انتقادات حادة للحكومة التونسية بسبب «الجنسية المزدوجة»

6 وزراء يحملون جنسيتي فرنسا وبريطانيا

TT

انتقادات حادة للحكومة التونسية بسبب «الجنسية المزدوجة»

أثار عدد من السياسيين في تونس، وخاصة من أحزاب المعارضة، قضية ازدواجية الجنسية لعدد من الوزراء في حكومة إلياس الفخفاخ، التي تنتظر نيل ثقة البرلمان الأربعاء المقبل، ودعوهم للتخلي فوراً عن جنسياتهم الثانية خدمة لمصالح تونس.
وكشفت حكومة الفخفاخ، المكونة من 32 حقيبة وزارية، عن وجود خمسة وزراء يحملون الجنسية الفرنسية، ووزير يحمل الجنسية الإنجليزية، إلى جانب جنسيتهم التونسية، وعلى رأس هؤلاء رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ، الذي يحمل الجنسية الفرنسية ورفض التخلي عنها.
والوزراء الذين شملتهم الانتقادات بسبب جنسيتهم الثانية هم رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ، ووزير الطاقة منجي مرزوق، وسليم العزابي وزير الاستثمار والتنمية والتعاون الدولي، ولبنى الجريبي وزيرة لدى رئيس الحكومة مكلفة بالمشاريع الكبرى، ووزير التكوين المهني والتشغيل فتحي بلحاج، وكل هؤلاء يحملون إلى جانب جنسيتهم التونسية، جنسية فرنسا، باستثناء لطفي زيتون وزير الحكم المحلي، الذي يحمل الجنسية البريطانية.
ورغم الجدل الكبير الذي أثاره هذا الموضوع داخل الأوساط السياسية التونسية، فإن القانون لا يتضمن نصوصاً صريحة تجبر أعضاء الحكومة على التخلي عن جنسيتهم الأجنبية.
غير أن هذا الموضوع غالباً ما كان محل انتقادات شديدة، وقد تفجر داخل الساحة السياسية بقوة عندما قام يوسف الشاهد، رئيس حكومة تصريف الأعمال، بإخفاء جنسيته الفرنسية عند توليه الحكومة سنة 2016. ولم يكشف عنها إلا قبيل الانتخابات الرئاسية سنة 2019 حين قدم ترشحه، وذلك لأن الدستور يشترط التخلي عن أي جنسية أخرى لتولي مهام رئاسة الجمهورية.
وكانت قضية الجنسية المزدوجة لمسؤولي الدولة قد أثارت الصيف الماضي جدلاً واسعاً بين نواب البرلمان، خلال الجلسة العامة المخصصة لتعديل القانون الأساسي للانتخابات والاستفتاء.
وقد كان النائب سالم لبيض عن الكتلة الديمقراطية، أول من أثار مسألة حمل مسؤولي الدولة لجنسية مزدوجة، وعبر عن استغرابه من عدم أخذ المجلس بزمام المبادرة، والتحرك إزاء مثل هذه الحالات، مشيراً إلى أن يوسف الشاهد الذي يضطلع بمهام رئيس الحكومة منذ سنوات لم يتخل عن جنسيته الفرنسية، بل إن الدولة الفرنسية هي من سحبت منه الجنسية، نظراً لأن قوانينها تفرض ذلك وفق تعبيره، فيما قالت النائبة بذات الكتلة سامية عبو إن السلطات الفرنسية حذفت الولاء عن رئيس الحكومة، ولم تسحب منه الجنسية. أما النائب مصطفى بن أحمد، من كتلة الائتلاف الوطني، فقد اعتبر من جانبه أن مسألة الجنسية هي عقيدة أكثر منها وثيقة، داعياً إلى عدم استغلالها في مزايدات فارغة، حسب تعبيره.
وإلى جانب الانتقادات الموجهة للحكومة بسبب الجنسية المزدوجة، انتقد اتحاد المرأة في تونس رئيس الحكومة المكلف، أمس، بسبب التمثيل المحدود للمرأة في الحكومة المقترحة.
وقالت رئيسة الاتحاد راضية الجريبي إن حضور المرأة «ضعيف في الحكومة المقترحة، ولا ينسجم مع المشاورات التي جرت مع رئيس الحكومة المكلف».
وعرض الفخفاخ حكومته الأربعاء الماضي، وضمت 30 وزيراً، ومنصبي كاتب دولة برتبة وزير. ولم يتجاوز التمثيل النسائي فيها نسبة 19 في المائة، أي بواقع أربع وزيرات وكاتبتي دولة.
وأضافت الجريبي: «سنضغط من أجل أن يعين رئيس الحكومة المكلف نساء في مواقع قيادية في المؤسسات العمومية، والمناصب الهامة بالدولة».
وتعتبر تونس من بين الدول العربية القليلة، التي تمنح فيها المرأة حقوقاً واسعة، كما ينص دستورها على أن «الدولة تكفل تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة في تحمل جميع المسؤوليات». كما «تسعى الدولة لتحقيق التمثيل المتساوي للنساء والرجال في المجالس المنتخبة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».