انتخابات الجزائر وحرب ليبيا تربكان الأوضاع في تونس

وسط مخاوف من تداعيات التنافس الأوروبي - الروسي - التركي في المتوسط

انتخابات الجزائر وحرب ليبيا تربكان الأوضاع في تونس
TT

انتخابات الجزائر وحرب ليبيا تربكان الأوضاع في تونس

انتخابات الجزائر وحرب ليبيا تربكان الأوضاع في تونس

استقبلت تونس العام الجديد في مناخ تصعيد سياسي وعسكري كبير في «جارتها» الجنوبية الشرقية ليبيا، وتغيير شامل في «جارتها» الغربية الجزائر، بعد تنصيب الرئيس المنتخب عبد المجيد تبّون، الذي أعلن أن بلده سيلعب مستقبلاً دوراً حاسماً في الملف الليبي «أحب مَن أحب وكره من كره». فكيف ستنعكس المتغيرات الإقليمية عامة، وفي ليبيا والجزائر خاصة، على تونس التي يعيش أكثر من نصف شعبها على المبادلات الرسمية وغير الرسمية مع ليبيا والجزائر وعلى السياحة العربية والمغاربية؟ وكيف ستتأثر تونس بالتحركات الإقليمية والدولية المساندة لأحد أطراف الاقتتال في ليبيا بعد الاتفاق الأمني والبحري بين أنقرة و«حكومة الإنقاذ» في طرابلس؟ وما هي مضاعفات زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى العاصمة التونسية؟ وأخيراً، ما هو مصير جهود الوساطة التونسية في ليبيا بقيادة الرئيس التونسي قيس سعيّد وزعماء «مجلس القبائل الليبية» بعد تشكيل الحكومة الجزائرية الجديدة بقيادة عبد العزيز جرّاد، التي احتفظ فيها وزير الخارجية صبري بوقادوم وعدد من رموز الحكم السابق بمناصبهم؟

تدعم السلطات المنتخبة أخيراً في تونس والجزائر موقف البلدين القديم المساند لـ«الحياد» و«التسوية السياسية» للأزمة الليبية مع معارضة «كل أنواع التدخل العسكري الأجنبي» في ليبيا.
إلا أن وجود أكثر من ثلاثة أرباع سكان ليبيا في المنطقة الغربية المتاخمة لحدودها مع تونس والجزائر دفع حكومتي البلدين إلى الانحياز عملياً إلى «سلطة» طرابلس منذ تفجّر النزاع المسلح مطلع 2014، بل، وبصورة خاصة، منذ تشكيل «حكومة الوفاق» (التي يرأسها فايز السراج) التي تعترف بها الأمم المتحدة تطبيقاً للاتفاق الأممي الموقّع في الصخيرات بالمغرب عام 2015.
ولقد تعاقبت مبادرات الوساطة التونسية والتونسية – الجزائرية - المصرية ضمن هذا المسار؛ ما تسبب في اندلاع أزمات داخل أوساط صنّاع القرار السياسي والنخب وتبادل الاتهامات بـ«الانحياز والاصطفاف وراء أحد أطراف النزاع... وتهديد مصالح الشعب والبلاد». ويقود منتقدي «الأطراف المنحازة للمحور التركي - القطري» يساريون من «الجبهة الشعبية» ومن حزب الشعب القومي العربي وقياديون في اتحاد نقابات العمال.
إلا أن ثمة مَن يتساءل عن أي مدى ستحافظ القيادة الجزائرية الجديدة على توجهات السياسة الخارجية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة وحكوماته. وإلى أي حد ستلتزم الرئاسة التونسية في عهد قيس سعيّد ودبلوماسية الحكومة التي أفرزتها الانتخابات الجديدة بـ«الحياد» و«ثوابت الدبلوماسية التقليدية» المعتمدة منذ عهدي الرئيس المؤسس الحبيب بورقيبة (1956 - 1987) ثم في عهدي الرئيس زين العابدين بن علي (1987 - 2011) وصولاً إلى عهد الرئيس الباجي قائد السبسي (2015 - 2019).
أيضاً، يحذّر عدد من كبار الدبلوماسيين التونسيين، بينهم وزير الخارجية الأسبق أحمد ونيس، من احتمال اندفاع الدبلوماسية التونسية نحو مرحلة «المغامرات» و«الانحياز لقوى الثورة» - بما قد يذكّر ببعض المواقف الصادرة في عهد الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، وسط انتقادات إلى تصريحات الرئيس قيس سعيّد وعدد من المقرّبين منه.

- فرار المهرّبين والإرهابيين
إلا أن دبلوماسيين وسياسيين من الفريق المقابل، مثل السفير محمود بالسرور والعميد المتقاعد هشام المؤدب، يتهمون خصومهم بالتخاذل عن «دعم غالبية الشعب الليبي» المتضرّرة من «حرب عالمية بالوكالة تجري على أرض ليبيا منذ فبراير (شباط) 2011 بمشاركة غالبية دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) وحلفائها في المنطقة»... على حد تعبيرهم.
لكن، في كل الحالات يحذر خبراء أمنيون وعسكريون، بينهم أمير اللواء المتقاعد والمدير العام السابق للأمن العسكري وللديوانة محمد المؤدب، من التحديات الأمنية والعسكرية والاقتصادية الخطيرة التي تواجه تونس بسبب تصعيد الحرب في ليبيا منذ بدء هجوم قوات «الجيش الوطني الليبي» بقيادة المشير خليفة حفتر على العاصمة طرابلس قبل 9 أشهر.
من جهة ثانية، بينما يحذّر عدد من الخبراء في الدراسات الأمنية، بينهم الجامعي عليّة العلاّني، من خطر فرار مجموعات من المسلحين والمدنيين الليبيين والمتهمين بالإرهاب العرب نحو تونس والجزائر وتأسيسهم «خلايا نائمة للإرهاب» داخلها، يقلل المهدي ثابت، الخبير التونسي في الشؤون الليبية، من هذا الخطر. إذ يقول ثابت «ليس للإرهاب حاضنة شعبية في تونس»، ويستدل على ذلك بتجارب سابقة كشف فيها المدنيون في الجنوب التونسي الأسلحة المهرّبة من ليبيا والمسلحين المتسللين منها للجيش التونسي، ومشاركة هؤلاء المدنيين في إجهاض مخططات المسلحين، على غرار ما حصل في معركة مدينة بن قردان الحدودية التونسية - الليبية في مارس (آذار) 2016.

- تحديات اقتصادية
في هذه الأثناء، يُعرب عدد من الخبراء الاقتصاديين عن قلقهم من مزيد من خلط الأوراق اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً في تونس بسبب اشتداد وتيرة الحرب في العاصمة طرابلس والمدن الغربية الحدودية لليبيا. ويعتقد الخبير الاقتصادي الطاهر خواجة، أن من بين أسباب تعطيل المشاريع التنموية في تونس منذ ثورة يناير (كانون الثاني) 2011 «اندلاع حرب طويلة في جارتها ليبيا... أدت إلى استنزاف مزيد من ثرواتها في التسلح والنفقات الأمنية والعسكرية».
ويكشف خبراء اقتصاديون تونسيون، عن أن ميزانيتي وزارتي الدفاع والداخلية في تونس تضاعفت 3 مرات بسبب المنعرج العسكري الأمني في ليبيا والتحديات الأمنية التي أفرزها استفحال الجريمة المنظمة والإرهاب والتهريب على حدود تونس مع ليبيا. ووفق الأكاديمي رضا الشكندالي، فإن حرب ليبيا «تسببت في فرار نحو مائة ألف عامل تونسي منها، وفي إفلاس عشرات الشركات التونسية التي كانت تستثمر فيها أو تصدر إليها، معظمها في قطاعات البنية الأساسية والبناء والصناعات الغذائية والملابس».
من جانبه، يقدر الخبير الليبي خالد الغويل خسائر الاقتصاد التونسي سنوياً منذ الإطاحة بحكم معمر القذافي عام 2011 بنحو 3 مليارات دولار أميركي، ورجح أن يرتفع حجم هذه الخسائر في حال استمر القتال.

- رُبَّ ضارة نافعة
وللعلم، فإن المؤشرات الاقتصادية تكشف، في الوقت نفسه، عن أن تطوّر الأوضاع السياسية والأمنية سلباً في ليبيا والجزائر له وجه آخر بالنسبة لتونس؛ إذ ارتفع عدد السيّاح الوافدين إلى تونس من البلدان المغاربية - وغالبيتهم الساحقة من الجزائر وليبيا – إلى مستوى غير مسبوق عام 2019 مناهزاً الـ5 ملايين وافد لأول مرة.
كذلك، تجاوز عدد السياح التونسيين الذين زاروا الجزائر عام 2019، لأول مرة، المليون بفضل تسهيل الإجراءات في المطارات والبوابات البرّية. ويستفيد السياح التونسيون في الجزائر وليبيا من انخفاض الأسعار نسبياً، بحكم الفارق الكبير في سعر صرف العملة، وتسامح السلطات التونسية والجزائرية والليبية نسبياً مع «تجارة الشنطة» في الاتجاهين، ومع المعاملات بالعملة المحلية... زمن الإحجام عن فرض رسوم على المنتجات المصنّعة في إحدى الدول المغاربية.
وحقاً، شهدت غالبية المدن الحدودية والمناطق السياحية التونسية والجزائرية خلال المدة الماضية مبادلات مكثفة وحركية وديناميكية خففتا من حدة الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي تشكو منها الطبقات الشعبية والوسطى في تونس والجزائر، خاصة في المحافظات التونسية الفقيرة مثل القصرين، والكاف، وجندوبة، وقفصة، وتوزر.
هذا، وتدرك السلطات التونسية والجزائرية الصبغة الحيوية لتشجيع الحركة السياحية والتجارية الرسمية وغير الرسمية في الاتجاهين. ولذا؛ نوّه روني الطرابلسي، وزير السياحة التونسي، بخطة دعم السياحة مع الجزائر ومع كل الدول المغاربية، بينما أعلن الرئيس قيس سعيّد أن الجزائر ستكون أول دولة سيزورها، وبالفعل، بادر إلى الاتصال هاتفياً بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون فور إعلان النتائج الأولية للانتخابات الجزائرية. أيضاً، أرسل سعيّد رئيس أركان الجيش التونسي محمد صالح بالطيب والوزير مدير الديوان الرئاسي طارق بالطيب إلى الجزائر لحضور الجنازة الرسمية التي نظمت لرئيس أركان الجيش الجزائري السابق أحمد قائد صالح.

- الهموم الإقليمية
على صعيد سياسي متّصل، قد تخلط نتائج الانتخابات الجزائرية والمُستجدّات العسكرية والسياسية في ليبيا مزيداً من أوراق السياسيين والمسؤولين عن الدبلوماسية الرسمية والشعبية الإقليمية في تونس. فتونس تؤكد منذ اندلاع النزاع الصحراوي في 1975 على التزامها الحياد.
واللافت للانتباه، أن الرئيس الجزائري الجديد تبّون أدلى خلال مؤتمره الصحافي الأول بعد فوزه بتصريحات تؤكد تمسكه بـ«الموقف الجزائري التقليدي من نزاع الصحراء والخلاف الحدودي القديم مع المغرب». وطالب تبّون الرباط «بالاعتذار» عن القرار الذي اتخذه الملك المغربي الراحل الحسن الثاني عام 1994 بغلق الحدود المغربية - الجزائرية بعد اتهام جزائريين بالضلوع في عملية إرهابية داخل مدينة مغربية.
ورغم مبادرة العاهل المغربي محمد السادس إلى تهنئة الرئيس الجزائري الجديد فور انتخابه، ودعوته مجدداً إلى فتح الحدود وطي صفحة الماضي، يتخوّف بعض الدبلوماسيين والجامعيين التونسيين مثل المؤرّخ عبد الجليل التميمي من استمرار النزاع حول الصحراء بين الرباط والجزائر.
التميمي يتخوّف من تسبب هذا المعطى في إحراج جديد لتونس التي خسرت الكثير منذ عام 1975 بسبب النزاع وتمسكها بالحياد. كذلك لا يستبعد التميمي أن يزيد الملف الصحراوي تعقيد الأوضاع في عموم المنطقة، ومواصلته «تجميد» الاتحاد المغاربي الذي أسس في مدينة مراكش (المغرب) في فبراير 1989، ويحرم مائة مليون من سكانه من فرص تحقيق اندماج اقتصادي اجتماعي يضمن له تحسين نسب النمو. والسؤال الذي يشغل الساسة في تونس هو هل سيواصل الرئيس الجزائري الجديد وفريقه سياسة القطيعة والتصعيد مع الرباط، أم ينفتح عليها بما يساهم في إعادة الحياة للتنسيق الاقتصادي والشراكة الاقتصادية بين الدول المغاربية؟

- التنافس الروسي - التركي - الأوروبي
من ناحية أخرى، استضافت تونس يوم 3 يناير الحالي وأواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي مؤتمرات مغلقة، رفيعة المستوى، شارك فيها مسؤولون عسكريون واقتصاديون وسياسيون أميركيون وأوروبيون وليبيون، بحضور بعثة الأمم المتحدة المعتمدة في ليبيا، وذلك بمقرها في تونس. وأسفرت الاجتماعات عن قرار بدعم سيناريو التسوية السياسية للأزمة الليبية ومعارضة تضخم الدور العسكري الروسي والتركي فيها.
إلا أن زيارة الرئيس التركي إردوغان إلى العاصمة التونسية خلال الشهر الماضي وإعلانه من قصر الرئاسة في قرطاج انحيازاً إلى «حكومة طرابلس» ضد خليفة حفتر أربكت معظم الساسة التونسيين، بمن فيهم قيادات حزب «حركة النهضة». ولقد أعلن رئيسه راشد الغنوشي أن حزبه «ضد الوقوف مع أحد طرفي الاقتتال»، وأن دوره «القيام بوساطات صلح لا غير».
في أي حال، الجدل في مقرات البعثات الدبلوماسية والأممية المعتمدة في ليبيا يدور هذه الأيام حول مضاعفات الاتفاق الأمني الحدودي البحري المُبرَم بين أنقرة و«حكومة طرابلس»، الذي يتوقع أن يؤثر في الجدل القوي داخل تونس وليبيا والجزائر، وكذلك في عدد من دول المنطقة، حول مستقبل التنافس الروسي والتركي والأوروبي في جنوب البحر الأبيض المتوسط وشرقه.

- أسلحة روسية
عنصر آخر أثار مزيداً من الجدل في الأيام الماضية هو إعلان الجزائر، أنها اشترت مقاتلات روسية متطورة جديدة بينها طائرات «سوخوي 57». وكشفت الجزائر عن أن الصفقة أبرمها وفد عسكري جزائري كبير على هامش زيارة أداها قائد أركان جيش الجو الجزائري اللواء حميد بومعيزه إلى موسكو، خلال الصيف الماضي، في نطاق فعاليات معرض «ماكس» الدولي للصناعات الجوية العسكرية. وبالتالي، باتت الجزائر أول دولة عربية تشتري هذا النوع من المقاتلات الروسية التي تعدّ أبرز منافس للطائرة الأميركية «إف 35».
ومن ثم، بحكم اعتماد قوات «الجيش الوطني الليبي» بقيادة المشير حفتر، أساساً، على أسلحة روسية وصينية، فإن فرضية إرسال أسلحة ومقاتلات تركية متطوّرة إلى سلطات طرابلس قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع وتكريس «تدويل» الحرب الليبية والتنافس الأوروبي – الروسي - التركي على ثروات البحر الأبيض المتوسط والمواقع الاستراتيجية.
وهنا أيضاً، تجد تونس نفسها مرة أخرى ممزقة بين خياراتها السياسية السلمية وأجندات «الكبار» الذين يشجعون حروب الاستنزاف ويتصارعون على ثروات الدول الغنية المجاورة لها.

- أرقام قياسية في عدد السياح الجزائريين والليبيين
كشف وزير السياحة التونسي روني الطرابلسي، عن أن تحسّن الأوضاع الأمنية، ونجاح الانتخابات التونسية، وجهود موظفي الدولة والقطاع الخاص، عناصر أسهمت في تحقيق أرقام قياسية لعدد زوار تونس من السياح في 2019؛ إذ ناهز الرقم النهائي 9 ملايين ونصف المليون، أكثر من نصفهم من الجزائر وليبيا، وبينهم عشرات الآلاف من المغرب وموريتانيا أو من أصول عربية شرقية.
وأورد وزير السياحة التونسي، خلال مؤتمر صحافي عقده قبل أيام لتقييم نتائج عمل وزارته ما بين 2016 و2019، أن عدد السياح حقق زيادة بأكثر من مليون ما بين عامي 2018 و2019، وفسّر ذلك بتراكم الجهود التي بذلها الديوان الوطني للسياحة والصناعات التقليدية ومصالح الدولة ومؤسسات المجتمع المدني والإعلام وشركات الأسفار والخدمات والسياحة الوطنية.
وبيّن الطرابلسي، أن السوق الفرنسية ارتفعت بنسبة 14 في المائة ليتجاوز عدد السياح الفرنسيين 850 ألف سائح، كذلك انتعشت السوق البريطانية التي تطوّرت بنسبة 70 في المائة ليبلغ عدد السياح البريطانيين نحو 201 ألف سائح. وسجلت السوق الإيطالية ارتفاعاً، كذلك، بنسبة تجاوزت الـ21 في المائة، في حين سجّلت السوق الروسية زيادة بنسبـة ناهزت 6 في المائة وسجّلت توافد ما يزيد على 632 ألف سائح إلى غاية 10 ديسمبر (كانون الأول) 2019.
من ناحية ثانية، خارج إطار السياح من الدول الأوروبية، أعلن الطرابلسي، أن عدد الوافدين من الصين إلى تونس للسياحة تضاعف 5 مرات ونصف المرة منذ عام 2010، وتجاوز 28 ألف سائح في 2019 مقابل 5175 سائح في 2010، وارتفع عدد الليالي المقضاة بالفنادق بنسبة 11.3 في المائة مقارنة بـ2018 وناهزت الـ29 مليون ليلة.
وبيّن الوزير، أن وزارة السياحة والصناعات التقليدية بادرت ما بين 2016 و2019 إلى استحداث «أنماط جديدة للإيواء السياحي على غرار الإقامات الريفية والاستضافات العائلية والنزل ذات الطابع المميز، وكذلك بعث مراكز التنشيط والمتنزهات السياحية». وكشف عن أن وزارة السياحة واصلت دعمها المناطق السياحية عبر ضخ 12 مليون دينار تونسي (نحو 4 مليارات دولار أميركي) لفائدة 44 بلدية سياحية.
أيضاً، جرى إدراج بلديات متاخمة لليبيا والسوق السياحية في الجنوب التونسي ضمن القائمة، منها بلديات جرجيس الشمالية وتطاوين الجنوبية، في قائمة البلديات السياحية في ظل توقع توسيع هذه القائمة. وعملت الوزارة على استقطاب علامات تجارية كبرى في مجال السياحة والفندقة على غرار «فور سيزونز» بضاحية قمرت (شمالي العاصمة تونس) باستثمارات مقدارها 234 مليون دينار (80 مليون دولار)، وأخيراً «إناتنرا» في توزر على الحدود الجزائرية التونسية جنوباً، الذي بلغت كلفة إنجازه نحو 150 مليون دينار تونسي (نحو 50 مليون دولار).
وفي الاتجاه نفسه، توقع الوزير الانطلاق خلال الأشهر الأولى من 2020 في إنجاز مركّب سياحي آخر بمنطقة قمرت قرب العاصمة بقيمة استثمار قدرت بنحو 250 مليون دولار. ويهدف هذا المشروع إلى إحداث نحو 1500 فرصة عمل إضافية، وذلك على امتداد 3 سنوات.


مقالات ذات صلة

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
حصاد الأسبوع شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت

فاضل النشمي (بغداد)
حصاد الأسبوع ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة

راغدة بهنام ( برلين)
حصاد الأسبوع شيل

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ)

«الشرق الأوسط» (برلين)
حصاد الأسبوع لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لم تُخفِ موسكو ارتياحها للهزيمة القاسية التي مُنيت بها الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة. إذ في عهد الرئيس جو بايدن تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أسوأ

رائد جبر (موسكو)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».