عندما استقل ركابٌ السفينة «دياموند برنسيس» في يوكاهاما بالقرب من طوكيو في 20 من يناير (كانون الثاني) الماضي، كانوا يتطلعون إلى رحلة بحرية حالمة تستمر أسبوعين تشمل الصين وفيتنام وتايوان، قبل أن تعود مجددا إلى اليابان، لكن لم يكن يدرك الركاب وقتها أن تلك الرحلة ستتحول إلى مأساة بسبب فيروس «كورونا» الذي أودى بحياة أكثر من 1700 بعد انتشاره من مدينة ووهان في وسط الصين في ديسمبر (كانون الأول).
ويوجد على متن السفينة «دياموند برنسيس» 2666 راكبا نصفهم يابانيون، إضافة إلى 1045 فردا من طاقم السفينة، لكن التطورات على متن السفينة تصاعدت على مدار الأسبوعين الماضيين لتتحول الرحلة السياحية إلى كابوس ومخاوف من الإصابة الفيروس، بينما ارتفع عدد المصابين إلى 454 شخصاً.
* حجر صحي
بدأت مأساة السفينة السياحية «دايموند برنسيس» مع اقتراب الرحلة من نهايتها، عندما سُجلت إصابة راكب يبلغ من العمر 80 عاما بفيروس «كورونا» المستجد بعد أن نزل في هونغ كونغ، وثبتت إصابته بالفيروس في الأول من فبراير (شباط) الجاري.
وأدت الإصابة الأولى التي ظهرت على متن السفينة السياحية لفرض السلطات اليابانية حجرا صحيا عليها في ميناء يوكوهاما الياباني في الرابع من فبراير الجاري.
وتوالت الإصابات الجديدة بـ«كورونا» على متن السفينة في أوساط الركاب وأفراد الطاقم وتم نقلهم إلى المستشفيات اليابانية، وفقا لمسؤولين يابانيين، وطلبت السلطات من آخرين البقاء داخل غرفهم المنفصلة خلال فترة العزل التي تستغرق 14 يوما.
ورغم أن موعد انتهاء الحجر الصحي على السفينة من المقرر أن يكون الأربعاء 19 فبراير الجاري، لكن الإصابات الأخيرة قد تؤثر على هذا الموعد، بعد أن أعلنت وزارة الصحة اليابانية أنه تم تسجيل 99 حالة إصابة أخرى بفيروس كورونا على متن «دياموند برنسيس»، ليبلغ بذلك عدد الحالات المصابة على متن السفينة 454 حالة، حسبما ذكر تقرير لوكالة الأنباء الألمانية.
*إجلاء أميركيين
في البداية، رفضت السلطات اليابانية مغادرة أي شخص للسفينة السياحية قبل انتهاء الحجر الصحي، حسبما أفادت وسائل إعلام محلية نقلاً عن مسؤولين حكوميين. لكن اليابان أعلنت لاحقا أنه لم يكن بإمكانها فحص جميع من كانوا على متن السفينة نظرا لعدم امتلاكها المعدات والإمكانيات اللازمة لذلك في وقت تحاول السلطات السيطرة على تفشي وباء «كورونا» وسط سكان البلاد، وفقا لتقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
واستعدت عدة دول لإجلاء مواطنيها من السفينة «دياموند برنسيس». وفي رسالة من طاقم السفينة أمس (الأحد)، أوضحت أنه سيتم السماح للركاب الذين جاءت نتيجتهم سلبية لفيروس «كورونا» بمغادرة السفينة، وأشارت إلى أن الركاب قد يخضعون للحجر الصحي الإضافي في بلدهم.
وأجلت الولايات المتحدة عددا من مواطنيها الموجودين على متن السفينة أمس (الأحد) والذين لم تظهر عليهم أعراض فيروس «كورونا». واستقل ركّاب السفينة الأميركيين أمس (الأحد) نحو 12 حافلة بدأت التحرك من المرفأ الموجود به السفينة السياحية.
وعقب ذلك، ذكرت وزارة الخارجية الأميركية اليوم (الاثنين) أنه ثبتت إصابة 14 أميركيا بفيروس كورونا خلال إجلاء الركاب الأميركيين من السفينة السياحية للعودة إلى الولايات المتحدة على متن طائرة مستأجرة. وأضاف بيان الخارجية أنه تم نقل المصابين إلى منطقة حجر صحي على متن طائرة الإجلاء، حسب تقرير لوكالة «رويترز» للأنباء.
* 11 يوماً من العُزلة
وسمح لأميركيين الإفصاح عن بعض اللحظات التي قضوها على متن «دياموند برنسيس» اليابانية، بعد العزل في الحجر الصحي لقرابة 11 يوما. إذ قضى الركاب على السفينة أغلب الوقت في صمت، مع الاعتياد على رؤية الأطباء ذوي الملابس الصفراء، حسبما ذكرت الأميركية جاي كورتر (75 عاما) لصحافيين بعد النزول من السفينة.
ووصفت السيدة مونتغومري (67 سنة)، وهي موظفة إدارية متقاعدة من ولاية كاليفورنيا رحلتها على السفينة السياحية في الأيام الماضية بـ«السريالية»، حسبما ذكر تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز»، أمس (الأحد).
وقالت راشيل توريس (24 عاماً) التي كانت تقضي شهر العسل مع زوجها، تايلر (24 عاماً) على متن السفينة، إنهم اضطروا لشرب كمية كبيرة من المياه قبل النزول من السفينة، من أجل الترطيب، قبل ارتداء أقنعة على متن الطائرة طوال الرحلة.
وينشر عدد من ركاب السفينة تجربتهم عبر موقع «تويتر» عب هاشتاغ #DiamondPrincess، مثل ماثيو سميث الذي يوجد في السفينة بصحبة زوجته كاثرين، وهما من ولاية كاليفورنيا الأميركية، مثل الوجبات التي كانا يحصلان عليها على السفينة، ونشره لفيديو عن إجلاء أميركيين أمس (الأحد) من على متن السفينة.
https://twitter.com/mjswhitebread/status/1229089324748034049
* هواتف «آيفون» للإغاثة
وفي إطار جهودها لإحتواء الفيروس، قدمت الحكومة اليابانية 2000 جهاز «آيفون» للركاب على متن السفينة السياحية، بواقع واحد لكل مقصورة، للمساعدة في جهود الإغاثة.
وتم توزيع الهواتف الذكية حتى يتمكن الأشخاص من استخدام تطبيق تم إنشاؤه بواسطة وزارة الصحة اليابانية والذي يربط المستخدمين بالأطباء والصيادلة ومستشاري الصحة العقلية. ويتعذر على الهواتف المسجلة خارج اليابان الوصول إلى التطبيق، حسبما ذكر تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».
وبعد أميركا، أعلنت حكومات عدة عزمها على إجلاء مواطنيها الذين يبدون بصحة جيدة على متن «دياموند برنسيس»، وذلك لإخضاعهم للحجر الصحي، حسبما ذكر تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
بالإضافة إلى الإصابات على السفينة، أشارت السلطات اليابانية إلى أن 53 شخصاً يحملون المرض في مناطق مختلفة من البلاد، مع صعوبة في معرفة مصدر العدوى لعدد متزايد من المصابين.