عقوبات أميركية على 3 مسؤولين في «حزب الله» و12 شركة تابعة له

مجلس الشيوخ يسعى إلى إطلاق موقوف بتهمة العمالة في لبنان

TT

عقوبات أميركية على 3 مسؤولين في «حزب الله» و12 شركة تابعة له

فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات جديدة على 3 مسؤولين في «حزب الله» وصفتهم بـ«الإرهابيين العالميين»، وعلى 12 هيئة مقرها لبنان مرتبطة بـ«مؤسسة الشهيد»، كجزء من شبكة تدعم الحزب.
وقال بيان الوزارة إن «مكتب مراقبة الأصول الأجنبية فرض عقوبات على شركة أطلس القابضة لامتلاكها أو السيطرة عليها من قبل مؤسسة الشهيد، وكذلك مسؤول كبير في الشركة، يدعى قاسم محمد علي بزي، وعلى 10 شركات تابعة لـ(أطلس). هي صيدلية شاهد، وشركة أمان للوقود، وشركة أمانا بلس، وشركة الكوثر، وشركة أمانة للصباغة والدهانات، وسيتي فارما، وشركة الخدمات السياحية العالمية، وشركة ميراث، وشركة سانوفيرا فارم، وشركة كابيتال».
كما فرضت الوزارة على جواد نور الدين والشيخ يوسف عاصي عقوبات، كونهما «قادة أو مسؤولين في مؤسسة الشهيد في لبنان، التي تم تصنيفها سابقاً مؤسسة تدعم الإرهاب في يوليو (تموز) 2007». كما صنفت شركة «ميراث» التي يملكها أو يسيطر عليها جواد نور الدين.
وقال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين إن «(حزب الله) يستفيد من بيع البضائع الحيوية لصحة الشعب اللبناني واقتصاده، مثل الأدوية والبنزين». وأضاف: «إدارة الرئيس ترمب تقف مع الشعب اللبناني، ونحن ملتزمون بالكشف عن مخططات (حزب الله) لتمويل الإرهاب ومحاسبته».
من جهة أخرى، يستعد مجلس الشيوخ لفرض عقوبات جديدة على مسؤولين لبنانيين معنيين بالموافقة على احتجاز أي مواطن أميركي بطريقة غير شرعية.
وطرحت السيناتورة الديمقراطية جين شاهين، والسيناتور الجمهوري تيد كروز، مشروع القانون صباح الاثنين، على خلفية ما وصفته شاهين بـ«رفض المسؤولين اللبنانيين إطلاق سراح اللبناني الأميركي عامر فاخوري»، وهو من سكان ولايتها نيوهامشير.
واتهمت شاهين «حزب الله» بالتحكم بملف اعتقال فاخوري، منتقدة «مساعي الحزب لنشر التوتر في البلاد». وقالت السيناتور إنها على تواصل مستمر مع البيت الأبيض والسفارة الأميركية في بيروت لـ«التوصل إلى حل لهذه القضية»، لكنها قررت تصعيد الملف بعد محاولات عدة للتواصل مع المسؤولين اللبنانيين، بمن فيهم الرئيس اللبناني ميشال عون، من دون تعاون يذكر. وأضافت شاهين: «إن الحكومة الأميركية أعطت المسؤولين اللبنانيين كثيراً من الفرص لإطلاق سراح فاخوري، لكن عامر اليوم يصارع من أجل البقاء حياً، والوقت يداهمنا. المسؤولون اللبنانيون يعلمون أن تصرفهم الذي يحرّكه (حزب الله) بهدف نشر الانقسام في لبنان، هو تصرف غير شرعي، حتى بنظر القوانين اللبنانية».
وشددت شاهين على أن «العقوبات لا تتعلق بفاخوري فحسب، بل بأي مواطن أميركي يُعامل بهذا الشكل في لبنان». وقالت متحدثة عن العقوبات التي طرحتها: «يجب أن تكون هناك نتائج لهذا التجاهل الفاضح للقيم الدولية وحقوق الإنسان. في أي وقت يتم فيه اعتقال مواطن أميركي أو سجنه أو تعذيبه من قبل حكومة أجنبية، يجب أن نستعمل كل أداة بحوزتنا لجلب هذا الشخص إلى الولايات المتحدة والتأكد من أنه لا يُستعمل وسيلةً لتحقيق أهداف سياسية».
المشروع الذي طرحته شاهين وكروز يلغي أي تأشيرات دخول للمسؤولين إلى الأراضي الأميركية ويجمد أصولهم. ووصف السيناتور كروز فاخوري بالرهينة، قائلاً: «إن حماية المواطنين الأميركيين هنا وفي الخارج هي مسؤولية أساسية لحكومتنا، ونحن نأخذ هذه المسؤولية على محمل الجد. إن اتخاذ رهائن أميركيين أمر غير مقبول، وأنا ملتزم بفعل ما يلزم لتمرير مشروع القانون الذي طرحناه والتوقيع عليه من قبل الرئيس الأميركي».
ويفرض المشروع الذي أطلق عليه اسم «لا تسامح مع اعتقال أميركيين في لبنان» عقوبات كإلغاء تأشيرات السفر وتجميد الأصول بحق مسؤولين حاليين وسابقين في الحكومة اللبنانية والنظام القضائي اللبناني، الذين وافقوا أو سهّلوا من أي عملية اعتقال أو تعذيب لمواطن أميركي في السجون اللبنانية. وتشمل هذه العقوبات عائلات هؤلاء المسؤولين وشركائهم.
وبحسب نص المشروع الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، على وزير الخارجية الأميركي أن يقدم للكونغرس لائحة مفصلة بالمسؤولين الحاليين والسابقين في الحكومة اللبنانية، إضافة إلى المسؤولين في السلطة القضائية والمحكمة العسكرية، على أن يكون هؤلاء المسؤولون مرتبطين بأي عملية اعتقال غير شرعية وتعذيب لأي مواطن أميركي. وعلى أن تصبح هذه اللائحة متوفرة بعد 15 يوماً من إقرار المشروع. ويلزم المشروع وزير الخارجية برفض تأشيرات الدخول لهؤلاء المسؤولين وعائلاتهم وإلغاء أي تأشيرات سابقة. كما يلزم المشروع الرئيس الأميركي بتجميد أصول هؤلاء المسؤولين في الولايات المتحدة.
وأفادت مصادر في الكونغرس «الشرق الأوسط» بأن «هناك إجماعاً كبيراً من قبل الحزبين حول المشروع، وذلك في إطار الضغوطات التي تسعى الإدارة الأميركية إلى فرضها على (حزب الله)». ورجحت تمرير المشروع وتوقيع الرئيس الأميركي عليه في حال رفضت الحكومة اللبنانية تسليم فاخوري.
ويقول أعضاء الكونغرس إن التهم الموجهة إلى فاخوري عارية من الصحة، وإنه كان بالفعل عضواً في «جيش لبنان الجنوبي» المعروف بـ«منظمة لحد»، لكنه لم يشارك في عمليات التعذيب في معتقل الخيام كما تقول السلطات اللبنانية. وقال مصدر في مكتب شاهين إنه تم الاطلاع على كل الوثائق المحيطة بملف فاخوري، وإنه لم يتم العثور على أي دليل يثبت تورطه بالجرائم التي تتحدث عنها السلطات في لبنان.
وكانت السلطات اللبنانية ألقت القبض على فاخوري خلال زيارته إلى لبنان في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، وصادرت جواز سفره الأميركي. ويواجه فاخوري الذي يعاني من مرض سرطان الدم، أحكاماً بالإعدام بسبب تهم العمالة والتعذيب الموجهة إليه. وقد ناشدت عائلة فاخوري الرئيس الأميركي التدخل شخصياً لإطلاق سراحه ليتمكن من الحصول على العلاج في الولايات المتحدة.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.