفيروس أرباح 2020 بواقع 200 مليون جنيه إسترليني (260 مليون دولار). وخفضت مجموعة دانون للأغذية توقعاتها لهامش الربح والمبيعات لعام 2020 لتعزو ذلك إلى ضبابية اقتصادية وفيروس كورونا.
وفي آسيا، واصلت الأسهم اليابانية خسائرها الأربعاء لتغلق على أقل مستوى فيما يزيد عن أربعة أشهر، إذ تهدد الزيادة الكبيرة في حالات الإصابة بفيروس كورونا خارج الصين بإلحاق الضرر بالنمو الاقتصادي العالمي ما يجبر المستثمرين على التخلي عن الأصول مرتفعة المخاطر.
وانخفض المؤشر نيكي القياسي 0.79 في المائة مسجلا 22426.19 نقطة، وهو أقل مستوى إغلاق منذ 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2019. رغم أن المؤشر قلص معظم الخسائر التي تكبدها في المعاملات المبكرة ليغلق فوق مستوى دعم رئيسي، وهو المتوسط المتحرك لمئتي يوم، عند 22169 نقطة. وتندر الأنباء الإيجابية بشأن الفيروس، إذ أعلنت كل من الصين وكوريا الجنوبية عن 500 حالة جديدة مع مؤشرات تفش جديد في دول أخرى.
وتراجع المؤشر توبكس الأوسع نطاقا 0.75 في المائة ليصل إلى 1708.89 نقطة، وزاد حجم التعاملات عن ثلاثة تريليونات ين للجلسة الثانية على التوالي. ونزلت جميع المؤشرات الفرعية في بورصة طوكيو وعددها 33، وسجلت قطاعات التعدين والعقارات والخدمات أسوأ أداء.
وانخفضت الأسهم الآسيوية في الوقت الذي دفعت فيه المخاوف بشأن الفيروس العوائد على سندات الخزانة الأميركية إلى مستويات قياسية متدنية.
في غضون ذلك، ارتفعت أسعار الذهب الأربعاء بعد انخفاض كبير سجلته في الجلسة السابقة، في الوقت الذي حذرت فيه الولايات المتحدة من حتمية حدوث وباء؛ مما دفع المستثمرين إلى اللجوء للأصول التي تُعتبر ملاذا آمنا.
وارتفع الذهب في التعاملات الفورية 0.5 في المائة إلى 1643.93 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 0627 بتوقيت غرينتش، بعد أن انخفض 1.9 في المائة في الجلسة السابقة. ويوم الاثنين، لامست الأسعار أعلى مستوياتها في أكثر من سبع سنوات عند 1688.66 دولار. وتراجعت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.2 في المائة إلى 1646 دولارا.
وقال كايل رودا من آي.جي ماركتس: «الناس قلقون من انتشار الفيروس في أنحاء العالم وأنه سيصبح وباء... ربما أسوأ سيناريو للاقتصاد العالمي بدأ في الحدوث، وهذا يُبقي على ‬طلب الذهب؛ إذ إن الجميع قلقون من أن الفيروس يقود إلى انخفاض العوائد».
ودعت الولايات المتحدة مواطنيها الثلاثاء إلى بدء التأهب لانتشار فيروس كورونا في البلاد مع تصاعد تفشيه في إيران وكوريا الجنوبية وإيطاليا. ومن المرجح أن تتجاوز تأثيرات التفشي الصين، إذ من المتوقع أن تسجل معظم الاقتصادات الكبرى في المنطقة تباطؤا كبيرا أو تتوقف عن النمو أو تنكمش في الربع الحالي، وفقا لما خلصت إليه استطلاعات للرأي أجرتها رويترز.
وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، ربح البلاديوم 0.9 في المائة إلى 2723.15 دولار للأوقية، بينما ارتفع البلاتين 0.7 في المائة إلى 932.63 دولار بعد أن لامس أدنى مستوياته في شهرين يوم الثلاثاء. وارتفعت الفضة 0.5 في المائة إلى 18.08 دولار للأوقية، بعد أن تراجعت 4.1 في المائة في الجلسة السابقة.



الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

TT

الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري «الذي خسر 24 عاماً من التنمية البشرية حتى الآن».

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

لبنان

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.