الأموال الرخيصة تغرق العالم بالديون

مخاطر التخلف عن السداد ترتفع

الأموال الرخيصة تغرق العالم بالديون
TT

الأموال الرخيصة تغرق العالم بالديون

الأموال الرخيصة تغرق العالم بالديون

يغرق العالم اليوم في بحر من الديون المُقدّرة بنحو 253 تريليون دولار، أي 322 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وقفزت هذه الديون في الربع الثالث من عام 2019 إلى مستوى قياسي، وذلك بدعم من أسعار الفائدة المتدنية والتسهيلات الائتمانية، ما يزيد من الأموال الرخيصة في الأسواق.
ويعيد الخبراء الألمان حالة الديون العالمية التي يُرثى لها إلى بارومترين اثنين؛ هما أسعار الفائدة المتدنية ووفرة الائتمان السهل، قد يُشعلان توتّرات مالية مستقبلية مخيفة. علاوة على ذلك، تلاحق الديون كل الأُسر الأوروبية على حد سواء. وعلى صعيد ألمانيا قد تصل ديون أسرة، مكوّنة من 5 أفراد ومُنتمية إلى الطبقة الوسطى، إلى ما مُعدّله 25 ألف يورو.
وفي هذا الصدد، يفيد البروفسور الألماني هانز هويس في الشؤون المالية والاقتصادية الدولية في جامعة بوخوم، بأن ديون الدول والشركات المالية، حول العالم، لن تتوقّف عن تحقيق أرقام قياسية جديدة.
وفي الرُبع الأول من عام 2020، من المتوقع أن يتخطّى إجمالي هذه الديون العالمية 257 تريليون دولار. واللافت أن القطاع العالمي غير المالي، الذي ترسو ديونه حالياً عند 200 تريليون دولار، سيحمل هذه الديون إلى مستوى تاريخي جديد لم يشهده قط عالم المال والأعمال منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
ويضيف أن ديون الأُسر الأوروبية ضربت رقماً قياسياً جديداً في كل من بلجيكا وفنلندا وفرنسا والنرويج والسويد وسويسرا. في حين وصلت ديون الشركات غير المالية في كل من فرنسا والسويد وسويسرا إلى مستويات مقلقة. وتبقى الديون، لدى الأُسر والشركات الألمانية، خاضعة لتقلبات أسعار المواد الرئيسية. ولليوم، لا تزال الديون الألمانية عالية إنما تحت السيطرة.
ويختم: «تذهب أنظار المستثمرين الألمان إلى الدول النامية التي تتراكم عليها ديون إجماليها 72 تريليون دولار من جراء أسعار الفائدة المتدنية والدولار الأميركي الضعيف». وترسو ديون هذه الدول بالعملة الأجنبية، خصوصاً الدولار الأميركي، عند 8.3 تريليون دولار، أي ضعف ما كانت الحال عليه في عام 2010.
ومن دون احتساب القطاع المالي، تعادل ديون الدول النامية 187 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي. وتصل هذه الديون في مدينة هونغ كونغ الصينية، التي تشهد وجوداً كثيفاً للمستثمرين الألمان، إلى 365 في المائة من ناتجها المحلي. في الواقع، يأخذ المستثمرون الألمان بعين الاعتبار درجة مديونية الدول قبل التخطيط لتوجيه رؤوس أموالهم إليها.
في سياق متصل، تنوّه الخبيرة الألمانية المُستقلة كسينيا شميت من مدينة دوسلدورف، بأن مجموعة من السندات وأذون الخزانة، تستحق عام 2020 ويصل إجماليها إلى 19 تريليون دولار، تحتاج إلى الضوء الأخضر لإعادة تمويلها. ويستوطن 30 في المائة من هذه السندات في الدول النامية.
وتضيف أنه ينبغي على ألمانيا سوية مع اليابان والولايات المتحدة دراسة مخاطر إعادة التمويل، أي عدم إمكانية إعادة تمويل المُقترِض عن طريق الاقتراض لسداد الديون القائمة، عن كثب، علماً بأن إعادة التمويل هي الاستعاضة عن التزام دين قائم بالتزام دين آخر بشروط مختلفة. وقد تختلف شروط وأحكام إعادة التمويل إلى حدّ كبير حسب البلد أو المقاطعة أو الولاية، استناداً إلى عدة عوامل اقتصادية كما المخاطر الكامنة والمخاطر المتوقعة والاستقرار السياسي للأمة واستقرار العملة والأنظمة المصرفية والجدارة الائتمانية للمقترِض والتصنيف الائتماني لدولة ما.
وتختم شميت القول: «ترتبط ديون العالم بدائرة التوسّع الاقتصادي الحالي الذي يُعرّف عنه الخبراء الدوليون بـ(اقتصاد جولديلوكس)، حيث يكون فيه النمو الاقتصادي مُعتدلاً إنما ثابت في موازاة موجة تضخّم مالي ضعيفة جداً، ما يجعل أداء النظام المالي العالمي محدوداً، بمعنى أن المُقترِضين يماطلون في سداد ديونهم من دون أن يحاسبهم أحد. وعلى صعيد الشركات المُقترضة، فإن أداءها التجاري يتراجع كلما تراكمت الديون عليها، وهذا من شأنه ضعضعة منافسة الأسواق المحلية».


مقالات ذات صلة

كوريا الجنوبية تتعهد بزيادة 45 % في مساهمتها بصندوق تابع للبنك الدولي

الاقتصاد متسوقون في أحد الشوارع التجارية بالعاصمة الكورية الجنوبية سيول (رويترز)

كوريا الجنوبية تتعهد بزيادة 45 % في مساهمتها بصندوق تابع للبنك الدولي

قالت وزارة المالية الكورية الجنوبية إن الرئيس يون سوك يول تعهد بزيادة مساهمة بلاده في صندوق المؤسسة الدولية للتنمية التابع للبنك الدولي بمقدار 45 في المائة.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الاقتصاد منظر عام لمدينة وهران الجزائرية (رويترز)

البنك الدولي: الجزائر تحقق نمواً 3.9 % في النصف الأول رغم انخفاض إنتاج المحروقات

أفاد تقرير البنك الدولي بعنوان «تقرير رصد الوضع الاقتصادي للجزائر: إطار عمل شامل لدعم الصادرات» بأن اقتصاد الجزائر سجل نمواً بنسبة 3.9 في المائة في النصف الأول.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مشاركته في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو (أ.ب)

بايدن يتعهد بأربعة مليارات دولار لصندوق يساعد أفقر البلدان

يسجل المبلغ رقما قياسيا ويتجاوز كثيرا نحو 3.5 مليار دولار تعهدت بها واشنطن في الجولة السابقة من تعزيز موارد الصندوق في ديسمبر كانون الأول 2021.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر عام لشارع الحبيب بورقيبة في وسط تونس (رويترز)

البنك الدولي يتوقع نمو الاقتصاد التونسي 1.2 % في 2024

توقّع البنك الدولي أن ينمو الاقتصاد التونسي بنسبة 1.2 في المائة في 2024، وهو أقل من توقعاته السابقة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.