القتال يحتدم في طرابلس... والمعارك تمتد إلى مصراته

حفتر يبحث مع وزير خارجية إيطاليا تأمين الحدود البحرية ومحاربة الإرهاب

منزل تعرض للقصف في منطقة بطاطا بالعاصمة الليبية بعد تجدد المعارك أمس (أ.ف.ب)
منزل تعرض للقصف في منطقة بطاطا بالعاصمة الليبية بعد تجدد المعارك أمس (أ.ف.ب)
TT

القتال يحتدم في طرابلس... والمعارك تمتد إلى مصراته

منزل تعرض للقصف في منطقة بطاطا بالعاصمة الليبية بعد تجدد المعارك أمس (أ.ف.ب)
منزل تعرض للقصف في منطقة بطاطا بالعاصمة الليبية بعد تجدد المعارك أمس (أ.ف.ب)

بعد ساعات قليلة من صدور قرار مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار في العاصمة الليبية طرابلس، تجددت أمس الاشتباكات في مختلف محاور القتال بين قوات «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، والقوات الموالية لحكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج، خاصة في محوري عين زارة وخلة الفرجان، مع إطلاق قذائف وصواريخ من منطقة السدرة تجاه الضواحي الجنوبية للمدينة.
وامتدت المعارك أيضا إلى مدينة مصراتة (غرب)، حيث شن الجيش سلسلة غارات جوية، استهدفت ما وصفه بمواقع «الجماعات الإرهابية»، والمرتزقة في وادي زمزم والقداحية شرق المدينة. وفي غضون ذلك، أعلن مطار معيتيقة الدولي، المطار الوحيد العامل في طرابلس، عن تعليق الرحلات الجوية إثر تعرضه للقصف، قبل اعادة تشغيله, وسط ما وصفه أمس بـ«حالة هلع تصيب المسافرين وموظفي الشركات».
وقال الناطق الرسمي باسم قوات حكومة السراج، المشاركة في عملية «بركان الغضب»، إن قواته تعاملت أمس مع عدد من الآليات المسلحة، وتجمعات للمشاة التابعين لـ«الجيش الوطني» جنوب طرابلس، وتحدث عما وصفه بتكرار «خرق وقف إطلاق النار، الذي يهدد حياة المدنيين في الأحياء السكنية، خلف خطوط القتال بالعاصمة طرابلس». متهما قوات الجيش مجددا باستهداف المدنيين وجامعة طرابلس ومطار معيتيقة، في محاولة لتعويض خسائرها.
وقالت عملية «بركان الغضب» أمس إن امرأة لقيت حتفها، وأصيب ثلاثة مدنيين بجروح في حي دمشق، جراء قذيفة عشوائية أطلقتها قوات «الجيش الوطني»، كما أصيبت امرأة أخرى بجروح طفيفة جراء سقوط قذائف عشوائية بضاحية أبي سليم، مضيفة أن «الميليشيات الإرهابية المسنودة بـ(المرتزقة)»، في إشارة إلى قوات «الجيش الوطني»، استهدفت مطار معيتيقة الدولي بقذائف وصواريخ الجراد.
لكن «الجيش الوطني» نفى هذه الاتهامات، واعتبرها «محاولة أخرى لـ(الإخوان) الإرهابيين لاتهام القوات المسلحة باستهداف المدنيين»، لافتا إلى أنه «ما زالت الميليشيات و(المرتزقة) في طرابلس تعبث بممتلكات المدنيين». فيما قال المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة»، التابع للجيش الوطني، إن الميليشيات أسقطت أربع قذائف عشوائية بجامعة طرابلس، وسط حالة من الهلع بين الطلبة. لكنه نفى وجود إصابات.
بموازاة ذلك، استقبل المشير خليفة حفتر، أمس، بمقره في الرجمة خارج مدينة بنغازي، وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، الذي أنهى زيارة إلى العاصمة طرابلس، التقى خلالها مع السراج ووزير داخليته.
وقال مكتب حفتر في بيان إنه تم خلال اللقاء مناقشة سبل تأمين الحدود البحرية، ومنع تسلل عناصر الجماعة الإرهابية والإجرامية عبرها، ومحاربة الإرهاب بصفة عامة، لافتا إلى أن حفتر أثنى في ختام هذا اللقاء على الجهود التي تبذلها الحكومة الإيطالية لدعم سبل حل الأزمة الليبية. وكان «الجيش الوطني» قد أعلن تلقيه دعوة رسمية من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لزيارة فرنسا، وذلك خلال استقباله بمقره مساء أول من أمس، لوفد فرنسي ترأسه مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية. وقال مكتب حفتر في بيان مقتضب إن اللقاء ناقش سبل مكافحة الإرهاب في المنطقة.
من جهة ثانية، استهجنت قيادة الجيش البيان الصادر عن البعثة الأممية، حول عدم منح الإذن لطائرات تابعة لها للهبوط في المطارات الليبية، موضحة أنها استقبلت طائرات الأمم المتحدة في كل المطارات، التي تؤمنها في أرجاء البلاد، باستثناء مطار قاعدة معيتيقة ومطار مصراتة، بحجة أنهما لا يخضعان لتأمينها.
وقالت قيادة الجيش في بيان لها إنه لا يمكن أن تعطي ضمانات لهبوط الطائرات فيها، معتبرة أن ما جاء في بيان بعثة الأمم المتحدة «لا يعبر عن حقيقة الأمور، ولا ينقل الصورة الحقيقية للرأي العام المحلي والدولي، وإلى صانعي القرار في هيئة الأمم المتحدة».
وأعلن اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش، أنه سيتعين على الأمم المتحدة استخدام مطارات أخرى، مثل مصراتة، لأنه لا يمكن لقواته ضمان سلامة الرحلات إلى مطار معيتيقة، نظرا لأن تركيا تستخدمه كقاعدة، وقال بهذا الخصوص: «لدينا في ليبيا أكثر من 35 مطاراً مدنياً ومهبطاً تستطيع البعثة الأممية استخدامها، بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، وغسان سلامة المبعوث الأممي كان في الأيام الماضية في بنغازي وتم الترحيب به».
ووفقا لما أعلنه المسماري فإن قوات الجيش، التي تسيطر على أكثر من 90 في المائة من الأراضي الليبية، ملتزمة بوقف إطلاق النار في المنطقة الغربية، لكنها «ترد على أي خروقات».



ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
TT

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)

دخلت مبادرة وساطة كينية - أوغندية على خط محاولات دولية وإقليمية لتهدئة التوترات بين الصومال وإثيوبيا التي نشبت بعد مساعي الأخيرة للحصول على منفذ بحري في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وسط رفض حكومة مقديشو.

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم، وهو ما رفضته الحكومة الصومالية بشدة.

وعلى هامش اجتماعات قمة رؤساء دول شرق أفريقيا بتنزانيا، أعلن الرئيس الكيني ويليام روتو، السبت، «اعتزامه التوسط بمشاركة نظيره الأوغندي يوري موسيفيني، لحل الخلافات بين الصومال وإثيوبيا». وقال في مؤتمر صحافي، إنه «سيبحث عقد قمة إقليمية تضم زعماء الدول الأربعة (كينيا وأوغندا والصومال وإثيوبيا)، لمعالجة التوترات في منطقة القرن الأفريقي».

وأشار روتو إلى أن «أمن الصومال يُسهم بشكل كبير في استقرار المنطقة». لكن خبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن «التدخل الكيني الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً، في ظل عدم استجابة أطراف الخلاف لهذا المسار حتى الآن، بالإضافة إلى عدم وجود دعم إقليمي ودولي».

ومنذ توقيع مذكرة التفاهم، حشد الصومال دعماً دولياً لموقفه ضد إثيوبيا؛ حيث وقّع في فبراير (شباط) الماضي اتفاقية تعاون دفاعي مع تركيا، ووقّع مع مصر بروتوكول تعاون عسكري في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو. كما تعتزم إرسال قوات عسكرية بداية العام المقبل بوصفه جزءاً من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، وهو ما أثار غضب إثيوبيا، التي اتهمت مقديشو «بالتواطؤ مع جهات خارجية لزعزعة استقرار الإقليم».

والتقى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، مع نظيريه الكيني والأوغندي، على هامش اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا. وعلى الرغم من أنه لم يتحدث عن وساطة محتملة، نقلت «رويترز» عن وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، أن «القرارات السابقة التي اتخذها زعماء إقليميون لم تلق آذاناً مصغية في أديس أبابا»، مشيراً إلى أنه «يثق بأن جهود الوساطة الجارية من جانب تركيا ستكون مثمرة».

وكانت العاصمة التركية أنقرة قد استضافت جولات من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن المحادثات دون التوصل لاتفاق.

وبينما تنظر مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أماني الطويل، إلى التدخل الكيني - الأوغندي بـ«إيجابية»، ترى أن «نجاح تلك الوساطة مرهون بأبعاد أخرى تتعلّق بأجندة تحرك الوسطاء ومواقفهم تجاه الخلاف القائم بين مقديشو وأديس أبابا».

وقالت إن «القضية مرتبطة بموقفَي كينيا وأوغندا من السلوك الإثيوبي تجاه الصومال، ومن وحدة الأراضي الصومالية، وإلى أي مدى تؤيّد أو تعارض الاعتراف الإثيوبي بإقليم (أرض الصومال)».

وتعتقد أماني الطويل أن «التحرك الكيني - الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً في حلحلة الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، لأن الخلاف بين الطرفين معقد»، مشيرة إلى أن «الإشكالية في نهج الدبلوماسية الإثيوبية التي تركز على أهدافها دون الوضع في الاعتبار الأمن والتعاون الإقليميين».

ورفض الصومال مشاركة إثيوبيا في البعثة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام، وأمهل أديس أبابا حتى نهاية العام الحالي، لانسحاب قواتها من البعثة الحالية التي ستنتهي مهامها بنهاية العام الحالي، وقال وزير الخارجية الصومالي، إن «بلاده ستعد وجود قوات إثيوبيا بعد نهاية العام، احتلالاً لأراضيها».

وترى أماني الطويل أن «الوساطة التركية قد تكون أكثر تأثيراً في النزاع بين الصومال وإثيوبيا». وقالت إن «أنقرة لديها تفهم أكثر للخلاف. كما أنها ليست دولة جوار مباشر للطرفين، وبالتالي ليست لديها إشكاليات سابقة مع أي طرف».

وباعتقاد الباحث والمحلل السياسي الصومالي، نعمان حسن، أن التدخل الكيني - الأوغندي «لن يحقّق نتائج إيجابية في الخلاف الصومالي - الإثيوبي»، وقال إن «مبادرة الوساطة يمكن أن تقلّل من حدة الصراع القائم، لكن لن تصل إلى اتفاق بين الطرفين».

وأوضح حسن أن «أديس أبابا لديها إصرار على الوصول إلى ساحل البحر الأحمر، عبر الصومال، وهذا ما تعارضه مقديشو بشدة»، مشيراً إلى أن «العلاقات الكينية - الصومالية ليست في أفضل حالاتها حالياً، على عكس علاقاتها مع إثيوبيا»، ولافتاً إلى أن ذلك «سيؤثر في مسار التفاوض». واختتم قائلاً: إن «نيروبي تستهدف أن يكون لها دور إقليمي على حساب الدور الإثيوبي بمنطقة القرن الأفريقي».