توزيع المقاعد الوزارية على المذاهب قفز فوق حقل من الألغام

TT

توزيع المقاعد الوزارية على المذاهب قفز فوق حقل من الألغام

فتحت الحكومة المصغرة التي ارتأى الرئيس المكلف حسان دياب أن تكون محصورة بـ18 وزيرا، الباب على اعتراضات شتى على طريقة توزيع المقاعد والحقائب بين الطوائف. إذ اعتاد اللبنانيون منذ اتفاق الطائف وحتى اليوم على حكومات فضفاضة من 30 أو 24 وزيرا، ترضي القوى السياسية والطائفية على حد سواء. ورفع الدروز والكاثوليك في الساعات الماضية الصوت لتأمين «مستوى تمثيلي» لائق على حد تعبيرهم. فأكد رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان عدم قبول «تغيير المعايير مع الطائفة الدرزيّة، فإمّا أن تُعتمد المعايير مع كل الطوائف والمذاهب بالتساوي أو سيكون لنا كلام آخر». وأضاف أرسلان: «ظلمٌ في السّويّة عدلٌ في الرعيّة». وأوضحت مصادر درزية معنية بتشكيل الحكومة أن الاعتراض هو على إبقاء توزيع الحقائب كما هو لدى كل الطوائف ما عدا الدروز، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «كان مع الدروز في الحكومة المستقيلة وزارات التربية والصناعة والنازحين، فكيف نرضى أن يتم حصرنا اليوم بوزير واحد يحمل حقيبتي الشؤون والمهجرين؟» وأضافت المصادر: «المطلوب الحفاظ على المستوى التمثيلي للطائفة ولو بوزير واحد».
من جهتها، حذّرت بطريركية الروم الكاثوليك في بيان أمس، من «الاستمرار بالإجحاف المتمادي بحق الطائفة»، لافتة إلى «إجماع التسريبات على أن طائفة الكاثوليك سوف تتمثل بوزير واحد وحقيبة واحدة». وشدد البيان على أنها «مكون أساسي وتاريخي من المكونات اللبنانية، فمن غير المقبول الانتقاص من حقوقها ودورها وتمثيلها في الدولة بما يعود لها، ما دام النظام الطائفي قائما والجميع يتمسك به؛ خصوصاً أن بين أبنائها وبناتها الكثير من الكفاءات والقدرات الموضوعة في تصرف البلاد ومصلحتها العليا». وفي الحكومات الثلاثينية يتمثل المسيحيون والمسلمون مناصفة على الشكل التالي: 6 وزراء شيعة، 6 وزراء سنة، 6 وزراء موارنة، 3 وزراء دروز، وزيران للأرمن، 3 وزراء روم كاثوليك، 4 وزراء روم أرثوذكس.
أما في الحكومة المرتقبة من 18 وزيرا، فمن المتوقع أن يكون التقسيم مناصفة على الشكل التالي: 4 وزراء موارنة، 4 وزراء سنة، 4 وزراء شيعة، وزيران للروم الأرثوذكس، وزير درزي واحد، وزير أرمني واحد، وزيران روم كاثوليك أو وزير روم كاثوليك ووزير للأقليات المسيحية.
ويشير الوزير السابق والخبير الدستوري زياد بارود إلى أن الدستور لحظ في المادة 95 منه التي تتحدث عن إلغاء الطائفية السياسية وجوب تمثيل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة خلال المرحلة الانتقالية، أي التي تسبق إنجاز إلغاء الطائفية السياسية، لافتا إلى أن المادة 24 من الدستور تتحدث عن توزيع مقاعد المجلس النيابي بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين ونسبيا بين الطوائف، وقد درج منذ اتفاق الطائف حتى اليوم اعتماد الآلية نفسها في تأليف الحكومات مع الاعتماد على معيار التوزيع الطائفي في مجلس النواب. وقال بارود لـ«الشرق الأوسط»: «لكن لأننا لم نعتد في لبنان على حكومات من 18 وزيرا، تم تصوير أن الإشكالية هي في كيفية تقسيم المقاعد على المذاهب، علما بأننا نعتقد أن الإشكالية في مكان آخر وبالتحديد ترتبط بتدخل القوى السياسية التقليدية التي تعبر بدورها عن حالة طائفية في عملية التشكيل»، لافتا إلى أن «التوزيع الطائفي للمقاعد الوزارية غير مرتبط فقط بالنظام الطائفي إنما بالدستور، وأي رغبة بتعديل هذا التوزيع يجب أن ترتبط بتعديل دستوري لا أراه قد يتحقق قريبا». ومنذ العام 2008 درج أن تكون الحكومات من 30 وزيرا مع استثناءين فقط. فقد ترأس فؤاد السنيورة في عهد رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان حكومة من 30 وزيرا وخلفه سعد الحريري في العام 2009 بترؤس حكومة ضمت نفس عدد الوزراء. وفي العام 2011 ترأس نجيب ميقاتي حكومة ضمت 32 وزيرا قبل أن يشكل تمام سلام عام 2014 حكومة من 24 وزيرا. وفي عهد الرئيس الحالي ميشال عون شكّل سعد الحريري حكومتين من 30 وزيرا، الأولى عام 2016 والثانية عام 2019.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.