«الاشتراكي» و«المستقبل» يتجهان إلى التنسيق من موقع المعارضة

اتفاق على التعاون لمواجهة المرحلة المقبلة

TT

«الاشتراكي» و«المستقبل» يتجهان إلى التنسيق من موقع المعارضة

تحت عنوان «التنسيق وتعزيز التواصل» عادت الاجتماعات لتتكثف بين الحليفين التاريخيين «الحزب التقدمي الاشتراكي» و«تيار المستقبل» للمواجهة معا في المرحلة المقبلة بعدما اختارا الانتقال إلى صفوف المعارضة، من دون أن يعني ذلك تشكيل جبهة أو العودة إلى الاصطفافات السابقة، ولا سيما إمكانية إعادة إحياء «فريق 14 آذار» الذي تختلف ظروفه بين الأمس واليوم، باعتراف الطرفين.
وتأتي هذه اللقاءات عشية «14 فبراير (شباط)» ذكرى اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري التي نتج عنها ما أطلق عليه تسمية فريق «14 آذار»، وتتجه الأنظار إلى ما ستحمله هذه المناسبة، لا سيما لجهة ما سيعلنه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في الاحتفال الخاص بها، والجهات ومستوى الشخصيات التي ستشارك فيها، وبالتالي ما إذا كانت مناسبة لإعادة وصل ما انقطع بين حلفاء الأمس.
ويقول النائب في «المستقبل» محمد الحجار إن اجتماعات تياره مع «الاشتراكي» في هذه الفترة هي لـ«رصّ الصفوف وتعزيز التواصل بين الحزبين وللعلاقة التاريخية بينهما رغم بعض الثغرات التي شابتها»، بينما يضعها أمين السرّ العام في الحزب التقدّمي الاشتراكي ظافر ناصر، في خانة «التنسيق والتواصل إثر ما مرت به العلاقة بين الطرفين وبعدما بتنا معا في موقع المعارضة من دون أن يعني ذلك الذهاب حتما إلى تشكيل جبهة».
ويوضح الحجار لـ«الشرق الأوسط» «الخط البياني للعلاقة بين الحزبين لا يزال قائما ونعمل على الاستفادة مما مرّت به في المرحلة السابقة بما يصبّ في مصلحة الطرفين». ويلفت إلى أن «هذه اللقاءات هي بهدف رص الصفوف فيما بينهما لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة بعدما اختارا الانتقال إلى موقع المعارضة وليس فقط معارضة حكومة حسان دياب».
وفي ردّ على سؤال عما إذا كانت هذه المعارضة ستشمل العهد، وهو ما سبق أن أعلنه رئيس «الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط، في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، يقول الحجار: «مما لا شك فيه أن العهد أثبت فشله في العديد من الاستحقاقات، لكن لا نزال نؤكد أن هدفنا ليس فقط المعارضة، بحيث إنه سيكون لنا موقف إيجابي عند القيام بأي خطوات صائبة».
من جهته، يقول ناصر لـ«الشرق الأوسط»: «هناك اتفاق على التنسيق والتعاون على الأرض وفي المناطق المشتركة على أن تحدد الوتيرة السياسية للأحداث، الصورة التي ستكون عليها طبيعة هذه العلاقة أو ترجمتها عمليا، أي كيفية مقاربة المرحلة المقبلة بعدما بات الحزبان في موقع المعارضة»، لافتا إلى أن هذا الأمر «لا يعني الذهاب نحو تشكيل جبهة أو إعادة إحياء فريق 14 آذار لاختلاف الظروف بين الأمس واليوم».
كذلك لا يختلف رأي «المستقبل» عن «الاشتراكي» حيال إمكانية أن تشمل عملية رص الصفوف الأطراف التي سبق أن شكلت فريق «14 آذار»، وقال الحجار في هذا الإطار «حركة 14 آذار هي ملك الناس والشعب وليست ملك أي طرف أو فريق سياسي، ويبقى الأهم أن الجميع لا يزال تحت سقف نهجها رغم أنهم لم يتمكنوا من تطوير الحركة الاستقلالية ووضعها ضمن إطار تنظيمي»، معبرا في الوقت نفسه عن آمال شخصية بأن يعيد هذا الفريق تنظيم صفوفه في جبهة واحدة.
وعن احتمال أن تنسحب اللقاءات التنسيقية بين المستقبل والاشتراكي، على «القوات» و«الكتائب» يقول الحجار: «نحن حريصون على استمرار العلاقة معهما ومع كل الحلفاء»، مضيفا: «لا شك أن القوات من الحلفاء الأساسيين رغم الاختلافات في وجهات النظر أحيانا، والتواصل معها لم ينقطع».
في المقابل، وصف رئيس «القوات» سمير جعجع الاتصالات مع «المستقبل» «بالحد الأدنى»، لافتا في حديث مع «وكالة الأنباء المركزية» إلى أن مشاركته في احتفال 14 فبراير لا يزال قيد الدرس. وعن عودة الحياة إلى شرايين قوى 14 آذار بعدما باتت كلها في المقلب المعارض، اعتبر جعجع أن «الأمر يحتاج إلى إعادة بناء على أسس جديدة واضحة، متينة وعملية لتؤتي ثمارها وتنطلق بزخم، لأن هذا المثلث الذي قام على حدث جلل هو اغتيال الرئيس رفيق الحريري من دون أسس واضحة، أوصل إلى ما وصلنا إليه بما تخلل هذا الدرب من كبوات».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».