احتدام المعارك في حام والعقبة بالجوف... وتقدم للجيش اليمني في معارك هيلان مأرب

«مسام» ينزع 5757 لغماً خلال أسبوع واحد

قائد المنطقة العسكرية الثالثة اللواء الركن محمد الحبيشي لدى تفقده أفراد وضباط الجيش الوطني اليمني  في جبهتي هيلان وصرواح غرب مأرب أمس (سبأ)
قائد المنطقة العسكرية الثالثة اللواء الركن محمد الحبيشي لدى تفقده أفراد وضباط الجيش الوطني اليمني في جبهتي هيلان وصرواح غرب مأرب أمس (سبأ)
TT

احتدام المعارك في حام والعقبة بالجوف... وتقدم للجيش اليمني في معارك هيلان مأرب

قائد المنطقة العسكرية الثالثة اللواء الركن محمد الحبيشي لدى تفقده أفراد وضباط الجيش الوطني اليمني  في جبهتي هيلان وصرواح غرب مأرب أمس (سبأ)
قائد المنطقة العسكرية الثالثة اللواء الركن محمد الحبيشي لدى تفقده أفراد وضباط الجيش الوطني اليمني في جبهتي هيلان وصرواح غرب مأرب أمس (سبأ)

دعا محافظ محافظة الجوف اللواء أمين العكيمي، أبناء محافظة الجوف، إلى «الالتحام بأبطال القوات المسلحة للدفاع عن مكتسباتهم وكرامتهم، وعن مدينتهم التي نطمح أن تكون من أفضل المدن تقدماً بما يليق بتاريخها العريق، والدفاع عنها بالغالي والنفيس».
كما دعا أبناء اليمن إلى «الوقوف صفّاً واحداً، وأن يهبوا هبّة رجل واحد للدفاع عن اليمن والحفاظ على المنجزات والمكتسبات الوطنية».
وأكد، عبر ما أورده المركز الإعلامي للقوات المسلحة، «استمرار القوات المسلحة وأبناء محافظة الجوف في الدفاع عن محافظة الجوف، واليمن ككل، والوقوف بحزم أمام غزو الميليشيات الحوثية الانقلابية المدعومة من إيران».
يأتي ذلك في الوقت الذي اشتدت فيه حدة المعارك في جبهات الجوف، شمالاً، ونهم، شرق صنعاء، وصرواح بمأرب، شمال شرق، وفي الجبهات الشمالية والغربية بمحافظة الضالع، بجنوب البلاد، وسط تقدم الجيش الوطني، المسنود من تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، وتكبيد ميليشيات الحوثي الانقلابية الخسائر البشرية والمادية الكبيرة في مختلف جبهات القتال في اليمن، وفي حين تواصل الميليشيات الحوثية انتهاكاتها وتصعيدها العسكري في محافظة الحديدة الساحلية، غرباً، واستهدافها اجتماعاً لصحافيين بصاروخ كاتيوشا في الجوف، دمرت القوات المشتركة من الجيش الوطني دبابة تابعة للانقلابيين في الدريهمي، جنوب الحديدة.
وأكد مصدر عسكري «احتدام المعارك شرق الحزم بالجوف، وتمكن قوات الجيش الوطني، الأحد، من إحباط هجمات متكررة لميليشيات الحوثي الانقلابية في جبهات حام والعقبة بمحافظة الجوف وعدد من المواقع بالقرب من مجمع المتون، في ظل احتدام المعارك، وقصف متبادل، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الانقلابيين وإفشال مخططاتهم التسلل والتقدم إلى مواقع الجيش الوطني، بالتزامن مع المعارك في سلسلة جبال حام».
وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «مدفعية الجيش استهدفت تحركات وتعزيزات الانقلابيين بالتزامن مع شن مقاتلات تحالف دعم الشرعية، غارات مركزة ومباشرة استهدفت خلالها مواقع وتجمعات وتعزيزات للانقلابيين في عدد من المواقع بمحافظة الجوف ونهم، ما أسفر عن سقوط عشرات الانقلابيين بين قتيل وجريح وتدمير عدد من الآليات العسكرية التابعة للميليشيات»، مشيراً إلى «انقطاع لشبكة الاتصالات في المواقع المحررة في الجوف».
ومنذ أكثر من أسبوع، تشهد جبهات الجوف ونهم، معارك عنيفة، تكبدت فيه ميليشيات الانقلاب الخسائر البشرية والمادية الكبيرة، فيما قتل وأصيب العشرات من الانقلابيين، بينهم قيادات ميدانية بارزة.
ومساء السبت، نشر مركز إعلام الجيش، في فيديو مسجل، ما قال عنه إنه «جانب من الخسائر البشرية والمادية التي تتكبدها الميليشيات الحوثية خلال المعارك الدائرة في نهم بصنعاء، ويظهر فيه خسائر الانقلابيين وجثثهم متناثرة واحتراق أطقم عسكرية تابعة للميليشيات الحوثية».
كما نشر فيديو آخر يظهر فيه «لحظات استهداف مدفعية الجيش وطيران تحالف دعم الشرعية لثكنات وتجمعات الميليشيات في جبهة نهم».
وفي هيلان بمديرية صرواح، غرب مأرب، قال المصدر العسكري، إن «قوات الجيش الوطني تواصل معاركها في جبل هيلان الاستراتيجي بمديرية صرواح، وحققت تقدماً جديداً في اتجاه الجبل بعد معارك عنيفة مع الميليشيات الانقلابية»، مشيراً إلى أن «مقاتلات تحالف دعم الشرعية ساندت الجيش الوطني في التقدم بسلسلة جيل هيلان من خلال شن غارات مكثفة على مواقع وتحركات الانقلابيين، مكبدة الميليشيات الحوثية الخسائر البشرية والمادية».
وذكر أن «الجيش يواصل تقدمه في السلسلة الجبلية، التي يسيطر الجيش على أجزاء منها، في محاولة منه لاستكمال السيطرة على السلسلة الجبلية التي تمتد بطول حوالي 14 كيلو متراً، فيما تستميت الميليشيات الحوثية في السيطرة على السلسلة الجبلية، كونها تحتل موقعاً استراتيجياً تطل على مدينة مأرب وسوق صرواح، وعلى خطوط الإمداد من صنعاء ومأرب، علاوة على استخدام الميليشيات الانقلابية لها في قصف أهداف مدنية في مدينة مأرب، كما حدث خلال الأيام الماضية، وتسببت في سقوط قتلى وجرحى في أوساط المدنيين العُزل، علاوة على الخسائر في ممتلكات المواطنين».
وبينما تتواصل المعارك في مختلف جبهات القتال بمحافظة الضالع، وأشدها الغربية والشمالية، أفادت مصادر بإحراز قوات الجيش الوطني تقدماً جديداً، الأحد، في قعبطة، شمالاً، بعد معارك عنيفة سقط على أثرها قتلى وجرحى من الطرفين، فيما ردت الميليشيات القصف بشكل عشوائي على مواقع قوات الجيش.
وأشاد رئيس الوزراء الدكتور معين عبد الملك، بما يقدمه الجيش الوطني في مختلف الجبهات القتالية في الضالع، وبالروح المعنوية التي يتحلون بها لاستكمال إنهاء الانقلاب وإجهاض المخططات الإيرانية ومشروعها الهادف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في دول الجوار والمنطقة، وابتزاز المجتمع الدولي، وذلك خلال لقائه في العاصمة المؤقتة عدن، السبت، قائد محور الضالع قائد اللواء 30 مدرع العميد هادي العولقي، حيث ناقش معين مع قائد المحور التطورات الميدانية وسير العمليات القتالية في جبهات الضالع ضد ميليشيا الحوثي الانقلابية، والانتصارات التي يتم تحقيقها.
وحسب «سبأ»، استمع معين من قائد المحور إلى «شرح حول الوضع العسكري في جبهات القتال بمحافظة الضالع، وما يسطره الجيش من انتصارات والجاهزية القتالية والروح المعنوية العالية لاستكمال تحرير ما تبقى من مناطق المحافظة من سيطرة ميليشيا الحوثي، والتقدم باتجاه محافظتي إب والبيضاء»، مشيراً إلى الاحتياجات القائمة ومتطلبات الإسناد اللازمة لتنفيذ المهام القتالية خلال المرحلة المقبلة، وحتى تحقيق الأهداف العسكرية المرسومة.
وأكد معين وقوف الحكومة تحت قيادة الرئيس هادي مع «الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وبإسناد من قوات تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة حتى استكمال تحرير كافة المناطق التي ما زالت خاضعة لسيطرة الميليشيات الكهنوتية».
وبالعودة إلى محافظة الحديدة، المطلة على البحر الأحمر، دمرت مدفعية القوات المشتركة من الجيش الوطني دبابة تابعة لميليشيات الحوثي الانقلابية عقب استهدافها، السبت، قرية الدخن بمديرية الدريهمي، جنوباً.
تزامن ذلك مع تكثيف ميليشيات الانقلاب من قصفهم على مواقع متفرقة للقوات المشتركة وقرى سكنية، بمختلف الأسلحة، في المديريات الجنوبية للمحافظة؛ الدريهمي وحيس والتحيتا وبيت الفقيه، ضمن استمرارها بالانتهاكات والتصعيد العسكري والخروقات اليومية للهدنة الأممية لوقف إطلاق النار، في محاولة منها للقضاء على الجهود الأممية لإحلال السلام في المحافظة.
في المقابل، أعلنت الفرق الهندسية الاختصاصية العاملة ضمن المشروع السعودي لنزع الألغام في اليمن «مسام»، الذي ينفذه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، نزع 5757 لغماً خلال شهر يناير (كانون الثاني) الحالي.
وقال مدير عام المشروع، أسامة القصيبي، إن «فرق المشروع الهندسية نزعت خلال الأسبوع الرابع من شهر يناير (1616) لغماً وذخيرة غير منفجرة، ليصل بذلك مجموع ما تم نزعه منذ بداية الشهر، ولغاية يوم 23 يناير الحالي، 5757 لغماً».
وأضاف، وفقاً لما نقل عنه الموقع الإلكتروني للمشروع، أن «الفرق الميدانية نزعت خلال الأسبوع ذاته 1197 ذخيرة غير منفجرة، و11 عبوة ناسفة، ونزعت أيضاً خلال الأسبوع الماضي 402 لغم مضاد للدبابات و6 ألغام مضادة للأفراد».
وذكر أن «إجمالي ما تم نزعه منذ انطلاق المشروع، ولغاية 23 يناير الحالي، بلغ 125902 تنوعت بين ألغام، وذخائر غير منفجرة وعبوات ناسفة».


مقالات ذات صلة

انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

العالم العربي يمنيان يبيعان الحبوب المنتجة محلياً في سوق بوسط صنعاء (إ.ب.أ)

انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

التهمت موجة غلاء جديدة ما تبقّى من قدرة السكان الشرائية، في مناطق سيطرة الحوثيين الذين يضاعفون الجبايات، بالتوازي مع تراجع عالمي في أسعار المواد الاستهلاكية

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي أكد طارق صالح أن الظروف الراهنة مواتية لصالح حسم المعركة واستعادة الدولة ومؤسساتها (سبأ)

مسؤولان يمنيان يرفعان جاهزية الجبهات العسكرية

يعتقد المسؤولون اليمنيون أن جماعة الحوثي هي العدو الرئيسي والوحيد للشعب اليمني، وأن الظروف الراهنة مواتية لصالح حسم المعركة، واستعادة الدولة ومؤسساتها.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي الجماعة الحوثية منحت مهدي المشاط رئيس مجلس حكمها شهادة الماجستير (إعلام حوثي)

هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

يتعرض طلاب الدراسات العليا في الجامعات اليمنية لابتزاز قادة حوثيين لإعداد رسائلهم للماجستير، والدكتوراه، في حين يجري إغراق التعليم الجامعي بممارسات كسب الولاء

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طائرة أميركية مسيرة من طراز «إم كيو - 9» (أرشيفية - أ.ب)

اليمن: مقتل قيادي بارز بـ«القاعدة» بغارة أميركية في مأرب

أكد مصدر أمني يمني، مساء السبت، مقتل قيادي بارز في تنظيم «القاعدة»، في ضربة بطائرة أميركية من دون طيار في محافظة مأرب، شرق البلاد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عناصر حوثيون أمام شاشة كبيرة تنقل صوراً لهجمات نفَّذتها الجماعة في البحر الأحمر (غيتي)

سباق الظلام… الحوثيون يحاولون تجاوز اختراقهم من إسرائيل

لجأ الحوثيون لتشديد إجراءاتهم الأمنية لحماية قياداتهم من الاستهداف الإسرائيلي، كتعطيل كاميرات المراقبة وتغيير هوياتهم يومياً وتنويع وسائل تنقلهم وتمويه تحركاتهم

وضاح الجليل (عدن)

انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
TT

انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)

تراجعت القدرة الشرائية لغالبية اليمنيين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، بعد موجة غلاء شديدة ضربت الأسواق، وارتفعت معها أسعار المواد والسلع الأساسية والغذائية، على الرغم من تراجعها عالمياً للشهر الثالث على التوالي.

وارتفعت الأسعار في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وجميع المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية؛ ما اضطر كثيراً من العائلات إلى خفض استهلاكها من بعض السلع، أو الاستغناء عن بعض الأصناف، مثل الخضراوات والفواكه، في حين رفعت المطاعم أسعار الوجبات التي تقدمها، رغم تراجع الإقبال عليها.

وتقول مصادر تجارية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن أسعار بعض السلع الغذائية زادت، خلال الأسابيع الماضية، بشكل كبير ومفاجئ، في حين حدثت زيادات تدريجية لسلع أخرى، دون أن يصدر حول ذلك أي بيانات أو توضيح من الجماعة الحوثية التي تسيطر على القطاع التجاري، أو إجراءات للحد من ذلك.

وزاد سعر كيس الدقيق زنة 50 كيلوغراماً نحو 3 دولارات؛ حيث ارتفع أحد أنواعه من 12400 ريال يمني إلى نحو 14 ألف ريال، وتفاوتت الزيادة في أسعار كيس الأرز بين 3 و6 دولارات، حسب النوع، بينما ارتفع سعر زجاجة الزيت (5 لترات) بمقدار دولارين لغالبية أنواعه، وتجاوز سعر كرتونة البيض 4 دولارات، بعد أن وصل إلى 2200 ريال. (تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار يساوي 535 ريالاً يمنياً).

اتهامات للحوثيين بفرض جبايات لتعويض خسائرهم من العقوبات الأميركية والغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتقول أروى سلام، وهي معلمة وربَّة منزل، لـ«الشرق الأوسط»، إنها اضطرت منذ نحو شهر للتخلي عن شراء الخضراوات تماماً، ما عدا الضروري منها لإعداد الوجبات، في محاولة منها لتوفير ثمن الدقيق والسكر والأرز.

وشملت الزيادات أسعار الخضراوات والفواكه محلية الإنتاج، والمعلبات التي تدخل ضمن أساسيات التغذية في اليمن، مثل التونة واللبن المجفف والأجبان، التي اضطرت غالبية العائلات للتوقف عن شرائها.

خنق الأسواق

بدأت موجة الغلاء الجديدة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بقفزة كبيرة في أسعار السكر، أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ إذ ارتفع سعر الكيس الذي يزن 50 كيلوغراماً من 20 ألف ريال، إلى 26 ألف ريال لأكثر أنواعه انتشاراً في الأسواق، وهي زيادة تعادل نحو 12 دولاراً.

يمنيان يبيعان الحبوب المنتجة محلياً في سوق بوسط صنعاء (إ.ب.أ)

ومع موجة الغلاء الأخيرة، عاود السكر ارتفاع أسعاره خلال الأسابيع الماضية، وتفاوتت الزيادة الجديدة بين دولارين وأربعة دولارات، إلا أن غالبية الباعة استمروا ببيعه وفقاً للزيادة الأولى، التي تسببت بارتفاع أسعار المشروبات في المقاهي، وعدد من الأصناف التي يدخل في تكوينها.

وواجهت المطاعم صعوبات في التعامل مع الزيادات السعرية الجديدة، بعد أن اضطرت لرفع أسعار الوجبات التي تقدمها، وهو ما أدى إلى تراجع الإقبال عليها.

وتحدث عمار محمد، وهو مدير صالة في أحد المطاعم لـ«الشرق الأوسط» عن قلة عدد رواد المطعم الذي يعمل فيه منذ ارتفاع أسعار الوجبات، مع عزوف من تبقى منهم عن تناول الوجبات المرتفعة الثمن، وتقليل الكميات التي يتناولونها، وهو ما تسبب في تراجع دخل المطعم.

الجماعة الحوثية فرضت المزيد من الجبايات على نقل البضائع متسببة في موجات غلاء متتالية (غيتي)

وأبدى خشيتَه من أن يُضطَر مُلاك المطاعم إلى تسريح بعض العمال بسبب هذا التراجع، رغم توقُّعه تكيُّف معظم الزبائن مع الوضع الجديد، ورجوعهم إلى عاداتهم في تناول الوجبات خارج منازلهم بعد مضي بعض الوقت.

إلا أن باحثاً اقتصادياً نفى إمكانية حدوث التكيف مع الأوضاع الجديدة؛ فبعد كل هذه السنين من الأزمات المعيشية، والإفقار المتعمد للسكان، حسب وصفه، أصبح التكيف أمراً غاية في الصعوبة، خصوصاً مع توقف رواتب موظفي الدولة، واتساع رقعة البطالة، وتراجع المساعدات الإغاثية.

ولفت الباحث الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم الإفصاح عن هويته لإقامته في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، إلى أن التكيف يحدث في أوضاع يمكن أن تتوفر فيها فرص للسكان لزيادة مداخيلهم، وابتكار طرق جديدة لتحسين معيشتهم.

الأسواق في مناطق سيطرة الحوثيين تعاني من ركود كبير بعد موجات الغلاء (أ.ف.ب)

وأوضح أن الجماعة لا تهتم إلا بزيادة عائداتها، وتتبع جميع الوسائل التي ترهق السكان؛ من فرض المزيد من الضرائب والجمارك ومضاعفتها بشكل غير قانوني، والعبث بالقطاع التجاري والاستثماري، وجميعها إجراءات تعمّق الركود وتعيق الحركة المالية ونشوء الأسواق وتوسع البطالة.

غلاء عكس المتوقع

امتنعت كبريات الشركات التجارية عن إبداء تفسيرات لهذه الزيادات السعرية، بالتوازي مع عدم اتخاذ الجماعة الحوثية أي إجراءات لمنعها أو تفسيرها، رغم ادعاءاتها باستمرار إجراءاتها للرقابة السعرية، وحماية المستهلكين من الاستغلال.

تأتي هذه الزيادات في الوقت الذي أظهرت فيه مؤشرات «منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)»، تراجعاً عالمياً في أسعار السلع الغذائية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، للشهر الثالث على التوالي.

وبيَّنت المؤشرات، التي أعلنت عنها «فاو»، والتي ترصد أسعار سلَّة من السلع الغذائية المتداولة حول العالم، ظهور انخفاض من متوسط 126.6 نقطة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 125.1 نقطة، الشهر الماضي، بما يساوي 1.2 في المائة.

وطبقاً لذلك، هبطت أسعار أغلب فئات السلع الأساسية، مثل الألبان ومنتجاتها واللحوم والزيوت النباتية والسكر، رغم ارتفاع مؤشر أسعار الحبوب.

وأرجعت المنظمة الأممية هذا التراجع السعري إلى وفرة المعروض العالمي من السلع، وزيادة الإمدادات في أسواق التصدير، ما زاد المنافسة وخفّض الضغوط السعرية.

ومنذ أيام، حذَّرت المنظمة ذاتها من أن نصف الأسر في اليمن تعاني من نقص الغذاء والحرمان الشديد في أربع محافظات.


«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
TT

«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)

حذَّرت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم (الأحد)، من النقص الشديد في الأدوية والمستهلكات الطبية الذي وصفته بأنه عند «مستويات كارثية».

وأوضحت الوزارة، في بيان، أن 52 في المائة من الأدوية الأساسية و71 في المائة من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً»، كما أن 70 في المائة من المستهلكات اللازمة لتشغيل المختبرات بات رصيدها «صفراً» أيضاً.

وقالت الوزارة التي تديرها حركة «حماس»، في بيان، إن أقسام جراحة العظام، والغسل الكلوي، والعيون، والجراحة العامة، والعمليات، والعناية الفائقة، تواجه تحديات كارثية مع نقص المستهلكات الطبية، كما أن هناك نقصاً شديداً في الأدوية اللازمة للرعاية الأولية والسرطان وأمراض الدم.

وحذَّرت الوزارة من تصاعد الأزمة في ظل زيادة الحاجة إلى مزيد من التدخلات العلاجية للمرضى والجرحى، وطالبت بتعزيز الإمدادات الطبية العاجلة لتمكين الأطقم الطبية من أداء عملها.


الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
TT

الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)

وسط تصاعد الغضب الشعبي من تدهور الأوضاع المعيشية واتساع رقعة الفقر، بدأت الجماعة الحوثية تنفيذ حملة تجنيد قسرية في مناطق سيطرتها بمحافظتي الحديدة وذمار، بعد فشل محاولاتها السابقة في استقطاب الفقراء للالتحاق بمعسكرات التدريب مقابل وعود برواتب شهرية.

ولجأت الجماعة المتحالفة مع إيران -حسبما ذكرته مصادر حكومية- إلى اعتقال عدد من وجهاء تلك المناطق بتهمة «التخاذل» في مسعى لإجبار السكان على إرسال أبنائهم للقتال.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين اعتقلوا عدداً من وجهاء مديرية «جبل راس» في الحديدة، بعد رفضهم إجبار الأهالي على إرسال أبنائهم إلى معسكرات التدريب، ضمن حملات التعبئة التي تزعم الجماعة أنها مخصصة لـ«تحرير فلسطين».

وقالت المصادر إن سكان المديريات الخاضعة للجماعة يواجهون حملة تضييق وعقوبات غير مسبوقة، بسبب رفضهم الانخراط في القتال، وإن الوجهاء لا يزالون رهن الاعتقال منذ أيام.

الحوثيون يرغمون الدعاة على قيادة حملات التجنيد (إعلام محلي)

وأوضحت السلطات المحلية الموالية للحكومة الشرعية، أن السكان -رغم الفقر المدقع الذي يعيشونه- رفضوا الانضمام لمعسكرات التدريب. وأشارت إلى أن القيادي الحوثي أحمد البشري، مسؤول ما تسمَّى «التعبئة العامة»، وعبد الله عطيف الذي عيَّنته الجماعة محافظاً للحديدة، أجبرا عدداً من الدعاة على مرافقتهم إلى تجمع أقيم في مدينة زبيد ضمن حملة التجنيد هناك. واعتبرت أن لجوء الجماعة إلى مثل هذا السلوك يعكس «حالة الإفلاس والتخبط» بعد فشلها في استقطاب أبناء تهامة.

وقالت السلطات إن مسؤول التعبئة الحوثي أبلغ الدعاة خلال الاجتماع أن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أبدى استياءه الشديد من المجتمع التهامي، بسبب رفض أبنائه الالتحاق بالتجنيد، وعدم التجاوب مع دعوات التعبئة، رغم أن الحديدة تعد من أكثر المحافظات معاناة من انعدام الأمن الغذائي والفقر.

ضغوط على الدعاة

وطبقاً لما نقلته السلطات المحلية، وجَّه القيادي الحوثي أحمد البشري تهديداً مباشراً للدعاة، وأمرهم باستخدام نفوذهم ومنابر المساجد للضغط على الأهالي لإرسال أبنائهم إلى معسكرات التجنيد والجبهات، وإصدار فتاوى بوجوب حمل السلاح. كما هدد بإلحاق الدعاة وأُسرهم قسراً بالدورات الطائفية والعسكرية في حال رفضهم تنفيذ التعليمات.

وحذَّرت السلطات المحلية من أن الجماعة الحوثية تعمل على تحويل الدعاة وزعماء القبائل إلى أدوات لشرعنة التجنيد القسري، وتهدد كل من يتأخر أو يرفض بالاتهام بالولاء للحكومة الشرعية.

بينما يعاني اليمنيون من انعدام الغذاء يستمر الحوثيون في الإنفاق على التجنيد (إعلام محلي)

واستغلت الجماعة حالة الفقر الشديد، وانقطاع المرتبات، وانعدام الوظائف، لإغراء الأهالي برواتب شهرية، ووعدت بإدراج أبنائهم في قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية عند استئناف توزيعها. وفق المصادر ذاتها.

إلى ذلك، واصلت الجماعة الحوثية التضييق على سكان محافظة ذمار (مائة كيلومتر جنوب صنعاء) إذ أجبرت الأهالي في عدد من المديريات على الخروج في وقفات تحت شعار «النفير والتعبئة العامة»، وألزمت المشاركين برفع شعاراتها، في حين قام عناصرها بتصوير الحشود لتقديمها كدليل على وجود «حاضنة شعبية».

وقالت مصادر محلية إن مشرفي الحوثيين أبلغوا مسؤولي القرى والعزل بضرورة الحضور الإجباري لهذه الفعاليات، والاستعداد لـ«النفير العام» تحت غطاء دعم فلسطين، رغم توقف الحرب في غزة منذ مدة. كما ألزمت نساءً وفتيات بتسجيل أسمائهن كمتطوعات، ولوَّحت بعقوبات لمن يرفض، في خطوة تهدف إلى حشد أكبر عدد ممكن للفعالية التي دعت إليها الجماعة في صنعاء.

أزمة هي الأشد عالمياً

تأتي هذه الممارسات الحوثية -وفق مراقبين- في وقت تؤكد فيه الأمم المتحدة أن اليمن لا يزال يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم؛ إذ يحتاج أكثر من 19.5 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية هذا العام، بسبب النزاع المستمر، والانهيار الاقتصادي، وتداعيات تغير المناخ.

يمنيون نازحون في صنعاء يدفئون أنفسهم تحت أشعة الشمس في مخيم مؤقت وسط طقس بارد (إ.ب.أ)

ووفق مفوضية شؤون اللاجئين، فإن نحو 4.8 مليون يمني ما زالوا نازحين داخلياً، بينما استقبلت البلاد أكثر من 62 ألف لاجئ وطالب لجوء، معظمهم من الصومال وإثيوبيا. وتوضح المفوضية أنها تعمل في معظم محافظات البلاد بالتنسيق مع السلطات والشركاء المحليين، لتوفير الحماية والمساعدات للفئات الأكثر تضرراً.

وعلى الرغم من هذه المعاناة الواسعة، تواصل الجماعة الحوثية إنفاق الموارد على التجنيد وحملات الحشد الطائفي والعسكري، بدلاً من توجيهها لتخفيف الكارثة الإنسانية، حسبما تؤكده مصادر حكومية ومنظمات محلية.