ضغوط سنية ـ كردية تربك خطط علاوي لاستكمال حكومته

TT

ضغوط سنية ـ كردية تربك خطط علاوي لاستكمال حكومته

رغم أن المهلة المتبقية أمام رئيس الوزراء العراقي المكلف محمد توفيق علاوي، تبدو كافية لإجراء مزيد من المباحثات مع الكتل السياسية لتمرير كابينته من البرلمان بأسرع وقت ممكن، فإنه يواجه، طبقاً لمصدر سياسي عراقي مطلع، ضغوطاً سنيّة - كردية تربك خططه لاستكمال إعلان الحكومة.
وكان علاوي على وشك إعلان نيته تقديم وزراء حكومته إلى البرلمان منتصف الأسبوع المقبل، طبقاً لما قاله لـ«الشرق الأوسط» النائب محمد الخالدي الذي جمع تواقيع 56 نائباً مؤيداً لتمرير الكابينة. إلا أن علاوي لم يتمكن من فعل ذلك نتيجة ما وُصف بأنه «عقبة كردية - سنية» ترتبط بالمحافظة على التوازن أو الحصص الوزارية، من منطلق أن كلاً من الأكراد والسنة يرون أنهم في الوقت الذي لا يتدخلون في خيار الشيعة لترشيح أي شخصية يتوافقون عليها هم أولاً ومن ثم يلتحق بهم المكونان الآخران الأكراد والعرب السنة، فإنهم في المقابل لا يقبلون أن يتدخل أحد في كيفية التعبير عن حقوقهم في الحكومة ما دامت ليست أكثر مما هو محدد طبقاً لما أفرزته الانتخابات. ورداً على سؤال عما إذا كان السنة والأكراد يرون أن هناك مصادرة لقرارهم السياسي من الآخرين، أجاب المصدر السياسي المطلع بأن «المسألة تتعلق بترك حرية الاختيار لرئيس الوزراء حيث لدى كل من السنة والأكراد تحفظان وإن كانا يبدوان مختلفين إلى حد ما لكنهما في النهاية يصبان فيما يعدانه حريتهم في التعبير عن حقهم أو استحقاقهم مثلما يعبّر الشيعة عن هذا الحق عبر اختيار رئيس وزراء لا يمكن تسويقه ما لم يجد قبولاً لدى الكتل الشيعية».
ويرى المصدر السياسي أن «السنة وإن كانت هناك خلافات بينهم على صعيد دعم أو عدم دعم المكلف بتشكيل الحكومة لكن الطرف الأقوى فيهم، وهو تحالف القوى العراقية الذي يتزعمه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، يطلب أن يتولوا هم ترشيح مجموعة من الأسماء لكل حقيبة وزارية على أن يختار رئيس الوزراء واحداً منها، بينما الأكراد يريدون هم من يرشحون ويقبل بهم رئيس الوزراء وهو ما بات يشكّل عقدة قد تكون رئيسية ما لم يتم التوصل إلى حلول وسط لها».
وبشأن الموقف داخل الكتل الشيعية، يقول المصدر المطلع إن «المواقف داخل الكتل الشيعية متباينة لكنها في مجملها لا تقف بالضد من علاوي وربما بعضها منحه بالفعل حرية اختيار الوزراء وهو ما اتضح في تهديد زعيم التيار الصدري بالتبرؤ من الحكومة في حال خضع رئيسها المكلف للضغوط».
وفي هذا السياق، حذّر «تحالف الفتح» الذي يتزعمه هادي العامري مما سماها «حكومة صفقات بينما المطلوب حكومة مواصفات». وقال القيادي في «الفتح» عضو البرلمان العراقي أحمد الكناني، في تصريح أمس (الأربعاء): «إننا نريد تشكيل حكومة مواصفات لا حكومة صفقات، وهذا أمر شدّدنا عليه جداً لرئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي». وبيّن الكناني أن تشكيل جميع الحكومات السابقة لم يخلُ من «سماسرة بيع الوزارات، ولكن على رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي أن يكون حذراً في التعامل مع هؤلاء ولا يكرر أخطاء الماضي».
إلى ذلك، كشف عضو البرلمان العراقي محمد شياع السوداني، عن إطلاق مبادرة لدعم رئيس الوزراء المكلف في إعطائه الحرية في اختيار كابينته الوزارية. وقال السوداني وهو مرشح سابق لرئاسة الوزراء: «إن اجتماعاً عُقد بمشاركة مجموعة من النواب بعيداً عن عناوين الكتل السياسية»، مبيناً أن «الاجتماع جاء في ظل الأزمة السياسية الراهنة واستشعاراً للخطر الذي يحيط بالبلد بسبب التحديات التي تواجهه». وأشار إلى أن «الاجتماع يهدف إلى تنسيق الجهود بمبادرة وطنية داعمة لرئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة وإعطائه حرية اختيار كابينته الوزارية، على أن يتحمل المسؤولية». ولفت إلى أن «من أهم أولويات حكومة علاوي تثبيث هيبة الدولة وإعادة بسط سلطة القانون».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.