أنظار اللبنانيين معلقة بمهمة بعثة صندوق النقد الدولي

TT

أنظار اللبنانيين معلقة بمهمة بعثة صندوق النقد الدولي

تتجه أنظار غالبية اللبنانيين إلى بعثة صندوق النقد الدولي التي تبدأ اجتماعاتها في بيروت يوم غد الخميس، تلبية لدعوة الحكومة اللبنانية من أجل تقديم المشورة التقنية لكيفية خروج لبنان من أزمته الاقتصادية والنقدية والمالية. ولا تزال المواقف متباينة حيال اتخاذ لبنان قراراً بسداد سندات الدين (اليوروبوند) التي تستحق في 9 مارس (آذار) المقبل أو عدم السداد في المرحلة الراهنة.
ومع الأسئلة التي تطرح حول مهمة هذه البعثة وما إذا كانت ستتعدى المشورة التقنية، يقول النائب نقولا نحاس لـ«الشرق الأوسط» إنّ «لبنان بصدد إعداد برنامج للنهوض من الأزمة الواقع فيها، وهو لأجل ذلك، لجأ إلى صندوق النقد، مثلما فعلت دول قبله وطلبت المساعدة التقنية، كون هذه المساعدة تدخل ضمن مهامه الأساسية وهو الجهة المؤهلة لذلك».
ويضيف نحاس أنّ المشورة التقنية «ستتضمن الإجابة عن سؤال: ما هو البرنامج الذي يجب أن تعده الحكومة اللبنانية في مختلف الميادين، من الإصلاحات إلى الإجراءات الأساسية لمعالجة أزمة الدين وأزمة العجوزات بالهيكلية المالية للدولة اللبنانية، إن كان على صعيد الأفكار أو على صعيد المعالجات القانونية». ويقول: «ربما سيتضمن عمل الصندوق المشورة في موضوع سندات الدين المستحقة على لبنان، لكن الحكومة اللبنانية بدأت بدراسة هذه المسألة مع خبراء آخرين».
من جهته يؤكد الخبير الاقتصادي جان طويلة لـ«الشرق الأوسط» أنّ المشورة التي سيقدمها صندوق النقد لن تشمل سندات الدين على اعتبار أنّ «الصندوق كان أوضح قبل يومين أنّه ليس من ضمن عمله إعطاء الاستشارة للدولة اللبنانية عن دفع أو عدم دفع استحقاق اليوروبوند». ويقول طويلة إنّ «الدعم التقني الّذي سيقدمه فريق صندوق النقد للبنان، سيشمل خطة متكاملة لكيفية تنفيذ الدولة اللبنانية إصلاحات للخروج من الحالة الراهنة» وبأنّ «الدعم المالي يأتي في مرحلة متقدمة إذ يمكن أنّ تتحول المساعدة التقنية إلى مساعدة مالية، ولكن ذلك يعتمد على كيفية تعاطي الدولة اللبنانية مع الخطة والإصلاحات».
من هنا فإن هناك سيناريوهين محتملين لما بعد إنجاز الصندوق خطته: إما أنّ يوافق لبنان على كامل الخطة للخروج من الأزمة بأقل ضرر ممكن، وهذا أمر يستبعده طويلة، وإما أن تكون هناك استنسابية في تنفيذ الإصلاحات، أي ألا تنفذ الإصلاحات التي تضر من هم في موقع المسؤولية، وهذا هو الخيار الراجح برأي طويلة، ولا سيّما أنّ الصندوق لا يفرض خطته وإنّما توضع عبر نقاشات ومفاوضات مع مسؤولين لبنانيين. لذا، يلفت طويلة إلى أنّه «في حال انتقل لبنان إلى مرحلة الدعم المالي من قبل الصندوق ودول تنوي مساعدة لبنان، فإن الصندوق سيشدد على ضرورة تطبيق الخطة بحذافيرها، وأنّ الإصلاحات ستطبق كما هي»، مستبعداً حدوث هذا الأمر.
وتأتي زيارة الوفد، وسط جدل كبير أحاط بإشاعة خبر اللجوء إلى صندوق النقد قبل أيام، بين معارض يجد أنّ مساعدة الصندوق ستكون مشروطة بإجراءات موجعة لفئة كبيرة من اللبنانيين، وأيضاً أنّها لن تكون مجانية بحسب ما يتوقع غالبية اللبنانيين لا سيّما في حال كانت هذه المشورة التقنية ستمهد للدعم المالي، وبالتالي استدانة وقروض جديدة، وبين مؤيد لهذا اللجوء كونه سيشكل الخلاص للبنان من أزمته الراهنة.
وفي هذا السياق، يلفت الخبير الاقتصادي محمد زبيب إلى أنّه على الرغم من أنّ «لا علاقة لبعثة الصندوق باستحقاق سندات الدين في 9 مارس المقبل»، لكن «ربما قد يكون الهدف استعمال هذه البعثة كذريعة إضافية من أجل تمرير تسديد هذا الاستحقاق وفوائده، والشروع باتخاذ إجراءات جديدة عبر فرض المزيد من السياسات التقشفية والانكماشية وتخفيض الأجور ومعاشات التقاعد، وإلغاء كل دعم موجود لأي سلع أو خدمات وزيادة الضريبة على القيمة المضافة والمحروقات وإطلاق الخصخصة الواسعة وتأمين الحماية للدائنين، وضخ المال العام لدعم رساميل المصارف المتهالكة على حساب مستوى معيشة الناس وحاجاتهم الأساسية والملحة».
وينتقد زبيب الآلية التي اتبعت في طلب تدخل الصندوق، قائلاً إنّ «طلب تدخله بأي شكل أو نوع كان يجب أن يتمّ عبر قرار واضح من مجلس الوزراء يحدد ماهية الطلب، ومن ثمّ إرسال الطلب عبر رسالة خطية تحدد شكل المساعدة المطلوبة ونوعها. كما لا يوجد في نظام صندوق النقد وآليات عمله ما يسمح بإرسال بعثات تقنية لأغراض شاملة وعامة، بل يتمّ إرسال بعثة بمهمة محددة، وهذا كله لم يحصل»، وكان مصدر حكومي قال لـ«رويترز» إنّ طلب لبنان حصل أثناء اتصال هاتفي مع صندوق النقد.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.