الغزاويون يستأنفون إطلاق البالونات الحارقة والإسرائيليون يحذّرون من انفجار

الغزاويون يستأنفون إطلاق البالونات الحارقة والإسرائيليون يحذّرون من انفجار
TT

الغزاويون يستأنفون إطلاق البالونات الحارقة والإسرائيليون يحذّرون من انفجار

الغزاويون يستأنفون إطلاق البالونات الحارقة والإسرائيليون يحذّرون من انفجار

أعربت المخابرات الإسرائيلية عن تقديرها بأن استئناف الفلسطينيين إطلاق البالونات الحارقة من قطاع غزة باتجاه البلدات الإسرائيلية القريبة هو شكل من الاحتجاج على التباطؤ الشديد، الذي يصل إلى حد المماطلة، في تطبيق تفاهمات التهدئة. وقالت أمس الجمعة إن «من يطلق هذه البالونات لا ينتمي مباشرة لحركة حماس، التي تبدي التزاماً بالتفاهمات بل وحاولت منع التنظيمات الفلسطينية المتمردة من مقاومة إسرائيل، لكنها في الوقت نفسه تغض الطرف عن بعض هذه النشاطات لغرض ممارسة ضغوط على إسرائيل ومصر».
وكان الفلسطينيون قد أطلقوا هذه البالونات في السنتين الماضيتين ثم توقفوا عن ذلك بموجب التفاهمات بين إسرائيل و«حماس»، لكنهم عادوا واستأنفوا إطلاقها أول من أمس. وحسب تقرير للمخابرات الإسرائيلية، نشر أمس في تل أبيب، يبدو أن البالونات تطورت كثيرا وباتت أكثر دقة وأشد خطورة، لذلك فقد اعتبرتها «تطورا خطيرا» وردت عليها بغارات على مواقع حماس. وقالت مصادر إعلامية مطلعة «صحيح أن حماس لم تطلقها، إلا أن إسرائيل تُدَفِع حماس ثمنها. فهي الحاكمة في القطاع وعليها أن تحارب من يطلقها».
وقالت هذه المصادر لصحيفة «معريب» العبرية، أمس «بين التقديرات عن أن إيران يمكنها أن تبني قنبلة نووية في غضون سنتين، وتأثير تصفية قاسم سليماني، على تثبيت وجود المحور الشيعي وحزب الله في الشرق الأوسط، دحرت الساحة الفلسطينية إلى هوامش التقرير عن تقدير الوضع السنوي لدى شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان). غير أن إطلاق أربعة صواريخ هذا الأسبوع نحو إسرائيل بعد ثلاثة أسابيع من الهدوء، وعودة البالونات يذكرنا جميعاً بأن المشكلة الغزية بعيدة عن الانتهاء وأنه إلى جانب مساعي التسوية، فإن إطلاق النار من القطاع من غير المتوقع أن يتوقف، مما يبقي احتمالات التصعيد في مستوى عال».
وحسب تقدير «أمان»، فإن حماس تتمسك بفكرة التسوية مع إسرائيل، ولكنها ستواصل تعريف نفسها كمنظمة مقاومة؛ خصوصاً أن تطبيق التسوية يتأخر كثيرا وفق حساباتها. ولذلك فمن المعقول الافتراض أنها في الأشهر القريبة القادمة ستتراجع بضع خطوات إلى الوراء، حتى بثمن تصعيد غير كبير.
ويحذر الخبراء الإسرائيليون من ترك الأمور تتدحرج على هذا النحو، مؤكدين أن حكومة بنيامين نتنياهو ما زالت تماطل في تطبيق التفاهمات مع حماس خوفا من ردود فعل اليمين خلال المعركة الانتخابية. وحماس من جهتها تشعر بضغوط أشد من الضغوط الإسرائيلية الانتخابية. فهي تعاني ضغوط الشارع، الذي يغلي غضباً من الضوائق التي يسببها لها الحصار الإسرائيلي. ولا تحتمل الانتظار حتى تنتهي المعركة الانتخابية. فإسرائيل تعيش معركة انتخابية طيلة سنة كاملة ولا أحد يعرف كم من الوقت ستستمر وهل ستقوم حكومة جديدة في الأشهر القريبة أم تذهب إلى انتخابات رابعة. وتطالب إسرائيل بالإسراع في تلبية مستلزمات التهدئة إن كانت معنية بالهدوء. كما تطالب الوسيط المصري بممارسة دور في الضغط على إسرائيل.
ويرى الإسرائيليون في إسرائيل يعتقدون بأن حماس ستلجم الجهاد الإسلامي بشكل جزئي فقط، حتى ترى التهدئة محققة. ولذلك فإنه «يمكن الافتراض بأن تتواصل نار الصواريخ من القطاع في الأشهر القادمة. في نهاية المطاف سيكون من الصعب جدا في مثل هذا الواقع الوصول إلى استقرار أمني». وتقول «معريب»: «في اختيار إسرائيل السير في مسار التسوية يوجد منطق عظيم. فعلى خلفية عودة البرنامج النووي إلى جدول الأعمال، وبين التهديدات التي تأتي من الشمال وبين تلك من الجنوب، فإن سلم الأولويات واضح. فالخطوات الاقتصادية التي اتخذت في السنة الأخيرة تجاه القطاع تشير إلى اتجاه جديد أفضل في القطاع، ومن الصواب مواصلة تعميقها. ولكن بغياب هذه الخطوات يواصل الجيش الإسرائيلي العمل بالنمط القديم، وبموجبه فإن الطرف الذي يطلق الصواريخ ليس فقط لا يصاب بأذى بل ويأخذ كل الصندوق. فالجهاد الإسلامي اليوم يقود خط محاربة إسرائيل وعلى الطريق يطالب بثمن من حماس، التي يوجد له معها أيضا حساب طويل. ولكن غارات الجيش تستهدف أهداف حماس فقط، وتتسبب لها بضرر اقتصادي كبير، إذ دمرت لها وسائل قتال وإنتاج مميزة ويصعب عليها تعويضها. ورغم ذلك فإن طريقة العمل لا تؤدي إلى التغيير المطلوب ولا تدفع حماس لأن تستخدم كل قوتها ضد من يطلق الصواريخ. فالنهج غير المباشر الذي تتخذه إسرائيل، في المطالبة بالمسؤولية السلطوية من حماس يؤدي إلى نتائج جزئية فقط».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.